للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ.

وَتَابَعَهُ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ وَقَالُوا تَعَذُّرُ الْجِمَاعِ قَدْ يَكُونُ لِعَارِضِ حَرَارَةٍ فَيَزُولُ فِي الشِّتَاءِ أَوْ بُرُودَةٍ فَيَزُولُ فِي الصَّيْفِ أَوْ يُبُوسَةٍ فَتَزُولُ فِي الرَّبِيعِ أَوْ رُطُوبَةٍ فَتَزُولُ فِي الْخَرِيفِ فَإِذَا مَضَتْ السَّنَةُ وَلَمْ يَطَأْ عَلِمْنَا أَنَّهُ عَجْزٌ خِلْقِيٌّ (حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا) مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ شُرِعَ لِأَمْرٍ جِبِلِّيٍّ فَأَشْبَهَ الْحَيْضَ وَالرَّضَاعَ فَلَا يَخْتَلِفُونَ فِي كَوْنِ الْمُدَّةِ سَنَةً (ابْتِدَاؤُهَا مِنْ) وَقْتِ (ضَرْبِ الْقَاضِي) لَهَا لَا مِنْ وَقْتِ إقْرَارِهِ أَوْ حَلِفِهَا؛ لِأَنَّهَا مُجْتَهَدٌ فِيهَا بِخِلَافِ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ فَإِنَّهَا مِنْ وَقْتِ الْحَلِفِ لِلنَّصِّ (فَإِنْ سَكَتَتْ عَنْ ضَرْبِ الْمُدَّةِ فَلِلْقَاضِي تَنْبِيهُهَا إنْ كَانَ) سُكُوتُهَا (لِجَهْلٍ أَوْ دَهْشَةٍ وَإِنْ انْقَضَتْ) أَيْ السَّنَةُ وَلَمْ يَطَأْهَا وَلَمْ تَعْتَزِلْهُ فِيهَا (رَفَعَتْهُ) إلَى الْقَاضِي (ثَانِيًا) فَلَا تُفْسَخْ بِلَا رَفْعٍ إذْ مَدَارُ الْبَابِ عَلَى الدَّعْوَى وَالْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ وَالْيَمِينِ فَيُحْتَاجُ إلَى نَظَرِ الْقَاضِي وَاجْتِهَادِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّ الرَّفْعَ ثَانِيًا بَعْدَ السَّنَةِ يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ (فَإِنْ ادَّعَى) بَعْدَ الرَّفْعِ (الْإِصَابَةَ) فِي السَّنَةِ وَأَنْكَرَتْهَا (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِعُسْرِ إقَامَةِ بَيِّنَةِ الْجِمَاعِ.

وَالْأَصْلُ السَّلَامَةُ وَدَوَامُ النِّكَاحِ (وَلَوْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (حَلَفَتْ) هِيَ أَنَّهُ مَا أَصَابَهَا (وَفَسَخَتْ) وَلَهَا هِيَ الْفَسْخُ أَيْضًا بِإِقْرَارِهِ بِذَلِكَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ امْتَهَلَ فَكَمَا فِي الْإِيلَاءِ) أَيْ فَيُمْهَلُ يَوْمًا فَأَقَلَّ (وَلَا تَسْتَقِلُّ) هِيَ (بِالْفَسْخِ إلَّا بَعْدَ قَوْلِ الْقَاضِي ثَبَتَتْ عُنَّتُهُ) أَيْ ثُبُوتًا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْفَسْخُ أَوْ ثَبَتَ حَقُّ الْفَسْخِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَاخْتَارِي) فَتَسْتَقِلُّ بِهِ حِينَئِذٍ كَمَا يَسْتَقِلُّ بِهِ مَنْ وَجَدَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا وَاسْتَشْكَلَ بِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهَا بِالْفَسْخِ بِالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْخِيَارَ ثَمَّ عَلَى التَّرَاخِي وَهُنَا عَلَى الْفَوْرِ كَمَا مَرَّ فَلَا يَتَوَقَّفُ الْفَسْخُ عَلَى إذْنِ الْقَاضِي لَهَا فِيهِ وَقَوْلُهُ فَاخْتَارِي لَا يَقْتَضِي تَوَقُّفَهُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَقْتَضِي تَوَقُّفَهُ عَلَى تَخْيِيرِهِ لَهَا كَذَا قِيلَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ فَاخْتَارِي لَيْسَ شَرْطًا بَلْ الْمُرَادُ بِهِ إعْلَامُهَا بِدُخُولِ وَقْتِ الْفَسْخِ حَتَّى لَوْ بَادَرَتْ وَفَسَخَتْ قَبْلَهُ نَفَذَ فَسْخُهَا وَيُؤَيِّدُهُ حَذْفُ الرَّافِعِيِّ لَهُ مِنْ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ (فَإِنْ فَسَخَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ وَلَوْ قَبْلَ تَنْفِيذِ الْقَاضِي فَسْخَهَا لَغَا الرُّجُوعُ) لِارْتِفَاعِ الْعَقْدِ بِالْفَسْخِ

