للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِتَسْلِيمِهِ إلَى السَّفِيهِ كَمَنْ بَاعَهُ شَيْئًا وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَتَلِفَ عِنْدَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّهَا لَا تَبْرَأُ بِتَسْلِيمِ الْعِوَضِ إلَيْهِ مُطْلَقًا وَاسْتَثْنَى الْحَاوِي وَالشَّامِلُ وَالْبَحْرُ مَا لَوْ بَادَرَ الْوَلِيُّ فَأَخَذَهُ مِنْهُ فَتَبْرَأُ حِينَئِذٍ.

وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْمَالَ وَإِنْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِهَا لِفَسَادِ الْقَبْضِ فَهِيَ بِدَفْعِهِ إلَيْهِ أَذِنَتْ فِي قَبْضِهِ عَمَّا عَلَيْهَا فَإِذَا قَبَضَهُ الْوَلِيُّ مِنْ السَّفِيهِ لَهُ اعْتَدَّ بِهِ (أَوْ) سَلَّمَتْهُ لَهُ كَذَلِكَ وَهُوَ (عَيَّنَ وَعَلِمَ الْوَلِيُّ) بِالْحَالِ (أَخَذَهَا مِنْهُ فَإِنْ تَرَكَهَا) فِي يَدِهِ (حَتَّى تَلِفَتْ) بَعْدَ عِلْمِهِ (فَهَلْ يَضْمَنُ) لَهُ تَنْزِيلًا لِعِلْمِهِ بِذَلِكَ مَنْزِلَةَ إذْنِهِ لَهُ فِي الْقَبْضِ أَوْ لَا لِتَقْصِيرِ الْمَرْأَةِ (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ (وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَلِيُّ فَتَلِفَتْ) فِي يَدِ السَّفِيهِ (فَهِيَ مُفَرِّطَةٌ) مِنْ زِيَادَتِهِ (فَتَضْمَنُ) لَهُ (مَهْرَ الْمِثْلِ لَا قِيمَتَهَا) أَيْ الْعَيْنِ أَمَّا إذَا سَلَّمَتْهُ لَهُ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَفِي الِاعْتِدَادِ بِقَبْضِهِ وَجْهَانِ عَنْ الدَّارَكِيِّ وَرَجَّحَ الْحَنَّاطِيُّ الِاعْتِدَادَ بِهِ انْتَهَى وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَالتَّلْخِيصِ قَالَ الدَّارَكِيُّ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَبْرَأُ كَمَا لَوْ أَمَرَهَا بِالدَّفْعِ إلَى أَجْنَبِيٍّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَالثَّانِي لَا يَبْرَأُ لِأَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقَبْضِ فَلَا يُفِيدُ الْإِذْنُ شَيْئًا.

ثُمَّ قَالَ وَظَاهِرُ سِيَاقِهِ أَنَّ التَّرْجِيحَ لِلدَّارِكِيِّ وَقَدْ يُؤْخَذُ مَا رَجَّحَهُ مِنْ كَلَامِ الْأُمِّ وَكَذَا قَالَ السُّبْكِيُّ إنَّ ذَلِكَ مُقْتَضَى نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَأَمَّا الدَّارِمِيُّ فَجَزَمَ بِأَنَّ الدَّفْعَ بِالْإِذْنِ كَهُوَ بِلَا إذْنٍ

(فَرْعٌ خُلْعُ الْعَبْدِ وَلَوْ مُدَبَّرًا بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ وَبِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ (جَائِزٌ) وَيَدْخُلُ الْعِوَضُ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ قَهْرًا كَإِكْسَابِهِ (وَالتَّسْلِيمُ إلَيْهِ كَالسَّفِيهِ) أَيْ كَالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ (لَكِنَّ الْمُخْتَلِعَ يُطَالِبُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِمَا تَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ) بِخِلَافِ مَا تَلِفَ فِي يَدِ السَّفِيهِ لَا يُطَالَبُ بِهِ لَا فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ الرُّشْدِ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الْعَبْدِ لِحَقِّ السَّيِّدِ فَيَقْتَضِي نَفْيَ الضَّمَانِ مَا بَقِيَ حَقُّ السَّيِّدِ وَالْحَجْرُ عَلَى السَّفِيهِ لِحَقِّ نَفْسِهِ بِسَبَبِ نُقْصَانِهِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي نَفْيَ الضَّمَانِ حَالًا مَآلًا وَظَاهِرٌ أَنَّهَا لَوْ سَلَّمَتْ الْعَيْنَ لِلْعَبْدِ وَعَلِمَ بِهِ السَّيِّدُ وَتَرَكَهَا حَتَّى تَلِفَتْ لَمْ يَضْمَنْهَا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَضْمَنُ لِنَفْسِهِ.

(وَالْمُبَعَّضُ إنْ خَالَعَ وَبَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ (مُهَايَأَةٌ فَالْعِوَضُ مِنْ الْأَكْسَابِ النَّادِرَةِ) فَتَدْخُلُ فِي النَّوْبَةِ كَالْغَالِبَةِ عَلَى الْأَصَحِّ فَلَوْ خَالَعَهَا فِي نَوْبَةِ نَفْسِهِ قَبَضَ جَمِيعَ الْعِوَضِ أَوْ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ قَبَضَ مَا يَخُصُّ حُرِّيَّتَهُ (وَالْمُكَاتَبُ يَقْبِضُ لِنَفْسِهِ) الْعِوَضَ لِصِحَّةِ يَدِهِ وَاسْتِقْلَالِهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ

(الرُّكْنُ الثَّانِي الْمُخْتَلِعُ) مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ (فَيُشْتَرَطُ) فِيهِ (نُفُوذُ تَصَرُّفِهِ) فِي الْمَالِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ فِي الْخُلْعِ وَلِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ وَخَرَجَ بِهِ مَنْ بِهِ حَجْرٌ (وَلِلْحَجْرِ أَسْبَابٌ الْأَوَّلُ الرِّقُّ فَإِنْ اخْتَلَعَتْ) رَقِيقَةٌ نَفْسَهَا بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهَا (صَحَّ) الْخُلْعُ يَعْنِي وَقَعَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لِوُقُوعِهِ بِعِوَضٍ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا كَالْخُلْعِ بِخَمْرٍ وَمَغْصُوبٍ (وَتَعَلُّقُ الْعِوَضِ بِذِمَّتِهَا) فَتُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ لَا فِي الْحَالِ مُحَافَظَةً عَلَى حَقِّ السَّيِّدِ وَصِحَّةُ الْخُلْعِ إنَّمَا تَأْتِي فِي صُورَةِ الدَّيْنِ لَا فِي صُورَةِ الْعَيْنِ مَا ذَكَرَهُ بَعْدُ فَفِي تَعْبِيرِهِ بِهَا تَغْلِيبٌ وَالْأَصْلُ إنَّمَا عَبَّرَ بِالْبَيْنُونَةِ فَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ.

(فَإِنْ كَانَ) الْعِوَضُ (عَيْنًا فَمَهْرُ الْمِثْلِ) هُوَ الْوَاجِبُ لِأَنَّهُ الْمَرَدُّ عِنْدَ الْفَسَادِ (أَوْ دَيْنًا فَالْمُسَمَّى) هَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي أَصْلَيْ الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ لَكِنَّهُ رَجَّحَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ وُجُوبَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَكَلَامُهُ فِي الْكَبِيرِ يَمِيلُ إلَيْهِ لِفَسَادِ الْمُسَمَّى لِكَوْنِهَا لَيْسَتْ أَهْلًا لِلِالْتِزَامِ فَكَانَ كَشِرَاءِ الرَّقِيقِ بِلَا إذْنٍ وَرَجَّحَ السُّبْكِيُّ الْأَوَّلَ فَارَقَا بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْخُلْعِ حُصُولُ الْبُضْعِ لِمَنْ لَزِمَهُ الْعِوَضُ بِدَلِيلِ خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ يُعْتَبَرُ فِيهِ حُصُولُ الْمَبِيعِ لِمَنْ لَزِمَهُ الثَّمَنُ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي شِرَاءِ الرَّقِيقِ وَكَذَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ لَكِنَّهُ قَالَ الْقِيَاسُ الثَّانِي إذْ لُزُومُ الْمُسَمَّى مَعَ الْحُكْمِ بِفَسَادِ الْعَقْدِ خَارِجٌ عَنْ الْقِيَاسِ انْتَهَى وَيُجَابُ بِمَنْعِ أَنَّ الْقَائِلَ بِلُزُومِ الْمُسَمَّى قَائِلٌ بِفَسَادِ الْعَقْدِ.

(فَإِنْ أَذِنَ لَهَا) وَلَوْ سَفِيهَةً (أَنْ تَخْتَلِعَ بِعَيْنٍ لَهُ صَحَّ) الْخُلْعُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْحَاوِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْمَالَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ) هُوَ الْأَصَحُّ.

