للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اخْتِيَارًا فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ كَانَ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ يَقْتَضِي خِلَافَهُ (وَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ أُجْرَتَهُ) فِي زَمَنِ صَيْدِهِ أَيْضًا قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِيَدِ مَالِكِهِ رُبَّمَا اسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِ مَا اشْتَغَلَ بِهِ فَلَا تَدْخُلُ الْأُجْرَةُ فِيمَا اكْتَسَبَهُ وَبِمَا قَالَهُ يَنْدَفِعُ إشْكَالُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا إذَا كَانَ أَعْلَى مَنَافِعِ الْعَبْدِ الِاصْطِيَادَ، وَكَانَ الْمُصَنِّفُ لَمَّا رَأَى الْإِشْكَالَ قَوِيًّا زَادَ لَفْظَةَ لَهُ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ اصْطَادَ لِسَيِّدِهِ أَوْ أَطْلَقَ فَلَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ أُجْرَتَهُ بَلْ تَدْخُلُ فِيمَا ذَكَرَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ، وَجَوَابُ الْإِشْكَالِ مَا قُلْنَا.

(فَرْعٌ: يَجِبُ أَرْشُ نَقْصِ الْمَغْصُوبِ) الْحَاصِلِ بِغَيْرِ كَسَادِ السُّوقِ (وَأُجْرَتُهُ وَضَمَانُ جِنَايَتِهِ وَزَوَائِدِهِ، وَإِنْ أَبِقَ وَسَلِمَتْ الْقِيمَةُ لِلْحَيْلُولَةِ) حَالَةَ إبَاقِهِ لِبَقَاءِ حُكْمِ الْغَصْبِ (وَتَكُونُ) الْأُجْرَةُ (بَعْدَ) حُدُوثِ (النَّقْصِ أُجْرَةَ نَاقِصٍ) بِخِلَافِهَا قَبْلَ حُدُوثِهِ فَإِنَّهَا أُجْرَةُ تَامٍّ (سَوَاءٌ) فِي وُجُوبِ الْأَرْشِ مَعَ الْأُجْرَةِ (حَدَثَ النَّقْصُ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمُوجِبِ لِلْأُجْرَةِ) كَأَنْ لَبِسَ الثَّوْبَ فَأَبْلَاهُ (أَمْ لَا) كَأَنْ غَصَبَ ثَوْبًا أَوْ عَبْدًا فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ كَسُقُوطِ عُضْوِ الْعَبْدِ بِمَرَضٍ لَا يُقَالُ عَلَى الشِّقِّ الْأَوَّلِ النُّقْصَانُ نَشَأَ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ، وَقَدْ قُوبِلَ الِاسْتِعْمَالُ بِالْأُجْرَةِ فَلَا يَجِبُ لَهُ ضَمَانٌ آخَرُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْأُجْرَةُ لَا تَجِبُ لِلِاسْتِعْمَالِ بَلْ لِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ عَلَى الْمَالِكِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا تَجِبُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اسْتِعْمَالٌ فَلِمَ يَلْزَمُ ضَمَانَانِ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ.

(فَصْلٌ: لَا يَضْمَنُ) أَحَدٌ (خَمْرًا) وَلَوْ مُحْتَرَمَةً (وَخِنْزِيرًا) لِعَدَمِ الْمَالِيَّةِ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ (وَ) لَكِنْ (يَجِبُ رَدُّ) الْخَمْرِ (الْمُحْتَرَمَةِ، وَخَمْرِ ذِمِّيٍّ غَيْرِ مُتَظَاهِرٍ بِهَا) شُرْبًا أَوْ بَيْعًا أَوْ غَيْرَهُمَا مَعَ مُؤْنَةِ رَدِّهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي الثَّانِيَةِ فِي الْجِزْيَةِ لِاحْتِرَامِهِمَا بِخِلَافِ مَا عَدَاهُمَا لَا تُرَدُّ بَلْ تُرَاقُ كَمَا مَرَّ فِي الرَّهْنِ، وَيَجُوزُ كَسْرُ إنَائِهَا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إرَاقَتِهَا إلَّا بِهِ أَوْ كَانَ إنَاؤُهَا ضَيِّقَ الرَّأْسِ وَلَوْ اشْتَغَلَ بِإِرَاقَتِهَا أَدْرَكَهُ الْفُسَّاقُ، وَمَنَعُوهُ أَوْ كَانَ يَضِيعُ زَمَانُهُ، وَيَتَعَطَّلُ شُغْلُهُ ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ قَالَ وَلِلْوُلَاةِ كَسْرُ آنِيَةِ الْخَمْرِ زَجْرًا وَتَأْدِيبًا دُونَ الْآحَادِ وَالنَّبِيذُ كَالْخَمْرِ فِي حُكْمِهَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَّا أَنَّهُ لَا يُرِيقُهُ إلَّا بِأَمْرِ حَاكِمٍ مُجْتَهِدٍ لِئَلَّا يَتَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْغُرْمُ فَإِنَّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَالٌ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحَاكِمَ الْمُقَلِّدَ لِمَنْ يَرَى إرَاقَتَهُ كَالْمُجْتَهِدِ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ الْحَشِيشَةُ مُسْكِرَةٌ فَعَلَيْهِ يَتَّجِهُ إلْحَاقُهَا بِالْخَمْرِ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ.

