الْمُسْلَمَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ فِي الذِّمَّةِ، وَالِاسْتِحْقَاقُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ، وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمَقْبُوضِ (وَلَوْ بَانَ) فِي صُورَةِ ضَمَانِ عُهْدَةِ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي (فَسَادُ الْعَقْدِ بِشَرْطٍ أَوْ غَيْرِهِ) غَيْرِ الِاسْتِحْقَاقِ (أَوْ فُسِخَ) الْعَقْدُ (بِعَيْبٍ أَوْ وَجَبَ بِهِ أَرْشٌ) لِحُدُوثِ مَا يَمْنَعُ الرَّدَّ بِهِ كَحُدُوثِ عَيْبٍ عِنْدَهُ (أَوْ انْفَسَخَ الْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ) بِتَلَفِ الْمَبِيعِ أَوْ نَحْوِهِ (لَمْ يُطَالَبْ) بِالثَّمَنِ أَوْ الْأَرْشِ (ضَامِنُ الْعُهْدَةِ) بَلْ الْبَائِعُ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ ضَمَانِهَا إنَّمَا هُوَ الرُّجُوعُ عَلَى الضَّامِنِ بِسَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ كَمَا مَرَّ، وَقَيَّدَ الْأَخِيرَةَ بِقَبْلِ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَإِلَّا فَبَعْدَ الْقَبْضِ كَذَلِكَ كَالْفَسْخِ بِخِيَارِ شَرْطٍ، أَوْ مَجْلِسٍ أَوْ تَقَايُلٍ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ فِيمَا مَرَّ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا يُطَالَبُ الضَّامِنُ كَالْبَائِعِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ هُنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ خُرُوجَهُ مَرْهُونًا أَوْ نَحْوَهُ دَاخِلٌ فِي خُرُوجِهِ مُسْتَحَقًّا (وَإِنْ خَرَجَ بَعْضُ الْمَبِيعِ مُسْتَحَقًّا طُولِبَ الضَّامِنُ بِقِسْطِ الْمُسْتَحِقِّ) مِنْ الثَّمَنِ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ سَوَاءٌ أَفَسَخَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ أَمْ أَجَازَهُ
(الْفَرْعُ الرَّابِعُ) لَوْ (ضَمِنَ) فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ (عُهْدَةَ) ثَمَنِ (الْأَرْضِ وَأَرْشَ نَقْصِ مَا يُغْرَسُ وَيُبْنَى فِيهَا إنْ قُلِعَ بِاسْتِحْقَاقِهَا) فِيمَا إذَا اشْتَرَاهَا شَخْصٌ وَغَرَسَ فِيهَا أَوْ بَنَى ثُمَّ ظَهَرَتْ مُسْتَحَقَّةً (لَمْ يَصِحَّ ضَمَانُ الْأَرْشِ) لِعَدَمِ وُجُوبِهِ عِنْدَ ضَمَانِهِ (وَفِي الْعُهْدَةِ قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ) وَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ وَقَوْلُهُ: إنْ قَلَعَ بِاسْتِحْقَاقِهَا تَصْوِيرٌ لِوُجُوبٍ الْأَرْشِ وَلَوْ ضَمِنَ الْأَرْشَ فَقَطْ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ ظُهُورِ الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْقَلْعِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُمَا صَحَّ إنْ عُلِمَ قَدْرُهُ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلِ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا مَرَّ وَمِمَّا يَأْتِي (وَلَوْ شَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ بِهِمَا) أَيْ بِعُهْدَةِ الْأَرْضِ وَالْأَرْشِ فِيمَا ذُكِرَ (كَفِيلًا فِي الْبَيْعِ فَكَشَرْطِ رَهْنٍ فَاسِدٍ فِي الْبَيْعِ) فَيَبْطُلُ، وَقَوْلُهُ: بِهِمَا مُتَعَلِّقٌ بِ كَفِيلًا، وَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ كَأَصْلِهِ كَانَ أَوْلَى
[فَصْلٌ ضَمَانُ الدَّيْنِ غَيْرِ اللَّازِمِ]
