للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ يَجُوزُ) فِي إجَارَتَيْ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ (إبْدَالُ الْمُسْتَوْفَى) لِلْمَنْفَعَةِ (وَالْمَحْمُولِ بِمِثْلِهِ) طُولًا وَقِصَرًا وَضَخَامَةً وَنَحَافَةً وَغَيْرَهَا أَيْ بِمِثْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ دُونَهُ الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى إذْ لَا ضَرَرَ فِيهِ وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُؤَجِّرَ لِغَيْرِهِ مَا اسْتَأْجَرَهُ قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ فَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْمُؤَجِّرُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ بَاعَهُ شَيْئًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ لِلْمُؤَجِّرِ غَرَضًا بِأَنْ لَا يَكُونَ عَيْنُ مَالِهِ إلَّا تَحْتَ يَدِ مَنْ يَرْضَاهُ بِخِلَافِ الْبَائِعِ نَعَمْ لَيْسَ لَهُ إبْدَالُ الْحَمْلِ بِالْإِرْكَابِ وَلَا عَكْسِهِ وَإِنْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ لَا يَتَفَاوَتُ الضَّرَرُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَا) إبْدَالُ (الْمُسْتَوْفَى مِنْهُ) بِغَيْرِهِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ (كَالدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ وَالدَّارِ) وَالْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فَلَا يَجُوزُ كَمَا لَا يَجُوزُ إبْدَالُ الْمَبِيعِ بَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِهِ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ بِتَعَيُّبِهِ بِخِلَافِهِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ كَمَا مَرَّ ذَلِكَ (وَلَا) إبْدَالُ (الْمُسْتَوْفَى بِهِ) بِغَيْرِهِ فِي إجَارَتَيْ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ (كَالثَّوْبِ) الْمُعَيَّنِ (فِي الْخِيَاطَةِ وَالصَّبِيِّ) الْمُعَيَّنِ (فِي الرَّضَاعِ) أَوْ التَّعَلُّمِ كَالْمُسْتَوْفَى مِنْهُ وَقِيلَ يَجُوزُ إبْدَالُهُ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِلِاسْتِيفَاءِ كَالرَّاكِبِ لَا مَعْقُودٌ عَلَيْهِ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ وَالْمُتَوَلِّي وَالْأَوَّلُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَنَقَلُوهُ عَنْ النَّصِّ وَلَا تَرْجِيحَ فِي الْأَصْلِ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَعَلَيْهِ جَرَى الْأَصْلُ فِي الْخُلْعِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَذَكَرَ أَنَّ الثَّانِيَ لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ فِي الْفَتْوَى قَالَ وَقَدْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يُعْتَبَرُ تَعْيِينُهُ فِي الرَّضَاعِ بِأَنَّهُ يَجِبُ تَعْيِينُ الصَّبِيِّ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِهِ وَمَا وَجَبَ تَعْيِينُهُ لَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ كَالدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ لَكِنَّ الَّذِي رَجَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ، وَالشَّرْحُ الصَّغِيرُ وَالْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الثَّانِي وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ إبْدَالُ الْمُسْتَوْفَى فِيهِ كَأَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ فِي طَرِيقٍ فَلَهُ إبْدَالُ الطَّرِيقِ بِمِثْلِهِ.

(فَصْلٌ) .

