للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَضْمُونٌ عَلَى الْبَائِعِ بِهِ فَيَكُونُ جُزْؤُهُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِجُزْءٍ مِنْهُ وَلِأَنَّا لَوْ اعْتَبَرْنَاهُ مِنْ الْقِيمَةِ كَمَا فِي الْغَصْبِ لَرُبَّمَا سَاوَى الثَّمَنَ فَيَجْتَمِعُ لِلْمُشْتَرِي الثَّمَنُ وَالْمُثَمَّنُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْجُزْءُ مِنْ الثَّمَنِ (نِسْبَتُهُ إلَيْهِ نِسْبَةَ) أَيْ كَنِسْبَةِ (مَا يُنْقِصُ الْعَيْبُ مِنْ الْقِيمَةِ) لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ سَلِيمًا إلَيْهَا (وَيُعْتَبَرُ) فِيهَا (أَقَلُّ قِيمَتَيْ) وَقْتَيْ (الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ) لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ وَقْتَ الْعَقْدِ أَقَلُّ فَالزِّيَادَةُ حَدَثَتْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي أَوْ وَقْتَ الْقَبْضِ أَقَلُّ فَالنَّقْصُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ فَلَا يَدْخُلُ فِي التَّقْوِيمِ فَإِنْ كَانَتْ بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ أَقَلَّ فَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَالدَّقَائِقِ.

فَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْقِيمَةُ بَيْنَهُمَا أَقَلَّ فَيُوَافِقُ مَا سَيَأْتِي فِي الثَّمَنِ لَكِنْ نَظَرَ فِيهِ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ النَّقْصَ الْحَادِثَ قَبْلَ الْقَبْضِ إذَا زَالَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَتَخَيَّرُ بِهِ الْمُشْتَرِي فَكَيْفَ يَضْمَنُهُ الْبَائِعُ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ التَّخْيِيرِ الَّذِي فِي ثُبُوتِهِ رَفْعُ الْعَقْدِ عَدَمُ الضَّمَانِ الَّذِي لَيْسَ فِي ثُبُوتِهِ ذَلِكَ (مِثَالُهُ قِيمَتُهُ دُونَ الْعَيْبِ مِائَةٌ وَ) قِيمَتُهُ (تِسْعُونَ مَعَ الْعَيْبِ فَالتَّفَاوُتُ) بَيْنَهُمَا وَاقِعٌ (بِالْعُشْرِ فَيَرْجِعُ بِعُشْرِ الثَّمَنِ فَإِذَا ثَبَتَ الْأَرْشُ) لِلْمُشْتَرِي (فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ فِي ذِمَّتِهِ بَرِئَ مِنْ قَدْرِ الْأَرْشِ لَكِنْ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ) بِهِ فَلَا يَكْفِي الْعِلْمُ بِهِ لِأَنَّهُ كَمَا يَجُوزُ لَهُ الرِّضَا بِالْمَعِيبِ بِكُلِّ الثَّمَنِ مَعَ بَقَاءِ الْمَبِيعِ فَكَذَا يَجُوزُ بَعْدَ فَوَاتِهِ فَالتَّرَدُّدُ فِيهِمَا عَلَى السَّوَاءِ وَكَمَا لَا بُدَّ مِنْ الْمُطَالَبَةِ ثَمَّ بِالْفَسْخِ لَا بُدَّ مِنْ الْمُطَالَبَةِ هُنَا بِالْأَرْشِ ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْمُطَالَبَةُ بِهِ عَلَى الْفَوْرِ كَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ لَكِنْ ذَكَرَ الْإِمَامُ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لَهُ الْفَوْرُ بِخِلَافِ الرَّدِّ ذَكَرَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ (وَيَسْتَحِقُّ الْأَرْشَ) بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ بِهِ (مِنْ عَيْنِ الثَّمَنِ وَ) يَسْتَحِقُّ (الرُّجُوعَ فِي عَيْنِهِ) أَيْ الثَّمَنِ (عِنْدَ الْفَسْخِ) لِلْبَيْعِ (إنْ كَانَ) بَاقِيًا (فِي يَدِهِ) فِيهِمَا يَعْنِي يَدَ الْبَائِعِ بِقَرِينَةٍ (وَلَوْ زَالَ عَنْ مِلْكِهِ ثُمَّ عَادَ) إلَيْهِ أَوْ عَيَّنَ بَعْدَ الْعَقْدِ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ غَيْرِهِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ.

