للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَارٍ وَعَجْنِ طِينٍ فَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِهَا، وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُوصَى لَهُ بِالْكَلْبِ الْمُنْتَفَعِ بِهِ فِي صَيْدٍ أَوْ حِرَاسَةِ زَرْعٍ أَوْ نَعَمٍ أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ نَعَمٍ وَإِلَّا فَقَضِيَّةُ مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ مِنْ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ اقْتِنَاؤُهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ (لَا بِمَا لَا يَحِلُّ) الِانْتِفَاعُ بِهِ (كَخِنْزِيرٍ وَخَمْرٍ) غَيْرِ مُحْتَرَمَةٍ (وَكَلْبٍ عَقُورٍ) .

(فَصْلٌ: وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِنُجُومِ الْكِتَابَةِ)

وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَقِرَّةً كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا (وَلَوْ أَوْصَى بِالْمُكَاتَبِ إنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ وَبِعَبْدِ غَيْرِهِ إنْ مَلَكَهُ صَحَّ) لِأَنَّهَا تَصِحُّ بِالْمَعْدُومِ فَبِهَذَيْنِ أَوْلَى وَكَلَامُهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ صُورَتَهُمَا أَنْ يَقُولَ: أَوْصَيْتُ لَهُ بِهَذَا الْمُكَاتَبِ إنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ أَوْ بِهَذَا الْعَبْدِ إنْ مَلَكْتُهُ، وَسَوَّى الْأَصْلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَوْصَيْتُ لَهُ بِهَذَا الْمُكَاتَبِ أَوْ بِهَذَا الْعَبْدِ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي هَذِهِ: الظَّاهِرُ الْبُطْلَانُ وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ يَقْتَضِيهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْكِتَابَةِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ (وَالْوَصِيَّةُ بِالسِّلَاحِ لِحَرْبِيٍّ وَالْمُصْحَفِ) وَالْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَالصَّنَمِ (لِكَافِرٍ كَالْبَيْعِ مِنْهُ) فَلَا تَصِحُّ.

(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ أَعْطُوهُ كَلْبًا مِنْ كِلَابِي أَوْ مِنْ مَالِي وَلَهُ) عِنْدَ مَوْتِهِ (كِلَابٌ يُنْتَفَعُ) أَيْ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ (بِهَا أُعْطِيَ) وَاحِدًا مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْكَلْبُ مَالًا فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْمُنْتَفَعَ بِهِ مِنْ الْكِلَابِ يُقْتَنَى وَتَعْتَوِرُهُ الْأَيْدِي كَالْأَمْوَالِ فَقَدْ يُسْتَعَارُ لَهُ اسْمُ الْمَالِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كِلَابٌ كَذَلِكَ (بَطَلَتْ) وَصِيَّتُهُ لِتَعَذُّرِ شِرَاءِ كَلْبٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَنَحْوِهِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَوْ تَبَرَّعَ بِهِ مُتَبَرِّعٌ وَأَرَادَ تَنْفِيذَ الْوَصِيَّةِ جَازَ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ (وَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ (قَالَ: أَعْطُوهُ كِلَابِي وَلَا مَالَ لَهُ أُعْطِيَ ثُلُثَهَا) فَقَطْ كَالْمَالِ (عَدَدًا) لَا قِيمَةً إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا مَعَ تَوَسُّعِهِمْ فِي الْبَابِ وَعَلَيْهِ لَوْ أَوْصَى بِاثْنَيْنِ مِنْ أَرْبَعَةٍ نُفِّذَتْ فِي وَاحِدٍ وَثُلُثٍ، وَلَوْ أَوْصَى بِكَلْبٍ لَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ نُفِّذَتْ فِي ثُلُثِهِ (وَفِي أَجْنَاسٍ كَكِلَابٍ وَخَمْرٍ مُحْتَرَمَةٍ وَشَحْمِ مَيْتَةٍ) إذَا (أَوْصَى بِوَاحِدٍ مِنْهَا يُعْتَبَرُ الثُّلُثُ بِفَرْضِ الْقِيمَةِ) لَا بِالْعَدَدِ وَلَا بِالْمَنْفَعَةِ لِأَنَّهُ لَا تَنَاسُبَ بَيْنَ الرُّءُوسِ وَلَا الْمَنْفَعَةِ (وَإِنْ أَوْصَى بِهَذِهِ) الْأَجْنَاسِ (كُلِّهَا وَلَهُ مَالٌ وَإِنْ قَلَّ أُعْطِيَهَا) لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَنْ يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ ضِعْفُ الْمُوصَى بِهِ وَالْمَالُ وَإِنْ قَلَّ خَيْرٌ مِمَّا لَيْسَ بِمُتَمَوَّلٍ إذْ لَا قِيمَةَ لَهُ (وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِزَيْدٍ وَبِالْكِلَابِ) مَثَلًا (لِعَمْرٍو لَمْ يُعْطَ) عَمْرٌو (إلَّا ثُلُثَهَا) لِأَنَّ مَا تَأْخُذُهُ الْوَرَثَةُ مِنْ الثُّلُثَيْنِ هُوَ حَظُّهُمْ بِسَبَبِ الثُّلُثِ الَّذِي نُفِّذَتْ فِيهِ الْوَصِيَّةُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْسَبَ عَلَيْهِمْ مَرَّةً أُخْرَى فِي وَصِيَّةِ غَيْرِ الْمُتَمَوِّلِ.

