للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهِيَ الْجَدْوَلُ الْمَحْفُورُ (لِلزِّرَاعَةِ بِمَائِهَا) الْجَارِي إلَيْهَا مِنْ النَّهْرِ لِلْحَاجَةِ (لَا) اسْتِئْجَارُ (الْقَرَارِ) مِنْهَا (دُونَ الْمَاءِ) بِأَنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَكُونَ أَحَقَّ بِمَائِهَا الَّذِي يَتَحَصَّلُ فِيهَا بِالْمَطَرِ وَالثَّلْجِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِأَنَّهُ اسْتِئْجَارٌ لِمَنْفَعَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَأْخُذَ مَا يَتَوَحَّلُ فِيهَا مِنْ الصَّيْدِ، أَوْ بِرْكَةً مُتَّصِلَةً بِالْبَحْرِ لِيَأْخُذَ مِنْهَا مَا يَدْخُلُ مِنْ السَّمَكِ، أَوْ شَجَرَةً لِيَأْخُذَ ثَمَرَتَهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْبِسَ الْمَاءَ فِيهَا حَتَّى يَجْتَمِعَ فِيهَا السَّمَكُ كَمَا سَيَأْتِي أَوَاخِرَ الْبَابِ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيُجْرِيَ فِيهَا مَاءً.

(وَ) يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ (الْبِئْرِ لِلِاسْتِقَاءِ) مِنْ مَاءَهَا لِلْحَاجَةِ.

(لَا) اسْتِئْجَارُ (الْفَحْلِ لِلضِّرَابِ) كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا.

(الشَّرْطُ الثَّالِثُ الْقُدْرَةُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ) كَمَا فِي الْبَيْعِ (فَإِجَارَةُ الْآبِقِ) وَالْمَغْصُوبِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى انْتِزَاعِهِ عَقِبَ الْعَقْدِ (لَا تَصِحُّ وَكَذَا) إجَارَةُ (الْأَعْمَى لِلْحِرَاسَةِ) بِالْبَصَرِ (وَغَيْرِ الْقَارِئِ لِتَعْلِيمِ الْقِرَاءَةِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ وَلَوْ اتَّسَعَتْ الْمُدَّةُ لِتَعَلُّمِهِ) قَبْلَ تَعْلِيمِهِ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مُسْتَحَقَّةٌ مِنْ عَيْنِهِ، وَالْعَيْنُ لَا تَقْبَلُ التَّأْجِيلَ بِخِلَافِهَا فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ لِأَنَّهَا سَلَمٌ فِي الْمَنَافِعِ كَمَا مَرَّ.

(وَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ قَبْلَ السَّقْيِ) لَهَا (إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا مَاءٌ يُوثَقُ بِهِ) مِنْ نَهْرٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ نَحْوِهَا فَيَصِحُّ لِإِمْكَانِ الزِّرَاعَةِ فِيهَا حِينَئِذٍ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمِثْلُهَا الْحَمَّامُ فِيمَا يَظْهَرُ (وَكَذَا لَوْ) لَمْ يَكُنْ لَهَا مَاءٌ كَذَلِكَ لَكِنْ (غَلَبَ حُصُولُهُ) فِيهَا مِنْ مَطَرٍ مُعْتَادٍ وَنَدَاوَةٍ مِنْ ثَلْجٍ كَذَلِكَ فَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُهَا (كَاَلَّتِي) أَيْ كَاسْتِئْجَارِ الْأَرْضِ الَّتِي (تُسْقَى بِمَاءِ مَطَرِ الْجَبَلِ) أَيْ بِمَاءِ الْمَطَرِ وَالثَّلْجِ فِي الْجَبَلِ وَالْغَالِبُ فِيهَا الْحُصُولُ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ، وَمُجَرَّدُ الْإِمْكَانِ لَا يَكْفِي كَإِمْكَانِ عَوْدِ الْآبِقِ.

(وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ قَبْلَ انْحِسَارِ الْمَاءِ عَنْهَا وَإِنْ سَتَرَهَا) عَنْ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ مَصْلَحَتِهَا كَاسْتِتَارِ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ بِالْقِشْرِ هَذَا (إنْ وَثِقَ بِانْحِسَارِهِ وَقْتَ الزِّرَاعَةِ) وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ، وَاعْتُرِضَ عَلَى الصِّحَّةِ بِأَنَّ التَّمَكُّنَ مِنْ الِانْتِفَاعِ عَقِبَ الْعَقْدِ شَرْطٌ وَالْمَاءُ يَمْنَعُهُ وَأُجِيبَ عَنْهُ: بِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ مَصَالِحِ الزَّرْعِ وَبِأَنَّ صَرْفَهُ مُمْكِنٌ فِي الْحَالِ بِفَتْحِ مَوْضِعٍ يَنْصَبُّ إلَيْهِ فَيَتَمَكَّنُ مِنْ الزَّرْعِ حَالًا كَإِيجَارِ دَارٍ مَشْحُونَةٍ بِأَمْتِعَةٍ يُمْكِنُ نَقْلُهَا فِي زَمَنٍ لَا أُجْرَةَ لَهُ (وَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْأَرْضُ (عَلَى شَطِّ نَهْرٍ - وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُغْرِقُهَا وَتَنْهَارُ فِي الْمَاءِ - لَمْ يَصِحَّ اسْتِئْجَارُهَا) لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهَا (وَإِنْ احْتَمَلَهُ وَلَمْ يَظْهَرْ جَازَ) اسْتِئْجَارُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالْغَالِبَ السَّلَامَةُ.

(وَإِنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لَا يُوثَقُ بِسَقْيِهَا فَإِنْ) كَانَ (قَالَ) لَهُ الْمُؤَجِّرُ (أَجَّرْتُكَهَا عَلَى أَنَّهَا أَرْضٌ بَيْضَاءُ لَا مَاءَ لَهَا وَلَمْ يَقُلْ لِتَنْتَفِعَ بِهَا فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ) لِجِنْسِ الْمَنْفَعَةِ فَمَا أَطْلَقَهُ الْأَصْلُ هُنَا مِنْ الصِّحَّةِ - وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ يَعْرِفُ بِنَفْيِ الْمَاءِ أَنَّ الْإِجَارَةَ لِغَيْرِ الزِّرَاعَةِ - مُؤَوَّلٌ كَمَا صَرَّحَ هُوَ بِهِ بَعْدُ وَتَأْوِيلُهُ أَنَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَأْتِي وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْجِنْسِ كَمَا يُعْرَفُ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرَهَا هُنَا وَحَذَفَهَا الْمُصَنِّفُ وَبَعْضُهُمْ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ فِي الْأَرْضِ الزِّرَاعَةُ فَجَازَ الْإِطْلَاقُ فِيهَا وَفِيهِ نَظَرٌ.

(وَإِنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ وَأَطْلَقَ دَخَلَ) فِيهِ (الشِّرْبُ) بِكَسْرِ الشِّينِ وَهُوَ النَّصِيبُ مِنْ الْمَاءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَهَا لَا يَدْخُلُ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ هُنَا لَا تَحْصُلُ بِدُونِهِ هَذَا (إنْ اُعْتِيدَ دُخُولُهُ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُطْلِقْ أَوْ اضْطَرَبَتْ الْعَادَةُ (فَسَيَأْتِي) حُكْمُهُ (فِي الْبَابِ الثَّانِي) .

[فَصْلٌ إيرَادُ إجَارَةِ الْعَيْنِ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ]

(فَصْلٌ)

وَفِي نُسْخَةٍ " فَرْعٌ " (لَا يَصِحُّ إيرَادُ إجَارَةِ الْعَيْنِ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ كَأَجَرْتك الدَّابَّةَ سَنَةً مِنْ غَدٍ أَوْ لِتَخْرُجَ) بِهَا (غَدًا) لِأَنَّ مَنْفَعَتَهَا فِي الْغَدِ أَوْ نَحْوِهِ غَيْرُ مَقْدُورَةِ التَّسْلِيمِ فِي الْحَالِ فَأَشْبَهَ بَيْعَ الْعَيْنِ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهَا غَدًا (بِخِلَافِ إجَارَةِ الذِّمَّةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِيهَا تَأْجِيلُ الْعَمَلِ) كَمَا فِي السَّلَمِ (كَأَلْزَمْت ذِمَّتَك حَمْلِي إلَى مَكَّةَ غُرَّةَ شَهْرِ كَذَا بِكَذَا بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ) فِيمَا مَرَّ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُجْرَةِ وَفِيمَا يَأْتِي بِالنِّسْبَةِ لِلدَّابَّةِ.

