للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِزَيْدٍ ثُمَّ) أَوْصَى (بِعِتْقِهِ فَيُقَدَّمُ الْعِتْقُ) وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ الْأُولَى لِكَوْنِ الثَّانِيَةِ رُجُوعًا عَنْهَا (أَوْ يُقَسِّمُ) بِأَنْ يَعْتِقَ نِصْفَهُ وَيَدْفَعَ إلَى زَيْدٍ الْبَاقِيَ (وَجْهَانِ) كَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَإِنَّمَا كَانَتْ الثَّانِيَةُ رُجُوعًا بِخِلَافِهَا فِيمَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَرْعِ؛ لِأَنَّهَا هُنَا لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الْأُولَى (وَكَذَا عَكْسُهُ) بِأَنْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِزَيْدٍ فَفِيهِ الْوَجْهَانِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَالْقِيَاسُ أَنْ يُصْرَفَ إلَى الْمُوصَى لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ وَأَنْ يُنَصَّفَ عَلَى الثَّانِي.

(فَصْلٌ: قَوْلُهُ أَوْصَيْتُ لِزَيْدٍ بِمَا أَوْصَيْتُ بِهِ لِعَمْرٍو رُجُوعٌ) لِظُهُورِهِ فِيهِ، وَفَارِقُ مَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَرْعِ السَّابِقِ بِأَنَّهُ ثَمَّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَسِيَ الْوَصِيَّةَ الْأُولَى فَاسْتُصْحِبْنَاهَا بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ بِخِلَافِهِ هُنَا (وَإِنْ قَالَ) فِي شَيْءٍ (بِيعُوهُ وَاصْرِفُوا ثَمَنَهُ إلَى الْمَسَاكِينِ ثُمَّ قَالَ بِيعُوهُ وَاصْرِفُوا ثَمَنَهُ إلَى الرِّقَابِ اشْتَرَكُوا) فِي الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّتَيْنِ مُتَّفِقَتَانِ عَلَى الْبَيْعِ وَإِنَّمَا الزَّحْمَةُ فِي الثَّمَنِ، نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُوصِي ذَاكِرًا لِلْأُولَى صُرِفَ الْجَمِيعُ إلَى الرِّقَابِ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي نَظَائِرِهِ وَقَدْ صَرَّحَ هُوَ بِهِ فِي بَعْضِهَا وَفَارِقُ اشْتِرَاكِهِمَا فِيمَا ذَكِرَ مَا لَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِلْفُقَرَاءِ ثُمَّ أَوْصَى بِبَيْعِهِ وَصَرْفِ ثَمَنِهِ لِلْمَسَاكِينِ حَيْثُ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ الثَّانِيَةُ رُجُوعًا بِأَنَّهَا فِي مَسْأَلَتِنَا مِنْ جِنْسِ الْأُولَى بِخِلَافِهَا ثُمَّ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ.

(وَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِدَارٍ) أَوْ بِخَاتَمٍ (ثُمَّ) أَوْصَى (لِعَمْرٍو بِأَبْنِيَتِهَا) أَوْ بِفَصِّهِ (فَالْعَرْصَةُ) وَالْخَاتَمُ (لِزَيْدٍ وَالْأَبْنِيَةُ) وَالْفَصُّ مُشْتَرَكَانِ (بَيْنَهُمَا فَإِنْ أَوْصَى لِعَمْرٍو بِسُكْنَاهَا) لَا بِأَبْنِيَتِهَا (قَالَ بَعْضُهُمْ اُخْتُصَّ) عَمْرٌو (بِالْمَنْفَعَةِ وَاسْتُشْكِلَ) أَيْ اسْتَشْكَلَهُ الْأَصْلُ فَقَالَ وَكَانَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَشْتَرِكَا فِي الْمَنْفَعَةِ كَالْأَبْنِيَةِ وَالْفَصِّ وَفَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مَعْدُومَةٌ وَالْأَبْنِيَةُ وَالْفَصُّ مَوْجُودَانِ وَبِأَنَّهُمَا مُنْدَرِجَانِ تَحْتَ اسْمِ الدَّارِ وَالْخَاتَمِ فَهُمَا بَعْضُ الْمُوصَى بِهِ بِخِلَافِ الْمَنْفَعَةِ.

