للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ النُّجُومُ (فِي الْقَدْرِ وَالْأَجَلِ) حُمِلَتْ عَلَى الْعَدَدِ فَإِنْ كَانَتْ ثَلَاثَةَ نُجُومٍ مَثَلًا فَالْوَسَطُ وَاحِدٌ (وَ) إنْ (كَانُوا) الْأَوْلَى كَانَتْ (أَرْبَعَةَ نُجُومٍ) مَثَلًا (فَالْوَسَطُ) مِنْهَا (اثْنَانِ) الثَّانِي وَالثَّالِثُ (فَيُعَيِّنُ الْوَارِثُ أَحَدَهُمَا) إذْ لَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَوْلَى بِاسْمِ الْأَوْسَطِ مِنْ الْآخَرِ.

قَالَ فِي الْأَصْلِ كَذَا قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ الْأَوْسَطُ كِلَاهُمَا فَيُوضَعَانِ وَهَذَا مُقْتَضَى مَا فِي التَّهْذِيبِ انْتَهَى. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَوَّلُ هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ نَحْوَهُ.

(وَإِنْ أَوْصَى بِكِتَابَةِ عَبْدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَعَيَّنَ مَالًا) لَهَا (كُوتِبَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَعَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَالْعَادَةُ) أَنْ يُكَاتِبَ الْعَبْدُ بِمَا (فَوْقَ قِيمَتِهِ فَإِنْ ضَاقَ عَنْهُ الثُّلُثُ وَلَمْ يُجِيزُوا) أَيْ الْوَرَثَةُ الزَّائِدَ عَلَيْهِ (كُوتِبَ بَعْضُهُ) الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ (وَجَازَ) أَيْ وَصَحَّ وَلَا يُبَالَى بِالتَّبْعِيضِ إذَا أَفَضْت الْوَصِيَّةُ إلَيْهِ وَإِذَا أَدَّى عَتَقَ ذَلِكَ الْبَعْضَ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُوصِي وَالْبَاقِي رَقِيقٌ، وَإِنْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ مَا ذُكِرَ وَعَتَقَ بِأَدَاءِ النُّجُومِ فَوَلَاؤُهُ لِلْمُوصِي هَذَا كُلُّهُ إذَا رَغِبَ الْعَبْدُ فِي الْكِتَابَةِ وَإِلَّا تَعَذَّرَ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ وَلَا يُكَاتِبُ بَدَلَهُ آخَرَ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِمَالٍ فَلَمْ يَقْبَلْهُ لَا يُصْرَفُ إلَى غَيْرِهِ.

(وَإِنْ قَالَ كَاتِبُوا أَحَدَ عَبِيدِي لَمْ تُكَاتَبْ أَمَةٌ وَلَا خُنْثَى مُشْكِلٌ حَتَّى تَظْهَرَ ذُكُورَتُهُ) لِعَدَمِ صِدْقِ الِاسْمِ، وَلَوْ قَالَ كَاتِبُوا إحْدَى إمَائِي لَمْ يُكَاتَبْ عَبْدٌ وَلَا خُنْثَى مُشْكِلٌ حَتَّى تَظْهَرَ أُنُوثَتَهُ (وَيَدْخُلَانِ) أَيْ الْأَمَةُ وَالْمُشْكِلُ (فِي) إطْلَاقِ (الرَّقِيقِ) وَنَصُّ الْأُمِّ عَلَى أَنَّ الْمُشْكِلَ لَا يَدْخُلُ هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ.

[فَصْلٌ الْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ فِي التَّصَرُّفَاتِ]

لِأَنَّ مَقْصُودَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ تَحْصِيلُ الْعِتْقِ وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالتَّصَرُّفِ (إلَّا فِيمَا) أَيْ فِي تَصَرُّفٍ (فِيهِ تَبَرُّعٌ أَوْ خَطَرٌ) كَمَا سَيَأْتِي وَالْخَطَرُ بِفَتْحِ الطَّاءِ الْإِشْرَافُ عَلَى الْهَلَاكِ. قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (فَيَبِيعُ وَيَشْتَرِي وَيَشْفَعُ) أَيْ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ (وَيُؤَجِّرُ) نَفْسَهُ وَأَمْوَالَهُ، وَإِنْ زَادَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ عَلَى مُدَّةِ النُّجُومِ فَإِنْ عَجَّزَهُ السَّيِّدُ فِي الْمُدَّةِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَيَسْتَأْجِرُ وَيَحْتَطِبُ) وَيَصْطَادُ (وَيُسَافِرُ) ، وَلَوْ (بِلَا إذْنٍ) فِي الْجَمِيعِ (وَيُؤَدِّبُ عَبِيدَهُ) الْأَوْلَى أَرِقَّاءَهُ (وَيَخْتِنُهُمْ) وَيَفْصِدُهُمْ إصْلَاحًا لِلْمَالِ وَيَقْبَلُ الْهِبَةَ وَالْوَصِيَّةَ وَالصَّدَقَةَ وَنَحْوَهَا مِمَّا فِيهِ جَلْبُ مَالٍ.

