للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَوْ أَنَّ ذَلِكَ مَسْأَلَتَانِ، وَلَا حَرَجَ، وَيُحْتَمَلُ جَعْلُهَا لِلتَّخْيِيرِ فَيَكُونُ مَسْأَلَةً وَاحِدَةً فَيُوَافِقُ قَوْلَ الْأَصْلِ، وَلَوْ قَالَ فَرِّقْ ثُلُثِي عَلَى الْفُقَرَاءِ وَإِنْ شِئْت أَنْ تَضَعَهُ فِي نَفْسِك فَافْعَلْ فَعَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْبَيْعِ لِنَفْسِهِ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ الْمَنْعِ وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ مَرْدُودٌ نَقْلًا وَتَوْجِيهًا أَمَّا النَّقْلُ فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى الْجَوَازِ كَمَا نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ وَرَجَّحَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَأَمَّا التَّوْجِيهُ فَالرَّافِعِيُّ وَجَّهَ الْحُكْمَ ثَمَّ بِتَوْجِيهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: تَضَادُّ الْغَرَضَيْنِ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا بَلْ فِيهِ وَفَاءٌ بِمَقْصُودِ الْآذِنِ، وَالثَّانِي: اتِّحَادُ الْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ تَوْكِيلٌ فِي صِيغَةِ عَقْدٍ فَيُؤَدِّي إلَى الِاتِّحَادِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا

(وَإِنْ قَالَ: بِعْ هَذَا ثُمَّ هَذَا لَزِمَهُ التَّرْتِيبُ) امْتِثَالًا لِأَمْرِ مُوَكِّلِهِ فَلَوْ عَكَسَ فَسَدَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ وَكَانَ كَالْعَدَمِ، وَصَحَّ الثَّانِي كَمَا لَوْ بَاعَهُ أَوَّلًا، وَهَلْ لَهُ بَيْعُ الْآخَرِ بَعْدُ، فِيهِ نَظَرٌ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَوْجَهُ نَعَمْ (وَيَسْتَحِقُّ الْوَكِيلُ جُعْلَهُ) إنْ شَرَطَ لَهُ مُوَكِّلُهُ جُعْلًا (وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ) أَيْ الثَّمَنُ (مَعَهُ) ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ بِالْعَمَلِ وَقَدْ عَمِلَ

(وَإِنْ بَلَغَهُ أَنَّ زَيْدًا وَكَّلَهُ وَصَدَّقَ) الْمُخْبِرَ (تَصَرَّفَ) بِالْوَكَالَةِ جَوَازًا وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْحَاكِمُ قَوْلَ الْمُخْبِرِ (لَا إنْ كَذَّبَ) الْمُخْبِرَ فَلَا يَتَصَرَّفُ بِالْوَكَالَةِ (وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ) عِنْدَ الْحَاكِمِ بِمَضْمُونِ الْخَبَرِ وَكَذَا إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ بَلْ تَرَدَّدَ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ (وَإِنْ سَأَلَ) الْوَكِيلُ (مِنْ الْمُوَكِّلِ الْإِشْهَادَ) عَلَى نَفْسِهِ بِتَوْكِيلِهِ فَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ (حَيْثُ يُضْمَنُ) يَعْنِي فِيمَا يَضْمَنُهُ الْوَكِيلُ (بِجُحُودِهِ) أَيْ الْمُوَكِّلِ الْوَكَالَةَ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقَبْضِ الْمَالِ وَقَضَاءِ الدَّيْنِ (لَزِمَهُ) بَعْدَ التَّصَرُّفِ أَوْ إنْ أَرَادَ بَقَاءَ الْوَكَالَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ فِيمَا لَا يَضْمَنُهُ الْوَكِيلُ بِجُحُودِ الْمُوَكِّلِ الْوَكَالَةَ كَإِثْبَاتِ الْحَقِّ وَطَلَبِ الشُّفْعَةِ وَمُقَاسَمَةِ الشَّرِيكِ (فَلَا) يَلْزَمُهُ

(وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ جَارِيَةٍ لِيَطَأَهَا لَمْ يَشْتَرِ لَهُ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ) كَأُخْتِهِ وَأُخْتِ مَوْطُوءَتِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَحُذِفَ مِنْ كَلَامِ الرَّوْضَةِ هُنَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ بِتَزْوِيجِ امْرَأَةٍ أَنْ يُعَيِّنَهَا لِذِكْرِهِ لَهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ الْأَنْسَبِ بِهِ

[الْبَابُ الثَّالِثِ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْوَكَالَةِ وَصِفَتِهَا]

(الْبَابُ الثَّالِثِ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْوَكَالَةِ وَصِفَتِهَا) (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي) أَصْلِ (الْوَكَالَةِ) كَأَنْ قَالَ وَكَّلْتنِي فِي كَذَا فَأَنْكَرَ (أَوْ فِي صِفَتِهَا) كَأَنْ قَالَ وَكَّلْتنِي فِي الْبَيْعِ نَسِيئَةً أَوْ الشِّرَاءِ بِعِشْرِينَ فَقَالَ بَلْ نَقْدًا أَوْ بِعَشَرَةٍ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْوَكِيلُ؛ وَلِأَنَّ الْمُوَكِّلَ أَعْرَفُ بِحَالِ الْإِذْنِ الصَّادِرِ مِنْهُ.

