للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ غَيْرِ شَامٍّ؛ لِأَنَّ الشَّمَّ لَا يَحِلُّ جِرْمَ الْأَنْفِ (وَأَجْذَمَ) ، وَإِنْ اسْوَدَّ لِبَقَاءِ الْجَمَالِ وَالْمَنْفَعَةِ (وَ) يُقْطَعُ (أَنْفٌ سَقَطَ بَعْضُهُ) ، وَلَوْ صَحِيحًا (بِمِثْلِهِ) ، وَلَوْ أَجْذَمَ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَسْقُطْ بَعْضُهُ، وَكَانَ صَحِيحًا (فَيُقْطَعُ مِنْ الصَّحِيحِ مِثْلُ الْبَاقِي) أَيْ مِثْلُ مَا كَانَ بَقِيَ مِنْ أَنْفِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَجْذَمَ (إنْ أَمْكَنَ لَا عَيْنٌ مُبْصِرَةٌ بِقَائِمَةٍ) أَيْ بِحَدَقَةٍ عَمْيَاءَ مَعَ قِيَامِ صُورَتِهَا؛ لِأَنَّ الْبَصَرَ فِي جِرْمِ الْعَيْنِ (وَ) لَا (لِسَانٌ نَاطِقٌ بِأَخْرَسَ) ؛ لِأَنَّ النُّطْقَ فِي جِرْمِ اللِّسَانِ (وَيَجُوزُ بِعَكْسِهِ) أَيْ قَطْعُ عَيْنٍ قَائِمَةٍ بِمُبْصِرَةٍ وَلِسَانِ أَخْرَسَ بِنَاطِقٍ إذَا رَضِيَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، وَلَا شَيْءَ مَعَهُ.

(وَيُؤْخَذُ جَفْنٌ بَصِيرٌ بِجَفْنٍ أَعْمَى) لِتَسَاوِي الْجِرْمَيْنِ وَالْبَصَرُ لَيْسَ فِي الْجَفْنِ نَعَمْ لَا يُؤْخَذُ جَفْنٌ لَهُ أَهْدَابٌ بِمَا لَا أَهْدَابَ لَهُ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَالْفَارِقِيُّ (وَالْعَيْنُ الْقَائِمَةُ كَا) لْيَدِ (الشَّلَّاءِ) فَلَا تُؤْخَذُ بِهَا الْمُبْصِرَةُ، وَهَذَا مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ لَا عَيْنٌ مُبْصِرَةٌ بِقَائِمَةٍ، وَلَوْ ذَكَرَهُ كَالْأَصْلِ عَقِبَهُ لِيَكُونَ كَالتَّعْلِيلِ لَهُ كَانَ أَوْلَى.

(وَ) يُقْطَعُ (لِسَانٌ نَاطِقٌ بِلِسَانٍ رَضِيعٍ) إنْ ظَهَرَ فِيهِ أَثَرُ النُّطْقِ بِحَيْثُ (يُحَرِّكُهُ عِنْدَ الْبُكَاءِ وَغَيْرِهِ لَا مَنْ بَلَغَ أَوَانَ الْكَلَامِ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ) ، وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْتَهِ إلَى حَدٍّ يُحَرِّكُ فِيهِ لِسَانَهُ لَمْ يُقْطَعْ لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّهُ تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ كَقَطْعِ رِجْلِهِ؛ وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ السَّلَامَةُ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ وُجُوبُ الْقِصَاصِ فِيهِ ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَأُجِيبَ بِالْمَنْعِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ الدِّيَةِ وُجُوبُ الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّهُ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ قُلْت وَالْأَوْجَهُ وُجُوبُهُ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ عَقِبَ الْوِلَادَةِ.

