للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي نُسْخَةٍ فَيَكْتُبُ نَدْبًا إذَا أَرَادَ الْبَحْثَ عَنْ حَالِ الشُّهُودِ إلَى الْمُزَكِّينَ (اسْمَ الشَّاهِدِ وَيَصِفُهُ بِمَا يُمَيِّزُهُ) مِنْ كُنْيَةٍ وَوَلَاءٍ وَاسْمِ أَبٍ وَجَدٍّ وَحِلْيَةٍ وَحِرْفَةٍ وَنَحْوِهَا لِئَلَّا يُشْتَبَهَ بِغَيْرِهِ (وَاسْمَ الْمَشْهُودِ لَهُ وَ) اسْمَ الْمَشْهُودِ (عَلَيْهِ) فَقَدْ يَكُونُ الشَّاهِدُ بَعْضَ الْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ عَدُوَّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ.

(وَكَذَا قَدْرُ الْمَالِ) الْمَشْهُودِ بِهِ فَقَدْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُ الشَّاهِدِ فِي الْقَلِيلِ دُونَ الْكَثِيرِ فَيَكْتُبُ (لِكُلِّ مُزَكٍّ نُسْخَةً) بِذَلِكَ وَيُرْسِلُهَا (عَلَى يَدِ صَاحِبِ مَسْأَلَةٍ سِرًّا) بِأَنْ يُخْفِيَهَا عَنْ غَيْرِ مَنْ أَرْسَلَهَا إلَيْهِ وَغَيْرِ مَنْ أَرْسَلَهُ إلَيْهِ احْتِيَاطًا لِئَلَّا يَسْعَى الْمَشْهُودُ لَهُ فِي التَّزْكِيَةِ وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ فِي الْجَرْحِ (فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ الرُّسُلُ بِجَرْحٍ) مِنْ الْمُزَكِّينَ (تَوَقَّفَ) عَنْ الْحُكْمِ (وَكَتَمَهُ) أَيْ الْجَرْحَ (وَقَالَ) لِلْمُدَّعِي (زِدْنِي) فِي الشُّهُودِ (أَوْ) عَادُوا إلَيْهِ (بِتَعْدِيلٍ دَعَا مُزَكَّيَيْنِ لِيَشْهَدَا) عِنْدَهُ بِهِ (مُشِيرِينَ إلَيْهِ لِيَأْمَنَ) بِذَلِكَ (الْغَلَطَ) مِنْ شَخْصٍ إلَى آخَرَ فَالْحُكْمُ إنَّمَا يَكُونُ بِقَوْلِهِمْ لَا بِقَوْلِ أَرْبَابِ الْمَسَائِلِ؛ لِأَنَّهُمْ الْأَصْلُ وَأُولَئِكَ رُسُلٌ يَشْهَدُونَ عَلَى شَهَادَةٍ فَلَا تُقْبَلُ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ عَلَى مَا يَأْتِي (وَ) لَكِنْ (مَنْ نَصَّبَ مِنْ أَرْبَابِ الْمَسَائِلِ حَاكِمًا فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ كَفَى أَنْ يُنْهَى إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْقَاضِي (وَحْدَهُ) ذَلِكَ فَلَا يُعْتَبَرُ الْعَدَدُ؛ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ فَالْحُكْمُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ وَكَذَا لَوْ أَمَرَ الْقَاضِي صَاحِبَ الْمَسْأَلَةِ بِالْبَحْثِ فَبَحَثَ وَشَهِدَ بِمَا بَحَثَهُ لَكِنْ يُعْتَبَرُ الْعَدَدُ؛ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ وَمَا تَقَرَّرَ هُوَ مَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ رَافِعًا بِهِ الْخِلَافَ فِي أَنَّ الْحُكْمَ بِقَوْلِ الْمُزَكِّينَ أَوْ بِقَوْلِ هَؤُلَاءِ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ بِقَوْلِ هَؤُلَاءِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