(فَإِنْ أَطْلَقَ) الْإِجَارَةَ -.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: الشَّرْطُ الثَّالِثُ الْقُدْرَةُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ) فَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ الرَّقِيقِ الْمَنْذُورِ إعْتَاقُهُ وَلَا الْمُشْتَرَى بِشَرْطِ الْعِتْقِ وَتَصِحُّ إجَارَةُ الْمُقَطَّعِ وَالزَّوْجَةِ صَدَاقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ك (قَوْلُهُ: بِالْبَصَرِ) أَيْ إجَارَةَ عَيْنٍ وَتَصِحُّ فِي الذِّمَّةِ وَإِجَارَةُ عَيْنِهِ لِحِفْظِ شَيْءٍ فِي يَدِهِ وَمِثْلُهُ الْجُلُوسُ خَلْفَ الْبَابِ لِلْحِرَاسَةِ ك.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا مَا يَوْثُقُ بِهِ) نَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ جَمْعٍ تَمْثِيلَ زِيَادَةِ النِّيلِ الْغَالِبَةِ بَخَمْسَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا وَجَعَلَ السُّبْكِيُّ مِنْهَا سَبْعَةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتْبِ اسْتِئْجَارِ الْحَمَّامِيِّ حَمَّامًا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَظْهَرُ أَنَّهُ فِي مَعْنَى اسْتِئْجَارِ أَرْضٍ لِلزِّرَاعَةِ وَلَهَا مَاءٌ مَعْلُومٌ.

(قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمَاءَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لَا يُوثَقُ بِسَقْيِهَا) يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ أَرْضٍ لِلزِّرَاعَةِ لَا مَاءَ لَهَا دَائِمٌ إذَا قَالَ الْمُؤَجِّرُ أَنَا أَحْفِرُ بِئْرًا وَأَسْقِيهَا مِنْهُ، أَوْ أَسُوقُ الْمَاءَ إلَيْهَا مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ كَمَا نَقَلْت عَنْ الرُّويَانِيِّ وَفِي الْمَطْلَبِ أَنَّهُ الَّذِي يَظْهَرُ صِحَّتُهُ وَنَصُّ الْأُمِّ يُشِيرُ إلَيْهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ الَّتِي لَا مَاءَ لَهَا وَكَانَ مِنْ الشَّرْطِ أَنْ يَزْرَعَهَا وَقَدْ يُمْكِنُهُ زَرْعُهَا عَثْرِيًّا بِلَا مَاءٍ أَوْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهَا مَاءً مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ فَأَكْرَاهُ إيَّاهَا أَرْضًا بَيْضَاءَ لَا مَاءَ لَهَا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا إنْ شَاءَ، أَوْ يَفْعَلَ بِهَا مَا شَاءَ صَحَّ الْكِرَاءُ وَلَزِمَهُ زَرَعَ، أَوْ لَمْ يَزْرَعْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ.

(قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ إيرَادُ إجَارَةِ الْعَيْنِ إلَخْ) يَجُوزُ إجَارَةُ الْعَيْنِ لَيْلًا - لِعَمَلٍ لَا يُعْمَلُ إلَّا نَهَارًا مَثَلًا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْإِضَافَةِ لِأَوَّلِ الْمُدَّةِ -، وَإِجَارَةُ عَيْنِ الشَّخْصِ لِلْحَجِّ عِنْدَ خُرُوجِ النَّاسِ - وَإِنْ كَانَ قَبْلَ أَشْهُرِهِ إذَا لَمْ يَتَأَتَّ الْإِتْيَانُ بِهِ مِنْ بَلَدِ الْعَقْدِ إلَّا بِالسَّيْرِ قَبْلَهُ، أَوْ فِي أَشْهُرِهِ لِيُحْرِمَ مِنْ الْمِيقَاتِ -، وَإِجَارَةُ دَارٍ بِبَلَدٍ آخَرَ - عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ النَّوَوِيِّ وَإِنْ كَانَ التَّسْلِيمُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا بِقَطْعِ الْمَسَافَةِ - وَدَارٍ مَشْحُونَةٍ بِأَمْتِعَةٍ يُمْكِنُ الِاشْتِغَالُ بِنَقْلِهَا فِي الْحَالِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَوَّلَ الْبَابِ وَصَحَّحَ فِي الزَّوَائِدِ آخِرَهُ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ تَفْرِيغُهَا فِي مُدَّةٍ لَا أُجْرَةَ لَهَا صَحَّ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا، أَوْ بَهِيمَةً لِعَمَلٍ مُدَّةً عَلَى أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِمَا الْأَيَّامَ دُونَ اللَّيَالِي صَحَّ بِخِلَافِ الْحَانُوتِ (قَوْلُهُ: غُرَّةَ شَهْرِ كَذَا) أَوْ أَوَّلَهُ أَوْ آخِرَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>