للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَخْتَلِفُ بِالْأَوْقَاتِ (وَلَوْ أَوَصَى بِهِ) أَيْ بِعَبْدٍ مَثَلًا (دُونَ مَنْفَعَتِهِ لَمْ يُحْسَبْ) أَيْ الْعَبْدُ (مِنْ الثُّلُثِ) لِجَعْلِنَا الرَّقَبَةَ الْخَالِيَةَ عَنْ الْمَنْفَعَةِ كَالتَّالِفَةِ (وَلَوْ غُصِبَ الْمُوصَى بِمَنَافِعِهِ فَأُجْرَتُهُ) عَنْ مُدَّةِ الْغَصْبِ (لِلْمُوصَى لَهُ) لَا لِلْوَارِثِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْمُؤَجَّرِ؛ لِأَنَّهَا هُنَا بَدَلُ حَقِّهِ بِخِلَافِهَا ثَمَّ فَإِنَّ الْإِجَارَةِ تَنْفَسِخُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَتَعُودُ الْمَنَافِعُ إلَى مَالِكِ الرَّقَبَةِ.

(فَرْعٌ) لَوْ (أَوْصَى لِزَيْدٍ مِنْ أُجْرَةِ دَارِهِ) مَثَلًا (كُلُّ سَنَةٍ بِدِينَارٍ ثُمَّ) جَعَلَهُ (بَعْدَهُ) لِوَارِثِ زَيْدٍ أَوْ (لِلْفُقَرَاءِ وَالْأُجْرَةُ) فِي كُلِّ سَنَةٍ (عَشَرَةُ دَنَانِيرَ) مَثَلًا (اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ قَدْرُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ قِيمَتِهَا) أَيْ الدَّارِ أَيْ قِيمَتِهَا (مَعَ خُرُوجِ الدِّينَارِ مِنْهَا وَ) قِيمَتُهَا (سَالِمَةً) عَنْ خُرُوجِهِ مِنْهَا وَاعْتِبَارُ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ مِنْ الثُّلُثِ كَاعْتِبَارِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَنَافِعِ مُدَّةً مَعْلُومَةً لِبَقَاءِ بَعْضِ الْمَنَافِعِ لِمَالِكِ الرَّقَبَةِ (ثُمَّ) إنْ خَرَجَتْ الْوَصِيَّةُ مِنْ الثُّلُثِ (لَا يَجُوزُ) لِلْوَارِثِ (بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهَا) أَيْ الدَّارِ أَيْ بَيْعُ بَعْضِهَا وَتَرْكُ مَا حُصِّلَ مِنْهُ دِينَارٌ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ تَخْتَلِفُ فَقَدْ تَنْقُصُ فَتَعُودُ إلَى دِينَارِ أَوْ أَقَلَّ فَيَكُونُ الْجَمِيعُ لِلْمُوصَى لَهُ هَذَا إنْ أَرَادَ بَيْعَ بَعْضِهَا عَلَى أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ أَطْلَقَ (فَإِنْ بَاعَهَا مُسَاوِيَةً الْمَنْفَعَةَ فَقَدْ بَيَّنَّا) فِي بَيْعِ الْوَارِثِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ (أَنَّهُ يَصِحُّ) الْبَيْعُ (مِنْ مَالِكِهَا) أَيْ الْمَنْفَعَةِ (بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِعُشْرِ الْأُجْرَةِ) كُلُّ سَنَةٍ (فَإِنَّ لَهُ) أَيْ الْوَارِثِ (بَيْعُ تِسْعَةَ الْأَعْشَارِ) لِلْإِشَاعَةِ (وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ فَالزَّائِدُ عَلَى الثُّلُثِ) رَقَبَةٌ وَأُجْرَةٌ (تَرِكَةٌ) يَتَصَرَّفُ فِيهِ الْوَارِثُ كَيْفَ شَاءَ لِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ فِيهِ (وَإِذَا أَوْصَى لَهُ بِدِينَارٍ كُلَّ سَنَةٍ صَحَّتْ) أَيْ الْوَصِيَّةُ (فِي السَّنَةِ الْأُولَى) بِدِينَارِ (فَقَطْ) أَيْ لَا فِيمَا بَعْدَهَا إذْ لَا يُعْرَفُ قَدْرُ الْمُوصَى بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِيَخْرُجَ مِنْ الثُّلُثِ.

(فَرْعٌ: لَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا وَأَعَادَهَا أَحَدُهُمَا) أَوْ غَيْرُهُمَا (بِآلَتِهَا عَادَ الْحُكْمُ) مِنْ كَوْنِ رَقَبَةِ الدَّارِ لِلْوَارِثِ وَمَنْفَعَتِهَا لِلْمُوصَى لَهُ. .

