للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالْوَارِثَيْنِ) لِمَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ فَعَجَّزَهُ أَحَدُهُمَا وَفَسَخَ الْكِتَابَةَ وَأَرَادَ الْآخَرُ إنْظَارَهُ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ أَيْضًا سَوَاءٌ فِيهِمَا أَذِنَ الشَّرِيكُ أَمْ لَا كَابْتِدَاءِ الْكِتَابَةِ.

[فَصْلٌ مَا لَا يَصِحُّ مِنْ الْكِتَابَةِ]

(فَصْلٌ: مَا لَا يَصِحُّ مِنْهَا) أَيْ الْكِتَابَةِ قِسْمَانِ (بَاطِلَةٌ وَفَاسِدَةٌ فَالْبَاطِلَةُ مَا اخْتَلَّ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهَا كَالصَّبِيِّ يُكَاتِبُ أَوْ يُكَاتِبُ لَهُ وَلِيُّهُ أَوْ الْمُكْرَهِ) عَلَيْهَا (أَوْ) كَاتَبَ (بِعِوَضٍ لَا يُقْصَدُ كَالدَّمِ وَالْحَشَرَاتِ أَوْ لَا يُتَمَوَّلُ) كَحَبَّتَيْ حِنْطَةٍ (أَوْ اخْتَلَّتْ الصِّيغَةُ) بِأَنْ فُقِدَ الْإِيجَابُ أَوْ الْقَبُولُ أَوْ لَمْ يُوَافِقْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَهَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْأَمْثِلَةِ لَا عَلَى " اخْتَلَّ رُكْنٌ " لِاقْتِضَائِهِ حِينَئِذٍ أَنَّ الصِّيغَةَ لَيْسَتْ رُكْنًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ أَوْ لَا يُتَمَوَّلُ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَاغِيَةٌ) أَيْ إذَا عَرَفَ ذَلِكَ فَالْكِتَابَةُ الْبَاطِلَةُ لَاغِيَةٌ (لَا إنْ صَرَّحَ بِالتَّعْلِيقِ عَلَيْهَا كَقَوْلِهِ إنْ أَعْطَيْتنِي دَمًا أَوْ مَيْتَةً) فَأَنْتَ حُرٌّ (وَهُوَ أَهْلٌ) لِلتَّعْلِيقِ (فَأَعْطَاهُ) دَمًا أَوْ مَيْتَةً فَلَا تَلْغُو بَلْ يَثْبُتُ لَهَا حُكْمُ التَّعْلِيقِ.

(وَأَمَّا الْفَاسِدَةُ فَهِيَ الَّتِي) لَمْ يَخْتَلَّ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهَا لَكِنْ (اخْتَلَّتْ) صِحَّتُهَا (لِشَرْطٍ فَاسِدٍ فِي الْعِوَضِ كَخَمْرٍ أَوْ مَجْهُولٍ أَوْ) مَعْلُومٍ (بِلَا تَنْجِيمٍ أَوْ) لِأَجْلِ (كِتَابَةِ بَعْضٍ) مِنْ عَبْدٍ، (وَسَائِرُ الْعُقُودِ) أَيْ بَاقِيهَا (لَا فَرْقَ بَيْنَ بَاطِلِهَا وَفَاسِدِهَا) بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهَا الْعِتْقُ وَهُوَ لَا يَبْطُلُ بِالتَّعْلِيقِ عَلَى فَاسِدٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ كَذَا وَجَّهَ الْإِمَامُ لَكِنَّ قَضِيَّتَهُ أَنْ تَكُونَ الْبَاطِلَةُ إذَا صَحَّ التَّعْلِيقُ فِيهَا كَالْفَاسِدَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ بَيْنَ بَاطِلِهَا وَفَاسِدِهَا مَمْنُوعٌ فَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا أَيْضًا فِي الْخُلْعِ وَالْعَارِيَّةِ اهـ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ مَعَ زِيَادَةٍ النَّوَوِيُّ فِي دَقَائِقِهِ، فَقَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْفَاسِدَ وَالْبَاطِلَ مِنْ الْعُقُودِ عِنْدَنَا سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ إلَّا فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا الْحَجُّ وَالْعَارِيَّةُ وَالْخُلْعُ وَالْكِتَابَةُ وَتَوَهَّمَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ النَّوَوِيَّ حَصَرَ ذَلِكَ فِي الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فَقَالَ وَهَذَا حَصْرٌ غَيْرُ جَيِّدٍ بَلْ يُتَصَوَّرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي كُلِّ عَقْدٍ غَيْرِ مَضْمُونٍ كَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ فَإِنَّهُمَا لَوْ صَدَرَا مِنْ سَفِيهٍ أَوْ صَبِيٍّ وَتَلِفَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُتَّهَبِ وَجَبَ الضَّمَانُ، وَلَوْ كَانَا فَاسِدَيْنِ لَمْ يَجِبْ ضَمَانُهَا؛ لِأَنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ.

