للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِكَسْبِهِ الْحَادِثِ بَعْدَ التَّمْكِينِ (وَلَوْ) كَانَ الْكَسْبُ (نَادِرًا كَالْوَصِيَّةِ) وَالْهِبَةِ بِخِلَافِ كَسْبِهِ قَبْلَ الْمَذْكُورَاتِ لَا يَتَعَلَّقَانِ بِهِ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ فَإِنْ قُلْت قَدْ اعْتَبَرُوا فِي ضَمَانِ الْعَبْدِ كَسْبَهُ الْحَاصِلَ بَعْدَ الْإِذْنِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى وُجُودِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَهُوَ الضَّمَانُ وَقِيَاسُهُ هُنَا كَذَلِكَ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ الْمَضْمُونَ ثَمَّ ثَابِتٌ حَالَةَ الْإِذْنِ بِخِلَافِهِ هُنَا.

(وَلَوْ أَجَّرَ نَفْسَهُ فِيهِمَا) أَيْ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ (جَازَ) بِنَاءً عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمُسْتَأْجَرِ (وَيُصْرَفُ كَسْبُهُ كُلَّ يَوْمٍ لِلنَّفَقَةِ) لِأَنَّهَا ضَرُورِيَّةٌ (ثُمَّ) إنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ صَرَفَهُ (لِلْمَهْرِ ثُمَّ) إنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ صَرَفَهُ (لِلسَّيِّدِ وَلَا يَدَّخِرُ) مِنْهُ شَيْئًا (لِلنَّفَقَةِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَسُوبًا تَعَلَّقَ) كُلٌّ مِنْ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ (بِذِمَّتِهِ) كَالْقَرْضِ لِلُزُومِهِ بِرِضَى مُسْتَحِقِّهِ (لَا غَيْرِهَا) مِنْ رَقَبَتِهِ إذْ لَا جِنَايَةَ وَلَا مِنْ ذِمَّةِ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ لِلْبُضْعِ فَلَا يَلْزَمُ الْبَدَلُ غَيْرَهُ (وَعَلَى السَّيِّدِ تَخْلِيَتُهُ لَيْلًا) وَقْتَ النَّوْمِ (لِلِاسْتِمْتَاعِ) بِزَوْجَتِهِ لِأَنَّهُ مَحَلُّهُ (وَلِلْكَسْبِ نَهَارًا) لِأَنَّهُ أَحَالَ حُقُوقَ النِّكَاحِ عَلَى الْكَسْبِ فَوَجَبَتْ التَّخْلِيَةُ لَهُ نَعَمْ إنْ كَانَ الِاسْتِخْدَامُ لَيْلًا كَالْحَارِسِ فَالْأَمْرُ بِالْعَكْسِ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ (إلَّا أَنْ يَتَحَمَّلَ) عَنْهُ وَهُوَ مُوسِرٌ (الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ) فَلَا يَلْزَمُهُ تَخْلِيَتُهُ لِلْكَسْبِ.

(فَلَوْ اسْتَخْدَمَهُ) أَوْ حَبَسَهُ بِلَا تَحَمُّلٍ (لَزِمَهُ الْأَقَلُّ مِنْ أُجْرَةِ) مِثْلِ (مُدَّةِ الِاسْتِخْدَامِ) أَوْ الْحَبْسِ (وَ) مِنْ (نَفَقَتِهَا مَعَ الْمَهْرِ) أَمَّا أَصْلُ اللُّزُومِ فَلِأَنَّهُ لَمَّا أَذِنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ كَأَنَّهُ أَحَالَ الْمُؤَنَ عَلَى كَسْبِهِ فَإِذَا فَوَّتَهُ طُولِبَ بِهَا مِنْ سَائِرِ أَمْوَالِهِ كَمَا فِي بَيْعِ الْجَانِي حَيْثُ صَحَّحْنَاهُ وَأَوْلَى وَأَمَّا لُزُومُ الْأَقَلِّ فَكَمَا فِي فِدَاءِ الْجَانِي بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَلِأَنَّ أُجْرَتَهُ إنْ زَادَتْ كَانَ لَهُ أَخْذُ الزِّيَادَةِ أَوْ نَقَصَتْ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِتْمَامُ وَقِيلَ يَلْزَمَانِهِ وَإِنْ زَادَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَخْدَمَهُ أَوْ حَبَسَهُ أَجْنَبِيٌّ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إلَّا تَفْوِيتُ مَنْفَعَةٍ وَالسَّيِّدُ سَبَقَ مِنْهُ الْإِذْنُ الْمُقْتَضِي لِالْتِزَامِ مَا وَجَبَ فِي الْكَسْبِ ثُمَّ الْمُرَادُ بِالِاسْتِخْدَامِ اسْتِخْدَامُهُ نَهَارًا فَإِنَّ حَقَّهُ فِي اسْتِمْتَاعِهِ لَيْلًا لَا بَدَلَ لَهُ فَلَوْ اسْتَخْدَمَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا ضَمِنَ زَمَنَ نَهَارِهِ دُونَ لَيْلِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَلِسَيِّدِهِ إذَا تَحَمَّلَ عَنْهُ مَا مَرَّ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ وَإِنْ تَضَمَّنَ مَنْعَهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ لِأَنَّهُ مَالِكُ الرَّقَبَةِ كَمَا يُسَافِرُ بِأَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ وَلِلْعَبْدِ أَنْ يُسَافِرَ بِزَوْجَتِهِ مَعَهُ.