وَاعْتَذَرَ ابْنُ الصَّبَّاغِ عَنْ كَوْنِهِ شَهَادَةً عَلَى شَهَادَةٍ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ بِالْحَاجَةِ؛ لِأَنَّ الْمُزَكِّينَ لَا يُكَلَّفُونَ الْحُضُورَ (وَيُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ فِيمَنْ نُصِّبَ حَاكِمًا فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ (عِلْمُهُ بِذَلِكَ) وَاتِّصَافُهُ بِسَائِرِ صِفَاتِ الْقُضَاةِ الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ ذَلِكَ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ تُعْتَبَرُ فِيهِ صِفَاتُ الْقُضَاةِ (وَفِي الْمُزَكِّي صِفَاتُ الشُّهُودِ مَعَ الْعِلْمِ بِمُوجِبِ الْعَدَالَةِ وَالْجَرْحِ) أَيْ بِسَبَبِهِمَا (وَأَنْ يَكُونَ الْمُعَدِّلُ خَبِيرًا بِالْبَاطِنِ) أَيْ بِبَاطِنِ حَالِ مَنْ يُعَدِّلُهُ بِصُحْبَةٍ وَجِوَارٍ وَمُعَامَلَةٍ وَنَحْوِهَا فَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ اثْنَيْنِ شَهِدَا عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُمَا إنِّي لَا أَعْرِفُكُمَا وَلَا يَضُرُّكُمَا أَنِّي لَا أَعْرِفُكُمَا ائْتِيَا بِمَنْ يَعْرِفُكُمَا فَأَتَيَا بِرَجُلٍ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ كَيْفَ تَعْرِفُهُمَا قَالَ بِالصَّلَاحِ وَالْأَمَانَةِ قَالَ هَلْ كُنْت جَارًا لَهُمَا تَعْرِفُ صَبَاحَهُمَا وَمَسَاءَهُمَا وَمَدْخَلَهُمَا وَمَخْرَجَهُمَا قَالَ لَا قَالَ هَلْ عَامَلْتهمَا بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الَّتِي تُعْرَفُ بِهَا أَمَانَاتُ الرِّجَالِ قَالَ لَا قَالَ هَلْ صَاحَبْتهمَا فِي السَّفَرِ الَّذِي يُسْفِرُ عَنْ أَخْلَاقِ الرِّجَالِ قَالَ لَا قَالَ فَأَنْتَ لَا تَعْرِفُهُمَا ائْتِيَا بِمَنْ يَعْرِفُكُمَا

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَصْلُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ مُزَكُّونَ لِلْقَاضِيَّ]

قَوْلُهُ وَكَذَا قَدْرُ الْمَالِ) لَوْ قَالَ وَمَا شَهِدُوا بِهِ لَكَانَ أَعَمَّ لِيَتَنَاوَلَ النِّكَاحَ وَالْقَتْلَ وَغَيْرَهُمَا (قَوْلُهُ وَيُرْسِلُهَا عَلَى يَدِ صَاحِبِ مَسْأَلَةٍ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْوَاجِبُ طَلَبُ عَدَالَةِ الشَّاهِدِ لِيُرَتِّبَ الْحُكْمَ عَلَى شَهَادَتِهِ بِالطَّرِيقِ الْمُعْتَبَرِ عِنْدَهُ وَسَوَاءٌ طَلَبَ الْبَيَانَ بِهَذَا الطَّرِيقِ أَمْ بِغَيْرِهِ وَفِي النِّهَايَةِ لَا يَسْتَرِيبُ فَقِيهٌ فِي أَنَّ كِتَابَةَ ذَلِكَ لَيْسَ أَمْرًا مُسْتَحَقًّا فَلَوْ اتَّفَقَ الْهُجُومُ عَلَى السُّؤَالِ لَفْظًا لَمَا امْتَنَعَ غَيْرَ أَنَّ الْأَحْسَنَ مَا قَدَّمْنَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ الْمَاضِينَ لِخُبْثِ الزَّمَانِ.