(وَيَبْطُلُ مِنْهُ عِتْقٌ) وَلَوْ فِي كَفَّارَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَعْقِبُ الْوَلَاءَ وَالْمُكَاتَبُ لَيْسَ أَهْلًا لَهُ كَالْقِنِّ، وَكَالْعِتْقِ الْكِتَابَةُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِبْرَاءٌ) عَنْ دَيْنٍ (وَهِبَةٌ) لِمَا فِيهِمَا مِنْ تَفْوِيتِ الْمَالِ (وَوَصِيَّةٌ) سَوَاءٌ أَأَوْصَى بِعَيْنٍ أَمْ بِثُلُثِ مَالِهِ (وَقَرْضٌ) وَلَوْ بِرَهْنٍ أَوْ كَفِيلٍ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ تَامٍّ وَالْكَفِيلُ قَدْ يُفْلِسُ وَالرَّهْنُ قَدْ يَتْلَفُ وَيْحُكُمْ حَاكِمٌ لِلْمُقْرِضِ بِسُقُوطِ الدَّيْنِ (وَقِرَاضٌ) لِذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْعَامِلَ قَدْ يَخُونُ أَوْ يَمُوتُ فَيَضِيعُ الْمَالُ (وَسَلَمٌ) لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَسْلِيمَ رَأْسِ مَالِهِ فِي الْمَجْلِسِ وَانْتِظَارِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ مُؤَجَّلًا (وَتَعْجِيلُ) دَيْنٍ (مُؤَجَّلٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ الِانْتِفَاعِ بِالْمَالِ بِلَا ضَرُورَةٍ (وَشِرَاءُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) لِتَضَمُّنِهِ تَفْوِيتَ الْمَالِ (وَتَزْوِيجُ نَفْسِهِ أَوْ عَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ الْمَالِ أَوْ نَقْصِ الْقِيمَةِ، وَالتَّصْرِيحِ بِذِكْرِ الْأَمَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَقَوْلُهُ وَتَزْوِيجُ نَفْسِهِ شَامِلٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (وَتَسَرٍّ) أَيْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ خَوْفًا مِنْ هَلَاكِ الْجَارِيَةِ فِي الطَّلْقِ وَلِضَعْفِ مِلْكِهِ.

وَكَمَا يُمْنَعُ الرَّاهِنُ مِنْ وَطْءِ الْمَرْهُونَةِ، وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ التَّسَرِّي بِالْوَطْءِ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَخَصُّ مِنْهُ لِاعْتِبَارِ الْإِنْزَالِ فِيهِ بِخِلَافِ الْوَطْءِ (وَمُحَابَاةٌ) فِي شِرَاءٍ (وَبَيْعٍ بِغَبَنٍ) لِمَا فِيهِمَا مِنْ تَفْوِيتِ الْمَالِ (وَ) بَيْعُ (نَسِيئَةٍ، وَلَوْ) تَوَثَّقَ (بِرَهْنٍ وَكَفِيلٍ) أَوْ كَانَ الْبَيْعُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَ الْمَالِ عَنْ الْيَدِ بِلَا عِوَضٍ تَبَرُّعٌ فِي الْحَالِ وَلِأَنَّ فِيهِ خَطَرًا. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَفَرَّقُوا بَيْنَ الْمُكَاتَبِ وَالْوَلِيِّ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ مَالِ الطِّفْلِ نَسِيئَةً وَأَنْ يَرْهَنَ وَيَرْتَهِنَ لِلْحَاجَةِ أَوْ لِلْمُصْلِحَةِ الظَّاهِرَةِ بِأَنَّ الْمَرْعِيَ ثَمَّ مَصْلَحَةُ الطِّفْلِ وَالْوَلِيُّ نُصِبَ لِيَنْظُرَ لَهُ وَالْمَطْلُوبُ هُنَا الْعِتْقُ وَالْمَرْعِيُّ مَصْلَحَةُ السَّيِّدِ وَلَمْ يُنْصَبْ الْمُكَاتَبُ لَهُ. قَالَ هُوَ وَالنَّوَوِيُّ وَقَدْ مَرَّ فِي الرَّهْنِ أَنَّ بَعْضَهُمْ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْجَوَازِ لَكِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ هُنَا الْمَنْعُ وَهَذَا الَّذِي أَشَارَ إلَى تَضْعِيفِهِ هُنَا هُوَ مَا صَحَّحَاهُ ثَمَّ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُتَوَسَّطَ فَيُقَال إنْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَى الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ كَمَا فِي وَقْتِ النَّهْبِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ رَأَى فِيهِ مَصْلَحَةً لَمْ يُمَكَّنْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَاظِرًا لِلسَّيِّدِ حَتَّى يَتَحَمَّلَ الْخَطَرَ لِمَصْلَحَةٍ -