(فَصْلٌ لَا يَصِحُّ ضَمَانُ) الدَّيْنِ (غَيْرِ اللَّازِمِ) إذَا لَمْ يَؤُلْ إلَى اللُّزُومِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (كَنُجُومِ الْمُكَاتَبِ) فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا كَمَا لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِهَا بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لِلتَّوَثُّقِ (وَيَصِحُّ) الضَّمَانُ (عَنْهُ بِغَيْرِهَا) لِأَجْنَبِيٍّ (لَا لِلسَّيِّدِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ غَيْرَهَا يَسْقُطُ أَيْضًا عَنْ الْمُكَاتَبِ بِعَجْزِهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ (وَيَصِحُّ) الضَّمَانُ (بِالثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ، وَلَوْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ) لِأَنَّهُ بَعْدَهَا لَازِمٌ وَقَبْلَهَا آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ بِنَفْسِهِ عَنْ قُرْبٍ فَاحْتِيجَ فِيهِ إلَى التَّوَثُّقِ، وَأَشَارَ الْإِمَامُ إلَى أَنَّ تَصْحِيحَ الضَّمَانِ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ لَا يَمْنَعُ نَقْلَ الْمِلْكِ فِي الثَّمَنِ إلَى الْبَائِعِ أَمَّا إذَا مَنَعَهُ فَهُوَ ضَمَانٌ مَا لَمْ يَجِبْ، وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ هُوَ الْمُتَّجَهُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا، أَوْ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ لَمْ يَصِحَّ الضَّمَانُ (وَ) يَصِحُّ (بِالصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ) لِلُزُومِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَقِرًّا، وَلَا نَظَرَ فِيهِ، وَفِيمَا ضَمِنَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ إلَى احْتِمَالِ سُقُوطِهِمَا كَمَا لَا نَظَرَ إلَى احْتِمَالِ سُقُوطِ اللَّازِمِ وَالْمُسْتَقِرِّ بِالْإِبْرَاءِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَنَحْوِهِمَا (لَا) ضَمَانُ (مَالِ الْجَعَالَةِ) فَلَا يَصِحُّ (وَلَوْ شَرَعَ) فِي الْعَمَلِ كَالرَّهْنِ بِهِ (، وَضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ) الثَّابِتَةِ (فِي الذِّمَّةِ كَالْمَالِ) فَيَصِحُّ ضَمَانُهَا
(فَصْلٌ لَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْمَجْهُولِ) وَلَا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ كَأَحَدِ الدَّيْنَيْنِ، وَلَا مَا لَا يُتَبَرَّعُ بِهِ كَقِصَاصٍ وَشُفْعَةٍ وَحَدِّ قَذْفٍ لِأَنَّهُ إثْبَاتُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدٍ كَالْبَيْعِ، وَبِهِ مَعَ مَا مَرَّ أَيْضًا يُعْلَمُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِالْجِنْسِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ (وَلَا) يَصِحُّ (الْإِبْرَاءُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمَجْهُولِ (لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ) لِلْمَدِينِ مَا فِي ذِمَّتِهِ (لَا إسْقَاطٌ) كَالْإِعْتَاقِ (فَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُمَا) أَيْ الْمُبْرِئِ وَالْمُبْرَأِ (بِالدَّيْنِ) كَمَا فِي عَاقِدَيْ الْهِبَةِ وَهَذَا تَبِعَ فِيهِ مُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِهِ هُنَا لَكِنَّهُ تَبِعَ مُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِهِ أَوْ أَخَّرَ الصَّدَاقَ، وَتَصْحِيحُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالرَّوْضَةِ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُبْرَأِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَعَلَيْهِ نَصُّ الشَّافِعِيِّ انْتَهَى، وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ، وَإِنْ كَانَ تَمْلِيكًا، الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْإِسْقَاطُ نَعَمْ إنْ كَانَ الْإِبْرَاءُ فِي مُقَابَلَةِ طَلَاقٍ اُعْتُبِرَ عِلْمُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى مُعَاوَضَةٍ فَيَخُصُّ كَلَامَهُمْ بِمَا لَا عِوَضَ فِيهِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى أَنَّهُ فِي الرَّجْعَةِ مِنْ الرَّوْضَةِ قَالَ الْمُخْتَارُ: إنَّ كَوْنَ الْإِبْرَاءِ تَمْلِيكًا أَوْ إسْقَاطًا مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا يُطْلَقُ فِيهَا تَرْجِيحٌ بَلْ يَخْتَلِفُ الرَّاجِحُ بِحَسَبِ الْمَسَائِلِ لِقُوَّةِ الدَّلِيلِ وَضَعْفِهِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَأَشَارَ الْإِمَامُ إلَى أَنَّ تَصْحِيحَ الضَّمَانِ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ لَا يَمْنَعُ نَقْلَ الْمِلْكِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ لَمْ يَصِحَّ الضَّمَانُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَكَلَامُ الْمُتَوَلِّي الْمُخَالِفُ لَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ، وَهُوَ أَنَّ مِلْكَ الْمَبِيعُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي فَالرَّاجِحُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ كَلَامُ الْإِمَامِ
[فَصْلٌ ضَمَانُ الْمَجْهُولِ]
(قَوْلُهُ: وَبِهِ مَعَ مَا مَرَّ أَيْضًا يُعْلَمُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِالْجِنْسِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ) لَوْ ضَمِنَ دَيْنًا وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُ حَالٌّ أَوْ مُؤَجَّلٌ فَالْمَذْهَبُ الْجَوَازُ وَيَلْزَمُهُ عَلَى صِفَتَيْهِ مِنْ الْحُلُولِ أَوْ التَّأْجِيلِ، وَقِيلَ: لَا بُدَّ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ حَالٌّ أَوْ مُؤَجَّلٌ حَكَاهُ الْإِمَامُ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا (فَرْعٌ) هَلْ قَوْلُهُ: أَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ كَذَا صَرِيحٌ فِي الْإِبْرَاءِ أَوْ كِنَايَةٌ فِيهِ وَجْهَانِ. اهـ. وَأَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيَخُصُّ كَلَامُهُمْ بِمَا لَا عِوَضَ فِيهِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ هُنَا عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْإِبْرَاءُ فِي ضِمْنِ عَقْدٍ كَصُلْحِ الْحَطِيطَةِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ عِلْمُ الْمُبْرَأِ مِنْهُ كَمَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ، وَأَشَارَ الشَّافِعِيُّ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ اللَّفْظَ بِوَضْعِهِ يَقْتَضِيهِ أَيْ لِقِيَامِ صُورَةِ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَحِينَئِذٍ فَيَنْدَفِعُ التَّنَاقُضُ (قَوْلُهُ بَلْ يَخْتَلِفُ الرَّاجِحُ بِحَسَبِ الْمَسَائِلِ لِقُوَّةِ الدَّلِيلِ وَضَعْفِهِ) أَيْ فَإِنَّهُمْ مَنَعُوا تَعْلِيقَهُ بِالشَّرْطِ وَأَبْطَلُوهُ مِنْ الْمَجْهُولِ، وَمَنَعُوا إبْهَامَ الْمَحَلِّ فِيمَا لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا دَيْنٌ فَقَالَ: أَبْرَأْت أَحَدَكُمَا، وَلَوْ كَانَ إسْقَاطًا لَصَحَّ ذَلِكَ كُلُّهُ، وَرَجَّحُوا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ عِلْمُ الْمَدْيُونِ بِهِ، وَلَا قَبُولُهُ وَأَنَّهُ لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ، وَلَوْ كَانَ تَمْلِيكًا لَشُرِطَ ذَلِكَ كُلُّهُ وَلِهَذَا تَوَسَّطَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فَقَالَ: إنَّهُ تَمْلِيكٌ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ إسْقَاطٌ فِي حَقِّ الْمَدْيُونِ وَذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute