للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ لَهُ أَقْرَرْت بِالْأُنُوثَةِ فَلَا قِصَاصَ لَك فَأَنْكَرَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقِصَاصِ وَالْمَقْطُوعُ مُتَّهَمٌ.

[فَرْعٌ قَطَعَ الْمُشْكِلُ ذَكَرَ رَجُلٍ وَأُنْثَيَيْهِ]

(فَرْعٌ:) لَوْ (قَطَعَ الْمُشْكِلُ ذَكَرَ رَجُلٍ وَأُنْثَيَيْهِ وَبَانَ رَجُلًا اقْتَصَّ مِنْهُ، أَوْ أُنْثَى فَدِيَتَانِ، وَلَا قِصَاصَ) عَلَيْهِ (وَقَبْلَ الْيَمِينِ) لِحَالِ الْمُشْكِلِ (لَا يُعْطَى) مَالًا (إلَّا إنْ عَفَا عَلَى مَالٍ) فَيُعْطَاهُ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ قَبْلَ الْعَفْوِ مُتَوَقَّعٌ بِخِلَافِهِ بَعْدَهُ (وَإِنْ قَطَعَ) شَخْصٌ (يَدَ مُشْكِلٍ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ فِي الْحَالِ) وَيَجِبُ (فِي الْخَطَأِ) وَشِبْهِ الْعَمْدِ (نِصْفُ دِيَةِ امْرَأَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فَلَوْ آلَ الْأَمْرُ إلَى الْمَالِ لَمْ يُؤْخَذْ إلَّا الْيَقِينُ، وَهُوَ نِصْفُ دِيَةِ الْمَرْأَةِ، وَكَذَا لَوْ قَتَلَ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ إلَّا دِيَةُ امْرَأَةٍ. انْتَهَى. وَظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ أَنَّ ذَلِكَ مَحِلُّ إذَا لَمْ يَقُلْ قَبْلَ الْقَطْعِ أَنَا رَجُلٌ وَيَدُلُّ لَهُ تَعْبِيرُهُمْ بِالْمُشْكِلِ.

[فَصْلٌ قَتَلَ الْجَمَاعَةُ لِلْوَاحِدِ]

(فَصْلٌ) لَوْ (قَتَلَ الْجَمَاعَةُ وَاحِدًا قُتِلُوا بِهِ، وَإِنْ تَفَاضَلَتْ الْجِرَاحَاتُ فِي الْعَدَدِ وَالْفُحْشِ وَالْأَرْشِ) سَوَاءٌ أَقَتَلُوهُ بِمُحَدَّدٍ أَمْ بِمُثْقَلٍ كَأَنْ أَلْقَوْهُ مِنْ شَاهِقٍ، أَوْ فِي بَحْرٍ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ عُقُوبَةٌ تَجِبُ لِلْوَاحِدِ عَلَى الْوَاحِدِ فَتَجِبُ لَهُ عَلَى الْجَمَاعَةِ كَحَدِّ الْقَذْفِ؛ وَلِأَنَّهُ شُرِعَ لِحَقْنِ الدِّمَاءِ فَلَوْ لَمْ يَجِبْ عِنْدَ الِاشْتِرَاكِ لَاُتُّخِذَ ذَرِيعَةً إلَى سَفْكِهَا وَرَوَى مَالِكٌ أَنَّ عُمَرَ قَتَلَ نَفَرًا خَمْسَةً، أَوْ سَبْعَةً بِرَجُلٍ قَتَلُوهُ غِيلَةً، وَقَالَ لَوْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ جَمِيعًا (وَإِنَّمَا يُعْتَدُّ) فِي ذَلِكَ (بِجِرَاحَةِ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ (إذَا كَانَتْ مُؤَثِّرَةً فِي الزُّهُوقِ) لِلرُّوحِ (لَا خَدْشَةً خَفِيفَةً) فَلَا عِبْرَةَ بِهَا، وَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ سِوَى الْجِنَايَاتِ الْبَاقِيَاتِ (فَيَسْتَحِقُّ) وَلِيُّ قَتِيلِ الْجَمَاعَةِ (دَمُ كُلٍّ مِنْهُمْ) فَلَهُ قَتْلُ جَمِيعِهِمْ (وَ) لِلْوَلِيِّ (قَتْلُ بَعْضِهِمْ، وَأَخْذُ بَاقِي الدِّيَةِ مِنْ الْبَاقِينَ) ، وَلَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَخْذِ الدِّيَةِ (مُوَزَّعَةً بِعَدَدِهِمْ لَا بِالْجِرَاحَاتِ) أَيْ بِعَدَدِهَا؛ لِأَنَّ تَأْثِيرَهَا لَا يَنْضَبِطُ، وَقَدْ تَزِيدُ نِكَايَةُ الْجِرَاحَةِ الْوَاحِدَةِ عَلَى نِكَايَةِ جِرَاحَاتٍ كَثِيرَةٍ وَخَرَجَ بِالْجِرَاحَاتِ الضَّرَبَاتُ فَتُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَيْهِمَا كَمَا سَيَأْتِي (وَمَنْ انْدَمَلَتْ جِرَاحَتُهُ قَبْلَ الْمَوْتِ لَزِمَهُ أَرْشُهَا) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ لَزِمَهُ مُقْتَضَاهَا (فَقَطْ) أَيْ دُونَ قِصَاصِ النَّفْسِ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ هُوَ الْجِرَاحَةُ السَّارِيَةُ (وَإِنْ) جَرَحَهُ اثْنَانِ مُتَعَاقِبَانِ وَادَّعَى الْأَوَّلُ انْدِمَالَ جُرْحِهِ، وَ (أَنْكَرَهُ الْوَلِيُّ، وَنَكَلَ فَحَلَفَ مُدَّعِي الِانْدِمَالِ سَقَطَ عَنْهُ الْقِصَاصُ) فِي النَّفْسِ (فَإِنْ عَفَا) الْوَلِيُّ (عَنْ الْآخَرِ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا نِصْفُ الدِّيَةِ) إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ (إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِالِانْدِمَالِ) فَيَلْزَمُهُ كَمَالُ الدِّيَةِ.

