للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ مِمَّا لَا يُضَايَقُ فِيهِ عَادَةً؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ (وَلَوْ مُنِعَ) مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ عِنَادٌ مَحْضٌ (وَهَكَذَا جِدَارُ الْغَيْرِ) لَهُ ذَلِكَ فِيهِ، وَإِنْ مُنِعَ مِنْهُ لِمَا ذُكِرَ، وَهُوَ كَالِاسْتِضَاءَةِ بِسِرَاجِ غَيْرِهِ وَالِاسْتِظْلَالِ بِجِدَارِهِ (وَلَهُمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ (قِسْمَتُهُ عَرْضًا فِي كَمَالِ الطُّولِ وَعَكْسِهِ) أَيْ قِسْمَتُهُ طُولًا فِي كَمَالِ الْعَرْضِ (بِالتَّرَاضِي) لَا بِالْجَبْرِ فَلَوْ طَلَبَهَا أَحَدُهُمَا، وَامْتَنَعَ الْآخَرُ لَمْ يُجْبَرْ لِاقْتِضَاءِ الْإِجْبَارِ الْقُرْعَةَ، وَهِيَ مُمْتَنِعَةٌ هُنَا؛ لِأَنَّهَا رُبَّمَا أَخْرَجَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا يَضُرُّ الْآخَرَ فِي انْتِفَاعِهِ بِمِلْكِهِ فَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَقَطْ) تَأْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ (وَالِارْتِفَاعُ) لِلْجِدَارِ مِنْ الْأَرْضِ (سَمْكٌ) بِفَتْحِ السِّينِ وَالنُّزُولُ مِنْهُ إلَيْهَا عُمْقٌ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ (لَا طُولٌ وَعَرْضٌ) لَهُ بَلْ طُولُهُ امْتِدَادُهُ مِنْ زَاوِيَةِ الْبَيْتِ إلَى زَاوِيَتِهِ الْأُخْرَى مَثَلًا، وَعَرْضُهُ هُوَ الْبُعْدُ النَّافِذُ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْهِ إلَى الْآخَرِ (وَ) كَيْفَ يُقَسَّمُ الْجِدَارُ (هَلْ يُشَقُّ) بِالْمِنْشَارِ (أَوْ يُعَلَّمُ) بِعَلَامَةٍ كَخَطٍّ فِيهِ (وَجْهَانِ) الظَّاهِرُ جَوَازُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا نَظَرَ فِي الْأَوَّلِ إلَى أَنَّ شَقَّ الْجِدَارِ إتْلَافٌ لَهُ وَتَضْيِيعٌ؛ لِأَنَّهُمَا يُبَاشِرَانِ الْقِسْمَةَ لِأَنْفُسِهِمَا فَهُوَ كَمَا لَوْ هَدَمَاهُ وَاقْتَسَمَا النَّقْضَ (وَيُجْبَرُ عَلَى قِسْمَةِ عَرْضِهِ) أَيْ الْجِدَارِ قَبْلَ بِنَائِهِ أَوْ بَعْدَ هَدْمِهِ إذَا طَلَبَهَا مِنْهُ شَرِيكُهُ (وَلَوْ) كَانَتْ (عَرْضًا) فِي كَمَالِ (طُولٍ لِيَخْتَصَّ كُلٌّ) مِنْهُمَا فِيمَا إذَا اقْتَسَمَا عَرْضًا فِي كَمَالِ الطُّولِ (بِمَا يَلِيهِ) فَلَا يَقْتَسِمَانِ فِيهِ بِالْقُرْعَةِ لِئَلَّا يَخْرُجَ بِهَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا يَلِي الْآخَرَ بِخِلَافِ مَا إذَا اقْتَسَمَا طُولًا فِي كَمَالِ الْعَرْضِ، وَقَوْلُهُ: لِيَخْتَصَّ كُلٌّ بِمَا يَلِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَفَارَقَ مَا ذُكِرَ فِي عَرْصَةِ الْجِدَارِ مَا مَرَّ فِيهِ بِأَنَّهَا مُسْتَوِيَةٌ، وَيَتَيَسَّرُ قِسْمَتُهَا غَالِبًا بِخِلَافِ الْجِدَارِ.

