للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَمَاتَتْ) فَجْأَةً أَوْ بِمَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ (لَمْ يَضْمَنْ) حَمْلًا لِتَعْيِينِهِ عَلَى اعْتِبَارِ الْحِرْزِيَّةِ عِنْدَ التَّخْصِيصِ الَّذِي لَا غَرَضَ فِيهِ كَمَا لَوْ اكْتَرَى أَرْضًا لِزَرْعِ حِنْطَةٍ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ مَا ضَرَرُهُ مِثْلُ ضَرَرِهَا وَدُونَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَضَعَهَا فِي حِرْزٍ دُونَ بَيْتِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ حِرْزُ مِثْلِهَا (وَإِنْ انْهَدَمَ عَلَيْهَا) الْحِرْزُ الْمُمَاثِلُ لِبَيْتِهِ أَوْ الْأَحْرَزُ مِنْهُ (ضَمِنَ لِلْمُخَالَفَةِ) لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ بِهَا (وَإِنْ سُرِقَتْ مِنْهُ فَكَذَلِكَ وَإِنْ نَهَاهُ عَنْ النَّقْلِ) لَهَا (فَنَقَلَ ضَمِنَ) وَإِنْ كَانَ الْمَنْقُولُ إلَيْهِ أَحْرَزَ لِصَرِيحِ الْمُخَالَفَةِ (إلَّا إنْ وَقَعَ خَوْفٌ) مِنْ غَرَقٍ أَوْ حَرِيقٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَجُوزُ نَقْلُهَا (بَلْ يَجِبُ إلَى حِرْزٍ) لِمِثْلِهَا (وَيَتَعَيَّنُ مِثْلُهُ) أَيْ حِرْزٌ مِثْلُ الْحِرْزِ الْأَوَّلِ (إنْ وَجَدَ) وَإِلَّا فَلَا يَتَعَيَّنُ. فَلَوْ تَرَكَ النَّقْلَ فِي ذَلِكَ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ قَصَدَ بِالنَّهْيِ نَوْعًا مِنْ الِاحْتِيَاطِ (إلَّا أَنْ قَالَ) لَهُ لَا تَنْقُلْهَا (وَإِنْ وَقَعَ خَوْفٌ) فَلَا يَنْقُلُهَا وَإِنْ وَقَعَ خَوْفٌ وَلَا يَضْمَنُ بِتَرْكِ نَقْلِهَا حِينَئِذٍ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ أَتْلِفْ مَالِي فَأَتْلَفَهُ (لَكِنْ لَوْ نَقَلَ) حِينَئِذٍ (لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّهُ قَصَدَ الصِّيَانَةَ، وَقَوْلُهُ لَكِنْ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا مَحَلَّ لَهُ فَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَهُ كَأَصْلِهِ بِالْوَاوِ كَانَ أَوْلَى (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي) وُقُوعِ (الْخَوْفِ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ (بِهِ الْوَدِيعُ) بَيِّنَةً (إنْ لَمْ يَعْرِفْ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ عَرَفَ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُقُوعِهِ (وَلَا يُخْرِجُهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) إنْ أُحْرِزَتْ فِيهِ (إلَّا لِضَرُورَةٍ) .