وَقَدْ جَزَمَ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ اللُّقَطَةِ فِي نَحْوِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْوَلِيِّ وَهِيَ مَا إذَا الْتَقَطَ الصَّبِيُّ فَإِنَّ عَلَى وَلِيِّهِ أَنْ يَنْزِعَهَا مِنْ يَدِهِ فَإِنْ قَصَّرَ بِتَرْكِهَا فِي يَدِهِ حَتَّى تَلِفَتْ أَوْ أَتْلَفَهَا لَزِمَ الْوَلِيَّ الضَّمَانُ فِي مَالِ نَفْسِهِ اهـ وَمُقْتَضَى هَذَا الْجَزْمُ بِإِيجَابِ الضَّمَانِ عَلَى الْوَلِيِّ لِأَنَّ السَّفِيهَ فِي الِالْتِقَاطِ كَالصَّبِيِّ (قَوْلُهُ وَرَجَّحَ الْحَنَّاطِيُّ الِاعْتِدَادَ بِهِ) وَكَذَا الرُّويَانِيُّ فِي الْكَافِي وَالْبُلْقِينِيِّ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَهُوَ الْأَصَحُّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَقِيَاسُهُ أَنْ يَجْرِيَ فِي كُلِّ دَيْنٍ وَالْأَعْيَانُ أَوْلَى

[فَرْعٌ خُلْعُ الْعَبْدِ بِلَا إذْنٍ مِنْ سَيِّدِهِ وَبِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ]

(قَوْلُهُ وَالتَّسْلِيمُ إلَيْهِ كَالسَّفِيهِ) شَمَلَ مَا لَوْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهَا لَوْ سَلَّمَتْ الْعَيْنَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[الرُّكْنُ الثَّانِي الْمُخْتَلِعُ]

(قَوْلُهُ فَيُشْتَرَطُ نُفُوذُ تَصَرُّفِهِ فِي الْمَالِ) شَمَلَ مِنْ سَفَهٍ بَعْدَ رُشْدِهِ وَلَمْ يَعُدْ الْحَجْرُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَلَعَتْ بِلَا إذْنٍ صَحَّ) وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا إذَا كَانَتْ رَشِيدَةً (قَوْلُهُ وَتَعَلَّقَ بِذِمَّتِهَا) اعْلَمْ أَنَّهَا لَوْ خَالَعَتْ بِمَالٍ وَشَرَطَتْهُ إلَى وَقْتِ الْعِتْقِ فَسَدَ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ مَعَ كَوْنِهَا لَا تُطَالِبُ بِهِ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ لِأَنَّ ذَلِكَ التَّأْجِيلَ بِالشَّرْعِ فَلَا تَضُرُّ جَهَالَتُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهَذَا عَجِيبٌ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُوَافِقُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَيُفْسِدُهُ (قَوْلُهُ وَصِحَّةُ الْخُلْعِ إنَّمَا تَأْتِي فِي صُورَةِ الدَّيْنِ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ هُوَ صَحِيحٌ حَيْثُ بَانَتْ وَإِنَّمَا يُوصَفُ بِالْفَسَادِ عِوَضُهُ وَفِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْمَاوَرْدِيِّ مَا يُؤَيِّدُهُ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا عَدُّهُمْ مِنْ الْمُعَاوَضَةِ الْغَيْرِ الْمَحْضَةِ الَّتِي لَا تَفْسُدُ بِفَسَادِ عِوَضِهَا الْخُلْعَ وَحِينَئِذٍ فَيَصِحُّ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ صَحَّ وَقَوْلُهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ عَيْنًا فَمَهْرُ الْمِثْلِ) هَذَا إذَا نُجِّزَ الطَّلَاقُ فَإِنْ قَيَّدَهُ بِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ لَمْ تَطْلُقْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ أَوْ دَيْنًا فَالْمُسَمَّى) وَإِنْ ظَنَّ حُرِّيَّتَهَا (قَوْلُهُ هَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي أَصْلَيْ الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ فَارَقَا بِمَا حَاصِلُهُ إلَخْ) وَأَيْضًا قَدْ يَكُونُ الْمُسَمَّى دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ فَفِي إفْسَادِهِ إلْزَامُ ذِمَّتِهَا مَهْرَ الْمِثْلِ وَفِيهِ إضْرَارٌ لَهَا بِلَا نَفْعٍ يَعُودُ إلَى السَّيِّدِ بَلْ قَدْ يَضُرُّهُ لَوْ عَتَقَتْ وَوَرِثَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>