للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَوْقُوفَةِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ تَفَقُّهًا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ النَّصِّ وَقَطَعَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْمَوْجُودَ مِنْ الدُّورِ حَالَ الْفَتْحِ وَقْفٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ.

(ثُمَّ مَا فِيهَا) أَيْ أَرْضِ سَوَادِ الْعِرَاقِ (مِنْ الْأَشْجَارِ ثِمَارُهَا لِلْمُسْلِمِينَ يَبِيعُهَا الْإِمَامُ وَيَصْرِفُهَا) أَيْ أَثْمَانَهَا وَلَهُ أَنْ لَا يَبِيعَهَا وَيَصْرِفَهَا نَفْسَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (مَصَارِفُ الْخَرَاجِ وَمَصَارِفُهُ مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ الْأَهَمُّ فَالْأَهَمُّ) مِنْهَا (وَمِنْهَا أَهْلُ الْفَيْءِ) أَغْنِيَاؤُهُمْ وَفُقَرَاؤُهُمْ.

(وَحَدُّ السَّوَادِ مِنْ عَبَّادَانَ) بِالْبَاءِ الْمُشَدَّدَةِ (إلَى حَدِيقَةِ الْمَوْصِلِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْمِيمِ (طُولًا وَمِنْ) عُذَيْبِ (الْقَادِسِيَّةِ إلَى حُلْوَانَ) بِضَمِّ الْحَاءِ (عَرْضًا) بِإِجْمَاعِ أَهْلِ التَّارِيخِ (مَا خَلَا الْبَصْرَةَ) بِفَتْحِ الْبَاءِ أَشْهُرُ مِنْ ضَمِّهَا وَكَسْرِهَا فَإِنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ دَاخِلَةً فِي حَدِّ السَّوَادِ فَلَيْسَ لَهَا حُكْمُهُ؛ لِأَنَّهَا حَدَثَتْ بَعْدَ فَتْحِهِ وَوَقْفِهِ فَأَحْيَاهَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ وَعُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ فِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَلَمْ يُعْبَدْ بِهَا صَنَمٌ قَطُّ (إلَّا الْفُرَاتُ شَرْقِيَّ دِجْلَتِهَا وَ) إلَّا (نَهْرُ الصَّرَاةِ غَرْبِيَّهَا) أَيْ غَرْبِيَّ دِجْلَتِهَا (وَهُوَ) أَيْ حَدُّ السَّوَادِ بِالْفَرَاسِخِ (مِائَةٌ وَسِتُّونَ فَرْسَخًا طُولًا وَثَمَانُونَ عَرْضًا) وَبِالْجَرِيبِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ أَلْفَ أَلْفَ جَرِيبٍ، وَثَانِيهِمَا سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ أَلْفَ أَلْفٍ حَكَاهُمَا الرَّافِعِيُّ ثُمَّ قَالَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَرْجِعَ التَّفَاوُتُ إلَى مَا يَقَعُ الْحَدُّ الْمَذْكُورُ مِنْ السِّبَاخِ وَالتُّلُولِ وَالطُّرُقِ وَمَجَارِي الْأَنْهَارِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يُزْرَعُ فَكَانَ بَعْضُهُمْ أَخْرَجَهَا عَنْ الْحِسَابِ.

(وَالْخَرَاجُ) أَيْ قَدْرُهُ (فِي كُلِّ سَنَةٍ) مَا فَرَضَهُ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ لَمَّا بَعَثَهُ عُمَرُ مَاسِحًا وَهُوَ (عَلَى جَرِيبِ شَعِيرٍ دِرْهَمَانِ وَ) جَرِيبِ (حِنْطَةٍ أَرْبَعَةٌ وَ) جَرِيبِ (شَجَرٍ وَ) جَرِيبِ قَصَبِ (سُكَّرٍ سِتَّةٌ وَ) جَرِيبِ (نَخْلٍ ثَمَانِيَةٌ وَ) جَرِيبِ (كَرْمٍ عَشْرَةٌ وَ) جَرِيبِ (زَيْتُونٍ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا) وَالْجَرِيبُ عَشْرُ قَصَبَاتٍ كُلُّ قَصَبَةٍ سِتَّةُ أَذْرُعٍ بِالْهَاشِمِيِّ كُلُّ ذِرَاعٍ سِتُّ قَبَضَاتٍ كُلُّ قَبْضَةٍ أَرْبَعُ أَصَابِعَ فَالْجَرِيبُ سَاحَةٌ مُرَبَّعَةٌ مِنْ الْأَرْضِ بَيْنَ كُلِّ جَانِبَيْنِ مِنْهَا سِتُّونَ ذِرَاعًا هَاشِمِيًّا وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ الْجَرِيبُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةِ ذِرَاعٍ.