وَقَالَ أَيْضًا كِتَابَةُ الْمَشْهُودِ لَهُ وَعَلَيْهِ لَيْسَ مِنْ الْوَاجِبِ فِي الاستزكاء، وَإِنْ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ وَفِي الْمَطْلَبِ أَنَّ اعْتِبَارَهُ لِيُنْجِزَ الْحُكْمَ وَلَا يَقِفَ عَلَى اسْتِكْشَافِ عَدَاوَةٍ وَلَا قَرَابَةٍ وَلَا شَرِكَةٍ تَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَإِلَّا فَذَاكَ لَيْسَ مِنْ الاستزكاء فِي شَيْءٍ حَتَّى لَوْ أَغْفَلَهُ وَثَبَتَتْ الْعَدَالَةُ بَقِيَ عَلَى الْقَاضِي النَّظَرُ فِيمَا وَرَاءَ التَّعْدِيلِ وَقَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّ الْأَحْسَنَ مَا قَدَّمْنَاهُ وَجَرَى الْمَاوَرْدِيُّ عَلَى السُّؤَالِ بِاللَّفْظِ وَاعْتَبَرَ فِيهِ تَرْتِيبًا حَسَنًا فَقَالَ كَيْفِيَّةُ سُؤَالِ الْبُعُوثِ أَنْ يَسْأَلُوا أَوَّلًا عَنْ أَحْوَالِ الشُّهُودِ فَإِنْ وَجَدُوهُمْ مَجْرُوحِينَ لَمْ يَسْأَلُوا عَنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ عَدَلُوا سَأَلُوا عَمَّنْ شَهِدُوا لَهُ فَإِنْ ذَكَرُوا أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ مَا يَمْنَعُ مِنْ شَهَادَتِهِمْ لَهُ لَمْ يَسْأَلُوا عَمَّا عَدَاهُ وَإِنْ ذَكَرَ جَوَازَ شَهَادَتِهِمْ لَهُ فَيَسْأَلُوا عَنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَإِنْ ذَكَرُوا مَا يَمْنَعُ مِنْ شَهَادَتِهِمْ عَلَيْهِ لَمْ يَسْأَلُوا عَمَّا عَدَاهُ، وَإِنْ ذَكَرُوا جَوَازَ شَهَادَتِهِمْ لَهُ فَيَسْأَلُوا عَنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَإِنْ ذَكَرُوا مَا يَمْنَعُ مِنْ شَهَادَتِهِمْ عَلَيْهِ لَمْ يَسْأَلُوا عَمَّا عَدَاهُ، وَإِنْ ذَكَرُوا جَوَازَ شَهَادَتِهِمْ عَلَيْهِ ذَكَرُوا حَقِيقَةَ الْعَدُوِّ الَّذِي شَهِدُوا عَلَيْهِ بِهِ وَعَلَى الرُّسُلِ أَنْ يَشْهَدُوا بِمَا عَرَفُوهُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ إنْ اجْتَمَعَتْ وَافْتَرَقَتْ (قَوْلُهُ وَمَا تَقَرَّرَ هُوَ مَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ إلَخْ) هُوَ مُنْطَبِقٌ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي شُرَيْحٍ الرُّويَانِيِّ وَالْقَاضِي أَبِي سَعِيدٍ الْهَرَوِيِّ وَالْمُعَدِّلُونَ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ بِعَدَالَةِ الشُّهُودِ ثَلَاثُ أَضْرُبٍ الْأَوَّلُ الَّذِينَ وَلَّاهُمْ الْحَاكِمُ التَّعْدِيلَ يُسْتَحَبُّ اثْنَانِ وَيُكْتَفَى بِوَاحِدٍ وَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَيَجُوزُ بِلَفْظِ الْخَبَرِ؛ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ يُخْبِرُ حَاكِمًا وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مِمَّنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ وَيَقُولُ الْمُعَدِّلُ إذَا شَهِدَ عِنْدَهُ عَدْلَانِ بِعَدَالَةِ الشُّهُودِ قَبِلْتهَا وَيُخْبِرُ بِهَا الْحَاكِمَ.

الضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَقُولَ الْحَاكِمُ لِاثْنَيْنِ اذْهَبَا وَتَفَحَّصَا بِأَنْفُسِكُمَا فَيَذْهَبَانِ وَيَبْحَثَانِ عَنْ الْحَالِ وَيُخْبِرَانِ الْحَاكِمَ فَهَذَانِ يَشْهَدَانِ بِهَا وَلَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ وَلَفْظُ الشَّهَادَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ شَرْطٌ. الضَّرْبُ الثَّالِثُ: إذَا جَاءَ اثْنَانِ إلَى الْمُعَدِّلِ فَشَهِدَا بِعَدَالَةِ الشَّاهِدِ فَطَرِيقُ ذَلِكَ طَرِيقُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَلَا تَجُوزُ إلَّا عِنْدَ غَيْبَةِ الْأَصْلِ أَوْ مَرَضِهِ. اهـ

(قَوْلُهُ وَاعْتَذَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُزَكِّينَ لَا يُكَلَّفُونَ الْحُضُورَ) وَلَا يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُحْضِرَهُمْ لِيَسْأَلَهُمْ فَصَارَ هَذَا عُذْرًا فِي قَبُولِ شَهَادَةِ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ عَلَى شَهَادَةِ الْمَسْئُولِينَ كَالْمَرَضِ وَالْغَيْبَةِ فِي شَهَادَةِ شَاهِدَيْ الْفَرْعِ عَلَى شَاهِدٍ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ أَيْ بِسَبَبِهِمَا) ؛ لِأَنَّ بِهِ يَتِمُّ مَقْصُودُ مَا فَوَّضَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ الْمُعَدِّلُ خَبِيرًا بِالْبَاطِنِ) أَيْ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ وَقَرِيبٍ مِنْهُ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْإِنْسَانَ يُخْفِي أَسْبَابَ الْفِسْقِ غَالِبًا فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِبَاطِنِ حَالِهِ وَهَذَا كَمَا أَنَّ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِفْلَاسِ تُعْتَبَرُ فِيهَا الْخِبْرَةُ الْبَاطِنَةُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مَشْغُوفٌ بِإِخْفَاءِ الْمَالِ وَفِي الشَّهَادَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ تُعْتَبَرُ الْخِبْرَةُ الْبَاطِنَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَزَوَّجُ فِي السَّفَرِ أَوْ فِي الْحَضَرِ خُفْيَةً فَيُولَدُ لَهُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الْخِبْرَةُ فِي التَّعْدِيلِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ فِيهِ إلَى الْيَقِينِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يُخْفُونَ عَوْرَاتِهِمْ فَلَا أَقَلَّ مِنْ الظَّنِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>