(لَيْسَ لَهُ النَّوْمُ لَيْلًا فِي ثَوْبٍ اسْتَأْجَرَهُ لِلُّبْسِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ عَمَلًا بِالْعَادَةِ نَعَمْ لَا يَلْزَمُهُ نَزْعُ الْإِزَارِ كَذَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ غَيْرُ التَّحْتَانِيِّ كَمَا يُفْهِمُهُ تَعْلِيلُ الرَّافِعِيِّ انْتَهَى وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْأَوَّلُ فَطَرِيقُهُ إذَا أَرَادَ النَّوْمَ فِيهِ أَنْ يَشْتَرِطَهُ (وَيَنَامُ فِيهِ نَهَارًا) وَلَوْ فِي غَيْرِ الْقَيْلُولَةِ (سَاعَةً أَوْ سَاعَتَيْنِ) لَا أَكْثَرَ النَّهَارِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ (لَا فِي الْقَمِيصِ الْفَوْقَانِيِّ) أَيْ لَا يَنَامُ فِيهِ وَلَا يَلْبَسُهُ كُلَّ وَقْتٍ (بَلْ إنَّمَا يَلْبَسُهُ عِنْدَ التَّجَمُّلِ) فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهَا بِالتَّجَمُّلِ كَحَالِ الْخُرُوجِ إلَى السُّوقِ وَنَحْوِهِ وَدُخُولِ النَّاسِ عَلَيْهِ (وَيَنْزِعُهُ فِي) أَوْقَاتِ (الْخَلْوَةِ) عَمَلًا بِالْعُرْفِ (وَإِنْ اسْتَأْجَرَ إزَارًا) لِيَتَّزِرَ بِهِ (فَلَهُ الِارْتِدَاءُ بِهِ) لِأَنَّ ضَرَرَ الِارْتِدَاءِ دُونَ ضَرَرِ الِاتِّزَارِ (لَا عَكْسُهُ) أَيْ لَيْسَ لَهُ الِاتِّزَارُ بِمَا اسْتَأْجَرَهُ لِلِارْتِدَاءِ لِأَنَّهُ أَضَرُّ بِالثَّوْبِ مِنْ الِارْتِدَاءِ (أَوْ) اسْتَأْجَرَ (قَمِيصًا) لِلُبْسِهِ (مُنِعَ مِنْ الِاتِّزَارِ) بِهِ لِذَلِكَ لَا مِنْ الِارْتِدَاءِ (وَلَهُ التَّعَمُّمُ) بِكُلٍّ مِنْ الْإِزَارِ وَالرِّدَاءِ وَالْقَمِيصِ لِأَنَّ ضَرَرَهُ دُونَ ضَرَرِ الِاتِّزَارِ وَالِارْتِدَاءِ وَالتَّقَمُّصِ (وَلَوْ اسْتَأْجَرَ لِلُّبْسِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ دَخَلَتْ اللَّيَالِي) الْمُشْتَمِلَةُ عَلَيْهَا (أَوْ يَوْمًا وَأَطْلَقَ فَمِنْ) أَيْ فَمُدَّتُهُ مِنْ (وَقْتِهِ) أَيْ وَقْتِ الْعَقْدِ (إلَى مِثْلِهِ أَوْ قَالَ) يَوْمًا (كَامِلًا فَمِنْ) طُلُوعِ (الْفَجْرِ إلَى الْغُرُوبِ أَوْ) اسْتَأْجَرَ لِلُّبْسِ (نَهَارًا فَمِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ) إلَى الْغُرُوبِ (أَوْ) مِنْ طُلُوعِ (الشَّمْسِ) إلَى غُرُوبِهَا (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي نَهَارِ شَهْرِ كَذَا طَلُقَتْ بِطُلُوعِ فَجْرِ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ إطْلَاقِ الْيَوْمِ وَوَصْفِهِ بِكَامِلٍ يَأْتِي فِي النَّهَارِ وَصُورَةُ ذَلِكَ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا أَوَّلَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ.

(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي حُكْمِ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْأَجِيرِ) فِي الْأَمَانَةِ وَالضَّمَانِ (فَيَدُ الْمُسْتَأْجِرِ) عَلَى الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ (يَدُ أَمَانَةٍ) فَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ مِنْهَا بِلَا تَقْصِيرٍ إذْ لَا يُمْكِنُهُ اسْتِيفَاؤُهُ مَنْفَعَتَهَا الْمُسْتَحَقَّةَ لَهُ إلَّا بِإِثْبَاتِ يَدِهِ عَلَيْهَا كَالنَّخْلَةِ الْمُبْتَاعِ ثَمَرَتُهَا بِخِلَافِ ظَرْفِ الْمَبِيعِ (وَلَوْ.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَصْلٌ يَجُوزُ فِي إجَارَتَيْ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ إبْدَالُ الْمُسْتَوْفَى لِلْمَنْفَعَةِ وَالْمَحْمُولِ بِمِثْلِهِ]

قَوْلُهُ: قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(تَنْبِيهٌ)

