لِيَكُونَ مُؤَدِّيًا لَهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَحَمَّلَهَا فَيَعْرِفُ الْقَاضِي أَوْ الْمُحَكَّمُ صِحَّتَهَا أَوْ فَسَادَهَا لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى النَّاسِ الْجَهْلُ بِطَرِيقِ التَّحَمُّلِ (فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ) ذَلِكَ (وَوُثِقَ الْقَاضِي) أَوْ الْمُحَكَّمُ (بِعِلْمِهِ جَازَ) أَنْ يَكْتَفِيَ بِقَوْلِهِ أَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ فُلَانٍ بِكَذَا لِحُصُولِ الْغَرَضِ (وَيُنْدَبُ) لِلْقَاضِي أَوْ الْمُحَكَّمِ (أَنْ يَسْأَلَهُ) إذَا لَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ (هَلْ أَخْبَرَهُ الْأَصْلُ كَيْفَ لَزِمَهُ الْمَالُ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ أَنْ يَسْأَلَهُ بِأَيِّ سَبَبٍ ثَبَتَ هَذَا الْمَالُ وَهَلْ أَخْبَرَك بِهِ الْأَصْلُ
(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي) شُرُوطِ (التَّحَمُّلِ لَا يَتَحَمَّلُ) الشَّخْصُ شَهَادَةً (إلَّا عَنْ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ) إذْ لَا فَائِدَةَ فِي تَحَمُّلِهَا عَنْ غَيْرِهِ (فَلَوْ تَحَمَّلَ) عَنْ مَقْبُولِهَا (فَطَرَأَ) عَلَيْهِ (فِسْقٌ وَنَحْوُهُ) مِمَّا يَمْنَعُ قَبُولَهَا (كَعَدَاوَةٍ لَغَا التَّحَمُّلُ) فَلَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَهْجُمُ غَالِبًا دَفْعَةً فَيُوَرِّثُ رِيبَةً فِيمَا مَضَى وَلَيْسَ لِمُدَّتِهِ الْمَاضِيَةِ ضَبْطٌ فَيَنْعَطِفُ إلَى حَالَةِ التَّحَمُّلِ فَلَوْ زَالَتْ هَذِهِ الْمَوَانِعُ اُحْتِيجَ إلَى تَحَمُّلٍ جَدِيدٍ (لَا) إنْ طَرَأَ عَلَيْهِ (مَوْتٌ وَجُنُونٌ) مُطْبِقٌ (وَعَمًى) وَغَيْبَةٌ وَمَرَضٌ فَلَا يَلْغُو التَّحَمُّلُ لِأَنَّهَا لَا تُوقِعُ رِيبَةً فِيمَا مَضَى وَكَالْجُنُونِ الْإِغْمَاءُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ حَاضِرًا فَلَا يَشْهَدُ الْفَرْعُ بَلْ يَنْتَظِرُ زَوَالَ الْإِغْمَاءِ لِقُرْبِ زَوَالِهِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ كُلُّ مَرَضٍ يُتَوَقَّعُ قُرْبُ زَوَالِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَالصَّوَابُ الْفَرْقُ لِبَقَاءِ أَهْلِيَّةِ الْمَرِيضِ بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَلِلْإِسْنَوِيِّ فِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته مَعَ جَوَابِهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَأَلْحَقَ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ بِالْجُنُونِ الْخَرَسَ بِنَاءً عَلَى مَنْعِ قَبُولِ شَهَادَةِ الْأَخْرَسِ.
