للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَسْبٌ فَفِي ذِمَّتِهَا إلَى أَنْ تُعْتَقَ

(السَّبَبُ الثَّالِثُ الْعِتْقُ فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ) فِي فَسْخِ النِّكَاحِ (لِأَمَةٍ عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ) أَوْ مُبَعَّضٍ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ بَرِيرَةَ عَتَقَتْ. فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ زَوَّجَهَا عَبْدًا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا» لِتَضَرُّرِهَا بِالْمَقَامِ تَحْتَهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا تَتَعَيَّرُ بِهِ وَأَنَّ لِسَيِّدِهِ مَنْعَهُ عَنْهَا وَأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى وَلَدِهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا عَتَقَتْ تَحْتَ حُرٍّ؛ لِأَنَّ الْكَمَالَ الْحَادِثَ لَهَا حَاصِلٌ لَهُ فَأَشْبَهَ مَا إذَا أَسْلَمَتْ كِتَابِيَّةٌ تَحْتَ مُسْلِمٍ وَيُسْتَثْنَى مِمَّا قَالَهُ مَا لَوْ عَتَقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي مَرَضِ مَوْتِ السَّيِّدِ وَكَانَتْ لَا تَخْرُجُ مِنْ الثَّالِثِ إلَّا بِمَهْرِهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا لِلُزُومِ الدَّوْرِ إذْ لَوْ اخْتَارَتْ الْفَسْخَ سَقَطَ مَهْرُهَا وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَالِ فَيَضِيقُ الثُّلُثُ عَنْ الْوَفَاءِ بِهَا فَلَا تُعْتَقُ كُلُّهَا.

فَلَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَهْرُ دَيْنًا أَمْ عَيْنًا بِيَدِ الزَّوْجِ أَوْ بِيَدِ سَيِّدِهَا وَهُوَ بَاقٍ أَوْ تَالِفٌ (لَا عَكْسُهُ) بِأَنْ عَتَقَ الْعَبْدُ وَتَحْتَهُ أَمَةٌ فَلَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّرُ بِاسْتِفْرَاشِ النَّاقِصَةِ وَيُمْكِنُهُ الْخَلَاصُ بِالطَّلَاقِ

(وَلَا أَثَرَ) فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ (لِلْكِتَابَةِ) لِلْأَمَةِ (وَعِتْقُ الْبَعْضِ) مِنْهَا لِبَقَاءِ النُّقْصَانِ وَأَحْكَامِ الرِّقِّ وَيَتَوَقَّفُ خِيَارُ الْعِتْقِ (عَلَى بُلُوغِ صَبِيَّةٍ وَإِفَاقَةِ مَجْنُونَةٍ) لِعَدَمِ اعْتِبَارِ قَوْلِهِمَا وَلَا يَقُومُ الْوَلِيُّ مَقَامَهُمَا فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ خِيَارُ شَهْوَةٍ وَطَبْعٍ

(وَلِلزَّوْجِ الْوَطْءُ) لِلْعَتِيقَةِ (مَا لَمْ تَفْسَخْ) لِبَقَاءِ النِّكَاحِ (فَإِنْ عَتَقَ هُوَ مَعَهَا اسْتَقَرَّ النِّكَاحُ) فَلَا خِيَارَ لَهَا.

(وَكَذَا) لَوْ عَتَقَ (قَبْلَ فَسْخِهَا) لِزَوَالِ الضَّرَرِ وَكَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ زَوَالِهِ وَفِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ بَعْدَ بَيْعِ مَا تَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةَ وَلَوْ فَسَخَتْ بِنَاءً عَلَى بَقَاءِ رِقِّهِ فَبَاتَ خِلَافُهُ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ بُطْلَانُ الْفَسْخِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ

(فُرُوعٌ) ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ (لَوْ عَتَقَتْ فِي عِدَّةِ) طَلَاقٍ (رَجْعِيٍّ فَلَهَا) فِي الْعِدَّةِ (الْفَسْخُ) لِتَقْطَعَ عَنْ نَفْسِهَا تَطْوِيلَ الْعِدَّةِ وَسَلْطَنَةَ الرَّجْعَةِ (وَ) لَهَا (تَأْخِيرُهُ) إلَى الرَّجْعَةِ وَلَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا؛ لِأَنَّهَا بِصَدَدِ الْبَيْنُونَةِ وَقَدْ لَا يُرَاجَعُ فَيَحْصُلُ الْفِرَاقُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَظْهَرَ مِنْ جِهَتِهَا الرَّغْبَةُ عَنْهُ (لَا) أَيْ لَهَا مَا ذُكِرَ لَا (الْإِجَازَةُ) أَيْ لَا تَنْفُذُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا مُحْرِمَةٌ صَائِرَةٌ إلَى الْبَيْنُونَةِ فَلَا يُلَائِمُ حَالُهَا الْإِجَازَةَ بِخِلَافِ الْفَسْخِ فَإِنَّهُ يُؤَكِّدُ التَّحْرِيمَ (فَإِذَا فَسَخَتْ بَنَتْ عَلَى) مَا مَضَى مِنْ (الْعِدَّةِ) كَمَا لَوْ طَلَّقَ الرَّجْعِيَّةَ (وَعِدَّتُهَا عِدَّةُ حُرَّةٍ) كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا.

(وَمَنْ طَلُقَتْ) طَلَاقًا (بَائِنًا قَبْلَ فَسْخِهَا بِعِتْقٍ أَوْ عَيْبٍ بَطَلَ خِيَارُهَا) لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ وَلَيْسَ كَالطَّلَاقِ فِي الرِّدَّةِ حَتَّى يُوقَفَ؛ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ بِهَا يَسْتَنِدُ إلَى حَالَتِهَا فَيَتَبَيَّنُ عَدَمُ مُصَادَفَةِ الطَّلَاقِ النِّكَاحَ وَالْفَسْخُ بِالْعِتْقِ أَوْ بِالْعَيْبِ لَا يَسْتَنِدُ إلَى مَا قَبْلَهُ أَمَّا مَنْ طَلُقَتْ رَجْعِيًّا قَبْلَ ذَلِكَ وَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا فَلَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ

(الثَّانِي لَيْسَ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهَا مِنْ الْفَسْخِ قَبْلَ الدُّخُولِ لِإِثْبَاتِ حَقِّهِ مِنْ الْمَهْرِ) لِتَضَرُّرِهَا بِتَرْكِهِ (وَمَتَى فَسَخَتْ وَقَدْ وَطِئَهَا قَبْلَ الْعِتْقِ وَجَبَ الْمُسَمَّى) لِاسْتِقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ (أَوْ بَعْدَهُ وَهِيَ جَاهِلَةٌ) بِعِتْقِهَا (فَمَهْرُ الْمِثْلِ) يَجِبُ لِتَقَدُّمِ سَبَبِ الْفَسْخِ فَكَأَنَّهُ وُجِدَ يَوْمَ الْعَقْدِ (وَمَهْرُهَا لِلسَّيِّدِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسَمَّى أَمْ مَهْرَ الْمِثْلِ فَسَخَتْ أَوْ اخْتَارَتْ الْمُقَامَ مَعَهُ وَجَرَى فِي الْعَقْدِ تَسْمِيَةٌ صَحِيحَةٌ أَوْ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْعَقْدِ (إلَّا إذَا كَانَتْ مُفَوَّضَةً) بِأَنْ زَوَّجَهَا سَيِّدُهَا كَذَلِكَ (وَوَطِئَهَا) الزَّوْجُ (أَوْ فَرَضَ لَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ) فِيهِمَا فَالْمَهْرُ لَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَهْرَ الْمُفَوَّضَةِ يَجِبُ بِالدُّخُولِ أَوْ بِالْفَرْضِ لَا بِالْعَقْدِ.

بِخِلَافِ مَا إذَا وَطِئَهَا أَوْ فَرَضَ لَهَا قَبْلَ الْعِتْقِ فَهُوَ لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْوَطْءِ أَوْ بِالْفَرْضِ قَبْلَ عِتْقِهَا وَمَوْتِ أَحَدِهِمَا كَالْوَطْءِ وَالْفَرْضِ

(الثَّالِثُ خِيَارُ الْعِتْقِ عَلَى الْفَوْرِ) كَمَا فِي خِيَارِ عَيْبِ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ (فَإِنْ ادَّعَتْ الْجَهْلَ بِالْعِتْقِ وَأَمْكَنَ) كَأَنْ كَانَ السَّيِّدُ غَائِبًا وَقْتَ الْعِتْقِ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عِلْمِهَا وَظَاهِرُ الْحَالِ يُصَدِّقُهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بِأَنْ كَانَتْ مَعَ سَيِّدِهَا بِمَكَانٍ وَاحِدٍ وَبَعْدَ خَفَاءِ الْعِتْقِ عَلَيْهَا (فَقَوْلُهُ) أَيْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ (وَإِذَا ادَّعَتْ الْجَهْلَ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ صُدِّقَتْ) بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عِلْمِهَا وَيُخَالِفُ خِيَارَ عَيْبِ الْبَيْعِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُدَّعِي قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ وَلَمْ يَنْشَأْ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَشْهُورٌ يَعْرِفُهُ كُلُّ أَحَدٍ وَهَذَا خَفِيٌّ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ (أَوْ) ادَّعَتْ الْجَهْلَ (بِكَوْنِهِ فَوْرًا فَكَذَلِكَ) أَيْ فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا كَنَظِيرِهِ مِنْ الْعَيْبِ وَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَنَفْيِ الْوَلَدِ وَغَيْرِهَا وَقِيلَ لَا تُصَدَّقُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْجُرْجَانِيِّ وَغَيْرِهِ هُنَا وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ فِي كِتَابِ اللِّعَانِ.

وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ كَهَؤُلَاءِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ يَخْفَى عَلَيْهَا ذَلِكَ وَمَنْ لَا يَخْفَى بِأَنْ تَكُونَ قَدِيمَةَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ وَخَالَطَتْ أَهْلَهُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[الثَّالِثُ مِنْ أَسْبَاب الْخِيَارُ فِي النِّكَاحِ الْعِتْقُ]

السَّبَبُ الثَّالِثُ الْعِتْقُ) (قَوْلُهُ فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِأَمَةٍ عَتَقَتْ) أَيْ كُلَّهَا أَوْ بَاقِيهَا وَلَوْ بِقَوْلِ زَوْجِهَا شَمَلَ مَسْأَلَةً حَسَنَةً وَهِيَ مَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدٍ فَادَّعَتْ عَلَى سَيِّدِهَا أَنَّهُ أَعْتَقَهَا فَصَدَّقَهَا الزَّوْجُ وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فَإِنْ حَلَفَ بَقِيَتْ عَلَى رِقِّهَا وَهَلْ لَهَا فَسْخُ النِّكَاحِ قَالَ صَاحِبُ الْكَافِي قَالَ شَيْخُنَا سَمِعْت شَيْخِي أَبَا عَلِيٍّ يَسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ لِأَنَّهَا حُرَّةٌ فِي زَعْمِهِمَا وَالْحَقُّ لَا يَعْدُوهُمَا وَإِنَّمَا رَدَّ قَوْلَهَا فِي حَقِّ السَّيِّدِ لَا فِي حَقِّ الزَّوْجِ قَالَ فَعَلَى هَذَا لَوْ فَسَخَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يَسْقُطْ صَدَاقُهَا لِأَنَّهُ حَقُّ السَّيِّدِ وَلَوْ أَنَّهَا فَسَخَتْ النِّكَاحَ ثُمَّ عَتَقَ الْعَبْدُ وَأَيْسَرَ فَهَلْ لَهُ نِكَاحُهَا قَالَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَالْأَصَحُّ لَا لِأَنَّهَا رَقِيقَةٌ فِي الظَّاهِرِ وَأَوْلَادُهَا تُجْعَلُ أَرِقَّاءَ وَقَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهَا إذَا كَانَا مُبَعَّضَيْنِ وَإِنْ زَادَتْ حُرِّيَّتُهَا

(قَوْلُهُ وَعَتَقَ الْبَعْضُ مِنْهَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُعْتِقُهَا مُعْسِرًا

(قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ عَتَقَ قَبْلَ فَسْخِهَا) الْحُكْمُ فِيمَا إذَا عَتَقَ مَعَ فَسْخِهَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ بُطْلَانُ الْفَسْخِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ بُطْلَانُ الْفَسْخِ وَبَقَاءُ النِّكَاحِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا

(قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهُ وَهِيَ جَاهِلَةٌ) أَيْ أَوْ نَائِمَةً أَوْ مُغْمًى عَلَيْهَا أَوْ سَكْرَى

(قَوْلُهُ أَيْ فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا كَنَظِيرِهِ مِنْ الْعَيْبِ إلَخْ) وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>