للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَبَانَ فِسْقُهُمْ (فَعَلَى مَا سَبَقَ فِي رُجُوعِ الضَّامِنِ) عَلَى الْأَصِيلِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْإِشْهَادِ أَمَّا إذَا صَدَّقَهُ الْغَرِيمُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ (وَلَوْ ادَّعَى وَلِيُّ الْيَتِيمِ) وَلَوْ حَاكِمًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ (رَدَّ مَالِهِ إلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: ٦] ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الدَّفْعِ، وَهُوَ لَمْ يَأْتَمِنْهُ حَتَّى يَلْزَمَهُ تَصْدِيقُهُ وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِقَيِّمِ الْيَتِيمِ وَالْوَصِيِّ لِسَلَامَتِهِ مِنْ إيهَامِ أَنَّ الْجَدَّ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالْأَبُ مَعَ وَلَدِهِ كَذَلِكَ وَالسَّفِيهُ وَالْمَجْنُونُ كَالْيَتِيمِ وَالرُّشْدُ وَالْإِفَاقَةُ كَالْبُلُوغِ.

(وَلَوْ امْتَنَعَ مَنْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ) كَالْمُودِعِ وَالْوَكِيلِ وَلَوْ بِجُعْلٍ (مِنْ التَّسْلِيمِ) أَيْ تَسْلِيمِ الْمَالِ لِمَالِكِهِ (إلَّا بِالْإِشْهَادِ) عَلَيْهِ بِالرَّدِّ (لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَقْبُولٌ فِي الرَّدِّ (وَلِلْغَاصِبِ، وَ) كُلِّ (مَنْ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ) فِي الرَّدِّ كَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمَدِينِ (الِامْتِنَاعُ) مِنْ التَّسْلِيمِ حَتَّى يَشْهَدَ الْمَالِكُ عَلَى نَفْسِهِ بِالرَّدِّ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ بِالرَّدِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ هَذَا إنْ كَانَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْأَخْذِ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ صَحَّحَ الْبَغَوِيّ الِامْتِنَاعَ، وَقَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ بِعَدَمِهِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ لَيْسَ لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ وَيَحْلِفَ عَلَيْهِ انْتَهَى وَبِالْأَوَّلِ قَالَ الْمَرَاوِزَةُ وَالْمَاوَرْدِيُّ مَعَ أَنَّهُ عِرَاقِيٌّ وَعَلَيْهِ جَرَى الْمُصَنِّفُ كَالْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَاسْتُشْكِلَ جَوَازُ التَّأْخِيرِ لِلْغَاصِبِ بِوُجُوبِ التَّوْبَةِ عَلَى الْفَوْرِ، وَهِيَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى الرَّدِّ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ زَمَنٌ يَسِيرٌ فَاغْتُفِرَ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ.

(فَصْلٌ: مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ فِي يَدِهِ عَيْنٌ لِغَيْرِهِ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا) الْأَوْلَى تَسْلِيمُهُ أَيْ أَحَدِهِمَا أَوْ تَسْلِيمُهُمَا (لِمَنْ صَدَّقَهُ) فِي دَعْوَاهُ (بِأَنَّهُ وَارِثٌ) لِلْمُسْتَحَقِّ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ (أَوْ مُحْتَالٌ) مِنْهُ (أَوْ وَصِيٌّ) لَهُ (أَوْ مُوصًى لَهُ) مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ بَيِّنَةً لِاعْتِرَافِهِ بِانْتِقَالِ الْحَقِّ إلَيْهِ فَلَا يَمْنَعُهُ حَقَّهُ (لَا إنْ أَنْكَرَ) ذَلِكَ، الْأَوْلَى لَا إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ فَلَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ بِلَا بَيِّنَةٍ (وَلَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ لِلْوَكِيلِ حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَةً) بِوَكَالَتِهِ، وَإِنْ صَدَّقَهُ عَلَيْهَا لِاحْتِمَالِ إنْكَارِ الْمُسْتَحِقِّ لَهَا (لَكِنْ يَجُوزُ) لَهُ أَنْ يُسَلِّمَهُ (إنْ صَدَّقَهُ) عَلَيْهَا، وَهَذَا مُسَلَّمٌ فِي الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ مِلْكَهُ أَمَّا فِي الْعَيْنِ فَلَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (فَإِنْ سَلَّمَ إلَيْهِ) الْحَقَّ (وَأَنْكَرَ) الْمُسْتَحِقُّ (وَكَالَتَهُ فَإِنْ كَانَ عَيْنًا) وَبَقِيَتْ أَخَذَهَا أَوْ أَخَذَهَا الدَّافِعُ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ.

