للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ لِغَالِبِ النَّاسِ أَنَّهُ مَصْنُوعٌ حَتَّى لَا يُنْسَبُ الْمُشْتَرِي إلَى تَقْصِيرٍ (وَلَوْ لَطَّخَ ثَوْبَهُ) أَيْ الرَّقِيقِ (بِالْمِدَادِ أَوْ أَلْبَسهُ زِيَّ خَبَّازٍ) مَثَلًا لِيُوهِمَ أَنَّهُ كَاتِبٌ أَوْ خَبَّازٌ (أَوْ وَرَّمَ ضَرْعَ الشَّاةِ) لِيُوهِمَ كَثْرَةَ اللَّبَنِ (فَلَا) خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي لِتَقْصِيرِهِ حَيْثُ لَمْ يَبْحَثْ

(فَرْعٌ مَتَى رَضِيَ) الْمُشْتَرِي (بِالْمُصْرَاةِ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا) قَدِيمًا (رَدَّهَا وَ) رَدَّ (بَدَلَ اللَّبَنِ مَعَهَا) وَهُوَ صَاعُ تَمْرٍ كَمَا لَوْ رَدَّهَا بِالتَّصْرِيَةِ

[فَرْعٌ الْغَبْنُ لَا يُوجِبُ الرَّدَّ وَإِنْ فَحُشَ]

(فَرْعٌ الْغَبْنُ لَا يُوجِبُ) أَيْ يُثْبِتُ (الرَّدَّ وَإِنْ فَحُشَ كَمَنْ اشْتَرَى زُجَاجَةً ظَنَّهَا جَوْهَرَةً لِتَقْصِيرِهِ) حَيْثُ لَمْ يَبْحَثْ وَإِنَّمَا أَثْبَتَ الرَّدَّ فِي تَلَقِّي الرُّكْبَانَ كَمَا مَرَّ لِلْخَبَرِ الْوَارِدِ فِيهِ وَتَعْبِيرُهُ بِالْفُحْشِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالتَّفَاحُشِ إذْ لَا تَفَاعُلَ هُنَا

(فَرْعٌ وَمَتَى بَاعَ) حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ (بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ) فِيهِ (بَرِئَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بَاطِنٍ فِي الْحَيَوَانِ خَاصَّةً مَوْجُودٍ) فِيهِ (حَالَةَ الْعَقْدِ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْبَائِعُ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ) عَيْبٍ (غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْعَيْبِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَبْرَأُ عَنْ عَيْبٍ فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ وَلَا فِيهِ لَكِنْ حَدَثَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ مُطْلَقًا وَلَا عَنْ عَيْبٍ ظَاهِرٍ فِي الْحَيَوَانِ عَلِمَهُ الْبَائِعُ أَوْ لَا وَلَا عَنْ عَيْبٍ بَاطِنٍ فِي الْحَيَوَانِ عَلِمَهُ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ بَاعَ عَبْدًا لَهُ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ بِالْبَرَاءَةِ فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي بِهِ دَاءٌ لَمْ تُسَمِّهِ لِي فَاخْتَصَمَا إلَى عُثْمَانَ فَقَضَى عَلَى ابْنِ عُمَرَ أَنْ يَحْلِفَ لَقَدْ بَاعَهُ الْعَبْدَ وَمَا بِهِ دَاءٌ بِعِلْمِهِ فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ وَارْتَجَعَ الْعَبْدَ فَبَاعَهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَفِي الشَّامِلِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ كَمَا أَوْرَدَهُ الرَّافِعِيُّ وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ تَرَكْت الْيَمِينَ لِلَّهِ فَعَوَّضَنِي اللَّهُ عَنْهَا دَلَّ قَضَاءُ عُثْمَانَ عَلَى الْبَرَاءَةِ فِي صُورَةِ الْحَيَوَانِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ وَافَقَ اجْتِهَادَهُ فِيهِ اجْتِهَادُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

