للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُشْبِهُهَا مِنْ حَيْثُ حُصُولُهُ بِالِاخْتِيَارِ (، وَجْهَانِ) وَالْمُرَادُ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ أَرْشُ النَّقْصِ أَوْ الْأَكْثَرُ مِنْهُ، وَمِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ، وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ لِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِنْ قَطَعَ أَوْ سَرَقَ فَقُطِعَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ غَرِمَ نَقْصَ الْقِيمَةِ كَمَا لَوْ تَلِفَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَرَجَّحَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ، وَهُوَ الصَّوَابُ.

(فَرْعٌ: وَإِنْ قَتَلَ) الْعَبْدُ (الْمَغْصُوبُ إنْسَانًا ثُمَّ قَتَلَهُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ عَبْدٌ لِآخَرَ) أَيْ لِغَيْرِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ (فَاقْتَصَّ) مِنْهُ (السَّيِّدُ) أَيْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ (سَقَطَ) بِهِ (الضَّمَانُ عَنْ الْغَاصِبِ وَبَطَلَ حَقُّ وَرَثَةِ) الْإِنْسَانِ (الْمَقْتُولِ) ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْجَانِيَ إذَا هَلَكَ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ عِوَضٌ يَضِيعُ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَلَوْ حَذَفَ بَطَلَ كَانَ أَخْصَرَ، وَأَوْفَقَ بِعِبَارَةِ الْأَصْلِ حَيْثُ عَبَّرَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِالسُّقُوطِ (نَعَمْ إنْ حَدَثَ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَغْصُوبِ (عَيْبٌ بَعْدَ الْجِنَايَةِ) مِنْهُ (غَرِمَهُ) أَيْ أَرْشَ الْعَيْبِ (الْغَاصِبُ وَتَعَلَّقَ بِهِ الْوَرَثَةُ) أَيْ وَرَثَةُ الْمَقْتُولِ (أَوْ) حَدَثَ فِيهِ عَيْبٌ (قَبْلَهَا فَازَ بِهِ) أَيْ بِأَرْشِهِ (الْمَالِكُ) ؛ لِأَنَّ الْجُزْءَ الْمُقَابِلَ لِلْأَرْشِ كَانَ مَفْقُودًا عِنْدَ الْجِنَايَةِ (وَإِنْ عَفَا) الْمَالِكُ عَنْ الْقِصَاصِ (عَلَى مَالٍ أَوْ كَانَ الْوَاجِبُ) بِالْجِنَايَةِ (مَالًا تَعَلَّقَ بِهِ الْوَرَثَةُ) ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ الْجَانِي عَلَى مُوَرِّثِهِمْ.

(وَ) إذَا أَخَذُوهُ (رَجَعَ بِهِ) الْمَالِكُ (عَلَى الْغَاصِبِ ثَانِيًا) ؛ لِأَنَّهُ أُخِذَ مِنْهُ بِسَبَبِ جِنَايَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ (وَيَسْلَمُ لَهُ) كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ (وَإِنْ قَتَلَ) الْمَغْصُوبُ (غَاصِبَهُ فَقَتَلَهُ وَرَثَتُهُ) وَلَوْ بَعْدَ رَدِّهِ لِلْمَالِكِ (أَوْ أَخَذُوا الدِّيَةَ مِنْ رَقَبَتِهِ غَرِمُوا قِيمَتَهُ) لِسَيِّدِهِ (مِنْ التَّرِكَةِ، وَإِنْ عَفَوْا عَنْ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ سَقَطَ الضَّمَانُ عَنْ الْغَاصِبِ فِي الْمَالِ، وَإِنْ قَتَلَ سَيِّدَهُ، وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ ثُمَّ اقْتَصَّ وَرَثَتُهُ مِنْهُ رَجَعُوا بِقِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ، وَإِنْ صَالَ الْمَغْصُوبُ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ دَفْعًا) عَنْهُ (فَالضَّمَانُ عَلَى الْغَاصِبِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْقَاتِلِ وَلَوْ صَالَ عَلَى الْغَاصِبِ فَقَتَلَهُ دَفْعًا عَنْهُ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ كَتَلَفِهِ بِآفَةٍ فَيَضْمَنُهُ.