(فَرْعُ الْتِصَاقِ الْأُذُنِ) بِحَرَارَةِ الدَّمِ (بَعْدَ الْإِبَانَةِ لَا تُسْقِطُ الْقِصَاصَ وَالدِّيَةَ) ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَتَعَلَّقُ بِالْإِبَانَةِ، وَقَدْ وُجِدَتْ (وَلَا تُوجِبُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ (بِقَطْعِهَا) مَرَّةً (ثَانِيَةً) ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ لِإِزَالَةٍ (وَلَا مُطَالَبَةَ لِلْجَانِي بِقَطْعِهَا) بِأَنْ يَقُولَ اقْطَعُوهَا ثُمَّ اقْطَعُوا أُذُنِي؛ لِأَنَّ قَطْعَهَا مِنْ بَابِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ لَا اخْتِصَاصَ لَهُ بِهِ وَالنَّظَرُ فِي مِثْلِهِ إلَى الْإِمَامِ (وَأَمَّا) الْتِصَاقُهَا، وَقَطْعُهَا مَرَّةً ثَانِيَةً (قَبْلَ الْإِبَانَةِ فَبِالْعَكْسِ) أَيْ فَتُسْقِطُ الْقِصَاصَ وَالدِّيَةَ عَنْ الْأَوَّلِ وَتَوْجِيهًا عَلَى الثَّانِي (وَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ حُكُومَةٌ عَلَى الْجَانِي أَوَّلًا) كَالْإِفْضَاءِ إذَا انْدَمَلَ تَسْقُطُ الدِّيَةُ وَتَجِبُ الْحُكُومَةُ (لَكِنَّهُمْ، أَوْجَبُوا قَطْعَ) أُذُنٍ (مُبَانَةٍ الْتَصَقَتْ إنْ لَمْ يُخَفْ) مِنْهُ مَحْذُورُ التَّيَمُّمِ كَأَنْ لَمْ يَنْبُتْ اللَّحْمُ عَلَى مَحَلِّ النَّجَاسَةِ لِئَلَّا يُفْسِدَ الصَّلَاةَ (لِنَجَاسَةِ الْبَاطِنِ) مِنْ الْأُذُنِ بِالدَّمِ الَّذِي ظَهَرَ فِي مَحَلِّ الْقَطْعِ فَقَدْ ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ النَّجَاسَةِ فَلَا يَزُولُ بِالِاسْتِبْطَانِ (لَا) قَطْعُ أُذُنٍ (مُعَلَّقَةٍ بِجِلْدَةٍ) ، وَقَدْ الْتَصَقَتْ الْأُذُنُ (وَفِيهِ نَظَرٌ) لِمَا مَرَّ مِنْ نَجَاسَةِ الْبَاطِنِ وَيُجَابُ بِأَنَّا إنَّمَا، أَوْجَبْنَا الْقَطْعَ ثُمَّ لِلدَّمِ؛ لِأَنَّ الْمُتَّصِلَ مِنْهُ بِالْمُبَانِ قَدْ خَرَجَ عَنْ الْبَدَنِ بِالْكُلِّيَّةِ فَصَارَ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَعَادَ إلَيْهِ بِلَا حَاجَةٍ وَلِهَذَا لَمْ يَعْفُ عَنْهُ، وَإِنْ قَلَّ بِخِلَافِ الْمُتَّصِلِ مِنْهُ هُنَا (وَإِنْ اسْتَوْفَى) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (الْبَعْضَ) مِنْ الْأُذُنِ (فَالْتَصَقَ فَلَهُ قَطْعُهُ مَعَ الْبَاقِي) مِنْهَا لِاسْتِحْقَاقِهِ الْإِبَانَةَ (وَلَوْ قُطِعَتْ) أُذُنٌ (مُبَانَةٌ الْتَصَقَتْ) بِمَكَانِهَا، وَلَمْ نُوجِبْ إزَالَتَهَا لِخَوْفِ التَّلَفِ مَثَلًا (فَمَاتَ) الْمَقْطُوعُ سِرَايَةً (فَالْقَوَدُ) عَلَى الْقَاطِعِ (وَالْتِصَاقُ السِّنِّ) الْمَقْلُوعَةِ بِمَكَانِهَا (كَالْأُذُنِ) فِيمَا ذُكِرَ.

(فَصْلٌ) : (الْقِصَاصُ) وَاجِبٌ (فِي قَلْعِ السِّنِّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} [المائدة: ٤٥] (لَا) فِي (كَسْرِهَا) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِي كَسْرِ الْعَظْمِ نَعَمْ إنْ أَمْكَنَ فِيهَا الْقِصَاصُ فَتَقَدَّمَ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ يَجِبُ، وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ هُنَا عَنْ حِكَايَةِ ابْنِ كَجٍّ وَعَنْ قَطْعِ صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ إطْلَاقَ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِي السِّنِّ وَبِالْإِطْلَاقِ جَزَمَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَدْ يُوَجَّهُ مَا نَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ بِأَنَّ السِّنَّ عَظْمٌ مُشَاهَدٌ مِنْ أَكْثَرِ الْجَوَانِبِ وَلِأَهْلِ الصَّنْعَةِ آلَاتٌ قَطَّاعَةٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا فِي الضَّبْطِ فَلَمْ تَكُنْ كَسَائِرِ الْعِظَامِ (فَلَا تُؤْخَذُ صَحِيحَةً بِمَكْسُورَةٍ وَيَجُوزُ عَكْسُهُ مَعَ أَرْشِ الذَّاهِبِ) مِنْ الْمَكْسُورَةِ (وَعَادِمُ تِلْكَ الْمَقْلُوعَةِ) عِنْدَ جِنَايَتِهِ لَا قِصَاصَ (عَلَيْهِ) فِيهَا (وَإِنْ نَبَتَتْ بَعْدُ) ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْجِنَايَةِ (وَمِثْلُهُ مَنْ بِهِ مُوضِحَةٌ غَيْرُ مُنْدَمِلَةٍ) لَوْ (أَوْضَحَ آخَرُ) أَيْ غَيْرَهُ (فِي مَوْضِعِ مُوضِحَتِهِ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ، وَإِنْ انْدَمَلَتْ مُوضِحَتُهُ) ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْقِصَاصِ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا عِنْدَ الْجِنَايَةِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ.