(فَرْعٌ لَوْ) (سَافَرَ) الزَّوْجُ (مُدَّةَ الْإِمْهَالِ) الْمَضْرُوبَةِ (حُسِبَتْ) لِئَلَّا يَتَّخِذَ السَّفَرَ دَافِعًا لِلْمُطَالَبَةِ بِالْفَسْخِ وَمِثْلُهُ حَبْسُهُ وَمَرَضُهُ وَحَيْضُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ النِّفَاسَ كَالْحَيْضِ (وَإِنْ اعْتَزَلَتْهُ) فِي الْمُدَّةِ وَلَوْ بِعُذْرٍ كَحَبْسٍ (أَوْ مَرِضَتْ) فِيهَا مَرَضًا يَمْنَعُ الْوَطْءَ عَادَةً (لَمْ تُحْسَبْ) ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْوَطْءِ حِينَئِذٍ يُضَافُ إلَيْهَا (وَاسْتُؤْنِفَتْ) سَنَةٌ أُخْرَى إنْ وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ أَوْ بَعْضِهَا (أَوْ انْتَظَرَتْ مُضِيَّ) مِثْلِ (ذَلِكَ الْفَصْلِ مِنْ السَّنَةِ الْأُخْرَى) فِي صُورَةِ الْبَعْضِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِاسْتِلْزَامِهِ الِاسْتِئْنَافَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْفَصْلَ إنَّمَا يَأْتِي فِي سَنَةٍ أُخْرَى قَالَ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ انْعِزَالُهَا عَنْهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْفَصْلِ مِنْ قَابِلٍ بِخِلَافِ الِاسْتِئْنَافِ.

(فَرْعٌ هَذَا الْفَسْخُ) أَيْ الْفَسْخُ بِالتَّعْنِينِ (عَلَى الْفَوْرِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ) كَالْفَسْخِ بِسَائِرِ الْعُيُوبِ (وَكَذَا بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ) فَلَا يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ إلَّا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ إنَّمَا يَثْبُتُ حِينَئِذٍ (فَرِضَاهَا بِهِ) أَيْ بِالتَّعْنِينِ (قَبْلَ ضَرْبِ الْقَاضِي) الْمُدَّةَ (أَوْ فِي أَثْنَائِهَا لَا يُبْطِلُهُ) أَيْ الْفَسْخَ بَعْدَهَا لِسَبْقِهِ ثُبُوتَ الْحَقِّ فَالرِّضَا قَبْلَهُ كَإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ قَبْلَ جَرَيَانِ الْبَيْعِ (أَوْ بَعْدَهَا أَبْطَلَهُ) كَمَا فِي سَائِرِ الْعُيُوبِ بِخِلَافِ زَوْجَةِ الْمُولِي وَالْمُعْسِرِ بِالنَّفَقَةِ لِتَجَدُّدِ الضَّرَرِ لِبَقَاءِ الْيَمِينِ وَقَصْدِ الْمُضَارَّةِ وَتَجَدُّدِ النَّفَقَةِ كُلَّ يَوْمٍ وَالْعُنَّةُ عَيْبٌ وَاحِدٌ لَا يُتَوَقَّعُ زَوَالُهَا غَالِبًا (فَإِنْ رَضِيَتْ بِهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ ثُمَّ طَلَّقَهَا) طَلَاقًا (رَجْعِيًّا وَيُتَصَوَّرُ) أَيْ الطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ يُزِيلُ الْعُنَّةَ (بِاسْتِدْخَالِهَا مَاءَهُ وَبِوَطْئِهَا فِي الدُّبُرِ ثُمَّ) بَعْدُ إنْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا (رَاجَعَهَا لَمْ يَعُدْ حَقُّ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ وَاحِدٌ) وَقَدْ رَضِيَتْ بِعُنَّةِ الزَّوْجِ فِيهِ وَالرَّجْعَةُ فِي حُكْمِ الِاسْتِدَامَةِ.