(وَإِنْ فَسَقَ الْأَصْلُ أَوْ حَضَرَ) أَوْ قَالَ لَا أَعْلَمُ أَنِّي تَحَمَّلْت أَوْ نَسِيت أَوْ نَحْوَهَا (بَعْدَ الْأَدَاءِ) لِلشَّهَادَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ (لَمْ يُحْكَمْ) بِهَا لِحُصُولِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَصْلِ فِي الثَّانِيَةِ وَلِلرِّيبَةِ فِيمَا عَدَاهَا (أَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ) بِهَا (لَمْ يُؤَثِّرْ وَإِنْ كَذَّبَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ الْقَضَاءِ لَمْ يُنْقَضْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَظْهَرُ أَنْ يَجِيءَ فِي تَغْرِيمِهِمْ وَالتَّوَقُّفِ فِي اسْتِيفَاءِ الْعُقُوبَةِ مَا يَأْتِي فِي رُجُوعِ الشُّهُودِ بَعْدَ الْقَضَاءِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (إلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُ كَذَّبَهُ قَبْلَهُ) فَيُنْقَضُ إلَّا إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَشْهَدَهُ فَلَا يُنْقَضُ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَفَقُّهًا (وَلَا يَتَحَمَّلُ نِسَاءٌ) شَهَادَةً (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُصُولُ أَوْ بَعْضُهُمْ نِسَاءً أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ الشَّهَادَةُ بِالْوِلَادَةِ وَالرَّضَاعِ أَمْ لَا لِأَنَّ شَهَادَةَ الْفَرْعِ تُثْبِتُ شَهَادَةَ الْأَصْلِ لَا مَا شَهِدَ بِهِ الْأَصْلُ وَنَفْسُ الشَّهَادَةِ لَيْسَتْ بِمَالٍ وَيَطَّلِعُ عَلَيْهَا الرِّجَالُ غَالِبًا (وَيَصِحُّ تَحَمُّلُ نَاقِصٍ) كَصَبِيٍّ وَعَبْدٍ وَفَاسِقٍ وَأَخْرَسَ (أَدَّى وَهُوَ كَامِلٌ) يَعْنِي يَصِحُّ أَدَاءُ الْكَامِلِ وَإِنْ تَحَمَّلَ وَهُوَ نَاقِصٌ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَوُثِقَ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ جَازَ إلَخْ) قَالَ الْغَزَالِيُّ إنَّ لَهُ الْإِصْرَارُ وَإِنْ سَأَلَهُ الْقَاضِي لَمْ يَلْزَمْهُ التَّفْصِيلُ
[الطَّرَفُ الثَّانِي فِي شُرُوطِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ]
(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي شُرُوطِ التَّحَمُّلِ) (قَوْلُهُ فَلَوْ تَحَمَّلَ فَطَرَأَ فِسْقٌ وَنَحْوُهُ إلَخْ) دَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ شَهِدَ بِجَرْحِ قَرِيبَةٍ وَهُوَ مَحْجُوبٌ ثُمَّ أَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ ثُمَّ مَاتَ الْحَاجِبُ وَصَارَ شَاهِدُ الْأَصْلِ وَارِثًا وَمَا إذَا شَهِدَ لِزَيْدٍ بِشَيْءٍ ثُمَّ أَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ ثُمَّ أَوْصَى لَهُ بِهِ أَوْ أَوْصَى إلَيْهِ فِي أَمْرِ أَطْفَالِهِ وَمَاتَ أَوْ وَكَّلَهُ فِي الْمُخَاصَمَةِ فِيهِ فَخَاصَمَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَعْنَى تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ إذَا صَارَ الْأَصْلُ إلَيْهِ قَبْلَ إقَامَةِ الْفَرْعِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ قَالَهُ الدَّارِمِيُّ (قَوْلُهُ نُفِيَ التَّحَمُّلُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَانَ الْفَرْعُ شَاهِدًا عَلَى شَهَادَةِ مَنْ قَضَى بِعِلْمِهِ فَإِنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ مُلَازَمَةٍ لِلْقَضَاءِ فَإِذَا حَدَثَ مِنْ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ رِدَّةٌ أَوْ فِسْقٌ أَوْ عَدَاوَةٌ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ قَبُولِ شَهَادَةِ الْفَرْعِ وَلَا يَلْتَحِقُ بِهِ مَا إذَا شَهِدَ الْفَرْعُ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدٍ عِنْدَ حَاكِمٍ فَإِنَّهُ إنْ قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَةِ الْأَصْلِ فَلَيْسَ شَهَادَةً عَلَى شَهَادَةٍ وَإِلَّا فَهُوَ مُنْفَكٌّ عَنْ الْقَضَاءِ بِخِلَافِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَتَنَاوَلَ مَا إذَا حَدَثَتْ الْعَدَاوَةُ بَعْدَ إقَامَةِ الْفَرْعِ شَهَادَتَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ إنَّ ذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الشَّاهِدِ الْأَصْلِيِّ وَحَكَاهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ مَا يُخَالِفُهُ وَفِقْهُهُ وَاضِحٌ وَهُوَ وَارِدٌ عَلَى إطْلَاقِ أَنَّ حُدُوثَ عَدَاوَةٍ مَانِعٌ مِنْ قَبُولِ شَهَادَةِ الْفَرْعِ.
