للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ لَا يَقْلَعُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِمَا فِي الْأَرْضِ، وَأَنَّهُمَا يُبَاعَانِ مَعًا، وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَعَلَى مَا رَجَّحَهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ، وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي، وَغَيْرُهُمْ، وَفِي نُسْخَةٍ بَدَّلَ قَوْلَهُ فَقَدْ مَرَّ فَوَجْهَانِ فَعَلَيْهَا لَا زِيَادَةَ

(فَصْلٌ) (الْيَدُ) عَلَى الْمَرْهُونِ (بَعْدَ الْقَبْضِ لِلْمُرْتَهِنِ) لِأَنَّهَا الرُّكْنُ الْأَعْظَمُ فِي التَّوَثُّقِ (وَلِلْمَالِكِ أَخْذُهُ مِنْهُ) عِنْدَ حَاجَتِهِ لِانْتِفَاعِهِ بِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ مَعَ بَقَائِهِ (إنْ كَانَ لَهُ مَنْفَعَةٌ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهَا، وَهُوَ مَعَهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ كَرُكُوبٍ، وَخِدْمَةٍ، وَسُكْنَى بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ يُمْكِنُ ذَلِكَ، وَهُوَ مَعَهُ كَحِرْفَةٍ لِلْعَبْدِ يُمْكِنُ أَنْ يَعْمَلَهَا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يَأْخُذُهُ الرَّاهِنُ لِعَمَلِهَا جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ، وَلَهُ أَخْذُهُ لِلْخِدْمَةِ كَمَا سَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِهِ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِتَفْوِيتِهِ كَنَقْدٍ فَلَا يَأْخُذُهُ لِذَلِكَ أَصْلًا (وَلَهُ) إنْ لَمْ يَثِقْ بِهِ كَمَا فِي الْأَصْلِ (تَكْلِيفُهُ الْإِشْهَادَ أَنَّهُ أَخَذَهُ لِذَلِكَ) أَيْ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ لِئَلَّا يَجْحَدَ الرَّهْنَ (لَا كُلَّ مَرَّةٍ) لِلْمَشَقَّةِ (إنْ كَانَ عَدْلًا) ظَاهِرًا وَإِلَّا فَيُكَلِّفُهُ ذَلِكَ كُلَّ مَرَّةٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَالرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَجِبُ الْإِشْهَادُ عَلَى الْعَدْلِ لَكِنْ لَا كُلَّ مَرَّةٍ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَصْلًا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ كَلَامِهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ، وَإِذَا أَشْهَدَ قَالَ الشَّيْخَانِ يُشْهِدُ شَاهِدَيْنِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ أَوْ رَجُلًا، وَامْرَأَتَيْنِ لِأَنَّهُ فِي الْمَالِ، وَقَاسَهُ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ مَعَ الْيَمِينِ كَمَا اكْتَفَى هُوَ بِهِ فِي الْفَسْخِ بِعَيْبِ الْمَبِيعِ كَمَا مَرَّ (وَلَا يُعْطَى) الرَّاهِنُ (الْجَارِيَةَ إلَّا إنْ أُمِنَ غَشَيَانُهُ) لَهَا (لِكَوْنِهِ مَحْرَمًا أَوْ ثِقَةً لَهُ أَهْلٌ) أَوْ نَحْوَهُ بِأَنْ تَكُونَ عِنْدَهُ زَوْجَةٌ أَوْ أَمَةٌ أَوْ مَحْرَمٌ أَوْ نِسْوَةٌ يُؤْمَنُ مَعَهُنَّ مِنْهُ عَلَيْهَا كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ فِي وَضْعِهَا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ (وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُؤَجِّرَهُ) بِشَرْطِهِ السَّابِقِ (وَأَمْكَنَ) الِانْتِفَاعُ بِهِ (فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَمْ تَزُلْ يَدُهُ) ، وَإِلَّا أُزِيلَتْ (فَإِنْ أَرَادَ اسْتِخْدَامَهُ فِي شَيْءٍ آخَرَ يُحْوِجُ إلَى خُرُوجِهِ) مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ (أُجِيبَ، وَمَا لَا يَدُومُ اسْتِيفَاءُ مَنَافِعِهِ) عِنْدَ الرَّاهِنِ (يَرُدُّهُ) إلَى الْمُرْتَهِنِ (عِنْدَ الِاكْتِفَاءِ) بِمَا انْتَفَعَ بِهِ مِنْهُ (فَيَرُدُّ الْخَادِمَ، وَالْمَرْكُوبَ) اللَّذَيْنِ يَنْتَفِعُ بِهِمَا فِي النَّهَارِ (لَيْلًا) أَيْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِالرَّاحَةِ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَابْنُ الرِّفْعَةِ لِزَوَالِ حَاجَتِهِ قَالَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَرُدَّهُ وَقْتَ الْقَيْلُولَةِ فِي الصَّيْفِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ الظَّاهِرَةِ (وَ) يَرُدُّ (الْحَارِسَ) الَّذِي يَنْتَفِعُ بِهِ فِي اللَّيْلِ (نَهَارًا) لِمَا مَرَّ، وَذِكْرُ الْحَارِسِ مِثَالٌ أَمَّا مَا يَدُومُ اسْتِيفَاءُ مَنَافِعِهِ فَلَا رَدَّ فِيهِ