(فَرْعٌ) وَفِي نُسْخَةٍ فَصْلٌ (يَلْزَمُ الْمُكَلَّفَ الْقَادِرَ كَسْرُ الْأَصْنَامِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَالصَّلِيبِ (وَآلَاتِ الْمَلَاهِي) كَالْبَرْبَطِ وَالطُّنْبُورِ إزَالَةً لِلْمُنْكَرِ إذْ يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَلَا حُرْمَةَ لِصَنْعَتِهَا وَالْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَقُومَ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ» فَلَا يَلْزَمُ بِكَسْرِهَا شَيْءٌ إذَا كَسَرَهَا (كَسْرًا تَصِيرُ بِهِ إعَادَتُهَا) فِي إنَالَةِ الصَّانِعِ التَّعِبِ (كَإِحْدَاثِهَا) بِأَنْ تَفَصَّلَ لِتَعُودَ كَمَا قَبْلَ التَّأْلِيفِ فَلَا يَكْفِي قَطْعُ الْأَوْتَارِ؛ لِأَنَّهَا مُجَاوِرَةٌ لَهَا مُنْفَصِلَةٌ (فَلَوْ رَضَّهَا أَوْ أَحْرَقَهَا ضَمِنَ مَا سِوَى) الْكَسْرِ (الْمَشْرُوعِ) أَيْ الزَّائِدِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ رَضَاضَهَا مُتَمَوَّلٌ وَلِزِيَادَتِهِ عَلَى مَا يَزُولُ بِهِ الِاسْمُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَكْسِرَهَا الْكَسْرَ الْفَاحِشَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِي الْآحَادِ أَمَّا الْإِمَامُ فَلَهُ ذَلِكَ زَجْرًا وَتَأْدِيبًا عَلَى مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي إنَاءِ الْخَمْرِ بَلْ أَوْلَى (وَيُعَذَّرُ فِي) كَسْرِ (الزَّائِدِ) عَلَى الْكَسْرِ -

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: فَلَا تَدْخُلُ الْأُجْرَةُ فِيمَا اكْتَسَبَهُ) ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْغَاصِبِ فَاسْتِعْمَالُهُ فِيمَا يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَى مَالِكِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يَمْنَعُ الْأُجْرَةَ بِتَعَدِّيهِ كَمَا لَوْ غَصَبَ عَبْدًا، وَعَلَّمَهُ صَنْعَةً فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ مَعَ الْأُجْرَةِ لِمُدَّةِ التَّعْلِيمِ وَالْغَصْبِ وَكَمَا لَوْ غَصَبَ حَبًّا، وَأَرْضًا وَزَرَعَهُ فِيهَا كَانَ الزَّرْعُ لِمَالِكِهَا وَتَلْزَمُهُ أُجْرَتُهُ (قَوْلُهُ: وَكَانَ الْمُصَنِّفُ لَمَّا رَأَى الْإِشْكَالَ قَوِيًّا زَادَ لَفْظَةَ لَهُ إلَخْ) زَادَهَا لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ إنْ اصْطَادَ لِلْغَاصِبِ يَكُونُ الصَّيْدُ لَهُ وَلِيُفِيدَ مَا عَدَاهُ بِالْأَوْلَى.

[فَرْعٌ أَرْشُ نَقْصِ الْمَغْصُوبِ الْحَاصِلِ بِغَيْرِ كَسَادِ السُّوقِ]

(قَوْلُهُ: وَأُجْرَتُهُ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْفِ مَنْفَعَتَهُ؛ لِأَنَّ مَا ضُمِنَ بِالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ وَبِالْبَدَلِ فِي الْفَاسِدِ ضُمِنَ بِالْغَصْبِ كَالْأَعْيَانِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ غَيْرُ الْغَاصِبِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ غَيْرُهُ ضَمِنَ الْأُجْرَةَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَجْهًا وَاحِدًا، وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ.