(فَرْعٌ: هَذَا كُلُّهُ فِي الْمُعَيَّنَةِ) أَيْ فِي الْوَصِيَّةِ بِمُعَيَّنٍ (أَمَّا إذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ ثُمَّ بَاعَ) مَثَلًا (أَمْلَاكَهُ أَوْ هَلَكَتْ لَمْ يَكُنْ) ذَلِكَ (رُجُوعًا) عَنْ الْوَصِيَّةِ (وَتَعَلَّقَتْ بِالْحَادِثِ) لَهُ مِنْ الْمَالِ بَعْدَ ذَلِكَ إذْ لَا إشْعَارَ لَهُ بِهِ وَثُلُثُ الْمَالِ لَا يَخْتَصُّ بِالْمَوْجُودِ عِنْدَهُ حَالَ الْوَصِيَّةِ بَلْ الْعِبْرَةُ بِمَا يَمْلِكُهُ حَالَ الْمَوْتِ زَادَ أَمْ نَقَصَ أَمْ تَبَدَّلَ وَلَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِالْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ.

(فَرْعٌ: طَحْنُ الْحِنْطَةِ وَبَدْرِهَا وَعَجْنُ الدَّقِيقِ وَذَبْحُ الشَّاةِ وَخَبْزُ الْعَجِينُ وَإِحْضَانُ الْبِيضِ) الدَّجَاجَ أَوْ نَحْوُهُ لِيَتَفَرَّخَ (وَدَبْغُ الْجِلْدِ رُجُوعٌ) عَنْ الْوَصِيَّةِ (لِمَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا زَوَالُ الِاسْمِ) قَبْلَ اسْتِحْقَاقِ الْمُوصَى لَهُ فَكَانَ كَالتَّلَفِ. .

(وَالثَّانِي الْإِشْعَارُ بِالْإِعْرَاضِ) عَنْ الْوَصِيَّةِ (وَيُعْزَى الْأَوَّلُ) مِنْهُمَا (إلَى النَّصِّ وَالثَّانِي إلَى أَبِي إِسْحَاقَ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَيْسَ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ بِبُطْلَانِ الِاسْمِ وَاضِحًا كُلَّ الْوُضُوحِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْعَصِيرَ الْمَرْهُونَ إذَا تَخَمَّرَ وَتَخَلَّلَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ فِيهِ عَلَى رَأْيٍ بَلْ يَكُونُ الْخَلُّ مَرْهُونًا مَعَ بُطْلَانِ الِاسْمِ، وَالرَّهْنُ قَبْلَ الْقَبْضِ مَعَ الْوَصِيَّةِ مُتَقَارِبَانِ ثُمَّ قَضِيَّتُهُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ قَوْلِهِ: أَوْصَيْتُ بِهَذَا الطَّعَامِ وَبَيْنَ أَنْ يَقُولَ أَوْصَيْتُ بِهَذَا أَوْ أَوْصَيْتُ بِمَا فِي هَذَا الْبَيْتِ. انْتَهَى. قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ خَبْزُ الْعَجِينِ رُجُوعًا فَإِنَّ الْعَجِينَ يَفْسُدُ لَوْ تُرِكَ فَلَعَلَّهُ قَصَدَ إصْلَاحَهُ وَحِفْظَهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ قَالَ وَلَك أَنْ تَقُولَ قِيَاسُ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ أَنْ لَا يَكُونَ الدَّبْغُ رُجُوعًا لِبَقَاءِ الِاسْمِ وَكَذَا الْإِحْضَانُ إلَى أَنْ يَتَفَرَّخَ (وَعَلَيْهِمَا يَنْبَنِي مَا لَوْ حَصَلَ -

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ فَيُقَدَّمُ الْعِتْقُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَفِيهِ الْوَجْهَانِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَالْقِيَاسُ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَيْسَ الْقِيَاسُ مَا ذُكِرَ. وَالْمُعْتَمَدُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ عِلَّةَ إبْطَالِ الْوَصِيَّةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى قُوَّةُ الْعِتْقِ وَتَنَافِيهِ مَعَ الْمِلْكِ وَلَا فَرْقَ عَلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ بَيْنَ قُوَّةِ أَنْ تَتَقَدَّمَ الْوَصِيَّةُ بِالْعِتْقِ أَوْ تَتَأَخَّرَ لِكَوْنِ الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ نَافِذَةٌ وَالْوَصِيَّةُ بِالْمِلْكِ لَاغِيَةٌ وَأَمَّا الْوَجْهُ الصَّائِرُ إلَى التَّنْصِيفِ فَسَوَاءٌ فِيهِمَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ يَظْهَرْ لَك

[فَصْلٌ قَوْلُهُ أَوْصَيْتُ لِزَيْدٍ بِمَا أَوْصَيْتُ بِهِ لِعَمْرٍو رُجُوعٌ]