(وَ) إنْ (تَلِفَتْ طَالَبَ بِهَا) أَيْ بِبَدَلِهَا (مَنْ شَاءَ) مِنْهُمَا (ثُمَّ لَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ) بِهِ إذَا غَرِمَهُ (لِاعْتِرَافِهِمَا أَنَّ الظَّالِمَ غَيْرُهُمَا) فَلَا يَرْجِعُ إلَّا عَلَى ظَالِمِهِ (إلَّا إنْ قَصَّرَ الْقَابِضُ) لَهَا (فَتَلِفَتْ وَغَرِمَ) الْمُسْتَحَقَّ (الدَّافِعُ) لَهَا (فَإِنَّهُ) أَيْ الدَّافِعُ (يَرْجِعُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَابِضِ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عِنْدَهُ وَالْوَكِيلُ يَضْمَنُ بِالتَّقْصِيرِ وَالْمُسْتَحِقُّ ظَلَمَهُ بِأَخْذِ الْقِيمَةِ مِنْهُ وَمَالُهُ فِي ذِمَّةِ الْقَابِضِ فَيَسْتَوْفِيهِ بِحَقِّهِ وَزَادَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ إلَّا أَنَّ شَرْطَ الضَّمَانِ عَلَى الْقَابِضِ لَوْ أَنْكَرَ الْمَالِكُ أَوْ تَلِفَ بِتَفْرِيطِ الْقَابِضِ فَيَرْجِعُ الدَّافِعُ حِينَئِذٍ. (وَإِنْ كَانَ) الْحَقُّ (دَيْنًا لَمْ يُطَالِبْ) بِهِ الْمُسْتَحِقُّ (إلَّا غَرِيمَهُ) فَلَا يُطَالِبُ الْقَابِضَ؛ لِأَنَّهُ فُضُولِيٌّ بِزَعْمِهِ وَالْمَقْبُوضُ لَيْسَ حَقَّهُ، وَإِنَّمَا هُوَ مَالُ الْمَدْيُونِ (فَإِنْ أَلْزَمَ) الْغَرِيمَ (تَسْلِيمَهُ) لِلْمُسْتَحِقِّ (ثَانِيًا) عِبَارَةُ الْأَصْلِ، وَإِذَا غَرِمَهُ (فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ مِنْ الْقَابِضِ) لَهُ إنْ بَقِيَ وَصَارَ لِلْمُسْتَحِقِّ فِي زَعْمِهِ (لِأَنَّهُ مَالُ مَنْ ظَلَمَهُ) ، وَقَدْ ظَفِرَ بِهِ (فَإِنْ تَلِفَ) فَإِنْ كَانَ (بِلَا تَفْرِيطٍ) مِنْهُ (لَمْ يَغْرَمْهُ) ، وَإِلَّا غَرِمَهُ (هَذَا) كُلُّهُ (إنْ صَرَّحَ بِتَصْدِيقِهِ) فِي دَعْوَاهُ الْوَكَالَةَ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِتَصْدِيقِهِ بَلْ كَذَّبَهُ أَوْ سَكَتَ (فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ) أَيْ مُطَالَبَتُهُ (وَالرُّجُوعُ) عَلَيْهِ بِمَا قَبَضَهُ مِنْهُ دَيْنًا كَانَ أَوْ عَيْنًا (وَإِنْ بَانَ الْمُسْتَحِقُّ) فِي صُورَةِ الْوَارِثِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُوصَى لَهُ (حَيًّا وَطَالَبَهُ) أَيْ الْغَرِيمُ عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَغَرَّمَهُ (رَجَعَ) الْغَرِيمُ (عَلَى الْوَارِثِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُوصَى لَهُ) بِمَا دَفَعَهُ إلَيْهِمْ لِتَبَيُّنِ كَذِبِهِمْ بِخِلَافِ صُورَةِ الْوَكَالَةِ لَا رُجُوعَ فِيهَا فِي بَعْضِ صُوَرِهَا كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ صَدَّقَهُ عَلَى الْوَكَالَةِ، وَإِنْكَارُ الْمُسْتَحِقِّ لَا يَرْفَعُ تَصْدِيقَهُ وَصُدِّقَ الْوَكِيلُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وَكَّلَهُ ثُمَّ جَحَدَ، وَهُنَا بِخِلَافِهِ، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَكَالْوَكَالَةِ فِي ذَلِكَ الْحَوَالَةُ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَجَحْدُ الْمُحِيلِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: قَالَ الْمُتَوَلِّي وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: فِي الْإِشْهَادِ) الْأَصَحُّ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَاكِمًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْقَاضِي الْعَدْلِ الْأَمِينِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الْأَمِينِ وَضْعُ يَدِهِ عَلَى مَالِ الْيَتِيمِ وَنَحْوِهِ. (قَوْلُهُ: وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ) أَيْ كَالدَّارِمِيِّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ) فَإِنْ أَخَّرَ لِلْإِشْهَادِ ضَمِنَ (قَوْلُهُ: صَحَّحَ الْبَغَوِيّ الِامْتِنَاعَ) وَجَزَمَ الْأَصْفُونِيُّ وَالْحِجَازِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِتَرْجِيحِهِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهَا وَيُرَجَّحُ بِأَنَّهُ رُبَّمَا رَفَعَهُ إلَى قَاضٍ يَرَى الِاسْتِفْصَالَ كَالْمَالِكِيِّ فَيَسْأَلُهُ هَلْ غَصَبْت أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَقَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ بِعَدَمِهِ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ.