(فَرْعُ) لَوْ (عَيَّنَ الْمَالِكُ لَهَا ظَرْفًا مِنْ ظُرُوفِهِ فَنَقَلَهَا) الْوَدِيعُ مِنْهُ (إلَى غَيْرِهِ مِنْهَا لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّ الظَّرْفَ وَالْمَظْرُوفَ وَدِيعَتَانِ وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا حِفْظُ أَحَدِهِمَا فِي حِرْزٍ وَالْأُخْرَى فِي آخَرَ (إلَّا إنْ كَانَ) الثَّانِي (دُونَ الْمُعَيَّنِ) فَيَضْمَنُ (وَإِنْ كَانَتْ الظُّرُوفُ لِلْوَدِيعِ فَكَالْبُيُوتِ) فِيمَا ذَكَر فِيهَا (وَلَوْ نَهَاهُ عَنْ دُخُولِ أَحَدٍ عَلَيْهَا أَوْ الِاسْتِعَانَةِ) عَلَى حِفْظِهَا (بِحَارِسٍ أَوْ) عَنْ (الْإِخْبَارِ بِهَا فَخَالَفَهُ) فِيهِ (ضَمِنَ إنْ أَخَذَهَا الدَّاخِلُ) عَلَيْهَا (وَالْحَارِسُ) لَهَا (أَوْ) تَلِفَتْ (بِسَبَبِ الْإِخْبَارِ) بِهَا وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَوْضِعَهَا وَإِنَّ أَخَذَهَا غَيْرُ مَنْ ذُكِرَ أَوْ تَلِفَتْ لَا بِسَبَبِ الْإِخْبَارِ فَلَا ضَمَانَ. وَقَوْلُ الْعَبَّادِيِّ: وَلَوْ سَأَلَهُ رَجُلٌ هَلْ عِنْدَكَ لِفُلَانٍ وَدِيعَةٌ فَأَخْبَرَهُ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ كَتْمَهَا مِنْ حِفْظِهَا مَحْمُولٌ عَلَى الضَّمَانِ بِالْأَخْذِ لِسَبَبٍ آخَرَ.

(وَإِنْ أَمَرَهُ) وَقَدْ أَوْدَعَهُ خَاتَمًا (بِوَضْعِ الْخَاتَمِ فِي خِنْصَرِهِ فَجَعَلَهَا فِي بِنَصْرِهِ لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّهُ أُحْرِزَ لِكَوْنِهِ أَغْلَظَ (إلَّا إنْ جَعَلَهَا فِي أَعْلَاهُ) أَوْ فِي وَسَطِهِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ (أَوْ انْكَسَرَتْ لِغِلَظِهَا) أَيْ الْبِنْصِرِ فَيَضْمَنُ (لِأَنَّ أَسْفَلَ الْخِنْصَرِ أَحْفَظُ مِنْ أَعَلَى الْبِنْصِرِ) وَوَسَطِهِ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ وَلِلْمُخَالَفَةِ فِي الْأَخِيرَة، وَالتَّعْلِيلُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ، وَإِنْ قَالَ اجْعَلْهُ فِي الْبِنْصِرِ فَجَعَلَهُ فِي الْخِنْصَرِ فَإِنْ كَانَ لَا يَنْتَهِي إلَى أَصْلِ الْبِنْصِرِ فَاَلَّذِي فَعَلَهُ أَحْرَزُ فَلَا ضَمَانَ وَإِلَّا ضَمِنَ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ، وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: لَوْ قَالَ احْفَظْهُ فِي بِنْصَرِكَ فَحَفِظَهُ فِي خِنْصَرِهِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ لَبِسَهُ فِي الْبِنْصِرِ كَانَ فِي الْخِنْصَرِ وَاسِعًا انْتَهَى وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ أَنْ مَا قَالَهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَا يُنَافِي مَا قَبْلَهُ وَلَوْ قَالَ لَهُ: احْفَظْ هَذَا فِي يَمِينِكَ فَجَعَلَهُ فِي يَسَارِهِ ضَمِنَ وَبِالْعَكْسِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ أَحْرَزُ؛ لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ أَكْثَرُ غَالِبًا نَقَلَهُ الْعِجْلِيّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَكِنْ لَوْ هَلَكَ لِلْمُخَالَفَةِ ضَمِنَ قَالَ: وَقَضَيْتُهُ مَا قَالَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَعْسَرَ انْعَكَسَ الْحُكْمُ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ يَعْمَلُ بِهِمَا عَلَى السَّوَاءِ كَانَا سَوَاءً.