(قَوْلُهُ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ فِيهِ عَلَى رَأْيِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالرَّهْنُ قَبْلَ الْقَبْضِ مَعَ الْوَصِيَّةِ مُتَقَارِبَانِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَمَّا مَا قَالَهُ مِنْ تَقَارُبِ الرَّهْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْوَصِيَّةِ فَقَدْ يُمْنَعُ فَيُقَالُ: الرَّهْنُ وُجِدَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فِيهِ قَبْلَ تَغْيِيرِ الِاسْمِ وَهُمَا عُمْدَةُ الْعُقُودُ فِي الْجُمْلَةِ وَلَا كَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ وَلَئِنْ سَلَّمْنَا تَقَارُبَهُمَا فَالرَّأْيُ فِي الرَّهْنِ لِلْأَصْحَابِ فَلَا يُعَكِّرُ عَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ بَلْ بِقَوْلِهِ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنْ قَوْلَ الْأَصْحَابِ يُرَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ أَصْلٍ لَهُ لَمْ نَعْدَمْ فَرْقًا، وَهُوَ أَنَّ الْعَصِيرَ بَعْدَ انْقِلَابِهِ خَمْرًا ثُمَّ خَلًّا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِقْبَاضِ فَيُوجَدُ مِنْ مُوجِبِهِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ وَهُوَ وَارِثُهُ إنْ لَمْ يَبْطُلْ بِمَوْتِهِ مَا يَدُلَّ عَلَى رِضَاهُ بِالْعَقْدِ بَعْدَ التَّغْيِيرِ وَهُوَ يَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُعْتَمَدْ الِاسْمُ فَسَقَطَ حُكْمُهُ وَلَا كَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ ثُمَّ قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يُفَرِّقَ إلَى آخِرِهِ سُؤَالٌ حَسَنٌ لَا مَدْفَعَ لَهُ فِي ظَنِّي إلَّا التَّخْرِيجُ عَلَى أَنَّ تَغْيِيرَ الصِّفَةِ هَلْ يُجْعَلُ كَتَغْيِيرِ الْمَوْصُوفِ؟ وَفِيهِ قَوْلَانِ ذَكَرُوهُمَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فِيمَا إذَا شَرَطَ أَنَّهَا بِصِفَةٍ ثُمَّ ظَهَرَتْ بِصِفَةٍ غَيْرِهَا هَلْ يَصِحُّ الْعَقْدُ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ كَتَغْيِيرِ الْمَوْصُوفِ لَمْ يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ أَنْ يُصَرِّحَ بِالِاسْمِ أَمْ لَا وَتَكُونُ عُمْدَةُ الْوَصِيَّةُ الصِّفَةَ وَإِنْ لَمْ يَنْطِقْ بِهَا لِضَعْفِ الْوَصِيَّةِ وَعَدَمِ تَحَقُّقِ الرِّضَا بِمَا حَصَلِ بَعْدَهَا.

(قَوْلُهُ: قَالَ وَلَك أَنْ تَقُولُ قِيَاسُ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ كِلَا الْعِلَّتَيْنِ لَا يُشْتَرَطُ اجْتِمَاعُهُمَا فَإِنَّ الْمَاوَرْدِيَّ قَالَ: لَوْ قَلَى الْحِنْطَةَ سَوِيقًا فَإِنْ طَحَنَهَا كَانَ رُجُوعًا لِلْعِلَّتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَطْحَنْهَا بَعْدَ الْقَلْيِ كَانَ رُجُوعًا لِإِحْدَى الْعِلَّتَيْنِ وَهُوَ قَصْدُ الِاسْتِهْلَاكِ، وَأَيْضًا فَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ بَعْضَ الْأَصْحَابِ عَلَّلَ الْحُكْمَ بِوَاحِدَةٍ مُقْتَصِرًا عَلَيْهَا وَغَيْرُهُ عَلَّلَ بِالْأُخْرَى مُقْتَصِرًا عَلَيْهَا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْعِلَّتَيْنِ فِي سَلْبِ طَهُورِيَّةِ الْمَاءِ بِالِاسْتِعْمَالِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَظْهَرْ لِتَخَلُّفِ إحْدَى الْعِلَّتَيْنِ وَوُجُودِ الْأُخْرَى أَثَرٌ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ عَلَى أَنَّ فِي إحْضَانِ الْبَيْضِ تَعْرِيضًا لَهُ لِزَوَالِ الِاسْمِ وَلِذَلِكَ جَعَلَ الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ رُجُوعًا عَلَى الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي الْبَسِيطِ: لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَثِّرُ فِي تَغْيِيرِ اسْمِ الْمَنْفَعَةِ حَتَّى يُسَمَّى بُسْتَانًا وَأَمَّا دَبْغُ الْجِلْدِ فَلَعَلَّ كَلَامَ الْعَبَّادِيِّ فِيهِ مَخْصُوصٌ بِمَا إذَا كَانَ فِي غَيْرِ ذَكِيٍّ فَإِنَّهُ بِالدَّبْغِ يُجْعَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>