للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّوْزِيعُ) لِلدِّيَةِ عَلَى السِّيَاطِ (قَوْلَانِ) أَقْرَبُهُمَا الثَّانِي كَمَا لَوْ ضَرَبَهُ زَائِدًا عَلَى حَدِّ الْقَذْفِ فَمَاتَ.

(وَإِنْ قَالَ زَنَيْت بِفُلَانَةُ فَأَنْكَرَتْ أَوْ قَالَتْ) كَانَ (تَزَوَّجَنِي فَمُقِرٌّ) بِالزِّنَا (وَقَاذِفٌ) لَهَا فَيَلْزَمُهُ حَدُّ الزِّنَا وَحَدُّ الْقَذْفِ فَإِنْ رَجَعَ سَقَطَ حَدُّ الزِّنَا وَحْدَهُ.

(فَإِنْ قَالَ) زَنَيْت بِهَا (مُكْرَهَةً لَزِمَهُ حَدٌّ) لِلزِّنَا لَا لِلْقَذْفِ (وَ) لَزِمَهُ لَهَا (مَهْرٌ فَإِنْ رَجَعَ) عَنْ إقْرَارِهِ (سَقَطَ الْحَدُّ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (لَا الْمَهْرُ) ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ.

(وَلَوْ شَهِدُوا بِإِقْرَارِهِ) بِالزِّنَا، وَلَوْ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهِ (فَكَذَّبَهُمْ) كَأَنْ قَالَ مَا أَقْرَرْت (لَمْ يُقْبَلْ) تَكْذِيبُهُ؛ لِأَنَّهُ تَكْذِيبٌ لِلشُّهُودِ وَالْقَاضِي (أَوْ كَذَّبَ نَفْسَهُ) فِي إقْرَارِهِ (قُبِلَ فِي إقْرَارِهِ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ.

(وَلَوْ قَالَ لَا تَحُدُّونِي وَامْتَنَعَ) مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهِ (أَوْ هَرَبَ فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ) فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ لِوُجُودِ مُثْبِتِهِ مَعَ عَدَمِ تَصْرِيحِهِ بِالرُّجُوعِ (لَكِنْ يُكَفُّ عَنْهُ) فِي الْحَالِ لِمَا فِي خَبَرِ مَاعِزٍ «هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ» ؛ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا قَصَدَ الرُّجُوعَ فَيُعْرَضُ عَنْهُ احْتِيَاطًا (فَإِنْ رَجَعَ) فَذَاكَ (وَإِلَّا حُدَّ، وَإِنْ لَمْ يُكَفَّ عَنْهُ) فَمَاتَ (فَلَا ضَمَانَ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِمْ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ شَيْئًا.

(وَ) الْحَدُّ (الثَّابِتُ بِالْبَيِّنَةِ لَا يَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ) ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ سَوَاءٌ أُثْبِتَ بِالْإِقْرَارِ أَمْ بِالْبَيِّنَةِ، وَصَرَّحَ الْأَصْلُ بِتَصْحِيحِهِ وَذَلِكَ لِئَلَّا يَتَّخِذَهَا ذَرِيعَةً إلَى إسْقَاطِ الزَّوَاجِرِ (فَإِنْ أَقَرَّ) بِالزِّنَا (ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِزِنَاهُ ثُمَّ رَجَعَ) عَنْ الْإِقْرَارِ (فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ لِبَقَاءِ حُجَّةِ الْبَيِّنَةِ كَمَا لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ ثَمَانِيَةٌ فَرَدَّ أَرْبَعَةً وَثَانِيهِمَا يَسْقُطُ إذْ لَا أَثَرَ لِلْبَيِّنَةِ مَعَ الْإِقْرَارِ، وَقَدْ بَطَلَ وَنَقَلَهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ فِي ذَلِكَ وَفِي عَكْسِهِ، وَقَالَ الْأَصَحُّ عِنْدِي اعْتِبَارُ أَسْبَقِهِمَا وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ مَحَلِّ الْخِلَافِ بِمَا قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَدْ أَسْنَدَ إلَيْهِمَا مَعًا أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ، وَقَدْ أَسْنَدَ إلَى أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ قَطْعًا ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ أَشَارَ إلَى بَعْضِ ذَلِكَ (، وَلَا يُشْتَرَطُ حَيَاةُ الشُّهُودِ) ، وَلَا حُضُورُهُمْ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى، وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ (حَالَةَ الْحُكْمِ، وَلَا قُرْبَ عَهْدِ الزِّنَا) فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِهِ، وَإِنْ تَطَاوَلَ الزَّمَانُ.

(وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِبَكَارَةِ مَنْ ثَبَتَ زِنَاهَا أَوْ رَتَقُهَا) أَوْ قَرَنُهَا (سَقَطَ الْحَدُّ عَنْهَا) لِلشُّبْهَةِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ غَوْرَاءَ يُمْكِنُ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ فِيهَا مَعَ بَقَاءِ الْبَكَارَةِ فَالْأَشْبَهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهَا تُحَدُّ لِثُبُوتِ زِنَاهَا قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ حُصُولِ التَّحْلِيلِ بِهِ عَلَى مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ أَنَّ التَّحْلِيلَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَكْمِيلِ اللَّذَّةِ (وَعَنْ قَاذِفِهَا) لِقِيَامِ الشَّهَادَةِ بِزِنَاهَا مَعَ احْتِمَالِ عَوْدِ الْبَكَارَةِ بَعْدَ زَوَالِهَا لِتَرْكِ الْمُبَالَغَةِ فِي الِافْتِضَاضِ فِي الْبِكْرِ وَرَمْيِ مَنْ لَا يُمْكِنُ جِمَاعُهُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ، وَكَذَا لَا يَجِبُ حَدُّ الْقَذْفِ عَلَى الشُّهُودِ لِذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي، وَتَبْطُلُ حَصَانَتُهَا بِلَا خِلَافٍ.

(أَوْ) قَامَتْ بَيِّنَةٌ (بِبَكَارَةِ مَنْ ثَبَتَ لَهَا مَهْرٌ) عَلَى مَنْ وَطِئَهَا، وَلَوْ بِشُبْهَةٍ أَوْ إكْرَاهٍ (لَمْ يَسْقُطْ) مَهْرُهَا لِثُبُوتِهِ مَعَ الشُّبْهَةِ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ فِيمَا لَوْ شَهِدَ بِزِنَاهُ بِهَا أَرْبَعَةٌ، وَلَا عَلَى الشُّهُودِ لِلشُّبْهَةِ، وَلَا عَلَيْهَا لِلشَّهَادَةِ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْبَيِّنَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ، وَإِنْ شَهِدَ اثْنَانِ بِإِكْرَاهِهَا عَلَى الزِّنَا لَمْ يَثْبُتْ الزِّنَا وَكَذَا الْمَهْرُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ شُهُودَ الزِّنَا إذَا نَقَصُوا عَنْ أَرْبَعَةٍ لَزِمَهُمْ حَدُّ الْقَذْفِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ.

(وَإِنْ شَهِدَ اثْنَانِ بِإِكْرَاهِهَا) عَلَى الزِّنَا (وَاثْنَانِ بِمُطَاوَعَتِهَا) عَلَيْهِ (لَزِمَهُ الْمَهْرُ لِسُقُوطِ الْحَدِّ عَنْ شُهُودِ الْإِكْرَاهِ) لِتَمَامِ عَدَدِ شُهُودِ زِنَاهُ (دُونَ الْحَدِّ) أَيْ حَدِّ زِنَاهُ فَلَا يَلْزَمُهُ (لِوُجُوبِهِ) أَيْ حَدُّ قَذْفِهَا (عَلَى الْآخَرِينَ) لِعَدَمِ تَمَامِ عَدَدِ شُهُودِ زِنَاهَا فَخَرَجَ قَوْلُهُمَا عَنْ كَوْنِهِ شَهَادَةً، وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا لِذَلِكَ، وَلَا يَجِبُ حَدُّ الْقَذْفِ لِلرَّجُلِ؛ لِأَنَّ عَدَدَ شُهُودِ زِنَاهُ قَدْ تَمَّ، وَإِنَّمَا رَدَدْنَا الشَّهَادَةَ لِأَمْرٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ (وَإِنْ ذَكَرَ كُلٌّ مِنْ الشُّهُودِ) لِلزِّنَا (زَاوِيَةً) مِنْ زَوَايَا الْبَيْتِ الَّذِي زَنَيَا فِيهِ (فَسَيَأْتِي) بَيَانُهُ (فِي الشَّهَادَاتِ)

[الْبَابُ الثَّانِي فِي اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ]