وَإِذَا اُعْتُبِرَتْ قِيَمُ الْمَبِيعِ فَإِمَّا أَنْ تَتَّحِدَ قِيمَتَاهُ سَلِيمًا وَقِيمَتَاهُ مَعِيبًا أَوْ يَتَّحِدَا سَلِيمًا وَيَخْتَلِفَا مَعِيبًا وَقِيمَتُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ يَتَّحِدَ مَعِيبًا وَيَخْتَلِفَا سَلِيمًا وَقِيمَتُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ يَخْتَلِفَا سَلِيمًا وَمَعِيبًا وَقِيمَتُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ سَلِيمًا وَمَعِيبًا أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ سَلِيمًا أَقَلُّ وَمَعِيبًا أَكْثَرُ أَوْ بِالْعَكْسِ فَذَلِكَ تِسْعَةُ أَقْسَامٍ لَا تَخْفَى أَمْثِلَتُهَا وَقَدْ ذَكَرْتهَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَإِذَا نَظَرْت إلَى قِيمَتِهِ فِيمَا بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ أَيْضًا زَادَتْ الْأَقْسَامُ (فَإِذَا تَلِفَ الثَّمَنُ) وَقَدْ فُسِخَ الْبَيْعُ (رُدَّ مِثْلُهُ فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَتُهُ فِي الْمُتَقَوِّم لَكِنْ فِي) الثَّمَنِ (الْمُعَيَّنِ) وَلَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ (يَرُدُّ قِيمَتَهُ أَقَلَّ مَا كَانَتْ مِنْ) وَقْتِ (الْعَقْدِ إلَى) وَقْتِ (الْقَبْضِ) لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ وَقْتَ الْعَقْدِ أَقَلُّ فَالزِّيَادَةُ حَدَثَتْ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ أَوْ وَقْتَ الْقَبْضِ أَقَلُّ فَالنَّقْصُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَتْ بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ أَقَلَّ فَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ وَقَوْلُهُ فِي الْمُعَيَّنِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ قَدْ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ لِأَنَّ التَّلَفَ إنَّمَا يَكُونُ فِي مُعَيَّنٍ (وَيَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الثَّمَنِ (كَالْقَرْضِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَخُرُوجُهُ عَنْ مِلْكِهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ كَالتَّلَفِ (فَإِنْ تَعَيَّبَ بِنَقْصِ وَصْفٍ) كَالشَّلَلِ (أَوْ زَادَ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً كَالسَّمْنِ أَخَذَهُ لَهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ أَخْذُهُ (بِلَا أَرْشٍ) لَهُ فِي النَّقْصِ وَلَا عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَةِ نَعَمْ إنْ كَانَ النَّقْصُ بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ اُسْتُحِقَّ عَلَيْهِ الْأَرْشُ وَخَرَجَ بِنَقْصِ الْجُزْءِ فَيَسْتَحِقُّ أَرْشَهُ (وَالْعَيْبُ إنْ لَمْ يُنْقِصْ الْمَبِيعَ كَالْخِصَاءِ لَا أَرْشَ لَهُ) لِعَدَمِ نُقْصَانِ الْقِيمَةِ لَا يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ قَبْلَ انْدِمَالِ الْجُرْحِ وَيَجِبَ الْأَرْشُ كَنَظِيرِهِ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْحُرِّ حَيْثُ لَمْ تُوجِبْ أَرْشًا وَلَمْ تَنْقُصْ شَيْئًا بَعْدَ الِانْدِمَالِ لِأَنَّا نَقُولُ الْمَرْعِيُّ هُنَا الْمَالِيَّةُ وَلَمْ يَفُتْ مِنْهَا شَيْءٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَأَنَّا لَوْ لَمْ نَنْظُرْ إلَيْهِ لَأُهْدِرَتْ الْجِنَايَةُ أَصْلًا

(وَلَوْ اشْتَرَى مَعِيبًا) جَاهِلًا بِعَيْبِهِ (يُعْتَقُ عَلَيْهِ أَوْ بِشَرْطِ الْعِتْقِ فَأَعْتَقَهُ رَجَعَ بِأَرْشِهِ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وَإِنْ كَانَ الْعِتْقُ فَبَذْلُ الثَّمَنِ إنَّمَا كَانَ فِي مُقَابَلَةِ مَا ظَنَّهُ مِنْ سَلَامَةِ الْمَبِيعِ فَإِذَا فَاتَ مِنْهُ جُزْءٌ صَارَ مَا قَصَدَ عِتْقَهُ مُقَابَلًا بِبَعْضِ الثَّمَنِ فَرَجَعَ فِي الْبَاقِي وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ حُصُولُ الْعِتْقِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ وَاسْتُشْكِلَ بِمَا فِي الْوَكَالَةِ مِنْ أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَى مُوَكِّلِهِ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ فَلِلْوَكِيلِ رَدُّهُ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَقُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