(فَصْلٌ لَوْ هَدَمَهُ) أَيْ الْجِدَارَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ اثْنَيْنِ (أَحَدُهُمَا) بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ لِاسْتِهْدَامِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَفِي نُسْخَةٍ لَوْ هَدَمَهُ أَحَدٌ (لَزِمَهُ الْأَرْشُ) أَيْ أَرْشُ النَّقْصِ لَا إعَادَةُ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ الْجِدَارَ لَيْسَ مِثْلِيًّا، وَعَلَيْهِ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَإِنْ نَصَّ فِي غَيْرِهِ عَلَى لُزُومِ الْإِعَادَةِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا (وَلَا إجْبَارَ عَلَى إعَادَةِ الْجِدَارِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْمِلْكَيْنِ) وَفِي نُسْخَةٍ الْمَالِكَيْنِ (وَلَا) عَلَى إعَادَةِ (الْبَيْتِ الْمُشْتَرَكِ إذَا انْهَدَمَ) كُلٌّ مِنْهُمَا، وَلَوْ بِهَدْمِ الشَّرِيكَيْنِ لَهُ لِاسْتِهْدَامِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ كَمَا لَا يُجْبَرُ عَلَى زَرْعِ الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ وَلِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ يَتَضَرَّرُ أَيْضًا بِتَكْلِيفِهِ الْعِمَارَةَ نَعَمْ يُجْبَرُ فِي الْأَرْضِ عَلَى إجَارَتِهَا عَلَى الصَّحِيحِ وَبِهَا يَنْدَفِعُ الضَّرَرُ، وَذِكْرُ الْبَيْتِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي النَّهْرِ وَالْقَنَاةِ وَالْبِئْرِ الْمُشْتَرَكَةِ وَاِتِّخَاذِ سُتْرَةٍ بَيْنَ سَطْحَيْهِمَا، وَإِصْلَاحِ دُولَابٍ بَيْنَهُمَا تَشْعَثُ إذَا امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا مِنْ التَّنْقِيَةِ أَوْ الْعِمَارَةِ (وَلَا عَلَى سَقْيِ النَّبَاتِ) مِنْ شَجَرٍ وَغَيْرِهِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَصَرَّحَ الْجُورِيُّ بِأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا، وَنَقَلَ فِي الْمَطْلَبِ الْمَقَالَتَيْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْأَوْفَقُ بِكَلَامِهِمْ فِي أَوَاخِرِ النَّفَقَاتِ كَلَامُ الْقَاضِي (وَلَا عَلَى إعَادَةِ السُّفْلِ) اسْتِقْلَالًا، أَوْ مُعَاوَنَةً (لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ) أَيْ لِيَنْتَفِعَ بِهِ فَلَوْ كَانَ عُلُوُّ الدَّارِ لِوَاحِدٍ، وَسُفْلُهَا لِآخَرَ وَانْهَدَمَتْ فَلَيْسَ لِلْأَوَّلِ إجْبَارُ الثَّانِي عَلَى إعَادَةِ السُّفْلِ وَلَا لِلثَّانِي إجْبَارُ الْأَوَّلِ عَلَى مُعَاوَنَتِهِ فِي إعَادَتِهِ، وَالسُّفْلُ وَالْعُلُوُّ بِضَمِّ أَوَّلِهِمَا وَكَسْرِهِ.

(بَلْ) انْتِقَالِيَّةٌ لَا إبْطَالِيَّةٌ (لِلشَّرِيكِ فِي الْجِدَارِ) الْمُشْتَرَكِ (بَيْنَ الْمِلْكَيْنِ بِنَاؤُهُ بِمَالِهِ) أَيْ بِآلَتِهِ فَلَيْسَ لِلْآخَرِ مَنْعُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي وُصُولِهِ إلَى حَقِّهِ بِخِلَافِ بِنَائِهِ بِآلَةِ الْآخَرِ أَوْ بِالْآلَةِ الْمُشْتَرَكَةِ ثُمَّ مَا أَعَادَهُ بِآلَتِهِ مِلْكُهُ يَضَعُ عَلَيْهِ مَا شَاءَ وَيَنْقُضُهُ إذَا شَاءَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْآخَرِ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ بِنَاءٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ فَإِنْ قِيلَ: أَسَاسُ الْجِدَارِ بَيْنَهُمَا فَكَيْفَ جَوَّزْتُمْ لَهُ بِنَاءَهُ بِآلَتِهِ، وَأَنْ يَنْفَرِدَ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ يُغَيِّرُ إذْنَ شَرِيكِهِ قُلْنَا؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْحَمْلِ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَصْلٌ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ تَتْرِيبُ الْكُتَّابِ مِنْ الْجِدَارِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا]

قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ عِنَادٌ مَحْضٌ) التَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ لَا يُثْقِلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي التَّتِمَّةِ وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ التَّعْلِيلِ بِأَنَّهُ عِنَادٌ مَحْضٌ (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِظْلَالُ بِجِدَارِهِ) أَيْ وَالْمُرُورُ فِي أَرْضِهِ إذَا لَمْ يَخْشَ ضَرَرًا بِاِتِّخَاذِهَا طَرِيقًا.

