للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا هُمَا) مَعًا (دُونَ طُولِ الْمُدَّةِ) وَالِاسْتِفَاضَةِ لِأَنَّ الْيَدَ الْمُجَرَّدَةَ قَدْ تَكُونُ عَنْ إجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ وَالتَّصَرُّفُ الْمُجَرَّدُ قَدْ يَكُونُ مِنْ وَكِيلٍ أَوْ غَاصِبٍ نَعَمْ يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ فِيهِمَا بِالْيَدِ.

(وَلَوْ تَجَرَّدَتْ الِاسْتِفَاضَةُ لَمْ يَشْهَدْ) بِهَا الشَّاهِدُ عَلَى الْمِلْكِ (حَتَّى يَنْضَمَّ إلَيْهَا إمَّا يَدٌ أَوْ تَصَرُّفٌ مَعَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ) فِيهِمَا كَمَا لَا يَشْهَدُ بِهَا عَلَى أَسْبَابِ الْمِلْكِ (فَإِنْ انْضَمَّا) أَيْ الْيَدُ وَالتَّصَرُّفُ (إلَيْهَا) أَيْ الِاسْتِفَاضَةِ (لَمْ يُشْتَرَطْ طُولُ الْمُدَّةِ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَحْدَهَا هُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ نَصِّهِ فِي حَرْمَلَةَ وَعَنْ اخْتِيَارِ الْقَاضِي وَالْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَقَالَ إنَّهُ الظَّاهِرُ قَالَ وَالْأَقْرَبُ إلَى إطْلَاقِ الْأَكْثَرِينَ الِاكْتِفَاءُ بِهَا كَالنَّسَبِ وَالْمَوْتِ انْتَهَى وَنَصَّ عَلَى الثَّانِي أَيْضًا كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ خَيْرَانَ وَنَقَلَ الْمِنْهَاجُ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ وَالْأَكْثَرِينَ وَجَزَمَ بِهِ الْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُ (وَيُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ) بِالْمِلْكِ بِنَاءً (عَلَى الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ) مَعَ مَا ذُكِرَ (أَنْ لَا يُعَارِضَهَا مُنَازِعٌ) فِي الْمِلْكِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ بِهِ إذْ ظَنُّ الْمِلْكِ إنَّمَا يَحْصُلُ حِينَئِذٍ (وَيُرْجَعُ فِي مَعْرِفَةِ طُولِ مُدَّةِ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ إلَى الْعُرْفِ وَلَا يَكْفِي الشَّاهِدُ بِالِاسْتِفَاضَةِ أَنْ يَقُولَ سَمِعْت النَّاسَ) يَقُولُونَ كَذَا وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَتُهُ مَبْنِيَّةً عَلَيْهَا (بَلْ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ لَهُ أَوْ أَنَّهُ ابْنُهُ) مَثَلًا (لِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ خِلَافَ مَا سَمِعَ) مِنْ النَّاسِ قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَلَا يَذْكُرُ مِنْ غَيْرِ سُؤَالِ الْحَاكِمِ مُسْتَنَدَ شَهَادَتِهِ مِنْ تَسَامُعٍ أَوْ رُؤْيَةِ يَدٍ أَوْ تَصَرُّفٍ زَائِدٍ فَلَوْ ذَكَرَهُ بِأَنْ قَالَ أَشْهَدُ بِالتَّسَامُعِ أَنَّ هَذَا مَلَكَ زَيْدًا وَأَشْهَدُ أَنَّهُ مَلَكَهُ لِأَنِّي رَأَيْته يَتَصَرَّفُ فِيهِ مُدَّةً طَوِيلَةً لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ ذِكْرَهُ يُشْعِرُ بِعَدَمِ جَزْمِهِ بِالشَّهَادَةِ.