(وَإِذَا بَانَتْ) مِنْهُ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ انْقِضَاءِ عِدَّةٍ (وَجَدَّدَ نِكَاحَهَا أَوْ تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً بِعُنَّتِهِ لَمْ تَسْقُطْ مُطَالَبَتُهَا) بِالْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى نِكَاحٌ جَدِيدٌ فَيَتَوَفَّرُ عَلَيْهِ حُكْمُهُ وَفِي الثَّانِيَةِ قَدْ يَعُنَّ عَنْ امْرَأَةٍ دُونَ أُخْرَى وَعَنْ نِكَاحٍ دُونَ آخَرَ (وَإِذَا فُسِخَتْ بِالْعُنَّةِ فَلَا مَهْرَ) لَهَا؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ قَبْلَ الدُّخُولِ

[فَرْعٌ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْعُنَّةِ عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ]

(فَرْعٌ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْهُ وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُمَا وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُهُ حَذَفَ الرَّافِعِيِّ لَهُ مِنْ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ) وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا وَقَعَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي النِّهَايَةِ وَمُرَادُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ بِلَا شَكٍّ

(قَوْلُهُ لَوْ سَافَرَ مُدَّةَ الْإِمْهَالِ حُسِبَتْ) يُسْتَثْنَى مَا لَوْ كَانَ السَّفَرُ وَاجِبًا كَسَفَرِ الْجِهَادِ وَنَحْوِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ حَبْسَهُ الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهَا مَعَهُ وَلَا الْخَلَاصُ مِنْهُ وَمَرَضَهُ الَّذِي لَا يُجَامِعُ فِيهِ لِشِدَّتِهِ وَإِلْهَائِهِ عَنْ ذَلِكَ يَمْنَعَانِ الِاحْتِسَابَ قَطْعًا لِأَنَّ شَرْطَ الْمَطْلُوبِ الْإِمْكَانُ فَفِي النِّهَايَةِ لَوْ ضَرَبْنَا مُدَّةَ الْعُنَّةِ فَحِيلَ فِيهَا بَيْنَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ حَيْلُولَةً ضَرُورِيَّةً فَالْوَاجِبُ أَنْ يُقَالَ هَذِهِ الْمُدَّةُ غَيْرُ مُحْتَسَبَةٍ وَفِي الْبَسِيطَيْنِ الْمُدَّةُ تُحْسَبُ إذَا لَمْ تَعْتَزِلْ الْمَرْأَةُ مِنْهُ وَلَوْ انْعَزَلَ الزَّوْجُ قَصْدًا حُسِبَتْ الْمُدَّةُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِعُذْرٍ كَحَبْسٍ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ حَبْسَهَا يَمْنَعُ الِاحْتِسَابَ ظَاهِرٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْحَابِسُ لَهَا عَلَى دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهَا فَفِي كَوْنِهِ يَمْنَعُ الِاحْتِسَابَ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مِنْهُ وَقَدْ يَتَّخِذُهُ ذَرِيعَةً لِتَرْكِ الْوَطْءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ مَرِضَتْ) لَمْ يَذْكُرُوا هُنَا إحْرَامَهَا وَلَا صَوْمَهَا وَلَا اعْتِكَافَهَا وَاسْتِحَاضَتَهَا لِأَنَّهَا لَا تَمْنَعُ الْوَطْءَ نَعَمْ لَوْ تَحَيَّرَتْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَلَمْ أَرَ فِيهِ صَرِيحًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَمْنَعُ الِاحْتِسَابَ لِدَوَامِ الْمَانِعِ بِخِلَافِ الْحَيْضِ (قَوْلُهُ قَالَ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ إذَا مَضَى لَهُ مِنْ السَّنَةِ سِتَّةٌ أَشْهُرٍ ثُمَّ أَحْرَمَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ هَرَبَتْ فَقَدْ قُلْنَا إنَّ مُدَّةَ إحْرَامِهَا وَهَرَبِهَا غَيْرُ مَحْسُوبٍ عَلَى الزَّوْجِ

<<  <  ج: ص:  >  >>