وَأَمَّا مِصْرُ فَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ وَغَيْرِهِ: إنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً وَقِيلَ فُتِحَتْ صُلْحًا ثُمَّ نَكَثُوا فَفَتَحَهَا عُمَرُ ثَانِيًا عَنْوَةً وَفِي وَصِيَّةِ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ مَا يَقْتَضِي أَنَّهَا فُتِحَتْ صُلْحًا.

وَأَمَّا الشَّامُ فَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهَا فُتِحَتْ صُلْحًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُورِيُّ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ مُدَّتَهَا فُتِحَتْ صُلْحًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ أَنَّ كَثِيرًا مِنْهَا فُتِحَ عَنْوَةً.

(فَرْعٌ إنْ رَأَى الْإِمَامُ) الْيَوْمَ (أَنْ يَقِفَ أَرْضِ الْغَنِيمَةِ كَمَا فَعَلَ عُمَرُ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (جَازَ) وَكَذَا سَائِرُ عَقَارَاتِهَا وَمَنْقُولَاتِهَا (إنْ رَضِيَ الْغَانِمُونَ) بِذَلِكَ كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (لَا قَهْرًا) عَلَيْهِمْ (وَإِنْ خَشِيَ أَنَّهَا تَشْغَلُهُمْ عَنْ الْجِهَادِ) ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُمْ لَكِنْ يَقْهَرُهُمْ عَلَى الْخُرُوجِ إلَى الْجِهَادِ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ بَعْضُهُمْ لَمْ يَقْهَرْهُ وَيَكُونُ أَحَقَّ بِمَالِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ.

(وَلَا يُرَدُّ شَيْءٌ مِنْ الْغَنِيمَةِ إلَى الْكُفَّارِ إلَّا بِرِضَا الْغَانِمِينَ) ؛ لِأَنَّهُمْ مَلَكُوا أَنْ يَتَمَلَّكُوهَا.

[الْبَابُ الثَّالِثِ فِي الْأَمَانِ]

(الْبَابُ الثَّالِثِ فِي الْأَمَانِ) لِلْكَافِرِ وَالْأَصْلُ فِيهِ آيَةُ {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: ٦] وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا أَيْ نَقَضَ عَهْدَهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» وَالذِّمَّةُ الْعَهْدُ وَالْأَمَانُ وَالْحُرْمَةُ وَالْحَقُّ وَأَمَّا الذِّمَّةُ فِي قَوْلِهِمْ ثَبَتَ الْمَالُ فِي ذِمَّتِهِ وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ فَلَهَا مَعْنًى آخَرُ بَيَّنْتُهُ فِي الْبَيْعِ (لِكُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ غَيْرِ أَسِيرٍ وَلَا مُكْرَهٍ حَتَّى امْرَأَةٍ أَوْ عَبْدٍ) أَوْ فَاسِقٍ أَوْ سَفِيهٍ (أَمَانُ كَافِرٍ وَكَافِرَةٍ غَيْرِ كَافِرٍ أَسِيرٍ) سَوَاءٌ أَكَانَا بِدَارِ الْحَرْبِ أَمْ لَا (وَأَمَانُ جَمَاعَةٍ مَحْصُورِينَ كَقَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ) أَيْ أَهْلِهَا فَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ وَلَيْسَ أَهْلًا لِلنَّظَرِ لَنَا وَبِالْمُكَلَّفِ غَيْرُهُ لِإِلْغَاءِ عِبَارَتِهِ وَبِمَا بَعْدَهُ الْمُكْرَهُ وَالْأَسِيرُ أَيْ الْمُقَيَّدُ أَوْ الْمَحْبُوسُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكْرَهًا؛ لِأَنَّهُ مَقْهُورٌ بِأَيْدِيهِمْ لَا يُعْرَفُ وَجْهُ الْمَصْلَحَةِ وَلِأَنَّ وَضْعَ الْأَمَانِ أَنْ يَأْمَنَ الْمُؤْمِنُ وَلَيْسَ الْأَسِيرُ أَمِينًا أَمَّا أَسِيرُ الدَّارِ وَهُوَ الْمُطْلَقُ بِبِلَادِ الْكُفْرِ الْمَمْنُوعُ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْهَا فَيَصِحُّ أَمَانُهُ كَمَا فِي التَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ النَّصِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ: وَحَدُّ السَّوَادِ مِنْ عَبَّادَانَ إلَخْ) الْمَبْدَأُ وَهُوَ عَبَّادَانُ دَاخِلٌ فِي الْحَدِّ وَكَذَا الْغَايَةُ وَهِيَ حَدِيقَةُ الْمَوْصِلِ وَكَذَا الْمَذْكُورَانِ فِي الْعَرْضِ دَاخِلَانِ