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَرْعٌ الْوَصِيَّةُ بِوَضْعِ النُّجُومِ عَنْ الْمُكَاتَبِ]

قَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ الْأَوْسَطُ كِلَاهُمَا إلَخْ) جَوَابُهُ أَنَّ مَوْضُوعَ الْأَوْسَطِ لِوَاحِدٍ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ

(فَصْلٌ الْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ فِي التَّصَرُّفَاتِ) (قَوْلُهُ إلَّا فِيمَا فِيهِ تَبَرُّعٌ وَخَطَرٌ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُسْتَثْنَى مِمَّا فِيهِ تَبَرُّعٌ مَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْمُكَاتَبِ مِنْ لَحْمٍ وَخُبْزٍ مِمَّا الْعَادَةُ أَنْ يُؤْكَلَ وَلَا يُبَاعُ فَإِذَا أَهْدَى شَيْئًا مِنْهُ لِأَحَدٍ كَانَ لِلْمُهْدَى إلَيْهِ أَكْلُهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ لِحَدِيثِ بَرِيرَةَ فَوَجَبَ تَقْيِيدُ نُصُوصِهِ الْمُطْلَقَةِ بِهِ بِالْمُسَامَحَةِ بِذَلِكَ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا اسْتَثْنَاهُ وَيُسْتَثْنَى مِمَّا فِيهِ خَطَرٌ مَا الْغَالِبُ فِيهِ السَّلَامَةُ وَيُفْعَلُ لِلْمَصْلَحَةِ كَتَوْدِيجِ الْبَهَائِمِ وَقَطْعِ السَّلَعِ مِنْهَا وَالْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَخَتْنِ الرَّقِيقِ وَقَطْعِ سَلْعَتِهِ الَّتِي فِي قَطْعِهَا خَطَرٌ لَكِنَّ فِي بَقَائِهَا أَكْثَرَ أَوْ كَانَ فِي قَطْعِهَا خَطَرٌ وَفِي إبْقَائِهَا خَطَرٌ وَيُسْتَثْنَى تَبَرُّعُهُ عَلَى السَّيِّدِ وَبِأَدَاءِ دَيْنِ السَّيِّدِ عَلَى مُكَاتَبٍ آخَرَ وَقَبِلَهُ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) سَتَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.

(قَوْلُهُ وَتَزْوِيجُ نَفْسِهِ أَوْ عَبْدِهِ) لِأَنَّهُ يَتَعَرَّضُ لِلْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَيُنْقِصُ قِيمَتَهُ لَوْ كَانَ لِلسَّيِّدِ وَشَمِلَ إطْلَاقَهُ الْمُكَاتَبَةَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ فَيُزَوِّجُهَا بِإِذْنِهَا (قَوْلُهُ لِاعْتِبَارِ الْإِنْزَالِ فِيهِ) وَسَتْرِهَا عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ (قَوْلُهُ قَالَ هُوَ وَالنَّوَوِيُّ وَقَدْ مَرَّ فِي الرَّهْنِ إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ نُصُوصُ الشَّافِعِيِّ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ كَالْوَلِيِّ حَرْفًا بِحَرْفٍ يُرْهَنُ لِلضَّرُورَةِ وَالْمَصْلَحَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ هُوَ مَا صَحَّحَاهُ ثَمَّ) وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ) وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَنْقِيحِ الْوَسِيطِ هُنَاكَ أَنَّ حُكْمَ الْمُكَاتَبِ حُكْمُ وَلِيِّ الطِّفْلِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>