[فَصْلٌ الْوَصِيَّةُ بِحَجِّ التَّطَوُّعِ]

(فَصْلٌ: تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِحَجِّ التَّطَوُّعِ) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ النِّيَابَةِ فِيهِ (وَتَبْطُلُ) الْوَصِيَّةُ بِهِ (إنْ عَجَزَ الثُّلُثُ أَوْ مَا يَخُصُّهُ) أَيْ الْحَجَّ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الثُّلُثِ (عَنْ أُجْرَةِ الْحَجِّ وَيَحُجُّ عَنْهُ لَوْ أَطْلَقَ) الْوَصِيَّةَ بِهِ (مِنْ الْمِيقَاتِ) الشَّرْعِيِّ كَمَا لَوْ قُيِّدَ بِهِ وَحَمْلًا عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ وَلِأَنَّهُ الَّذِي اسْتَقَرَّ وُجُوبُهُ فِي الشَّرْعِ (وَإِنْ شَرَطَهُ) أَيْ الْحَجَّ عَنْهُ (مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ وَعَجَزَ الثُّلُثُ) عَنْهُ (فَمِنْ حَيْثُ أَمْكَنَ) فَإِنْ لَمْ يَعْجَزْ فَمِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ وَدُوَيْرَةُ أَهْلِهِ مِثَالٌ فَسَائِرُ الْأَمْكِنَةِ الَّتِي هِيَ أَبْعَدُ مِنْ الْمِيقَاتِ كَذَلِكَ (وَإِنْ جَعَلَ ثُلُثَهُ لِلْحَجِّ وَالتُّسْعَ لِحَجِيجٍ) حِجَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ (صُرِفَ فِيهَا فَإِنْ فَضَلَ) مِنْهُ (مَا يُعْجِزُ عَنْ حَجَّةٍ فَهُوَ لِلْوَارِثِ وَإِنْ جَعَلَهُ لِحَجَّةٍ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ الْأُجْرَةِ فَلْيَكُنْ الْأَجِيرُ أَجْنَبِيًّا لَا وَارِثًا لِلْمُحَابَاةِ) بِالزَّائِدِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ قَدْرَهَا أَوْ دُونَهَا.

(وَالْحَجُّ الْوَاجِبُ وَلَوْ بِالنَّذْرِ يَجِبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) سَوَاءٌ أَوْصَى بِهِ أَمْ لَا، أَضَافَهُ إلَى رَأْسِ الْمَالِ أَمْ أَطْلَقَ لِلُزُومِهِ لَهُ كَالزَّكَاةِ وَسَائِرِ الدُّيُونِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَحَلُّهُ فِي النُّذُورِ إذَا الْتَزَمَهُ فِي الصِّحَّةِ، فَإِنْ الْتَزَمَهُ فِي الْمَرَضِ فَمِنْ الثُّلُثِ قَطْعًا قَالَهُ الْفُورَانِيُّ وَنَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الْإِمَامِ وَقَالَ: يَنْبَغِي الْفَتْوَى بِهِ وَيَحُجُّ عَنْهُ (مِنْ الْمِيقَاتِ) لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَيًّا لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا هَذَا وَلِهَذَا لَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ مَالِهِ إلَّا أَقُلَّ الْخِصَالِ (لَا إنْ أَوْصَى بِهِ مِنْ الثُّلُثِ) أَوْ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ (فَيَمْتَثِلُ) كَمَا لَوْ أَوْصَى بِقَضَاءِ دَيْنِهِ مِنْ ثُلُثِهِ فَيُزَاحِمُ الْوَصَايَا؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ عَلَّقَهُ وَكَأَنَّهُ قَصَدَ الرِّفْقَ بِالْوَرَثَةِ.

(وَلَوْ ازْدَحَمَتْ الْوَصَايَا) الَّتِي مِنْهَا الْوَصِيَّةُ بِالْحَجِّ (لَمْ يُقَدَّمْ الْحَجُّ) وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا بَلْ يُزَاحِمُهَا بِالْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ فَإِنْ لَمْ يَفِ الْحَاصِلُ مِنْهَا تَمَّمَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا لَوْ قَالَ اقْضُوا دَيْنِي مِنْ ثُلُثِي فَلَمْ يَفِ الثُّلُثُ بِهِ وَحِينَئِذٍ تَدُورُ الْمَسْأَلَةُ لِتَوَقُّفِ مَعْرِفَةِ مَا يُتَمِّمُ بِهِ عَلَى مَعْرِفَةِ ثُلُثِ الْبَاقِي لِتُصْرَفَ حِصَّةُ الْوَاجِبِ مِنْهُ وَمَعْرِفَةِ ثُلُثِ الْبَاقِي عَلَى مَعْرِفَةِ مَا يُتَمِّمُ بِهِ فَيُسْتَخْرَجُ بِمَا يَذْكُرُهُ فِي قَوْلِهِ (وَإِنْ أَوْصَى بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ مِنْ الثُّلُثِ وَالْأُجْرَةُ) لَهَا (مِائَةٌ وَأَوْصَى لِزَيْدٍ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: لِجَعْلِنَا الرَّقَبَةَ الْخَالِيَةَ عَنْ الْمَنْفَعَةِ كَالتَّالِفَةِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالصَّوَابُ الَّذِي لَا يَظْهَرُ غَيْرُهُ الْقَطْعُ بِاعْتِبَارِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ قُلْنَا فِي عَكْسِهَا الْمُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ كُلُّ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّا إنَّمَا جَعَلْنَا الرَّقَبَةَ الْخَالِيَةَ عَنْ الْمَنْفَعَةِ كَالتَّالِفَةِ إلَّا؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ امْتَنَعَتْ عَلَيْهِ فِيهَا تَصَرُّفَاتٌ عَدِيدَةٌ فَلَمْ تُحْسَبْ لِأَجْلِهِ وَفِي مَسْأَلَتِنَا هَذِهِ امْتَنَعَتْ عَلَيْهِ فِي الرَّقَبَةِ كُلُّ التَّصَرُّفَاتِ فَكَيْفَ يُتَخَيَّلُ أَنَّ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ الَّتِي أَخْرَجَتْ الرَّقَبَةَ عَنْ الْوَارِثِ لَا تُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ وَأَيْضًا الْمَنَافِعُ لَا تَجْبُرُ ذَلِكَ لِفَوَاتِ التَّصَرُّفِ فِي الرَّقَبَةِ.