(الْبَابُ الثَّانِي فِي اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ) (إنَّمَا يَسْتَوْفِيهِ مِنْ الْحُرِّ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ) ؛ لِأَنَّهُ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَهْدِ الْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ لَمْ يُقَمْ إلَّا بِإِذْنِهِمْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُفَوَّضْ لِأَوْلِيَاءِ الْمَزْنِيِّ بِهَا؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ لَا يَسْتَوْفُونَهُ خَوْفًا مِنْ الْعَارِ قَالَ الْقَاضِي، وَلَا بُدَّ فِي إقَامَةِ الْحُدُودِ مِنْ النِّيَّةِ حَتَّى لَوْ ضُرِبَ لِصَادِرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَعَلَيْهِ حُدُودٌ لَمْ يُحْسَبْ مِنْهَا وَفِي فَتَاوَى شَيْخِهِ الْقَفَّالِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: أَقْرَبُهُمَا الثَّانِي) هُوَ الْأَظْهَرُ

(قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ الْأَصْلُ بِتَصْحِيحِهِ) وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِدُخُولِهِ فِي قَوْلِهِ فِي بَابِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ، وَلَا يَسْقُطُ بِهَا سَائِرُ الْحُدُودِ (قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ لِبَقَاءِ حُجَّةِ الْبَيِّنَةِ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْأَصَحُّ عِنْدِي اعْتِبَارُ أَسْبَقِهِمَا) فَإِنْ أَقَرَّ ثُمَّ شَهِدَ عَلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ لَمْ يُحَدَّ، وَأَمَّا عَكْسُهُ فَحَكَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَيْضًا السُّقُوطَ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الرَّافِعِيُّ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ مَحَلِّ الْخِلَافِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيُّ أَشَارَ إلَى بَعْضِ ذَلِكَ) ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ سَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَسْتَنِدُ إلَى الشَّهَادَةِ فَقَطْ، وَكَتَبَ أَيْضًا نَقَلَ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ الْقَضَاءِ، وَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ بِحَقٍّ ثُمَّ أَقَرَّ الْخَصْمُ قَبْلَ الْحُكْمِ هَلْ يُسْتَنَدُ الْحُكْمُ إلَى الْإِقْرَارِ أَوْ إلَيْهِمَا جَمِيعًا، وَأَنَّ الصَّحِيحَ الْأَوَّلُ. اهـ. أَيْ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ أَقْوَى مِنْ الْبَيِّنَةِ، وَأَمَّا فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَسْتَنِدُ الْحُكْمُ فِيهَا إلَى الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ الْإِقْرَارِ فَالْأَصَحُّ فِي مَسْأَلَتِنَا عَدَمُ السُّقُوطِ.

(قَوْلُهُ: فَالْأَشْبَهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَنَّهَا تُحَدُّ) هُوَ الرَّاجِحُ وَفِي الْحَاوِي إنْ لَمْ يَمْنَعْ الرَّتَقُ وَالْقَرَنُ إيلَاجَ الْحَشَفَةِ حُدَّتْ، وَمَا تَفَقَّهَهُ الزَّرْكَشِيُّ جَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: لِقِيَامِ الشَّهَادَةِ بِزِنَاهَا مَعَ احْتِمَالِ عَوْدِ الْبَكَارَةِ بَعْدَ زَوَالِهَا) خَصَّ الْقَاضِي ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ زَمَنٌ بَعِيدٌ يُمْكِنُ عَوْدُ الْعُذْرَةِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْقَاضِي وَتَبْطُلُ حَضَانَتُهَا بِلَا خِلَافٍ) ، قَالَ الْقَاضِي هَذَا إذَا كَانَ بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ زَمَنٌ بَعِيدٌ يُمْكِنُ عَوْدُ الْعُذْرَةِ فِيهِ فَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهَا زَنَتْ السَّاعَةَ، وَشَهِدَتْ بِأَنَّهَا عَذْرَاءُ، وَجَبَ الْحَدُّ، وَقَوْلُهُ هَذَا إذَا كَانَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا حَدَّ فِيمَا لَوْ شَهِدَ إلَخْ) ، قَالَ شَيْخُنَا كَلَامُ الْقَاضِي قَرِينَةٌ تُقَيِّدُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ أَيْضًا.

(الْبَابُ الثَّانِي فِي اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ) (قَوْلُهُ: وَفِي فَتَاوَى شَيْخِهِ الْقَفَّالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>