(فَرْعٌ) لَوْ (قَتَلَ وَاحِدٌ) مِنْ الْأَحْرَارِ فِي غَيْرِ الْمُحَارَبَةِ (جَمَاعَةً، أَوْ قَطَعَ أَيْدِيَهُمْ اُقْتُصَّ) مِنْهُ (لِوَاحِدٍ) مِنْهُمْ (وَ) عَلَيْهِ (لِلْبَاقِينَ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ (الدِّيَةُ وَسَيَأْتِي) ذَلِكَ مَعَ الْكَلَامِ فِيمَنْ يُقْتَصُّ لَهُ مِنْهُمْ فِي بَابِهِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ عَبْدًا، أَوْ حُرًّا لَكِنَّهُ قُتِلَ فِي الْمُحَارَبَةِ فَسَيَأْتِي.

[فَصْلٌ مَاتَ الْجَرِيحُ مِنْ جِرَاحَتَيْ عَمْدٍ وَخَطَأٍ]

(فَصْلٌ) وَفِي نُسْخَةٍ فَرْعٌ (وَإِنْ مَاتَ) الْجَرِيحُ (مِنْ جِرَاحَتَيْ عَمْدٍ وَخَطَأٍ، أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْجَارِحِ؛ لِأَنَّ الزُّهُوقَ لَمْ يَحْصُلْ بِعَمْدٍ مَحْضٍ (بَلْ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ) يَعْنِي عَاقِلَةَ غَيْرِ الْمُتَعَمِّدِ (نِصْفُ الدِّيَةِ) مُخَفَّفَةً، أَوْ مُثَلَّثَةً (وَعَلَى الْمُتَعَمِّدِ النِّصْفُ مُغَلَّظَةً سَوَاءٌ اتَّحَدَ الْجَارِحُ، أَوْ تَعَدَّدَ إلَّا إنْ قَطَعَ الْمُتَعَمِّدُ طَرَفَهُ فَيُقْتَصُّ مِنْهُ) فَلَوْ قَطَعَ الْيَدَ فَعَلَيْهِ قِصَاصُهَا، أَوْ الْأُصْبُعَ فَكَذَلِكَ مَعَ أَرْبَعَةِ أَعْشَارِ الدِّيَةِ (وَإِنْ امْتَنَعَ الْقِصَاصُ فِي أَحَدِهِمَا لِمَعْنًى فِيهِ اقْتَصَّ مِنْ شَرِيكِهِ إذَا تَعَمَّدَا جَمِيعًا) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ انْفَرَدَ بِقَتْلِهِ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ فَإِذَا شَارَكَ مَنْ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ لَا لِمَعْنًى فِي فِعْلِهِ لَزِمَهُ أَيْضًا كَمَا لَوْ تَعَمَّدَا فَعَفَا الْوَلِيُّ عَنْ أَحَدِهِمَا (فَيُقْتَصُّ مِنْ شَرِيكٍ لِأَبٍ فِي) قَتْلِ (الْوَلَدِ) وَعَلَى الْأَبِ نِصْفُ الدِّيَةِ مُغَلَّظَةً، وَفَارَقَ شَرِيكُ الْأَبِ شَرِيكَ الْمُخْطِئِ بِأَنَّ الْخَطَأَ شُبْهَةٌ فِي فِعْلِ الْمُخْطِئِ وَالْفِعْلَانِ مُضَافَانِ إلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً فِي الْقِصَاصِ كَمَا لَوْ صَدَرَا مِنْ وَاحِدٍ وَالْأُبُوَّةُ صِفَةٌ فِي ذَاتِ الْأَبِ وَذَاتُهُ مُتَمَيِّزَةٌ عَنْ ذَاتِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا تُورِثُ شُبْهَةً فِي حَقِّهِ (وَ) يُقْتَصُّ مِنْ شَرِيكِ (الْحُرِّ فِي) قَتْلِ (الْعَبْدِ، وَ) مِنْ شَرِيكِ (الْمُسْلِمِ فِي) قَتْلِ (الذِّمِّيِّ، وَكَذَا مِنْ شَرِيكِ سَيِّدٍ) فِي قَتْلِ عَبْدِهِ إنْ كَانَ شَرِيكُهُ عَبْدًا، أَوْ حُرًّا وَجَرَحَهُ بَعْدَ أَنْ جَرَحَهُ سَيِّدُهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ (وَ) مِنْ شَرِيكِ (حَرْبِيٍّ) فِي مِثْلِ مَنْ يُكَافِئُهُ (وَ) مِنْ شَرِيكِ (جَارِحٍ) جُرِحَ (بِحَقٍّ كَقَطْعِ سَرِقَةٍ) ، أَوْ قِصَاصٍ (وَ) مِنْ (شَرِيكِ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ) وَمَجْنُونٍ (لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ) فِي قَتْلِ مَنْ يُكَافِئُهُ؛ لِأَنَّ عَمْدَهَا عَمْدٌ بِخِلَافِ شَرِيكِ مَنْ لَا تَمْيِيزَ لَهُ (وَمِنْ شَرِيكِ السَّبُعِ، أَوْ الْحَيَّةِ الْقَاتِلَيْنِ غَالِبًا) فِي قَتْلِ مَنْ يُكَافِئُهُ بِخِلَافِ شَرِيكِ الْقَاتِلَيْنِ لَا غَالِبًا لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ كَشَرِيكِ الْجَارِحِ شِبْهُ عَمْدٍ، وَوَقَعَ لِلنَّوَوِيِّ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ تَصْحِيحُ -

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَرْعٌ إخْوَةٌ أَرْبَعَةٌ قَتَلَ الثَّانِي أَكْبَرَهُمْ وَالثَّالِثُ أَصْغَرَهُمْ]

قَوْلُهُ: وَرَوَى مَالِكٌ أَنَّ عُمَرَ قَتَلَ نَفَرًا خَمْسَةً أَوْ سَبْعَةً بِرَجُلٍ إلَخْ) ، وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ فَصَارَ إجْمَاعًا، وَقَتَلَ عَلِيٌّ ثَلَاثَةً بِوَاحِدٍ، وَقَتَلَ الْمُغِيرَةُ سَبْعَةً بِوَاحِدٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إذَا قَتَلَ جَمَاعَةٌ وَاحِدًا قُتِلُوا بِهِ، وَلَوْ كَانُوا مِائَةً، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ فَكَانَ إجْمَاعًا (قَوْلُهُ: قَتَلُوهُ غِيلَةً) أَيْ حِيلَةً (قَوْلُهُ: لَوْ قَتَلَ وَاحِدٌ جَمَاعَةً إلَخْ) لَوْ كَانَ وَلِيُّ الْأَوَّلِ غَائِبًا أَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا حُبِسَ الْقَاتِلُ حَتَّى يَحْضُرَ أَوْ يَكْمُلَ، وَلَوْ قَتَلَهُمْ مَعًا أُقْرِعَ فَمَنْ قُرِعَ اقْتَصَّ فَإِنْ عَفَا أُعِيدَتْ وَهَكَذَا، وَهَذَا الْإِقْرَاعُ وَاجِبٌ، وَلَوْ رَضُوا بِالتَّقْدِيمِ بِلَا قُرْعَةٍ جَازَ فَإِنْ رَجَعُوا اقْتَرَعُوا، وَلَوْ لَمْ يَدْرِ أَقَتَلَهُمْ مُرَتَّبًا أَوْ دَفْعَةً أَقْرَعْنَا فَإِنْ أَقَرَّ بِسَبْقِ قَتْلِ بَعْضِهِمْ اقْتَصَّ مِنْهُ وَلِيُّهُ وَلِوَلِيِّ غَيْرِهِ تَحْلِيفُهُ إنْ كَذَّبَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>