(وَلِلتَّعْلِيقِ) لِلْعِتْقِ بِالصِّفَةِ (ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ قِسْمٌ خَالٍ مِنْ الْمُعَاوَضَةِ كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ) فَأَنْتَ حُرٌّ (وَكَذَا إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ؛ لِأَنَّ الْمَالَ هُنَا لَمْ يُذْكَرْ لِلْمُعَاوَضَةِ فَهَذَا) الْقِسْمُ لَازِمٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (لَيْسَ لِلسَّيِّدِ وَلَا لِلْعَبْدِ) وَلَا لَهُمَا (إبْطَالُهُ وَيَبْطُلُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ) وَإِذَا وُجِدَتْ الصِّفَةُ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ عَتَقَ (فَإِنْ أَدَّى الْأَلْفَ) لَهُ فِي حَيَاتِهِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (فَلَا تَرَاجُعَ) بَيْنَهُمَا، وَإِنْ عَتَقَ الْعَبْدُ (وَكَسْبُهُ الْمَاضِي) أَيْ الْحَاصِلُ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ (لِلسَّيِّدِ) . الْقِسْمُ (الثَّانِي التَّعْلِيقُ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ. الثَّالِثُ) التَّعْلِيقُ (فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ) وَكُلٌّ مِنْهُمَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ لَكِنَّ الْمُغَلَّبَ فِي الْأُولَى مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ (وَهِيَ كَالصَّحِيحَةِ فِي أُمُورٍ) ثَلَاثَةٍ (أَحَدُهَا أَنَّهُ يَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ) لِلنُّجُومِ (لِوُجُودِ الصِّفَةِ لَكِنْ لَا يَعْتِقُ بِإِبْرَاءِ السَّيِّدِ) لَهُ (وَ) لَا (أَدَاءِ الْغَيْرِ عَنْهُ وَلَا بِالِاعْتِيَاضِ عَنْهُ) أَيْ الْعِوَضِ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ لَا تَحْصُلُ بِهَا فَلَا يَعْتِقُ إلَّا بِأَدَاءِ النُّجُومِ لِلسَّيِّدِ فِي مَحَلِّهَا كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ هُنَا وَفِي الشُّفْعَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ الصَّوَابُ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَاَلَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي عَدَمُ الصِّحَّةِ فَتَسْتَوِي الْفَاسِدَةُ وَالصَّحِيحَةُ فِي ذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْفَرْقُ عَلَى الْأَوَّلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ مَبِيعٌ وَالنُّجُومَ ثَمَنٌ وَالِاعْتِيَاضَ عَنْهُ جَائِزٌ. (الثَّانِي أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالِاكْتِسَابِ) فَيَتَرَدَّدَ وَيَتَصَرَّفَ لِيُؤَدِّيَ النُّجُومَ وَيَعْتِقَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَأَمَّا الْفَاسِدَةُ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ يَذْكُرْ فِي أَوَّلِ الْكِتَابَةِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي صِحَّتِهَا تَنْجِيزُ عَقْدِهَا وَلَكِنْ ذَكَرَ صِيغَتَهَا بِصُورَةِ التَّنْجِيزِ فَإِذَا أَتَى بِالْكِتَابَةِ مُعَلَّقَةً وَوُجِدَ الشَّرْطُ فَهَلْ هِيَ فَاسِدَةٌ أَوْ بَاطِلَةٌ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَنَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ كِتَابَةٌ وَمُقْتَضَاهُ أَنْ تَكُونَ بَاطِلَةً وَلِذَا قَالَ فِي الْكِفَايَةِ فَإِذَا أَدَّيْت إلَيَّ فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ كِتَابَةً، وَإِنَّمَا هُوَ مُدَبَّرٌ وَلِسَيِّدِهِ بَيْعُهُ قَبْلَ أَدَاءِ النُّجُومِ وَبَعْدَهُ قَالَ وَلَمْ أَرَ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ هَذَا الْفَرْعَ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى نُجُومٍ وَقَالَ فَإِذَا أَدَّيْتهَا فَأَنْتَ حُرٌّ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَمَضَى بَعْدَ الْأَدَاءِ شَهْرٌ وَنَحْوُهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ تَعْلِيقًا مَحْضًا وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ أَيْضًا، وَإِذَا كَاتَبَ عَنْ الْعَبْدِ غَيْرُهُ وَفَرَّعْنَا عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ كَمَا صَحَّحَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ فَمُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهَا فَاسِدَةٌ فَإِنَّهُ قَالَ عَتَقَ بِالصِّفَةِ وَيَرْجِعُ الْمُؤَدِّي عَلَى السَّيِّدِ بِمَا أَدَّى وَالسَّيِّدُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ دَاخِلَةً فِيمَا ذَكَرَاهُ فِي تَعْرِيفِ الْفَاسِدَةِ (قَوْلُهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ النَّوَوِيُّ مَعَ زِيَادَةٍ فِي دَقَائِقِهِ إلَخْ) وَحَكَاهُ عَنْهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي التَّنْقِيحِ بِلَفْظٍ إلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ، وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ النَّوَوِيَّ لَمْ يَأْتِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْحَصْرِ وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَصَرُّفِ الْإِسْنَوِيِّ فِي النَّقْلِ عَنْهُ (قَوْلُهُ مِنْهَا الْحَجُّ إلَخْ) وَالْوَكَالَةُ وَعَقْدُ الْجِزْيَةِ وَالْعِتْقُ (قَوْلُهُ فَقَالَ) أَيْ كَالْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ بَلْ يُتَصَوَّرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا إلَخْ) وَقَالَ فِي التَّوْشِيحِ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا فِي الْقِرَاضِ فِي مَسْأَلَتَيْنِ وَفِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك وَلَمْ يَذْكُرْ ثَمَنًا وَسَلَّمَ وَتَلِفَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَفِي وَجْهٍ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ وَفِي آخَرَ لَا إذْ لَا بَيْعَ أَصْلًا فَتَكُونُ أَمَانَةً. اهـ.

(قَوْلُهُ أَحَدُهَا أَنَّهُ يَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ لِلنُّجُومِ) أَيْ إلَى السَّيِّدِ (قَوْلُهُ الثَّانِي أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالِاكْتِسَابِ) لَيْسَ لَنَا عَقْدٌ فَاسِدٌ يُمْلَكُ بِهِ كَالصَّحِيحِ إلَّا هَذَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَسَبَبُهُ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هُنَا وَهُوَ الْعِتْقُ قَدْ حَصَلَ فَتَبِعَهُ مِلْكُ الْكَسْبِ وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ هُنَا وَوَجْهُهُ أَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ أَثْبَتَ لِلسَّيِّدِ عِوَضًا فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ وَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَمْلِكَ فِي مُقَابَلَتِهِ مَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ وَهُوَ الرَّقَبَةُ كَيْ لَا يَبْقَى الْعِوَضُ وَالْمُعَوَّضُ لِوَاحِدٍ فَلَمَّا تَعَذَّرَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ لَوْ مَلَّكَهَا الْعِتْقَ كَانَ تَأْثِيرُ الْعِتْقِ فِي الْمَنَافِعِ وَالْأَكْسَابِ حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْجَدِيدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>