(فَصْلٌ وَإِنْ أَوْصَى بِطَبْلِ لَهْوٍ أَوْ عُودِهِ صَحَّتْ) وَصِيَّتُهُ بِهِمَا (إنْ صَلَحَا لِمَنْفَعَةٍ مُبَاحَةٍ مَعَ بَقَاءِ الِاسْمِ وَإِنْ غُيِّرَتْ الْهَيْئَةُ) حَمْلًا عَلَى الْمُبَاحِ، نَعَمْ لَوْ قَالَ الْمُوصِي: أَرَدْتُ بِهِ الِانْتِفَاعَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي هُوَ مَعْمُولٌ لَهُ لَمْ يَصِحَّ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْوَافِي، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَوْلُهُ: كَالْأَذْرَعِيِّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ التَّصْوِيرُ بِمَا إذَا سُمِّيَ اللَّهْوُ فِي الْوَصِيَّةِ فَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ لَهُ بِهَذَا وَلَمْ يُسَمِّهِ فَيُشْبِهُ أَنْ تَصِحَّ وَيُعْطَى لَهُ مُفَصَّلًا مَمْنُوعٌ، وَإِنْ نَسَبَاهُ لِلْمَاوَرْدِيِّ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَصْلُحْ كُلٌّ مِنْهُمَا لِذَلِكَ مَعَ مَا ذُكِرَ (بَطَلَتْ وَلَوْ نَفِيسًا) لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ وَلَا نَظَرَ لِمَا يُتَرَقَّبُ مِنْ الْمَنَافِعِ بَعْدَ زَوَالِ اسْمِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَوْصَى بِطَبْلٍ أَوْ عُودٍ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَاسْمُ الطَّبْلِ يَقَعُ عَلَى طَبْلِ الْحَرْبِ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ لِلتَّهْوِيلِ، وَعَلَى طَبْلِ الْحَجِيجِ وَالْقَوَافِلِ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ لِلْإِعْلَامِ بِالنُّزُولِ وَالِارْتِحَالِ، وَعَلَى طَبْلِ الْعَطَّارِينَ وَهُوَ سَفَطٌ لَهُمْ، وَعَلَى طَبْلِ اللَّهْوِ كَالطَّبْلِ الَّذِي يَضْرِبُ بِهِ الْمُخَنَّثُونَ وَسَطُهُ ضَيِّقٌ وَطَرَفَاهُ وَاسِعَانِ.