[فَصْلٌ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ فِي يَدِهِ عَيْنٌ لِغَيْرِهِ]

(قَوْلُهُ: لِمَنْ صَدَّقَهُ بِأَنَّهُ وَارِثٌ) أَيْ أَوْ مَالِكُ اللُّقَطَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ) أَيْ، وَهُوَ رَشِيدٌ (فَرْعٌ) قَالَ لَك عَلَى فُلَانٍ الْمَيِّتِ أَلْفٌ دَيْنٌ، وَلَهُ فِي يَدِي أَلْفٌ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُ وَارِثٌ قَالَ الْقَفَّالُ يَجِبُ تَسْلِيمُ الْمَالِ إلَيْهِ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّ مَا يَسْتَحِقُّهُ إرْثًا يُسْتَحَقُّ بِالدَّيْنِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُقِرَّ بِإِرْثٍ وَبَيْنَ أَنْ يُقِرَّ بِدَيْنٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا فِي الْعَيْنِ فَلَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّصَرُّفِ إلَخْ) يُرَدُّ بِأَنَّهُ إنَّمَا تَصَرَّفَ فِيهِ بِتَسْلِيمِهِ لِوَكِيلِ مَالِكِهِ عِنْدَهُ وَبِأَنَّ التَّقْسِيمَ الْمَذْكُورَ عَقَبَهُ بِرَدِّهِ، وَكَتَبَ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ فَإِنْ غَلَبَ جَازَ (قَوْلُهُ: فَلَا يُطَالِبُ الْقَابِضَ) بَاقِيًا عِنْدَهُ أَوْ تَالِفًا (قَوْلُهُ: وَكَالْوَكَالَةِ فِي ذَلِكَ الْحَوَالَةُ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ، وَلَوْ دَفَعَ إلَى الْوَارِثِ ثُمَّ بَانَ حَيَاةُ الْمَالِكِ غَرَّمَ الدَّافِعَ وَرَجَعَ بِالْمَدْفُوعِ بِخِلَافِ صُورَةِ الْحَوَالَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>