(وَإِنْ قَلْع مَثْغُورٌ) ، وَهُوَ الَّذِي سَقَطَتْ رَوَاضِعُهُ، وَهِيَ أَرْبَعٌ تَثْبُتُ وَقْتَ الرَّضَاعِ يُعْتَادُ سُقُوطُهَا لَا سُقُوطَ الْكُلِّ قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ فَتَسْمِيَةُ غَيْرِهَا بِالرَّوَاضِعِ مَجَازٌ عَلَاقَتُهُ الْمُجَاوَرَةُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: إنْ ظَهَرَ فِيهِ أَثَرُ النُّطْقِ) عَدَمُ ظُهُورِهِ بِأَنْ لَمْ يَنْتَهِ إلَى ذَلِكَ الزَّمَانِ أَوْ بِأَنْ يَنْتَهِيَ إلَيْهِ، وَلَا يَظْهَرُ فِيهِ ذَلِكَ وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ لِسَانَ النَّاطِقِ يُقْطَعُ بِهِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ، وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ الْغَزَالِيِّ يَقْتَضِي إلَخْ) لَيْسَ ذَلِكَ مُقْتَضَاهُ، وَإِنَّمَا مُقْتَضَاهُ عَدَمُ قَطْعِهِ عِنْدَ انْتِفَاءِ تَحْرِيكِهِ مَعَ بُلُوغِهِ حَدَّهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ وُجُوبُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَرْعُ الْتِصَاقِ الْأُذُنِ بِحَرَارَةِ الدَّمِ بَعْدَ الْإِبَانَةِ]

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مُسْتَحِقَّةُ الْإِزَالَةِ) عِبَارَةُ الْأَنْوَارِ، وَلَوْ قَطَعَهَا قَاطِعٌ حَيْثُ لَزِمَ الْإِبَانَةُ فَلَا قِصَاصَ إلَّا أَنْ يَسْرِيَ إلَى النَّفْسِ.

[فَصْلٌ الْقِصَاصُ فِي قَلْعِ السِّنِّ]

(فَصْلٌ) . (قَوْلُهُ: الْقِصَاصُ وَاجِبٌ فِي قَلْعِ السِّنِّ) يُشْتَرَطُ لِلْقِصَاصِ فِي السِّنِّ شُرُوطٌ. أَحَدُهَا أَنْ لَا تَصِلَ فِي الصِّغَرِ إلَى حَدٍّ تَبْطُلُ بِهِ مَنْفَعَتُهَا بِحَيْثُ لَا تَصْلُحُ لِلْمَضْغِ فَاَلَّتِي هِيَ كَذَلِكَ لَا تُقْلَعُ بِهَا مَنْ فِيهَا مَنْفَعَةٌ. ثَانِيهَا أَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا نَقْصٌ يَنْقُصُ بِهِ أَرْشُهَا كَأَنْ تَكُونَ ثَنَايَاهُ كَرُبَاعِيَّتِهِ أَوْ أَنْقَصَ أَوْ إحْدَى ثَنِيَّتَيْهِ أَنْقَصَ مِنْ أُخْتِهَا فَلَا تُقْلَعُ بِهَا سِنُّ مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْمُلُ فِيهَا الْأَرْشُ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ. ثَالِثُهَا أَنْ لَا تَكُونَ مُضْطَرِبَةً اضْطِرَابًا شَدِيدًا بِهَرَمٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ جِنَايَةِ غَيْرِ الْقَالِعِ فَلَا يُقْلَعُ بِهَا إلَّا مِثْلُهَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ أَمْكَنَ فِيهَا الْقِصَاصُ) صَوَّرَ بَعْضُهُمْ الْإِمْكَانَ بِأَنْ يَكُونَ قَدْ كَسَرَ نِصْفَ السِّنِّ بِالطُّولِ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ هُنَا عَنْ حِكَايَةِ ابْنِ كَجٍّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ، وَقَوَّاهُ الْبُلْقِينِيُّ بِثُبُوتِهِ فِي السُّنَّةِ، وَقَالَ الْمَذْهَبُ الْقَطْعُ بِهِ وَبَنَى عَلَيْهِ أَنَّهَا لَوْ قُلِعَتْ مِمَّنْ لَمْ يُثْغِرْ فَعَادَتْ نَاقِصَةً اقْتَصَّ فِي الزِّيَادَةِ إنْ أَمْكَنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>