(فَإِنْ سَافَرَ بِهِ السَّيِّدُ وَسَافَرَ بِهَا) الْعَبْدُ مَعَهُ (فَالْكِرَاءُ فِي كَسْبِهِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَعَلَيْهِ تَخْلِيَتُهُ حِينَئِذٍ لَيْلًا لِلِاسْتِمْتَاعِ كَالْحَضَرِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَيْسَ اللَّيْلُ بِمُتَعَيِّنٍ بَلْ الْمُرَادُ أَوْقَاتُ الِاسْتِرَاحَةِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ حَالُ السَّفَرِ (فَإِنْ امْتَنَعَتْ) مِنْ السَّفَرِ مَعَهُ وَلَمْ يَمْنَعْ السَّيِّدُ لَهَا إذَا كَانَتْ رَقِيقَةً (سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهَا) الزَّوْجُ (بِهِ) أَيْ بِالسَّفَرِ مَعَهُ (لَمْ تَسْقُطْ) نَفَقَتُهَا (وَعَلَى السَّيِّدِ) إنْ لَمْ يَتَحَمَّلْهَا (الْأَقَلُّ كَمَا سَبَقَ) أَيْ الْأَقَلُّ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِ مُدَّةِ السَّفَرِ وَنَفَقَتُهَا مَعَ الْمَهْرِ (فَرْعٌ) لَوْ (أَذِنَ لِعَبْدِهِ) فِي التَّزَوُّجِ (فَتَزَوَّجَ لَمْ يَلْزَمْ السَّيِّدَ نَفَقَتُهُ وَلَا مَهْرُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهُمَا (وَإِنْ أَذِنَ) لَهُ فِيهِ (عَلَى أَنْ يَضْمَنَ) ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ (فَإِنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ أَنْفَقَ عَلَيْهِمَا) بِحُكْمِ الْمِلْكِ.

(فَإِنْ أَعْتَقَهَا وَأَوْلَادَهَا فَنَفَقَتُهَا فِي كَسْبِ الْعَبْدِ وَنَفَقَةُ أَوْلَادِهَا عَلَيْهَا ثُمَّ) إنْ أَعْسَرَتْ وَجَبَتْ (عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ دُونَهَا فَنَفَقَتُهَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَبْدِ كَحُرٍّ تَزَوَّجَ أَمَةً (وَ) نَفَقَةُ (الْأَوْلَادِ عَلَى السَّيِّدِ) لِأَنَّهُمْ مِلْكُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْحُكْمُ فِي الْأَخِيرَةِ يَجْرِي فِيمَا لَوْ أَعْتَقَهَا دُونَهُ وَدُونَ أَوْلَادِهَا

(فَصْلٌ) لَوْ (نَكَحَ الْعَبْدُ بِلَا إذْنٍ وَوَطِئَ) قَبْلَ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ (فَلَا حَدَّ) لِلشُّبْهَةِ (وَتَعَلَّقَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِذِمَّتِهِ) لَا بِرَقَبَتِهِ وَلَا كَسْبِهِ وَلَا مَالِ تِجَارَتِهِ لِمَا مَرَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَحَلُّهُ فِي كَبِيرَةٍ عَاقِلَةٍ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا مُخْتَارَةً

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

(قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ هُنَا) أَيْ لِأَنَّ مُؤَنَ النِّكَاحِ إنَّمَا تَجِبُ بَعْدَ النِّكَاحِ لَا بَعْدَ الْإِذْنِ فِيهِ (قَوْلُهُ يُصْرَفُ كَسْبُهُ كُلَّ يَوْمٍ لِلنَّفَقَةِ) ثُمَّ لِلْمَهْرِ وَفِي الْوَسِيطِ يَكْتَسِبُ لِلْمَهْرِ أَوَّلًا ثُمَّ لِلنَّفَقَةِ وَجَمَعَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ عَلَى مَا إذَا أَمَنَعَتْ نَفْسَهَا مِنْ التَّسْلِيمِ حَتَّى تَقْبِضَ الْمَهْرَ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ وَكَلَامُهُمَا عَلَى مَا إذَا بَذَلَتْ نَفْسَهَا فَتُقَدَّمُ النَّفَقَةُ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهَا نَاجِزَةٌ بِخِلَافِ الْمَهْرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي النَّفْسِ مِنْ هَذَا الْجَمْعِ شَيْءٌ وَيَنْبَغِي عَدَمُ تَعْيِينِ كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ إذْ هُمَا دَيْنٌ فِي كَسْبِهِ فَيَصْرِفُهُ عَمَّا يَشَاءُ مِنْ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ اهـ وَنَقَلَهُ فِي تَوَسُّطِهِ عَنْ بَعْضِ مُحَقِّقِي الْعَصْرِ (قَوْلُهُ وَعَلَى السَّيِّدِ تَخْلِيَتُهُ لَيْلًا) أَيْ وَقْتَ الْفَرَاغِ مِنْ خِدْمَتِهِ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ فِي مَنْزِلِ سَيِّدِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ تَخْلِيَتُهُ بِاللَّيْلِ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فِي مَنْزِلِهِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ يَخْدُمُ سَيِّدَهُ نَهَارًا فِي مَنْزِلِهِ بِحَيْثُ يَلِجُ كُلَّ وَقْتٍ عَلَى زَوْجَتِهِ أَمَّا لَوْ كَانَ يَسْتَخْدِمُهُ فِي سَوْقِهِ أَوْ زَرْعِهِ أَوْ رَعْيِهِ مَثَلًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا فِي مَنْزِلِ السَّيِّدِ وَغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَتَحَمَّلَ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ) الْمُرَادُ بِتَحَمُّلِهِ إيَّاهُمَا أَدَاؤُهُمَا بَعْدَ وُجُوبِهِمَا (قَوْلُهُ فَلَوْ اسْتَخْدَمَهُ لَزِمَهُ الْأَقَلُّ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ كَانَ السَّيِّدُ قَدْ قَامَ بِبَعْضِ الْوَاجِبِ كَالْمَهْرِ مَثَلًا أَوْ أَبْرَأَتْ الزَّوْجَةُ مِنْهُ أَوْ كَانَ السَّيِّدُ يَقُومُ بِنَفَقَتِهَا دُونَ كِسْوَتِهَا فَإِذَا نَظَرْنَا إلَى الْأَقَلِّ هَلْ نَأْخُذُ بِالْحِصَّةِ مِمَّا كَانَ وَاجِبًا أَوْ يُنْظَرُ إلَى الْوَاجِبِ ذَلِكَ الْوَقْتَ هَذَا فِيهِ وَقْفَةٌ اهـ يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِالثَّانِي (قَوْلُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) وَجَزَمَ بِهِ الدَّمِيرِيِّ (تَنْبِيهٌ)

جَمِيعُ مَا سَبَقَ فِي الْكُسُوبِ أَمَّا الْعَاجِزُ عَنْ الْكَسْبِ فَالظَّاهِرُ أَوْ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ لِلسَّيِّدِ السَّفَرَ بِهِ وَاسْتِخْدَامَهُ حَضَرًا مِنْ غَيْرِ الْتِزَامِ شَيْءٍ وَلَا لُزُومِ شَيْءٍ إذْ لَا كَسْبَ لَهُ أَلْبَتَّةَ وَلَا وَجْهَ لِتَعْطِيلِهِ لَا لِمَعْنًى وَلَمْ أَرَ فِيهِ تَصْرِيحًا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ

[فَصْلٌ نَكَحَ الْعَبْدُ بِلَا إذْنٍ وَوَطِئَ قَبْلَ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ]

(قَوْلُهُ لَا بِرَقَبَتِهِ وَلَا كَسْبِهِ إلَخْ) لِأَنَّ الْإِذْنَ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ النِّكَاحَ الصَّحِيحَ عَلَى الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَحَلُّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ فِي كَبِيرَةٍ) أَيْ حُرَّةٍ (قَوْلُهُ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا مُخْتَارَةً) بِأَنْ مَكَّنَتْهُ الْمَالِكَةُ لِأَمْرِهَا بِرِضَاهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>