(فَصْلٌ: وَإِنْ نَقَلَ تُرَابُ أَرْضِ غَيْرِهِ) بِغَيْرِ إذْنِهِ بِكَشْطِ وَجْهِهَا أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ فِيهَا (أَجْبَرَهُ الْمَالِكُ عَلَى رَدِّهِ) إلَى مَحَلِّهِ (كَمَا كَانَ) قَبْلَ نَقْلِهِ مِنْ انْبِسَاطٍ وَارْتِفَاعٍ وَلَوْ غَرِمَ عَلَيْهِ أَضْعَافَ قِيمَتِهِ هَذَا إنْ بَقِيَ (وَإِنْ تَلِفَ فَمِثْلُهُ) أَيْ فَيَجْبُرُهُ عَلَى رَدِّ مِثْلِهِ كَمَا كَانَ هُوَ؛ لِأَنَّ التُّرَابَ مِثْلِيٌّ كَمَا مَرَّ فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّ مِثْلِهِ غَرِمَ الْأَرْشَ (فَإِنْ) ، وَفِي نُسْخَةٍ، وَإِنْ (لَمْ يُطَالِبْ) هـ الْمَالِكُ بِرَدِّهِ (فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ) بِغَيْرِ إذْنٍ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ (إلَّا أَنْ يَضِيقَ مِلْكُهُ أَوْ مِلْكُ غَيْرِهِ أَوْ) كَانَ الْمَنْقُولُ إلَيْهِ (شَارِعًا، وَخَشِيَ التَّعَثُّرَ بِهِ) أَيْ خَشِيَ مِنْهُ ضَمَانًا (فَلَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِرَدِّهِ، وَإِنْ مَنَعَهُ الْمَالِكُ) ؛ لِأَنَّ لَهُ فِي ذَلِكَ غَرَضًا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَانَ نَقْلُهُ مِنْهَا إلَى مَوَاتٍ أَوْ مِنْ أَحَدِ طَرَفَيْهَا إلَى الْآخَرِ فَلَا يَسْتَقِلُّ بِرَدِّهِ كَمَا شَمِلَهُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَلَوْ اسْتَقَلَّ بِرَدِّهِ فَلِلْمَالِكِ إجْبَارُهُ عَلَى نَقْلِهِ ثَانِيًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ مَنَعَهُ الْمَالِكُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَكَذَا) يَسْتَقِلُّ بِهِ (إنْ زَالَ بِهِ نَقْصُ الْأَرْضِ إلَّا إنْ أَبْرَأَهُ) الْمَالِكُ (عَنْ الْأَرْشِ) فَلَا يَسْتَقِلُّ بِرَدِّهِ إذْ لَا غَرَضَ لَهُ فِيهِ وَالتَّصْرِيحُ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَصَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ الرُّويَانِيُّ وَحَيْثُ كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي رَدِّهِ فَرَدَّهُ فَمَنَعَهُ الْمَالِكُ مِنْ بَسْطِهِ لَمْ يَبْسُطْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ مَبْسُوطًا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.

(فَلَوْ كَانَ الْمَحْفُورُ بِئْرًا فَلِلْغَاصِبِ طَمُّهَا) بِتُرَابِهَا إنْ بَقِيَ وَبِمِثْلِهِ إنْ تَلِفَ لِيَنْدَفِعَ عَنْهُ ضَمَانُ التَّرَدِّي فِيهَا (فَإِنْ طَالَبَ) هـ (الْمَالِكُ بِهِ لَزِمَهُ، وَإِنْ رَضِيَ) الْمَالِكُ (بِاسْتِدَامَتِهَا فَإِنْ كَانَ لَا ضَرَرَ) عَلَى الْغَاصِبِ (إلَّا خَوْفَ ضَمَانِ مَنْ يَقَعُ فِيهَا انْدَفَعَ عَنْهُ الضَّمَانُ بِرِضَاهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ طَمُّهَا) لِخُرُوجِهِ عَنْ أَنْ يَكُونَ جِنَايَةً وَتَعَدِّيًا (فَإِنْ مَنَعَهُ مِنْ الطَّمِّ) وَلَمْ يَقُلْ رَضِيت بِبَقَائِهَا (فَهَلْ يَكُونُ كَالرِّضَا) بِاسْتِدَامَتِهَا لِتَضَمُّنِ مَنْعِهِ لَهُ مِنْ الطَّمِّ ذَلِكَ فَيَنْدَفِعُ عَنْهُ ضَمَانُ التَّرَدِّي أَوْ لَا لِعَدَمِ تَصْرِيحِهِ بِالرِّضَا (، وَجْهَانِ)

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[الْجِنَايَة عَلَى الْمَغْصُوب]

قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الصَّوَابُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْأَصَحُّ بِمُقْتَضَى الدَّلِيلِ وَالتَّعْلِيلِ وَكَتَبَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْمُقَدَّرِ إنَّمَا يَكُونُ بِقَطْعٍ مُضَمَّنٍ وَالْأَصْلُ فِي الْعَبْدِ ضَمَانُ النَّقْصِ خَرَجَ الْقَطْعُ الْمُضَمَّنُ بِالدَّلِيلِ الَّذِي اقْتَضَى التَّقْدِيرَ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ وَلَا يَصِحُّ إلْحَاقُهُ بِمَا خَرَجَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ بَلْ هُوَ كَالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ.