(وَلَوْ لَمْ يَأْمُرْهُ) فِي إيدَاعِ الْخَاتَمِ (بِشَيْءٍ فَوَضَعَهَا فِي الْخِنْصَرِ لَا غَيْرِهَا ضَمِنَ) وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ فَصَّهَا إلَى ظَهْرِ الْكَفِّ (لِأَنَّهُ لَبِسَهَا) أَيْ اسْتَعْمَلَهَا بِلَا ضَرُورَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَضَعَهَا فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا (إلَّا إنْ قَصَدَ) بِلُبْسِهَا فِيهَا (الْحِفْظَ) فَلَا يَضْمَنُ وَقَضِيَّتُهُ تَصْدِيقُهُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ لَبِسَهَا لِلْحِفْظِ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي وُقُوعِ الْخَوْفِ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقَصْدَ لَا يَعْلَمُ إلَّا مِنْهُ بِخِلَافِ وُقُوعِ الْخَوْفِ وَالْبِنْصِرِ مُؤَنَّثٌ وَقَدْ اسْتَعْمَلَهُ الْمُصَنِّفُ مُذَكَّرًا وَمُؤَنَّثًا وَالْخَاتَمُ مُذَكَّرٌ وَقَدْ اسْتَعْمَلَهُ مُؤَنَّثًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ حَلَقَةٌ (وَغَيْرُ الْخِنْصَرِ لِلْمَرْأَةِ) فِي حِفْظِهَا لِلْخَاتَمِ (كَالْخِنْصَرِ) لِأَنَّهَا قَدْ تَتَخَتَّمُ فِي غَيْرِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْخُنْثَى يُحْتَمَلُ إلْحَاقُهُ بِالرَّجُلِ إذَا لَبِسَ الْخَاتَمَ فِي غَيْرِ خِنْصَرِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ وَيَحْتَمِلُ مُرَاعَاةَ الْأَغْلَظِ هُنَا وَهُوَ الْتِحَاقُهُ بِالْمَرْأَةِ كَمَا غَلَّظْنَا فِي إيجَابِ الزَّكَاةِ فَأَلْحَقْنَاهُ بِالرَّجُلِ.

(السَّبَبُ السَّابِعُ التَّضْيِيعُ) لَهَا؛ لِأَنَّ الْوَدِيعَ مَأْمُورٌ بِحِفْظِهَا فِي حِرْزِ مِثْلِهَا وَبِالتَّحَرُّزِ عَنْ أَسْبَابِ التَّلَفِ (فَيَضْمَنُهَا بِهِ) أَيْ بِالتَّضْيِيعِ (وَلَوْ نَاسِيًا) لَهَا وَذَلِكَ (كَإِتْلَافِهِ)

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَإِنْ سُرِقَتْ مِنْهُ فَكَذَلِكَ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ إذَا سُرِقَ مَا فِيهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ ع وَذَكَرَ فِي الْأَنْوَارِ مَعَهُمَا الْغَصْبَ مِنْهُ لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ اعْتِمَادُ إلْحَاقِهِ بِالْمَوْتِ وَكَلَامُ الْأَنْوَارِ فِيمَا إذَا كَانَ سَبَبَ الْغَصْبِ النَّقْلُ وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَهُ كَأَصْلِهِ بِالْوَاوِ كَانَ أَوْلَى) عَبَّرَ بِلَكِنْ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالنَّقْلِ لِلْمُخَالَفَةِ

[فَرْعُ عَيَّنَ الْمَالِكُ لَهَا ظَرْفًا مِنْ ظُرُوفِهِ فَنَقَلَهَا الْوَدِيعُ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ مِنْهَا]

(قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ أَنَّ مَا قَالَهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَكِنْ لَوْ هَلَكَ لِلْمُخَالَفَةِ ضَمِنَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَقَضِيَّةُ مَا قَالَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَضَعَهَا فِي غَيْرِهَا إلَخْ) يَجِبُ تَقَيُّدُهُ بِمَنْ لَا يَقْصِدُ بِهِ الِاسْتِعْمَالُ وَبِمَنْ لَمْ يَعْتَدِ اللُّبْسَ فِي غَيْرِهِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْعَامَّةِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ تَصْدِيقِهِ فِي دَعْوَاهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْخُنْثَى يُحْتَمَلُ إلْحَاقُهُ بِالرَّجُلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْوَدِيعَ مَأْمُورٌ بِحِفْظِهَا فِي حِرْزِ مِثْلِهَا) وَهُوَ أَنْ يَقْطَعَ السَّارِقُ بِسَرِقَتِهِ مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>