[فَصْلٌ لَا يَضْمَنُ أَحَدٌ خَمْرًا وَلَوْ مُحْتَرَمَةً وَخِنْزِيرًا]

(فَصْلٌ: لَا يَضْمَنُ خَمْرًا وَخِنْزِيرًا) (قَوْلُهُ: كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ) وَلِأَنَّ خَمْرَ الذِّمِّيِّ لَوْ ضُمِنَتْ أَدَّى إلَى تَفْضِيلِهِ عَلَى الْمُسْلِمِ بِسَبَبِ كُفْرِهِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ رَدُّ الْمُحْتَرَمَةِ) قَالَ الشَّيْخَانِ هُنَا، وَهِيَ مَا اُتُّخِذَتْ لَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ فَيَدْخُلُ فِيهَا مَا عُصِرَ بِقَصْدِ الْخَلِّ أَوْ بِقَصْدِ شُرْبِ عَصِيرِهَا أَوْ طَبِيخِهِ دِبْسًا أَوْ عُصِرَ لَا بِقَصْدِ شَيْءٍ، وَمَا لَوْ اُنْتُهِبَتْ أَوْ اُشْتُرِيَتْ أَوْ حَدَثَتْ مِنْ إرْثِ مَنْ جُهِلَ قَصْدُهُ أَوْ مِنْ وَصِيَّةٍ أَوْ عَصَرَهَا مَنْ لَا يَصِحُّ قَصْدُهُ فِي الْعَصِيرِ كَصَبِيٍّ، وَمَجْنُونٍ أَوْ عَصَرَهَا لِلْخَمْرِ ثُمَّ مَاتَ أَوْ عَصَرَهَا لِلْخَمْرِ كَافِرٌ، وَإِنْ أَسْلَمَ وَالِاتِّحَادُ يَكُونُ فِي الِابْتِدَاءِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَطْرَأَ بَعْدَهُ قَصْدٌ يُفْسِدُهُ فَلَوْ طَرَأَ قَصْدُ الْخَمْرِيَّةِ زَالَ الِاحْتِرَامُ أَوْ قَصْدُ الْخَلِيَّةِ حَصَلَ الِاحْتِرَامُ وَقَوْلُهُمْ عَلَى الْغَاصِبِ إرَاقَةُ الْخَمْرِ مَحِلُّهُ إذَا عُصِرَتْ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ لِعَدَمِ احْتِرَامِهَا، وَإِلَّا فَلَا تَجُوزُ لَهُ إرَاقَتُهَا، وَإِنْ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إنَّ وُجُوبَ إرَاقَتِهَا ظَاهِرٌ مُتَّجِهٌ؛ لِأَنَّ الْعَصِيرَ لَمَّا انْقَلَبَ عِنْدَ الْغَاصِبِ لَزِمَهُ مِثْلُهُ، وَانْتَقَلَ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْ الْعَصِيرِ الَّذِي قَدْ صَارَ خَمْرًا وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْغَاصِبِ قَصْدٌ صَحِيحٌ وَذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: غَيْرَ مُتَظَاهِرٍ بِهَا) إذَا انْفَرَدُوا بِقَرْيَةٍ مَثَلًا لَمْ يُعْتَرَضْ عَلَيْهِمْ إذَا تَظَاهَرُوا بِالْخَمْرِ وَنَحْوِهَا وَيُمْنَعُونَ مِنْ إظْهَارِ الْمَعَازِفِ، وَإِظْهَارِ اسْتِعْمَالِهَا بِحَيْثُ يَسْمَعُهَا مَنْ لَيْسَ فِي دُورِهِمْ قَالَهُ الْإِمَامُ وَيُمْنَعُونَ مِنْ إظْهَارِ الصَّلِيبِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهُمَا) أَيْ كَنَقْلِهَا (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: قَالَ وَلِلْوُلَاةِ كَسْرُ آنِيَةِ الْخَمْرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَّا أَنَّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ الْحَشِيشَةُ مُسْكِرَةٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ يَتَّجِهُ إلْحَاقُهَا بِالْخَمْرِ) قَالَ شَيْخُنَا كَأَنَّهَا لِكَوْنِهَا مُسْكِرَةً، وَالشَّارِعُ مُتَشَوِّفٌ لِإِتْلَافِ الْمُسْكِرِ انْتَفَى الضَّمَانُ فَلَا يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ كَوْنُهَا ظَاهِرَةً يَصِحُّ بَيْعُهَا (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَرْعٌ يَلْزَمُ الْمُكَلَّفَ الْقَادِرَ كَسْرُ الْأَصْنَامِ]

(قَوْلُهُ: كَالْبَرْبَطِ) آلَةٌ تُشْبِهُ الْعُودَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحِلُّهُ فِي الْآحَادِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيُعَذَّرُ فِي الزَّائِدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>