[فَرْعٌ قَتَلَ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ إنْسَانًا فَاقْتَصَّ مِنْهُ السَّيِّدُ أَيْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ]

(قَوْلُهُ: وَإِنْ قَتَلَ سَيِّدَهُ، وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ ثُمَّ اقْتَصَّ وَرَثَتُهُ إلَخْ) أَمَّا لَوْ قَتَلَهُ مَالِكُهُ قِصَاصًا بِجِنَايَةٍ سَابِقَةٍ عَلَى غَصْبِهِ فَإِنَّ غَاصِبَهُ يَبْرَأُ بِهِ كَمَا مَرَّ.

[فَصْلٌ نَقَلَ تُرَابَ أَرْضِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِكَشْطِ وَجْهِهَا أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ فِيهَا]

(قَوْلُهُ: أَجْبَرَهُ الْمَالِكُ عَلَى رَدِّهِ كَمَا كَانَ) كَلَامُهُ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إعَادَتِهَا كَمَا كَانَتْ إلَّا بِزِيَادَةِ تُرَابٍ آخَرَ لَزِمَهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ لَكِنْ لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ إلَّا بِإِذْنِ الْمَالِكِ قَطْعًا وَلَوْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْقُمَامَاتِ الَّتِي تَجْتَمِعُ فِي الدُّورِ فَفِي الْمَطْلَبِ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا ضَمَانٌ عِنْدَ التَّلَفِ؛ لِأَنَّهَا مُحْتَقَرَةٌ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ وُجُوبُ رَدِّهَا، وَهُوَ وَاضِحٌ وَقَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَلِفَ فَمِثْلُهُ) لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مَفْرُوشَةً بِالسَّمَادِ وَتَلِفَ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ تَعَيَّنَ أَنْ يَضْمَنَ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ وَلَا يُكَلَّفُ رَدَّ مِثْلِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَوْلُهُ تَعَيَّنَ أَنْ يَضْمَنَ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِرَدِّهِ) ، وَإِنْ مَنَعَهُ الْمَالِكُ أَوْ قَالَ أَبْرَأْتُك مِنْ ضَمَانِهِ أَوْ رَضِيت بِمَا فَعَلْته بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْحَفْرِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ حَفْرَهُ فِي أَرْضِهِ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ، وَنَقْلَهُ التُّرَابَ إلَى الشَّارِعِ أَوْ نَحْوِهِ تَصَرُّفٌ فِي حَقِّ الْغَيْرِ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ نَقَلَهُ مِنْهَا إلَى مَوَاتٍ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي طَرِيقِ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ مَنَعَهُ الْمَالِكُ مِنْ زِيَادَتِهِ) وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَطْلَبِ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ (قَوْلُهُ: فَلِلْغَاصِبِ طَمُّهَا بِتُرَابِهَا) حَكَى الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقِهِ هُنَا وُجُوبَ التَّسْوِيَةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: لِيَنْدَفِعَ عَنْهُ ضَمَانِ التَّرَدِّي فِيهَا) انْدَفَعَ بِهَذَا التَّعْلِيلِ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّ التُّرَابَ إذَا تَلِفَ وَجَبَ فِي ذِمَّةِ الْغَاصِبِ مِثْلُهُ وَالْوَاجِبُ فِي الذِّمَّةِ إنَّمَا يُمْلَكُ بِقَبْضٍ صَحِيحٍ فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاتِهِ هُنَا وَحِينَئِذٍ فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ الرَّدُّ بِدُونِ الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ رَضِيَ بِاسْتِدَامَتِهَا) أَيْ أَوْ قَالَ أَبْرَأْتُك عَنْ ضَمَانِ مَا يَتْلَفُ فِيهَا (قَوْلُهُ: فَهَلْ يَكُونُ كَالرِّضَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>