للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَفَقُّهًا (وَلَوْ سَخَّرَ رَجُلًا وَبَهِيمَتَهُ فَمَاتَتْ فِي يَدِ صَاحِبِهَا) قَبْلَ اسْتِعْمَالِهَا (فَلَا ضَمَانَ) عَلَى الْمُسَخَّرِ لِأَنَّهَا فِي يَدِ صَاحِبِهَا أَمَّا بَعْدَ اسْتِعْمَالِهَا فَهِيَ مُعَارَةٌ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْعَارِيَّةِ فِي آخِرِ فَرْعِ " لَوْ أَرْكَبَ دَابَّتَهُ وَكِيلَهُ ".

[فَصْلٌ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى خَيَّاطٍ لِيَقْطَعَهُ وَيَخِيطَهُ فَخَاطَهُ قَبَاءً ثُمَّ اخْتَلَفَا]

(فَصْلٌ وَمَتَى) دَفَعَ ثَوْبًا إلَى خَيَّاطٍ لِيَقْطَعَهُ وَيَخِيطَهُ فَخَاطَهُ قَبَاءً ثُمَّ (اخْتَلَفَا) فِيمَا أَذِنَ فِيهِ الْمَالِكُ (فَقَالَ) الْخَيَّاطُ (خِطْته قَبَاءً بِأَمْرِك) فَلِي الْأُجْرَةُ (فَقَالَ) الْمَالِكُ (إنَّمَا أَمَرْتُك بِقَمِيصٍ) أَيْ بِقَطْعِهِ قَمِيصًا (صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ) كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْإِذْنِ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا أَذِنَ لَهُ فِي قَطْعِهِ قَبَاءً وَهَذَا كَمَا لَوْ قَالَ دَفَعْت هَذَا الْمَالَ إلَيْك وَدِيعَةً فَقَالَ بَلْ رَهْنًا أَوْ هِبَةً وَلِأَنَّ الْخَيَّاطَ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّهُ أَحْدَثَ فِي الثَّوْبِ نَقْصًا وَادَّعَى أَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِيهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَلِأَنَّهُ يَدَّعِي أَنَّهُ أَتَى بِالْعَمَلِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ عَلَيْهِ وَالْمَالِكُ يُنْكِرُهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحَمْلِ مَتَاعٍ وَقَالَ الْأَجِيرُ حَمَلْت وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ وَقِيلَ إنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَرُدَّ بِأَنَّهُمَا لَمْ يَخْتَلِفَا فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ بَلْ فِي الْإِذْنِ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِي دَفْعِ الثَّوْبِ بِلَا عَقْدٍ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الشَّيْخَيْنِ حَكَيَا طَرِيقَةً أَنَّهُ إنْ جَرَى بَيْنَهُمَا عَقْدٌ تَعَيَّنَ التَّحَالُفُ وَإِلَّا فَالْقَوْلَانِ وَالْوَجْهُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا جَرَى عَقْدٌ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الْقَطْعِ أَوْ لَا ثُمَّ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ عَلَى الْخِيَاطَةِ ثُمَّ بَعْدَ الْخِيَاطَةِ يَخْتَلِفَانِ فِي كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ وَفِي الْإِذْنِ الْوَاقِعِ قَبْلَهُ، وَالتَّحَالُفُ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ فَقَطْ (وَاسْتَحَقَّ) عَلَى الْخَيَّاطِ (الْأَرْشَ) لِثُبُوتِ قَطْعِهِ قَبَاءً بِغَيْرِ إذْنٍ (فَقِيلَ) هُوَ (مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَمَقْطُوعًا) لِأَنَّهُ أَثْبَتَ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِي قَطْعِهِ قَبَاءً وَصَحَّحَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْإِمَامِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْأَصَحُّ فَإِنَّ الْأَصْحَابَ بَنَوْا الْخِلَافَ عَلَى أَصْلَيْنِ يَقْتَضِيَانِ ذَلِكَ (وَقِيلَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مَقْطُوعًا لِلْقَمِيصِ أَوْ لِلْقَبَاءِ) لِأَنَّ أَصْلَ الْقَطْعِ مَأْذُونٌ فِيهِ وَهَذَا قَوِيٌّ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَقَالَ لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مَقْطُوعًا قَمِيصًا وَمَقْطُوعًا قَبَاءً وَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّ " بَيْنَ " لَا تَدْخُلُ إلَّا عَلَى مُتَعَدِّدٍ لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ يَسْتَعْمِلُونَ فِي ذَلِكَ " أَوْ " كَثِيرًا (وَسَقَطَتْ الْأُجْرَةُ) عَنْ الْمَالِكِ إذْ بِيَمِينِهِ صَارَ عَمَلُ الْخَيَّاطِ غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْخَيَّاطِ (نَزْعُ خَيْطِهِ) كَالصِّبْغِ وَعَلَيْهِ أَرْشُ النَّزْعِ إنْ حَصَلَ بِهِ نَقْصٌ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ (وَ) لَهُ (مَنْعُ الْمَالِكِ مِنْ شَدِّ خَيْطٍ فِيهِ) أَيْ فِي خَيْطِ الْخَيَّاطِ (يَجُرُّهُ) فِي الدُّرُوزِ (مَكَانَهُ) إذَا نُزِعَ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِ رِضَاهُ.

(فَرْعٌ: وَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ " فَصْلٌ: وَلَوْ " (قَالَ) لَهُ (إنْ كَانَ) هَذَا الثَّوْبُ (يَكْفِينِي قَمِيصًا فَاقْطَعْهُ) فَقَطَعَهُ (ضَمِنَ) الْأَرْشَ (إنْ لَمْ يَكْفِهِ) لِأَنَّ الْإِذْنَ مَشْرُوطٌ بِمَا لَمْ يُوجَدْ (لَا إنْ قَالَ) لَهُ فِي جَوَابِهِ (هُوَ يَكْفِيك فَقَالَ لَهُ اقْطَعْ) فَلَا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ لِأَنَّ الْإِذْنَ مُطْلَقٌ.

[فَصْلٌ اخْتَلَفَا فِي الْأُجْرَةِ أَوْ الْمُدَّةِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ أَوْ قَدْرِ الْمَنْفَعَةِ]

(فَصْلٌ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْأُجْرَةِ أَوْ الْمُدَّةِ) أَوْ الْمَنْفَعَةِ (أَوْ قَدْرِ الْمَنْفَعَةِ) هَلْ هِيَ عَشَرَةُ فَرَاسِخَ أَوْ خَمْسَةٌ أَوْ فِي قَدْرِ الْمُسْتَأْجَرِ هَلْ هُوَ كُلُّ الدَّارِ أَوْ بَيْتٌ مِنْهَا (تَحَالَفَا وَفُسِخَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ كَمَا فِي الْبَيْعِ (وَوَجَبَ) عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ (أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا اسْتَوْفَاهُ) .

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الطَّوَارِئِ الْمُوجِبَةِ لِفَسْخِ الْإِجَارَةِ وَانْفِسَاخِهَا وَهِيَ قِسْمَانِ]

[الْقَسْم الْأَوَّلُ مَا يَقْتَضِي الْخِيَارَ لِلْمُسْتَأْجِرِ]

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الطَّوَارِئِ الْمُوجِبَةِ لِلْفَسْخِ) وَالِانْفِسَاخِ (وَهِيَ قِسْمَانِ: الْأَوَّلُ مَا يَقْتَضِي الْخِيَارَ) لِلْمُسْتَأْجِرِ (وَهُوَ مَا يَنْقُصُ مَنْفَعَةَ الْعَيْنِ) الْمُسْتَأْجَرَةِ (نَقْصًا يُؤَثِّرُ) فِي تَفَاوُتِ الْأُجْرَةِ (كَمَرَضِهَا) أَيْ الْعَيْنِ (وَانْهِدَامِ بَعْضِ دَعَائِمِ الدَّارِ وَاعْوِجَاجِهَا) أَيْ الدَّعَائِمِ أَوْ بَعْضِهَا (وَتَغَيُّرِ الْبِئْرِ بِحَيْثُ يَمْنَعُ الشُّرْبَ) مِنْهُ (وَإِنْ كَانَ بِتَعَدِّيهِ) لِفَوَاتِ تَمَامِ الْمَنْفَعَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ سَابِقًا لِلْعَقْدِ أَوْ الْقَبْضِ أَمْ حَادِثًا بِيَدِهِ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ الْمُسْتَقْبَلَةَ غَيْرُ مَقْبُوضَةٍ فَالْعَيْبُ قَدِيمٌ بِالْإِضَافَةِ إلَيْهَا وَإِنَّمَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا لِلْحَاجَةِ (لَكِنْ إنْ قَبِلَ) الْعَيْبُ (الْإِصْلَاحَ فِي الْحَالِ وَبُودِرَ إلَيْهِ فَلَا فَسْخَ) كَمَا مَرَّ قَالَ فِي الْأَصْلِ ثُمَّ إنْ ظَهَرَ الْعَيْبُ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يُجْبَرَ بِجَمِيعِ الْأُجْرَةِ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا فَالْوَجْهُ مَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْفَسْخَ فِي جَمِيعِهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ وَجَدَ بِالْبَاقِي عَيْبًا وَأَرَادَ الْفَسْخَ فِيهِمَا فَإِنْ أَرَادَ الْفَسْخَ فِيمَا بَقِيَ مِنْهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ أَرَادَ الْفَسْخَ فِي الْعَبْدِ الْبَاقِي وَحْدَهُ وَحُكْمُهُمَا -.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَرْعٌ ارْتَدَفَ مَعَ الْمُكْتَرِيَيْنِ لِدَابَّةٍ رَكِبَاهَا ثَالِثٌ عُدْوَانًا]