[فَرْعٌ أَوْصَى لِزَيْدٍ مِنْ أُجْرَةِ دَارِهِ بِدِينَارٍ ثُمَّ جَعَلَهُ لِوَارِثِ زَيْدٍ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ]

(قَوْلُهُ فَرْعٌ لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ مِنْ أُجْرَةِ دَارِهِ كُلَّ سَنَةٍ بِدِينَارِ) لَوْ لَمْ تَغُلَّ الدَّارُ فِي السَّنَةِ إلَّا دِينَارًا وَاحِدًا أَخَذَهُ الْمُوصَى لَهُ وَإِنْ لَمْ تَغُلَّ إلَّا أَقَلَّ مِنْ دِينَارٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: إنَّهُ يُعْطَى لِلْمُوصَى لَهُ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَرَثَةِ إتْمَامُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهَذَا بِظَاهِرِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ جُعِلَتْ الْغَلَّةُ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي أَكْثَرُ مِنْ دِينَارٍ أَنَّهُ لَا يُتَمِّمُ لِلْمُوصَى لَهُ مَا فَاتَهُ مِنْ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ صَحَّتْ فِي السَّنَةِ الْأُولَى فَقَطْ) شَمِلَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ مَا إذَا قَيَّدَهُ الْمُوصِي بِالثُّلُثِ وَبِحَيَاةِ الْمُوصَى لَهُ وَإِنْ أَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ بِخِلَافِهِ

[فَرْعٌ انْهَدَمَتْ الدَّارُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا وَأَعَادَهَا أَحَدُهُمَا أَوْ غَيْرُهُمَا بِآلَتِهَا]

(قَوْلُهُ: فَإِنْ الْتَزَمَهُ فِي الْمَرَضِ فَمِنْ الثُّلُثِ قَطْعًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الْإِمَامِ) عِبَارَتُهُ النَّذْرُ الَّذِي يَصْدُرُ مِنْ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ مِنْ الثُّلُثُ لَا خِلَافَ فِيهِ اهـ وَحَكَاهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ أَوْصَى بِهِ مِنْ الثُّلُثِ فَيُمْتَثَلُ) لَوْ عَيَّنَ شَخْصًا لِلْحَجِّ فَامْتَنَعَ فَمُلَخَّصُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إنْ كَانَ حَجَّ فَرْضٍ سَقَطَ التَّعْيِينُ وَيَحُجُّ عَنْهُ بِأَقَلِّ مَا يُوجَدُ سَوَاءٌ أَعَيَّنَ مَا يُدْفَعُ لِلْمُعَيَّنِ أَمْ لَمْ يُعَيِّنْ أَوْ حَجُّ تَطَوُّعٍ لَمْ تَبْطُلْ الْوَصِيَّةُ عَلَى الْأَصَحِّ وَيَحُجُّ عَنْهُ بِأَقَلِّ مَا يُوجَدُ كَقَوْلِهِ: بِيعُوا عَبْدِي مِنْ فُلَانٍ وَتَصَدَّقُوا بِثَمَنِهِ فَامْتَنَعَ الْمُعَيَّنُ فَإِنَّهُ يُبَاعُ مِنْ غَيْرِهِ وَيُتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَوْصَى بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ مِنْ الثُّلُثِ إلَخْ) لَوْ قَالَ أَحِجُّوا عَنِّي زَيْدًا بِخَمْسِينَ دِينَارًا مَثَلًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُنْقَصَ مِنْهَا شَيْءٌ مَعَ خُرُوجِهَا مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يَحُجُّ بِدُونِهَا وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ أَحَدًا فَوَجَدَ مَنْ يَحُجُّ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي فَتَاوِيهِ صُرِفَ إلَيْهِ ذَلِكَ الْقَدْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>