(فَرْعٌ لَا تُزَالُ يَدُ الْبَائِعِ عَنْ الْمَحْبُوسِ بِالثَّمَنِ لِاسْتِيفَاءِ مَنَافِعِهِ) لِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ (بَلْ يَسْتَكْسِبُ) فِي يَدِهِ لِلْمُشْتَرِي، وَتَعْبِيرُهُ بِالْمَحْبُوسِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْعَبْدِ الْمَحْبُوسِ (فَرْعٌ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ فِيمَا مَنَعَ مِنْهُ لِأَجْلِهِ نَفَذَ) فِيهِ (تَصَرُّفُهُ) لِأَنَّ الْمَنْعَ كَانَ لِحَقِّهِ، وَقَدْ زَالَ بِإِذْنِهِ (، وَإِحْبَالُهُ) هُوَ دَاخِلٌ فِي تَصَرُّفِهِ (وَبَطَلَ الرَّهْنُ) بِذَلِكَ قَالَ فِي الذَّخَائِرِ فَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْوَطْءِ فَوَطِئَ ثُمَّ أَرَادَ الْعَوْدَ إلَيْهِ مُنِعَ لِأَنَّ الْإِذْنَ يَتَضَمَّنُ أَوَّلَ مَرَّةٍ إلَّا أَنْ تَحْبَلَ مِنْ تِلْكَ الْوَطْأَةِ فَلَا مَنْعَ لِأَنَّ الرَّهْنَ قَدْ بَطَلَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ صَحَّ مَا ذَكَرَهُ فَيُقَاسُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا يَتَعَاقَبُ قَالَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَصْلٌ الْيَدُ عَلَى الْمَرْهُونِ بَعْدَ الْقَبْضِ لِلْمُرْتَهِنِ]

فَصْلٌ الْيَدُ بَعْدَ الْقَبْضِ لِلْمُرْتَهِنِ) (قَوْلُهُ وَلِلْمَالِكِ أَخْذُهُ مِنْهُ إلَخْ) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا بِالْخِيَانَةِ فَإِنْ كَانَ فَلَيْسَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ رَدُّهُ إلَيْهِ لِلِانْتِفَاعِ وَإِنْ أَشْهَدَ قَالَهُ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ قَدْ يَدَّعِي تَلَفَهُ كَذِبًا ع قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا مُتَعَيَّنٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَكْتُمُهُ وَيَدَّعِي تَلَفَهُ أَوْ سَرِقَتَهُ أَوْ إبَاقَهُ أَوْ نَحْوَهَا أَوْ يُتْلِفُهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ أَوْ يُخْفِي مَالَهُ وَقَالَ فِي التَّهْذِيبِ إنَّهُ إذَا كَانَ يَخَافُ مِنْهُ إتْلَافَ الْمَرْهُونِ وَالْخِيَانَةَ عَلَيْهِ دَفْعُهُ إلَى الْحَاكِمِ حَتَّى يُؤَجِّرَهُ وَيَدْفَعَ الْأُجْرَةَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَالرَّوْضَةِ إلَخْ) النَّفْيُ فِي كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ مُتَوَجِّهٌ إلَى الْفِعْلِ وَالْقَيْدِ مَعًا مِثْلُ قَوْلِهِ وَلَا تَرَى الضَّبَّ بِهَا يَنْجَحِرُ أَيْ لَا ضَبَّ وَلَا انْجِحَارَ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر: ١٨] أَيْ لَا شَفَاعَةَ وَلَا طَاعَةَ وَحِينَئِذٍ يُفِيدُ نَفْيُ أَصْلِ الْفِعْلِ قَالَ الْإِمَامُ وَمَنْ رَاعَى الْإِشْهَادَ قَالَ لَوْ كَانَ مَشْهُورًا بِالْخِيَانَةِ لَا يُسَلَّمُ إلَيْهِ وَإِنْ أَشْهَدَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا مُتَعَيَّنٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَكْتُمُهُ وَيَدَّعِي تَلَفَهُ أَوْ سَرِقَتَهُ أَوْ إبَاقَهُ وَنَحْوَهَا أَوْ يُتْلِفُهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ أَوْ يُخْفِي مَالَهُ وَفِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلسُّبْكِيِّ نَحْوُهُ.

(قَوْلُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ كَلَامِهِ) وَعِبَارَةُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَيَشْهَدُ لَا ظَاهِرُ الْعَدَالَةِ وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَيَشْهَدَانِ اتَّهَمَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَلَامُهُ يُفْهِمُ الِاكْتِفَاءَ بِالْإِشْهَادِ أَوَّلَ دَفْعَةٍ وَأَنَّ غَيْرَ الْمُتَّهَمِ لَا يُكَلَّفُ الْإِشْهَادَ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَتَكْفِي عَدَالَتُهُ (قَوْلُهُ وَقِيَاسُهُ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ مُحَرَّمًا) أَوْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا كَمُسْلِمٍ وَهِيَ مَجُوسِيَّةٌ أَوْ وَثَنِيَّةٌ (قَوْلُهُ فَيَرُدُّ الْخَادِمَ وَالْمَرْكُوبَ لَيْلًا) عَدَلَ عَنْ قَوْلِ غَيْرِهِ فِي اللَّيْلِ إلَى قَوْلِهِ لَيْلًا لِيُعَرِّفَك أَنَّ رَدَّهُمَا غَيْرُ وَاجِبٍ فِي جَمِيعِ اللَّيْلِ بَلْ فِي وَقْتٍ مِنْهُ وَهُوَ الَّذِي يَرَاحَانِ فِيهِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا} [الإسراء: ١]

(قَوْلُهُ فَرْعٌ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ فِيمَا مَنَعَ مِنْهُ لِأَجَلِهِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ ظَاهِرُهُ جَوَازُ الرَّهْنِ بِالْإِذْنِ وَيَكُونُ فَسْخًا لِلرَّهْنِ الْمُتَقَدِّمِ كَالْبَيْعِ بِالْإِذْنِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ أَشْكَلَ مَا سَبَقَ مِنْ مَنْعِ رَهْنِهِ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ بِدَيْنٍ آخَرَ فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ الرِّضَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَيَكُونَ فَسْخًا لِلْأَوَّلِ كَمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مِنْهُ وَيَكُونُ فَسْخًا لِلرَّهْنِ. اهـ. وَمَنَعَ جَمَاعَةٌ كَوْنَ الرِّضَا بِذَلِكَ يَتَضَمَّنُ فَسْخَ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ أَوْ يَعْتَقِدُ صِحَّةَ الرَّهْنِ الثَّانِي بِخِلَافِ الْإِذْنِ فِي الْبَيْعِ لَا يُشْكِلُ بِذَلِكَ لِأَنَّ صُورَةَ ذَلِكَ أَنْ يَرْهَنَ بِهِ الْمَرْهُونَ مَعَ بَقَاءِ رَهْنِيَّتِهِ بِالْأَوَّلِ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَذِنَ فِي رَهْنِهِ مَعَ غَيْرِهِ مَعَ بَقَاءِ رَهْنِيَّتِهِ بِدَيْنِهِ قَالَ شَيْخُنَا هَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ. اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ مَمْنُوعٌ إذْ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ مِنْهُ بِدَيْنٍ آخَرَ إلَّا بَعْدَ فَسْخِ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ نَفَذَ تَصَرُّفُهُ) وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِعْتَاقِ فَرَدَّ الْإِذْنَ وَقَالَ لَا أَعْتِقُهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ نَفَذَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَنْعَ كَانَ لِحَقِّهِ) وَقَدْ زَالَ بِإِذْنِهِ بِشَرْطِ كَوْنِهِ ارْتَهَنَ لِنَفْسِهِ وَبَقَاءُ أَهْلِيَّتِهِ إلَى حِينِ التَّصَرُّفِ وَهَذَا فِي الْبَيْعِ لَا لِوَفَاءِ الدَّيْنِ الْحَالِّ أَمَّا لَوْ كَانَ لِأَجَلِهِ فَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ حَتَّى لَوْ فُسِخَ بِخِيَارِ مَجْلِسٍ أَوْ شَرْطٍ دَامَ الرَّهْنُ فِيمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>