وَيُوَافِقُهُ مَا سَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى مِنْ أَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ فِي شَهَادَتِهِ بِالْمِلْكِ بِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ الِاسْتِصْحَابَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ كَمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّضَاعِ عَلَى امْتِصَاصِ الثَّدْيِ وَحَرَكَةِ الْحُلْقُومِ وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ حَمْلُهُ لِمَا عَلَّلَ بِهِ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَلِلْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اقْتَضَاهُ مَا مَرَّ قَبْلَ بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ أَنَّ ذِكْرَ الْمُسْتَنَدِ مِنْ تَسَامُعٍ وَغَيْرِهِ لَيْسَ بِقَادِحٍ عَلَى مَا إذَا ظَهَرَ بِذِكْرِهِ تَرَدُّدٌ فِي الشَّهَادَةِ فَإِنْ ذَكَرَهُ لِتَقْوِيَةٍ أَوْ حِكَايَةِ حَالٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ

(فَرْعٌ التَّصَرُّفُ الْمُعْتَبَرُ) هُنَا تَصَرُّفُ الْمُلَّاكِ (كَالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَالدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالْبَيْعِ وَالْفَسْخِ بَعْدَهُ وَكَذَا الْإِجَارَةُ أَوْ الرَّهْنُ) لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ (وَلَا يَكْفِي) التَّصَرُّفُ (مَرَّةً) وَاحِدَةً لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ ظَنًّا (وَلَا يَثْبُتُ دَيْنٌ بِاسْتِفَاضَةٍ) لِأَنَّهَا لَا تَقَعُ فِي قَدْرِهِ كَذَا عَلَّلَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مِلْكَ الْحِصَصِ مِنْ الْأَعْيَانِ لَا يَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ قَالَ وَالْوَجْهُ الْقَائِلُ بِثُبُوتِ الدَّيْنِ بِالِاسْتِفَاضَةِ قَوِيٌّ وَكَانَ يَنْبَغِي لِلنَّوَوِيِّ تَرْجِيحُهُ كَمَا رَجَّحَ ثُبُوتَ الْوَقْفِ وَنَحْوِهِ بِهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا (وَلَوْ شَهِدَ الْأَعْمَى بِالِاسْتِفَاضَةِ جَازَ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَعْيِينٍ) وَإِشَارَةٍ لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ فِيمَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهِ بِالِاسْتِفَاضَةِ عَلَى السَّمَاعِ وَالْأَعْمَى فِيهِ كَالْبَصِيرِ (بِأَنْ شَهِدَ عَلَى مَعْرُوفٍ) بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ (أَوْ) شَهِدَ (لَهُ بِنَسَبٍ مُرْتَفِعٍ) أَوْ بِنَسَبٍ أَدْنَى وَصَوَرُهُ بِأَنْ يَصِفَ الشَّخْصُ فَيَقُولُ الرَّجُلُ الَّذِي اسْمُهُ كَذَا وَكُنْيَتُهُ كَذَا وَمُصَلَّاهُ كَذَا وَسَكَنُهُ كَذَا هُوَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ثُمَّ يُقِيمُ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أُخْرَى أَنَّهُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ قَالَ وَالْأَقْرَبُ إلَى إطْلَاقِ الْأَكْثَرِينَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ وَنَقَلَهُ الشَّاشِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ نَصًّا وَحَكَى قَبْلَ ذَلِكَ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَنْسُوبُ إلَى الْعِرَاقِيِّينَ وَبِهِ جَزَمَ الْفُورَانِيُّ وَحَكَى جَمَاعَةٌ طَرِيقَةً قَاطِعَةً بِهِ وَهِيَ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ فِي بَابِ التَّحَفُّظِ فِي الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ خَيْرَانَ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ أَنْ لَا يُعَارِضَهَا مُنَازِعٌ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حُجَّةٌ وَأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ رِيبَةً تُوجِبُ التَّوَقُّفَ كَمَا لَوْ قِيلَ أَصْلُهُ كَانَ وَقْفًا أَوْ رَهْنًا أَوْ غَصْبًا أَوْ قَالَ ذُو الْيَدَانِ هَذِهِ مِلْكٌ لِرَجُلٍ وَلَمْ يُسَمِّهِ أَوْ إنَّهَا لَيْسَتْ لِي ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ مِلْكِيَّتَهَا فَأَنْكَرَ ذُو الْيَدِ وَادَّعَاهَا مِلْكًا لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ أَنْ يَقُولَ سَمِعْت النَّاسَ) أَيْ أَشْهَدُ أَنِّي (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالسُّبْكِيِّ حَمْلُهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلِلْجَمِيعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اقْتَضَاهُ إلَخْ) وَهُوَ جَمْعٌ حَسَنٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ ذَكَرَهُ لِتَقْوِيَةٍ أَوْ حِكَايَةِ حَالٍ إلَخْ) بِأَنْ بَتَّ شَهَادَتَهُ ثُمَّ قَالَ مُسْتَنِدِي الِاسْتِفَاضَةُ أَوْ الِاسْتِصْحَابُ وَقَدْ قَالَ الشَّيْخَانِ فِي شَهَادَةِ الْجَرْحِ يَجِبُ ذِكْرُ سَبَبِ رُؤْيَةِ الْجَرْحِ أَوْ سَمَاعِهِ فِي أَشْهَرِ الْوَجْهَيْنِ فَيَقُولُ رَأَيْته يَزْنِي أَوْ سَمِعْته يَقْذِفُ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ يَقُولُ فِي الِاسْتِفَاضَةِ اسْتَفَاضَ عِنْدِي قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَحَاصِلُهُ الْجَزْمُ بِجَوَازِهِ وَحِكَايَةُ الْخِلَافِ فِي اشْتِرَاطِهِ