(قَوْلُهُ وَعَمًى) أَيْ وَخَرَسٌ (قَوْلُهُ وَلِلْإِسْنَوِيِّ فِيهِ كَلَامٌ) ذَكَرْته مَعَ جَوَابِهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ عِبَارَتُهُ وَغَلَّطَهُ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّهُ لَا يُبْطِلُ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ بَلْ يُقَوِّيهِ لِأَنَّ وُجُودَ الْأَصْلِ بِصِفَةِ الْأَهْلِيَّةِ أَقْرَبُ إلَى عَدَمِ قَبُولِ الْفَرْعِ مِنْ وُجُودِهِ بِدُونِهَا بِسَبَبٍ لَا تَقْصِيرَ فِيهِ فَإِذَا انْتَظَرْنَا زَوَالَ الْإِغْمَاءِ لِقُرْبِهِ فَزَوَالُ الْمَرَضِ الْقَرِيبِ أَوْلَى وَأَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ مَعْنَى كَلَامِ النَّوَوِيِّ أَنَّ الْأَصْلَ إذَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ بِالْمَرَضِ وَتَعَذَّرَ حُضُورُهُ لَمْ يَتَعَذَّرْ عَلَى الْفَرْعِ الْأَدَاءُ بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ فَإِنَّهُ يُخْرِجُ الْأَصْلَ عَنْ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ فَوَجَبَ عَلَى الْفَرْعِ انْتِظَارُهُ (قَوْلُهُ أَوْ حَضَرَ) أَيْ أَوْ شُفِيَ مِنْ مَرَضٍ أَوْ أَبْصَرَ مِنْ عَمَاهُ أَوْ أَفَاقَ مِنْ جُنُونِهِ أَوْ مِنْ إغْمَائِهِ إنْ مَنَعْنَا الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ مَعَهُ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ تَوَجَّهَ مِنْ غَيْبَتِهِ الْبَعِيدَةِ بِحَيْثُ كَانَ وَقْتَ أَدَاءِ الْفَرْعِ الشَّهَادَةَ فِي مَسَافَةِ الْعَدْوَى فَمَا دُونَهَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ الْأُصُولِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي غَيْبَةِ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يُؤَثِّرْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا مُقَيَّدٌ فِي الْفِسْقِ وَالرِّدَّةِ بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي حَدٍّ لِآدَمِيٍّ أَوْ قِصَاصٍ لَمْ يُسْتَوْفَ فَإِنْ وُجِدَ بَعْدَ الْقَضَاءِ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ يُسْتَوْفَ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ بِخِلَافِ حُدُوثِ الْعَدَاوَةِ وَلَوْ قَبْلَ الْحُكْمِ وَبَعْدَ الْأَدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ عِيَادَةُ الْقَاضِي الْمَرِيضَ بَعْدَ أَدَاءِ الْفَرْعِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ كَمَا إذَا بَرِئَ الْمَرِيضُ قُلْت وَهَذِهِ الصُّورَةُ وَقَعَتْ لِابْنِ أَبِي الدَّمِ وَتَرَدَّدَ فِيهَا نَظَرُهُ وَرَجَّحَ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْأَدَاءُ السَّابِقُ وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَرْدِ بِزَوَالِ عُذْرِهِ بِالْبَرْدِ بِخِلَافِ هَذِهِ الصُّورَةِ ر وَتُسْمَعُ شَهَادَةُ الْفَرْعِ إذَا سُمِعَ بِعَجْزِ الْأَصْلِ أَوْ بِإِقْرَارِهِ بِالْعَجْزِ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ وَقَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَفَقُّهًا) قَالَ الصَّيْمَرِيُّ إنَّ شَاهِدَ الْأَصْلِ لَوْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَشْهَدَهُمَا فَشَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ قَدْ كَانَ قَدْ أَشْهَدَهُمَا عَلَى شَهَادَتِهِ كَانَ لَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا (قَوْلُهُ وَلَا يَتَحَمَّلُ نِسَاءٌ) الْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ لَكِنْ لَوْ بَانَتْ ذُكُورَتُهُ صَحَّ تَحَمُّلُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute