للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِلَّا فَفِي الِاسْتِحْبَابِ بَلْ الْجَوَازِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الْغُسْلِ، وَلَا يُمْكِنُهُ إلَّا بِحَلْقِ رَأْسِهِ وَكَذَا الْمَرْأَةُ إذَا اعْتَادَتْ الْحَيْضَ فِي إحْرَامِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَأَنَّهُمْ نَظَرُوا لِقِصَرِ مُدَّةِ الْإِحْرَامِ غَالِبًا، وَعِنْدَ حُصُولِ الْعَارِضِ يُمْكِنُ نَقْضُهُ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِحَلْقِ رَأْسِهِ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ يُضِيفُونَ إلَيْهِ مَا يَسْهُلُ بِهِ نَزْعُهُ قَالَ: وَهَذَا يَتَأَتَّى أَيْضًا فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ إذَا دَخَلَ يَوْمُهَا وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ.

(وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يَقُصَّ الشَّارِبَ وَ) أَنْ (يَأْخُذَ شَعْرَ الْإِبْطِ وَالْعَانَةِ وَالظُّفْرِ) قَبْلَ الْغُسْلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَنْظِيفٌ فَسُنَّ كَالْغُسْلِ إلَّا فِي الْعَشْرِ لِمُرِيدِ التَّضْحِيَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ (وَ) أَنْ (يَتَطَيَّبَ) بَعْدَ الْغُسْلِ فِي بَدَنِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ رَجُلًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَإِنَّمَا كُرِهَ لِلنِّسَاءِ التَّطَيُّبُ عِنْدَ خُرُوجِهِنَّ لِلْجُمُعَةِ لِضِيقِ مَكَانِهَا وَزَمَانِهَا فَلَا يُمْكِنُهُنَّ اجْتِنَابُ الرِّجَالِ بِخِلَافِ ذَلِكَ فِي النُّسُكِ (وَجَازَ) أَنْ يَتَطَيَّبَ (فِي ثَوْبِهِ) مِنْ إزَارِ الْإِحْرَامِ وَرِدَائِهِ كَمَا فِي بَدَنِهِ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ وَنَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ قَالَ وَأَغْرَبَ الْمُتَوَلِّي فَحَكَى فِيهِ الْخِلَافَ فِي الِاسْتِحْبَابِ وَجَرَى فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَيْسَ بِغَرِيبٍ كَمَا زَعَمَهُ النَّوَوِيُّ فَقَدْ حَكَاهُ الْقَاضِي وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْبَارِزِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْغَزَالِيُّ وَالْجِيلِيُّ وَعَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِهِ يُكْرَهُ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ وَيَتَطَيَّبُ فِيمَا ذُكِرَ (وَ) لَوْ (بِمَا تَبْقَى عَيْنُهُ) بَعْدَ الْإِحْرَامِ «قَالَتْ عَائِشَةُ كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى وَبِيصِ الطِّيبِ أَيْ بِرِيقِهِ مِنْ مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُحْرِمٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَلَهُ اسْتَدَامَتُهُ) بَعْدَ إحْرَامِهِ لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ وَسَوَاءٌ اسْتَدَامَهُ فِي بَدَنِهِ أَمْ ثَوْبِهِ (لَا شَدَّهُ فِي ثَوْبِهِ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ وَنَقَلَ فِيهِ الِاتِّفَاقَ (وَلَوْ أَخَذَهُ) قَبْلَ الْإِحْرَامِ أَوْ بَعْدَهُ (مِنْ بَدَنِهِ) أَوْ ثَوْبِهِ الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى (ثُمَّ أَعَادَهُ) إلَيْهِ (بَعْدَ الْإِحْرَامِ أَوْ نَزَعَ ثَوْبَهُ) الْمُطَيَّبَ (ثُمَّ لَبِسَهُ فَدَى) أَيْ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ كَمَا لَوْ ابْتَدَأَ لُبْسَ ثَوْبٍ مُطَيَّبٍ، وَلَوْ مَسَّهُ بِيَدِهِ عَمْدًا فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَيَكُونُ مُسْتَعْمِلًا لِلطِّيبِ ابْتِدَاءً، جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ (وَلَوْ انْتَقَلَ بِالْعَرَقِ) مِنْ مَوْضِعٍ مِنْ بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ إلَيْهِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ (لَمْ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مُبَاحٍ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ مِنْهُ وَلِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادِ حَسَنٍ «عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنَّا نَخْرُجُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى مَكَّةَ فَنُضَمِّدُ جِبَاهَنَا بِالْمِسْكِ الْمُطَيَّبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فَإِذَا عَرِقَتْ إحْدَانَا سَالَ عَلَى وَجْهِهَا فَرَآهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يَنْهَانَا» قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِاسْتِحْبَابِ الْجِمَاعِ إنْ أَمْكَنَهُ، وَلَا يَبْعُدُ اسْتِحْبَابُهُ؛ لِأَنَّ الطِّيبَ مِنْ دَوَاعِيهِ.

(فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ لِلْمُزَوَّجَةِ وَغَيْرِهَا) عَجُوزًا أَوْ شَابَّةً (مَسْحُ وَجْهِهَا بِالْحِنَّاءِ) بِالْمَدِّ (لِلْإِحْرَامِ وَخَضْبُ كَفَّيْهِمَا بِهِ) لَهُ لِتَسْتُرَ بِهِ مَا يَبْرُزُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا تُؤْمَرُ بِكَشْفِ الْوَجْهِ، وَقَدْ يَنْكَشِفُ الْكَفَّانِ؛ وَلِأَنَّ الْحِنَّاءَ مِنْ زِينَتِهَا فَنُدِبَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ كَالطِّيبِ وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ السُّنَّةِ (تَعْمِيمًا) لِلْكَفَّيْنِ (لَا نَقْشًا وَتَسْوِيدًا أَوْ تَطْرِيفًا) فَلَا يُسْتَحَبُّ شَيْءٌ مِنْهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الزِّينَةِ وَإِزَالَةِ الشُّعْثِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي الْإِحْرَامِ بَلْ إنْ كَانَتْ خَلِيَّةً، أَوْ لَمْ يَأْذَنْ حَلِيلُهَا حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا مَرَّ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ (وَيُكْرَهُ) لَهَا الْخَضْبُ (بَعْدَ الْإِحْرَامِ) لِمَا مَرَّ آنِفًا (وَفِي بَاقِي الْأَحْوَالِ) أَيْ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ (يُسْتَحَبُّ لِلْمُزَوَّجَةِ) ؛ لِأَنَّهُ زِينَةٌ وَهِيَ مَطْلُوبَةٌ مِنْهَا لِزَوْجِهَا كُلَّ وَقْتٍ كَمَا مَرَّ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ (وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهَا) بِلَا عُذْرٍ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ (، وَلَا يَخْتَضِبُ الْخُنْثَى) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِلَا عُذْرٍ لِلِاحْتِيَاطِ (كَالرَّجُلِ) لِلنَّهْيِ عَنْ تَشْبِيهِهِ بِالْمَرْأَةِ كَمَا مَرَّ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ.

(فَرْعٌ وَيَنْزِعُ الرَّجُلُ الْمَخِيطَ) قَبْلَ الْإِحْرَامِ وُجُوبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ كَالرَّافِعِيِّ لِيَنْتَفِيَ عَنْهُ لُبْسُهُ فِي الْإِحْرَامِ الَّذِي هُوَ مُحْرِمٌ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْمُتَّجَهُ اسْتِحْبَابُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِهِ، وَهُوَ الْإِحْرَامُ لَمْ يُوجَدْ؛ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ وَإِنْ وَطِئْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا وَإِنَّمَا يَجِبُ النَّزْعُ عَقِبَهُ، ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَيْنِ ذَكَرَا فِي الصَّيْدِ عَدَمَ وُجُوبِ إزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ مَعَ أَنَّ الْمُدْرَكَ فِيهِمَا وَاحِدٌ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْوَطْءَ يَقَعُ فِي النِّكَاحِ فَلَا يَحْرُمُ، وَإِنَّمَا يَجِبُ النَّزْعُ عَقِبَهُ؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ عَنْ الْمَعْصِيَةِ، وَلِأَنَّ مُوجِبَهُ لَيْسَ الْوَطْءُ بَلْ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ إلْحَاقُ الْإِحْرَامِ بِالْوَطْءِ، وَأَمَّا الصَّيْدُ فَيَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ بِالْإِحْرَامِ كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ نَزْعِ الثَّوْبِ لَا يَحْصُلُ بِهِ فَيَجِبُ قَبْلَهُ كَمَا يَجِبُ السَّعْيُ إلَى الْجُمُعَةِ قَبْلَ وَقْتِهَا عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ قَدْ يُقَالُ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ أَخْذًا مِمَّا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا، وَهُوَ لَابِسُهُ فَنَزَعَ فِي الْحَالِ لَمْ يَحْنَثْ وَمِمَّا لَوْ وَطِئَ أَوْ أَكَلَ لَيْلًا مَنْ أَرَادَ الصَّوْمَ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ تَرْكُهُمَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْإِحْرَامَ عِبَادَةٌ طُلِبَ فِيهَا

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ لِمُرِيدِ الْإِحْرَامِ أَنْ يَغْسِلَ قَبْلَ الْغُسْلِ رَأْسَهُ لِلْإِحْرَامِ بِسِدْرٍ أَوْ نَحْوِهِ]

قَوْلُهُ وَنَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ اتِّفَاقُ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ) هُوَ الْأَصَحُّ

[فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ لِلْمُزَوَّجَةِ وَغَيْرِهَا عَجُوزًا أَوْ شَابَّةً مَسْحُ وَجْهِهَا بِالْحِنَّاءِ لِلْإِحْرَامِ وَخَضْبُ كَفَّيْهِمَا بِهِ]

(قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقَالَ فِي الْخَادِمِ إنَّهُ الظَّاهِرُ نَقْلًا وَدَلِيلًا أَمَّا النَّقْلُ فَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْفُتُوحِ فِي كِتَابِ الْخَنَاثَى التَّجَرُّدُ مِنْ الْمَخِيطِ وَاجِبٌ فِي حَقِّ الرِّجَالِ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي حَقِّ النِّسَاءِ وَالْخَنَاثَى، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَصَاحِبُ الْكَافِي وَأَمَّا الدَّلِيلُ فَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يُحْرِمُ أَحَدُكُمْ فِي إزَارٍ وَرِدَاءٍ» فَإِنَّهُ يَقْتَضِي وُجُوبَ التَّجَرُّدِ عَنْ غَيْرِهِمَا إذَا أَرَادَ الْإِحْرَامَ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ يُصَلِّي (قَوْلُهُ كَالرَّافِعِيِّ) قَالَ فِي الْعَزِيزِ الْمَعْدُودُ مِنْ السُّنَنِ التَّجَرُّدُ فِي إزَارٍ وَرِدَاءٍ أَمَّا مُجَرَّدُ التَّجَرُّدِ فَلَا يُمْكِنُ عَدُّهُ مِنْ السُّنَنِ؛ لِأَنَّ تَرْكَ لُبْسِ الْمَخِيطِ فِي الْإِحْرَامِ لَازِمٌ وَمِنْ صُوَرِ لُزُومِهِ لُزُومُ التَّجَرُّدِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ. اهـ. (قَوْلُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ) مُقْتَضَى ضَبْطِ مُصَنِّفِهِ قَوْلُهُ وَيَتَجَرَّدُ بِالضَّمِّ وُجُوبُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>