وَقَالَ الْحَيَوَانُ يَتَغَذَّى فِي الصِّحَّةِ وَالسَّقَمِ وَتَحَوُّلُ طِبَاعِهِ فَقَلَّمَا يَنْفَكُّ عَنْ عَيْبٍ خَفِيٍّ أَوْ ظَاهِرٍ أَيْ فَيَحْتَاجُ الْبَائِعُ فِيهِ إلَى شَرْطِ الْبَرَاءَةِ لِيَثِقَ بِلُزُومِ الْبَيْعِ فِيمَا لَا يَعْلَمُهُ مِنْ الْخَفِيِّ دُونَ مَا يَعْلَمُهُ مُطْلَقًا فِي حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ لِتَلْبِيسِهِ فِيهِ وَمَا لَا يَعْلَمُهُ مِنْ الظَّاهِرِ فِيهِمَا لِنُدْرَةِ خَفَائِهِ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ الْخَفِيِّ فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ إذْ الْغَالِبُ عَدَمُ تَغَيُّرِهِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ وَإِنَّمَا لَمْ يَبْرَأْ مِمَّا حَدَثَ قَبْلَ الْقَبْضِ لِانْصِرَافِ الشَّرْطِ إلَى مَا كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ (وَيَصِحُّ الْبَيْعُ) مَعَ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ (وَلَوْ بَطَلَ الشَّرْطُ) لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُؤَكِّدُ الْعَقْدَ وَيُوَافِقُ ظَاهِرَ الْحَالِ وَهُوَ السَّلَامَةُ مِنْ الْعُيُوبِ وَلِاشْتِهَارِ الْقِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَعَدَمِ إنْكَارِهِمْ (وَهَكَذَا) يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَبْرَأُ الْبَائِعُ مِمَّا ذُكِرَ وَلَوْ بَطَلَ الشَّرْطُ (لَوْ قَالَ بِعْتُك) هَذَا (عَلَى أَنْ لَا تَرُدَّ) هـ (بِعَيْبٍ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى مَا ذُكِرَ (وَإِنْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِمَّا يَحْدُثُ) مِنْ الْعُيُوبِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَا مَعَ الْمَوْجُودِ مِنْهَا (بَطَلَ الْعَقْدُ) صَوَابُهُ الشَّرْطُ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلشَّيْءِ قَبْلَ ثُبُوتِهِ (أَوْ) شَرَطَ الْبَرَاءَةَ (مِنْ) عَيْبٍ (مُعَيَّنٍ) فَإِنْ كَانَ مِمَّا (لَا يُشَاهَدُ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ) وَالْإِبَاقِ (أَوْ يُشَاهَدُ كَالْبَرَصِ وَشَاهَدَهُ الْمُشْتَرِي بَرِئَ) لِأَنَّ ذِكْرَهَا إعْلَامٌ بِهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُشَاهَدُ وَلَمْ يُشَاهِدْهُ الْمُشْتَرِي (فَلَا) يَبْرَأُ كَمَا لَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مُطْلَقًا لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ قَدْرِهِ وَمَوْضِعِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَبَعْضُ الْوَرَّاقِينَ فِي زَمَنِنَا يَجْعَلُ بَدَلَ شَرْطِ الْبَرَاءَةِ إعْلَامَ الْبَائِعِ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ بِالْمَبِيعِ جَمِيعَ الْعُيُوبِ وَرَضِيَ بِهِ وَهَذَا جَهْلٌ لِأَنَّهُ كَذِبٌ وَلَا يُفِيدُ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ التَّسْمِيَةَ لَا تَكْفِي فِيمَا تُمْكِنُ مُعَايَنَتُهُ حَتَّى يُرِيَهُ إيَّاهُ وَأَمَّا مَا لَا تُمْكِنُ مُعَايَنَتُهُ فَذَكَرَهُ مُجْمَلًا بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ كَذِكْرِهِ مَا تُمْكِنُ مُعَايَنَتُهُ بِالتَّسْمِيَةِ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ فَلَا يُفِيدُ وَلَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ إلْزَامُ الْمُشْتَرِي بِمُقْتَضَى هَذَا الْإِقْرَارِ لِلْعِلْمِ بِكَذِبِهِ وَبُطْلَانِهِ وَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ يَكُونُ حُكْمُهُ كَشَرْطِ الْبَرَاءَةِ

(فَصْلٌ وَإِنْ هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي) كَأَنْ مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ تَلِفَ الثَّوْبُ أَوْ أُكِلَ الطَّعَامُ (أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ وَقَفَهُ أَوْ زَوَّجَهُ أَوْ اسْتَوْلَدَهَا فَعَلِمَ) بَعْدَ ذَلِكَ (بِعَيْبٍ) بِهِ يُنْقِصُ قِيمَتَهُ (رَجَعَ بِالْأَرْشِ) لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ بِفَوَاتِ الْمَبِيعِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا وَهَذَا فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ الْمَبِيعِ بِجِنْسِهِ أَمَّا فِيهِ فَسَيَأْتِي (وَهُوَ) أَيْ الْأَرْشُ (جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ)