الْعَقْدِ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَإِنَّهُ يَنْسُبُ الْأَرْشَ إلَى الْقِيمَةِ لَا إلَى الثَّمَنِ صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى شِرَاءِ مَا مَأْكُولُهُ فِي جَوْفِهِ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْعَقْدَ قَدْ انْفَسَخَ وَصَارَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِهِ كَالْمُسْتَامِ لَكِنْ جَزَمَ فِي الْعَكْسِ بِمَا يُخَالِفُهُ وَقَالَ فِي الذَّخَائِرِ أَنَّهُ الصَّوَابُ.

(قَوْلُهُ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَالدَّقَائِقِ) وَفِي الْكَافِي وَتُعْتَبَرُ أَقَلَّ مَا كَانَتْ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ إلَى يَوْمِ الْقَبْضِ وَمِنْهُمْ مَنْ عَبَّرَ عَنْهُ بِأَنَّا نُرَاعِي مَا هُوَ الْأَضَرُّ بِالْبَائِعِ فِي الْحَالَيْنِ وَالْأَنْفَعُ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ فَكَيْفَ يَضْمَنُهُ) يَعْنِي النَّقْصَ الْحَاصِلَ بِسَبَبِ اخْتِلَافِ الْأَسْعَارِ (مِنْهُ) (فَرْعٌ) هَلْ يَمْتَنِعُ الرَّدُّ عَلَى بَائِعِ الصَّيْدِ إذَا أَحْرَمَ لِأَنَّ رَدَّهُ عَلَيْهِ إتْلَافٌ فِيهِ نَظَرٌ ج لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ قَبْلَ تَحَلُّلِ الْبَائِعِ وَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الرَّدِّ بِالتَّأْخِيرِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَيَسْتَحِقُّ الرُّجُوعَ فِي عَيْنِهِ عِنْدَ الْفَسْخِ) لَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ بَعْضِ الثَّمَنِ ثُمَّ رَدَّ الْمَبِيعَ بِالْعَيْبِ فَإِنْ أَبْرَأَهُ بَعْدَ التَّفَرُّقِ رَجَعَ بِتَمَامِ الثَّمَنِ أَوْ قَبْلَهُ فَهُوَ لَاحِقٌ بِالْعَقْدِ عَلَى الْمَذْهَبِ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا بِمَا بَقِيَ وَلَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ جَزَمَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ بِجَوَازِ الرَّدِّ لِلتَّخَلُّصِ مِنْ الْمَبِيعِ وَقِيَاسُ مَنْ يَقُولُ يَرْجِعُ بِتَمَامِ الثَّمَنِ عِنْدَ الْإِبْرَاءِ عَنْ بَعْضِهِ أَنْ يَقُولَ بِهِ هُنَا قَوِّ وَلَوْ وَهَبَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي الثَّمَنَ فَقِيلَ يَمْتَنِعُ الرَّدُّ وَقِيلَ يَرُدُّ وَيُطَالِبُ بِبَدَلِ الثَّمَنِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ آخِرَ الْبَابِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ فِي الصَّدَاقِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِي الْإِبْرَاءِ مِنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ بِشَيْءٍ وَفِي الْإِبْرَاءِ مِنْ بَعْضِهِ إلَّا بِالْبَاقِي وَقَوْلُهُ وَقِيلَ يَرُدُّ وَيُطَالِبُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ تَلِفَ الثَّمَنَ إلَخْ) لَوْ كَانَ الثَّمَنُ بَاقِيًا وَلَكِنْ امْتَنَعَ نَقْلُهُ مِنْ شَخْصٍ إلَى شَخْصٍ بِإِعْتَاقٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ اسْتِيلَادٍ أَوْ انْتَقَلَ إلَى آخَرَ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ كَرَهْنٍ وَشُفْعَةٍ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ التَّالِفِ وَلَوْ زَالَ وَعَادَ فَكَالْبَاقِي عَلَى الْأَصَحِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>