(قَوْلُهُ: وَالْخَرَاجُ فِي كُلِّ سَنَةٍ إلَخْ) كَانَ مَبْلَغُ ارْتِفَاعِ خَرَاجِ السَّوَادِ فِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِائَةَ أَلْفِ أَلْفٍ وَسِتَّةً وَثَلَاثِينَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ تَنَاقَصَ إلَى أَنْ بَلَغَ فِي أَيَّامِ الْحَجَّاجِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ لِظُلْمِهِ وَغَشْمِهِ فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ارْتَفَعَ بِعَدْلِهِ وَعِمَارَتِهِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى إلَى ثَلَاثِينَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ إلَى سِتِّينَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ: إنْ عِشْت لَأَرُدَّنَّهُ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي أَيَّامِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَمَاتَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فس

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا مِصْرُ فَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي كِتَابِهِ النَّفَائِسُ فِي هَدْمِ الْكَنَائِسِ الصَّحِيحُ كَمَا حَكَاهُ النَّقَلَةُ الَّذِينَ يُرْجَعُ إلَى قَوْلِهِمْ فِي نَقْلِ الْمَذَاهِبِ أَنَّ الْقَاهِرَةَ فُتِحَتْ عَنْوَةً وَكَتَبَ أَيْضًا هُوَ الصَّحِيحُ وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَيْهِ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ وَالطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَأَنَّ عُمَرَ وَضَعَ عَلَى أَرَاضِيهِمْ الْخَرَاجَ د

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الشَّامُ إلَخْ) رَجَّحَ السُّبْكِيُّ أَنَّ دِمَشْقَ فُتِحَتْ عَنْوَةً

(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْأَمَانِ) (قَوْلُهُ: لِكُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ) مِثْلُ الْمُكَلَّفِ السَّكْرَانُ (قَوْلُهُ: وَفَاسِقٌ) وَإِنْ كَانَ فِسْقُهُ بِسَبَبِ مَعُونَتِهِ لِلْحَرْبِيِّينَ عَلَيْنَا (قَوْلُهُ وَلَيْسَ الْأَسِيرُ أَمِينًا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي أَمَانٍ مِمَّنْ هُوَ فِي أَسْرِهِ صَحَّ أَمَانُهُ إيَّاهُ إذَا صَدَرَ مِنْهُ مَعَ مَعْرِفَتِهِ وَجْهَ النَّظَرِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ: أَمَّا أَسِيرُ الدَّارِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي التَّنْبِيهِ) وَفِي التَّعْلِيلِ الْمُتَقَدِّمِ مَا يَقْتَضِيه وَاعْتَمَدَهُ النَّسَائِيّ فِي نُكَتِهِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ الْأَصَحُّ بُطْلَانُ أَمَانِ الْأَسِيرِ الذِّمِّيِّ أُطْلِقَ مِنْ الْقَيْدِ وَالْحَبْسِ وَبَقِيَ عِنْدَهُمْ مَمْنُوعًا مِنْ الْخُرُوجِ، وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>