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ حَتَّى لَا يُنْسَبَ الْمُشْتَرِي إلَى تَقْصِيرٍ) قَالَ السُّبْكِيُّ كَابْنِ الرِّفْعَةِ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا دَلَّسَ الْبَائِعُ أَوْ مَنْ وَاطَأَهُ وَإِلَّا فَعَلَى الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ تَحَقَّلَتْ الشَّاةُ بِنَفْسِهَا وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ كَالْإِسْنَوِيِّ وَالدَّمِيرِيِّ فَيَكُونُ الْأَصَحُّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ

[فَرْعٌ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِالْمُصْرَاةِ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا قَدِيمًا]

(قَوْلُهُ لِتَقْصِيرِهِ) عَلِمَ أَنَّ لَهَا قِيمَةً وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهَا

[فَرْعٌ بَاعَ حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ فِيهِ]

(قَوْلُهُ عَلِمَهُ الْبَائِعُ أَوْ لَا) أَيْ لِسُهُولَةِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ وَيُعْلَمُ غَالِبًا فَأَعْطَيْنَا حُكْمَ الْمَعْلُومِ وَإِنْ خَفَى عَلَى نُدُورٍ قَالَ فِي الْعُبَابِ فَإِنْ جَهِلَ مَعَ سُهُولَةِ عِلْمِهِ بِهِ فَوَجْهَانِ وَفِي تَصْدِيقِ الْبَائِعِ فِي وُجُودِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَجْهَانِ. اهـ. وَأَصَحُّ وَجْهَيْ الْأُولَى أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ مِنْهُ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ مَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ وَأَصَحُّ وَجْهَيْ الثَّانِيَةِ تَصْدِيقُ الْبَائِعِ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ وَلَا عَنْ عَيْبٍ بَاطِنٍ إلَخْ) يَبْقَى النَّظَرُ فِي الْمُرَادِ بِالظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ هَلْ الْمُرَادُ بِالْبَاطِنِ مَا فِي الْجَوْفِ مِمَّا لَا يُشَاهَدُ أَوْ مَا فِي الصُّورَةِ أَوْ مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي لِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ فِي الرُّؤْيَةِ حَتَّى يَخْرُجَ فَقْدُ الْأَسْنَانِ لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهَا فِي الْأَصَحِّ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّالِثُ ر وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ صَوَابُهُ الشَّرْطُ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ

[فَصْلٌ وَإِنْ هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي]

(قَوْلُهُ أَوْ أَعْتَقَهُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ وَعَتِيقُهُ كَافِرَيْنِ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا التَّوَقُّعَ الْبَعِيدَ نَوْعًا مِنْ الْيَأْسِ (قَوْلُهُ أَوْ زَوَّجَهُ) قَالَ فِي الْعُبَابِ وَلَوْ عَرَفَ عَيْبَ الرَّقِيقِ وَقَدْ زَوَّجَهُ لِغَيْرِ الْبَائِعِ وَلَمْ يَرْضَهُ مُزَوَّجًا فَلِلْمُشْتَرِي الْأَرْشُ فَإِنْ زَالَ النِّكَاحُ فَفِي الرَّدِّ وَأَخْذِ الْأَرْشِ وَجْهَانِ. اهـ. وَأَرْجَحُهُمَا أَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَلَا أَرْشَ (قَوْلُهُ أَوْ اسْتَوْلَدَهَا) أَوْ جَعَلَ الشَّاةَ أُضْحِيَّةً وَيَكُونُ الْأَرْشُ لَهُ فِي الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ بِفَوَاتِ الْمَبِيعِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا) أَيْ وَلَا يُمْكِنُ إسْقَاطُ حَقِّهِ فَرَجَعَ إلَى الْأَرْشِ (قَوْلُهُ وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ إلَخْ) إنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ الْأَرْشَ هُنَا مَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ كَالْغَصْبِ وَالسَّوْمِ وَالْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ قَدْ يُسَاوِي الْمُثَمَّنَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى مَا يُسَاوِي مِائَةً بِعَشْرَةٍ فَلَوْ رَجَعَ بِعَشْرَةٍ لَجَمَعَ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ هَكَذَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَهَذَا فِي الْأَرْشِ الْوَاجِبِ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ أَمَّا مَا يَجِبُ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا إذَا رَجَعَ الْمَبِيعُ إلَيْهِ بِانْفِسَاخِ

<<  <  ج: ص:  >  >>