(قَوْلُهُ: صُدِّقَ الْمَالِكُ) لَوْ أَتَى الْخَيَّاطُ بِثَوْبٍ وَقَالَ هَذَا ثَوْبُك فَقَالَ بَلْ غَيْرُهُ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ يُصَدَّقُ الْخَيَّاطُ بِيَمِينِهِ وَهَكَذَا كُلُّ أَجِيرٍ فَإِذَا حَلَفَ فَقَدْ اعْتَرَفَ لَهُ بِثَوْبٍ وَهُوَ لَا يَدَّعِيهِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْخَيَّاطَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ هُوَ مَا عَلَّلَ بِهِ الْمُزَنِيّ مِنْ أَنَّ مَنْ أَحْدَثَ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ شَيْئًا فَهُوَ مَأْخُوذٌ بِمَا أَحْدَثَهُ وَإِنَّ الدَّعْوَى لَا تَنْفَعُهُ وَالْخَيَّاطُ مُقِرٌّ بِأَنَّهُ قَطَعَ الثَّوْبَ وَادَّعَى إذْنًا وَأُجْرَةً فَإِذَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ ضَمِنَ مَا أَحْدَثَهُ (قَوْلُهُ: وَالْوَجْهُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إنَّمَا صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقْطَعَ أَوَّلًا بِإِذْنٍ، ثُمَّ يُعَاقِدَهُ كَمَا جَرَتْ عَادَةُ الْخَيَّاطِينَ بِالْقَطْعِ قَبْلَ الْمُعَاقَدَةِ، أَوْ يَخِيطَ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ فَتَجِبَ الْأُجْرَةُ إذْ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى خِيَاطَةِ الثَّوْبِ الْمُعَيَّنِ قَبْلَ قَطْعِهِ لَا يَجُوزُ لِكَوْنِهِ عَقْدًا عَلَى مَنْفَعَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الشُّرُوعُ فِيهَا بِالْعَقْدِ بَلْ بَعْدَ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ الْقُونَوِيُّ وَالْبَارِزِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ شُرَّاحِ الْحَاوِي (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَرْعٌ قَالَ لَهُ إنْ كَانَ هَذَا الثَّوْبُ يَكْفِينِي قَمِيصًا فَاقْطَعْهُ فَقَطَعَهُ]

(الْبَابُ الثَّالِثُ) (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يَنْقُصُ مَنْفَعَةَ الْعَيْنِ إلَخْ) وَالْخِيَارُ فِيمَا ذُكِرَ عَلَى التَّرَاخِي كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَدْ وَقَعَ لِابْنِ الْجُمَّيْزِيِّ وَابْنِ السُّكَّرِيِّ أَنَّهُمَا أَفْتَيَا بِأَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ وَانْتُقِدَ عَلَيْهِمَا وَإِنَّمَا لَمْ تَنْفَسِخْ بِعُذْرِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُؤَجِّرِ لِأَنَّهُ لَا خَلَلَ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَالِاسْتِنَابَةُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا مُمْكِنَةٌ (قَوْلُهُ: وَتَغَيُّرِ مَاءِ الْبِئْرِ إلَخْ) ذَكَرَ فِي الْكِفَايَةِ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ عَيْبًا إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالشُّرْبِ مِنْ الْآبَارِ فَإِنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِذَلِكَ فَلَيْسَ عَيْبًا إلَّا إنْ مَنَعَ تَغَيُّرُهُ الطَّهَارَةَ، وَصُوَرُ الْمَسْأَلَةِ بِالْبِئْرِ الَّتِي فِي الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>