[فَصْلٌ هَدَمَ الْجِدَارَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ]

(قَوْلُهُ: وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا) وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ وَحَكَاهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ قَاطِبَةً، وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الصُّلْحِ وَالْغَصْبِ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ التَّسْوِيَةَ فِي الْبِنَاءِ مُمْكِنَةٌ إذَا كَانَ بِغَيْرِ طِينٍ وَنَحْوِهِ بَيْنَ الْأَحْجَارِ بَلْ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضِ مَوْضُوعًا عَلَى هَيْئَةِ الْبِنَاءِ، وَقَالَ: إنَّهُ يُجْبَرُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى إعَادَتِهِ كَمَا فِي طَمِّ الْبِئْرِ بِتُرَابِهَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ وَاضِحٌ، وَفِي الْقَوَاعِدِ مِثْلُ هَذَا وَزَادَ فَقَالَ: وَكَذَلِكَ لَوْ رَفَعَ خَشَبَةً مِنْ جِدَارٍ أَوْ حَجَرًا مِنْ بَيْنِ أَحْجَارٍ فَإِنَّهُ يُشْبِهُ تَسْوِيَةَ الْحَفْرِ تَنْزِيلًا لِتَمَاثُلِ التَّأْلِيفِ مَنْزِلَةَ تَمَاثُلِ الْمِثْلِيَّاتِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ هَذَا كَلَامُ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ مُرَادَ الشَّافِعِيِّ وَلَيْسَ بَيْنَ مَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَبَيْنَ مَا قَالَهُ الْأَئِمَّةُ مُخَالَفَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الْقِيَاسَ الْجَارِيَ عَلَى الْقَوَاعِدِ أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا غَصَبَ أَوْ الْمُتْلِفَ إذَا أَتْلَفَ مِثْلِيًّا لَزِمَهُ مِثْلُهُ، وَأَنَّهُ إذَا غَصَبَ شَيْئًا وَفَرَّقَ أَجْزَاءَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّهُ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَجْزَاءَ الْجِدَارِ كُلَّهَا مِثْلِيَّةٌ فَالْهَادِمُ لِلْجِدَارِ إنْ أَتْلَفَ أَجْزَاءَهُ لَزِمَهُ غَرَامَةُ مِثْلِهَا، وَإِنْ هَدَمَهُ فَقَطْ فَالْمَالِكُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ كَلَّفَهُ رَدَّهُ كَمَا كَانَ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ الَّذِي نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ وَإِنْ شَاءَ غَرَّمَهُ أَرْشَ مَا نَقَصَ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْبُوَيْطِيِّ.

(قَوْلُهُ: وَلَا إجْبَارَ عَلَى إعَادَةِ الْجِدَارِ الْمُشْتَرَكِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمُطْلَقِ التَّصَرُّفِ فَلَوْ كَانَ بِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَمَصْلَحَتُهُ فِي الْعِمَارَةِ وَجَبَ عَلَى وَلِيِّهِ الْمُوَافَقَةُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْوَقْفِ أَمَّا الْوَقْفُ فَإِنَّ الشَّرِيكَ فِيهِ تَجِبُ عَلَيْهِ الْعِمَارَةُ فَلَوْ قَالَ أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ: لَا أُعَمِّرُ أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ عَلَى الْعِمَارَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ بَقَاءِ عَيْنِ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ: بَلْ لَلشَّرِيكِ فِي الْجِدَارِ بَيْنَ الْمِلْكَيْنِ بِنَاؤُهُ بِمَالِهِ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ بِمَالِهِ مَا إذَا أَرَادَ إعَادَتَهُ بِنَقْضِهِ الْمُشْتَرَكِ فَإِنَّ لِلْآخَرِ مَنْعَهُ كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَأَفْهَمَ جَوَازُ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَنْعِ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ: إنَّهُ مَفْهُومٌ مِنْ كَلَامِهِمْ بِلَا شَكٍّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ بِنَائِهِ بِآلَةِ الْآخَرِ أَوْ بِالْآلَةِ الْمُشْتَرَكَةِ) أَيْ فَإِنَّ لَهُ مَنْعَهُ وَسَكَتَا عَمَّا لَوْ بَنَاهُ هَلْ لَهُ نَقْضُهُ، وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَالْإِمَامُ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَكَذَا قَالَهُ ابْنُ كَجٍّ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ تَمْكِينُهُ لِأَجْلِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ.

(قَوْلُهُ قُلْنَا: لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْحَمْلِ عَلَيْهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>