[فَرْعٌ التَّصَرُّفُ الْمُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِفَاضَةُ]

(قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ) يُشْبِهُ أَنَّ مَحِلَّهُ فِيمَنْ لَا يُبَاشِرُ أَمْلَاك النَّاسِ نِيَابَةً عَنْهُمْ كَجُبَاةِ أَمْلَاك الْأَغْنِيَاءِ الَّذِينَ يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا بِالْإِجَارَةِ وَالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَقَبْضِ الْأُجْرَة وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ مِنْ قِيَامِ الْأَيْتَامِ وَالْوُقُوفِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّ هَؤُلَاءِ تَطُولُ مُدَّةُ أَيْدِيهِمْ وَتَصَرُّفِهِمْ فِي أَمْلَاك النَّاسِ غَالِبًا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يَشْهَدُ لِهَؤُلَاءِ أَنْ يَكُونَ خَبِيرًا بِبَوَاطِنِ أَحْوَالِهِمْ مُمَيِّزًا بَيْنَ مَا هُوَ لَهُمْ وَمَا هُوَ لِغَيْرِهِمْ بِأَيْدِيهِمْ غ وَقَوْلُهُ يُشْبِهُ أَنَّ مَحِلَّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي التَّصَرُّفُ مَرَّةً وَاحِدَةً أَوْ مَرَّتَيْنِ) أَوْ مَرَّاتٍ فِي مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ (قَوْلُهُ وَلَا يَثْبُتُ دَيْنٌ بِالِاسْتِفَاضَةِ) قَالَ شُرَيْحٌ فِي رَوْضَتِهِ لَوْ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا هَلْ كَانَ لِلسَّامِعِ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا فِيهِ وَجْهَانِ قُلْت الصَّوَابُ الْجَوَازُ غ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: ٣] وَقَوْلُهُ {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} [التكوير: ٢٤] وَكَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ لِي عَلَى فُلَانٍ كَذَا كَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ فِي قَوْلِهِ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَقَدْ قَبِلَ شَهَادَتَهُ خُزَيْمَةُ وَجَعَلَ شَهَادَتَهُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ وَقَدْ اعْتَمَدَ فِي شَهَادَتِهِ عَلَى إخْبَارِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) كَالْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إنْ مَلَكَ الْحِصَصَ مِنْ الْأَعْيَانِ إلَخْ) كَهَذِهِ الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ رُبْعُهَا لِزَيْدٍ وَثُمْنُهَا لِعَمْرٍو وَسُدُسُهَا لِبَكْرٍ (قَوْلُهُ وَصُوَرُهُ) أَيْ النَّسَبِ الْأَدْنَى

<<  <  ج: ص:  >  >>