(فَصْلٌ: إنَّمَا تُنَفَّذُ) الْوَصِيَّةُ قَهْرًا (فِي الثُّلُثِ وَإِنْ أَوْصَى فِي الصِّحَّةِ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ تَعَالَى أَعْطَى الْعَبْدَ ثُلُثَ مَالِهِ فِي آخِرِ عُمُرِهِ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْقُصَ مِنْهُ) شَيْئًا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَ ذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَكْثَرَ الثُّلُثَ، قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَقِيلَ: إنْ كَانَ وَرَثَتُهُ أَغْنِيَاءَ اسْتَوْفَى الثُّلُثَ وَإِلَّا فَيُسْتَحَبُّ النَّقْصُ وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَالِاعْتِبَارُ)

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُوصَى لَهُ بِالْكَلْبِ إلَخْ) فَإِنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ مِنْ أَهْلِ بَعْضِهَا فَهَلْ يَتَعَيَّنُ مَا يَصْلُحُ لَهُ أَوْ يَتَخَيَّرُ الْوَارِثُ؟ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا ثَانِيهِمَا، وَبِتَرْجِيحِهِ أَشْعَرَ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ وَهُوَ أَوْفَقُ لِإِطْلَاقِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ) وَتَبِعْهُ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَقْرَبُ الصِّحَّةُ وَيُنْقَلُ الْيَدُ فِيهِ لِمَنْ لَهُ اقْتِنَاؤُهُ

[فَصْلٌ الْوَصِيَّةُ بِنُجُومِ الْكِتَابَةِ]

(قَوْلُهُ: وَسَوَّى الْأَصْلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَوْصَيْتُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ: وَالْوَصِيَّةُ بِالسِّلَاحِ لِحَرْبِيٍّ إلَخْ) الدَّاخِلُ بِأَمَانٍ كَالتَّاجِرِ وَالرَّسُولِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْحَرْبِيِّ فِي ذَلِكَ

[فَصْلٌ قَالَ أَعْطُوهُ كَلْبًا مِنْ كِلَابِي وَلَهُ كِلَابٌ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهَا]

(فَصْلٌ: قَالَ أَعْطُوهُ كَلْبًا إلَخْ) (قَوْلُهُ: أُعْطِيَ وَاحِدًا مِنْهَا) أَيْ بِخِيَرَةَ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ وَهُوَ أَنَّ الدَّيْنَ بَاقٍ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْوَصِيَّةُ بَطَلَتْ بِالْمَوْتِ لِعَدَمِ مَا تَتَعَلَّقُ بِهِ حِينَئِذٍ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهِ وَلَا شَاة لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ

[فَصْلٌ أَوْصَى بِطَبْلِ لَهْوٍ أَوْ عُودِهِ]

(قَوْلُهُ: لَمْ تَصِحَّ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْوَافِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مَمْنُوعٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَطَلَتْ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعَ الْمَنْعِ مُطْلَقًا عَلَى طَرِيقَةِ الْجُمْهُورِ فِي الطَّبْلِ وَغَيْرِهِ إذَا أَوْصَى بِهِ لِآدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ، أَمَّا لَوْ أَوْصَى بِهِ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ كَالْمَسَاكِينِ أَوْ لِلْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ وَكَانَ رُضَاضُهُ مَالًا فَيَظْهَرُ الْجَزْمُ بِالصِّحَّةِ، وَتَنْزِيلٍ الْوَصِيَّةِ عَلَى رُضَاضِهِ وَمَا فِيهِ مِنْ الْمَالِ غ وَقَوْلُهُ: يَنْبَغِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَصْلٌ تُنَفَّذُ الْوَصِيَّةُ قَهْرًا فِي الثُّلُثِ]

(قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْقُصَ مِنْهُ) تُكْرَهُ الْوَصِيَّةُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ عَلَى الْأَصَحِّ.

، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ الْجَزْمُ بِالتَّحْرِيمِ إذَا قَصَدَ بِهِ حِرْمَانَ الْوَارِثِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُضَادَّةِ وَتَضْيِيعِ الْمَالِ إذْ لَا ثَوَابَ مَعَ هَذَا الْقَصْدِ الْمَذْمُومِ (قَوْلُهُ: هَذَا مَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ) أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ: وَالِاعْتِبَارُ بِيَوْمِ الْمَوْتِ) لِخَبَرِ ابْنِ مَاجَهْ «إنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ زِيَادَةً فِي أَعْمَالِكُمْ»

<<  <  ج: ص:  >  >>