اسْتَأْجَرَ دَارًا لِيَسْكُنَ وَحْدَهُ صَحَّ عَلَى الصَّحِيحِ فَإِذَا تَزَوَّجَ كَانَ لَهُ أَنْ يُسْكِنَهَا مَعَهُ قَالَهُ ابْنُ كَجٍّ فِي التَّجْرِيدِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ لَا يُسْكِنُهَا مَعَهُ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْإِيضَاحِ وَهُوَ الْقِيَاسُ. اهـ. مَا ذَكَرَهُ مِنْ صِحَّتِهَا يَرُدُّهُ قَوْلُهُ: لَوْ أَجَّرَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الصَّحِيحِ فَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى مُقَابِلِ الصَّحِيحِ وَعَلَيْهِ قِيلَ يَلْغُو الشَّرْطُ وَعَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ كَجٍّ وَقِيلَ يَصِحُّ الشَّرْطُ أَيْضًا وَعَلَيْهِ كَلَامُ الصَّيْمَرِيِّ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: إنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا أَلْزَمَ ذِمَّتَهُ خِيَاطَةَ ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ، أَوْ حَمْلَ مَتَاعٍ بِعَيْنِهِ أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِعَيْنِهَا مُدَّةً لِرُكُوبٍ، أَوْ حَمْلِ مَتَاعٍ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ إبْدَالِ الرَّاكِبِ وَالْمَتَاعِ وَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِتَلَفِهِمَا قَطْعًا وَتَبِعَهُ الْإِمَامُ وَسَكَتَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّ الْعَقْدَ - وَالْحَالَةُ هَذِهِ - يَتَنَاوَلُ الْمُدَّةَ بِدَلِيلِ اسْتِقْرَارِ الْأُجْرَةِ بِتَسْلِيمِهَا - وَإِنْ لَمْ يَرْكَبْ -، وَإِذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ تَنَاوَلَ الْعَقْدُ الْعَمَلَ الْمُسْتَوْفَى بِهِ فَكَانَ مَعْقُودًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالصَّبِيُّ الْمُعَيَّنُ فِي الرَّضَاعِ) إذَا لَمْ يَقْبَلْ الصَّبِيُّ ثَدْيَهَا فَهَلْ لَهُ الْفَسْخُ بِذَلِكَ وَجْهَانِ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ. اهـ. الرَّاجِحُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فَسْخُهَا بِنَاءً عَلَى جَوَازِ بَدَلِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِلِاسْتِيفَاءِ كَالرَّاكِبِ لَا مَعْقُودٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ الثَّانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ.

(تَنْبِيهٌ) قَدْ أَطْلَقَ الِانْفِسَاخَ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِقَلْعِ سِنٍّ وَجِعَةٍ، أَوْ يَدٍ مُتَآكِلَةٍ فَبَرِئَتَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَهُوَ جَوَابٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَوْفَى بِهِ لَا يُبْدَلُ فَإِنْ جَوَّزْنَاهُ أَمَرَهُ بِقَلْعِ وَجِعَةٍ لِغَيْرِهِ وَقَالَ فِيهَا فِي الْخَلْعِ فِيمَا إذَا مَاتَ الصَّبِيُّ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ فِي الْمُخْتَصَرِ وَأَكْثَرِ الْكُتُبِ الِانْفِسَاخُ وَرَجَّحَهُ الْجُمْهُورُ اهـ وَهُوَ جَوَابٌ أَيْضًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ.

[فَصْلٌ النَّوْمُ لَيْلًا فِي ثَوْبٍ اسْتَأْجَرَهُ لِلُّبْسِ]

(قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ النَّوْمُ لَيْلًا فِي ثَوْبٍ اسْتَأْجَرَهُ لِلُّبْسِ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ مَشَى طُولَ اللَّيْلِ لِحَاجَةٍ وَلَمْ يَنَمْ لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ وَلَعَلَّ الظَّاهِرَ خِلَافُهُ فَإِنَّ اللَّيْلَ مَظِنَّةُ النَّوْمِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يَلْزَمُهُ نَزْعُ الْإِزَارِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ) هُوَ الصَّحِيحُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>