(فَرْعٌ) لَوْ (اشْتَرَى الْوَكِيلُ جَارِيَةً بِعِشْرِينَ فَقَالَ الْمُوَكِّلُ إنَّمَا أَذِنْت بِعَشَرَةٍ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِمَا مَرَّ (وَبَطَلَ الشِّرَاءُ إنْ حَلَفَ الْمُوَكِّلُ، وَ) كَانَ (الشِّرَاءُ لَهُ بِعَيْنِ مَالِهِ وَسَمَّاهُ) الْوَكِيلُ (فِي الْعَقْدِ، وَقَالَ) فِيهِ (الْمَالُ لَهُ وَكَذَا) يَبْطُلُ الشِّرَاءُ (إنْ نَوَاهُ) الْأَوْفَقُ بِكَلَامٍ أَصْلُهُ إنْ لَمْ يُسَمِّهِ فِي الْعَقْدِ، وَقَالَ بَعْدَهُ اشْتَرَيْتهَا لِفُلَانٍ وَالْمَالُ لَهُ (وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ) ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِالتَّسْمِيَةِ فِي الْأُولَى وَبِتَصْدِيقِ الْبَائِعِ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّ الْعَقْدَ لِلْمُوَكِّلِ وَثَبَتَ بِيَمِينِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِي التَّصَرُّفِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَتَبْقَى الْجَارِيَةُ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ وَعَلَيْهِ رَدُّ الثَّمَنِ إنْ أَخَذَهُ وَلَا رَيْبَ أَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ مُلْحَقَةٌ بِمَا ذُكِرَ وَتَقَدَّمَ فِي الشَّرْطِ الثَّالِثِ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ بِثَمَنٍ فِي ذِمَّةِ الْغَيْرِ بَطَلَ أَيْضًا، وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ فِيمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ إذَا لَمْ يُوَافِقْ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ عَلَى وَكَالَتِهِ بِالْقَدْرِ الْمَذْكُورِ وَإِلَّا فَالْجَارِيَةُ بِاعْتِرَافِ الْبَائِعِ مِلْكٌ لِلْمُوَكِّلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ التَّلَطُّفُ الْآتِي نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ.

(وَإِنْ كَذَّبَهُ الْبَائِعُ) فِيمَا قَالَ بِأَنْ قَالَ لَسْت وَكِيلًا فِي الشِّرَاءِ الْمَذْكُورِ (وَحَلَفَ) أَيْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ (فَيُحْكَمُ بِالصِّحَّةِ) لِلشِّرَاءِ (ظَاهِرًا لِلْوَكِيلِ وَيُسَلِّمُ لَهُ)

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَوْجَهُ نَعَمْ) هُوَ وَاضِحٌ

(قَوْلُهُ لَا إنْ كَذَبَ الْمُخْبِرُ وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِمَضْمُونِ الْخَبَرِ) يَنْبَغِي تَصْوِيرُهُ بِأَنْ تَسْبِقَ دَعْوَاهُ الْوَكَالَةُ وَطَلَبَ الشَّهَادَةَ فَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ لَوْ تَعَلَّقَ بِشَخْصٍ وَقَالَ: أَنْت وَكِيلُ فُلَانٍ الْغَائِبِ فَقَالَ: لَا أَعْلَمُ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى وَكَالَتِهِ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ حَقٌّ لَهُ فَكَيْفَ تُقَامُ بِهَا بَيِّنَةٌ قَبْلَ دَعْوَاهُ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَ الْمَشْهُورُ لَهُ قَدْ ادَّعَى غَيْرَ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ مَتَى ادَّعَى الْوَكَالَةَ لَا يُمْكِنُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ بِصِدْقِ الشَّاهِدَيْنِ وَكَذِبِهِمَا وَبِأَنَّ قَوْلَ الرَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ قَبُولَهَا عِنْدَ زَيْدٍ خَبَرٌ، وَعِنْدَ الْحَاكِمِ شَهَادَةٌ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا شَهِدَ الشَّاهِدَانِ حِسْبَةً عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّ عَمْرًا الْغَائِبَ وَكَّلَ زَيْدًا فَإِذَا رَدَّ الْحَاكِمُ شَهَادَتَهُمَا لِلْمُبَادَرَةِ لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَى زَيْدٍ الْعَمَلُ بِالْوَكَالَةِ بِخَبَرِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ خُصُوصِ الشَّهَادَةِ بُطْلَانُ عُمُومِ كَوْنِ ذَلِكَ خَبَرًا فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ لِزَيْدٍ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُمَا أَنْ يَعْمَلَ بِمُقْتَضَى الْوَكَالَةِ وَيَخْرُجَ مِنْ ذَلِكَ فَرْعٌ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ بَادَرَ عَدْلٌ وَاحِدٌ، وَشَهِدَ فَرَدَّهُ الْحَاكِمُ وَوَقَعَ فِي قَلْبِ زَيْدٍ صِدْقُهُ جَازَ؛ لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ فِي التَّوْكِيلِ يَجُوزُ كَمَا قَالُوهُ فِي نَقْلِ الْإِذْنِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ، وَإِنَّمَا مَثَّلَ الرَّافِعِيُّ بِشَهَادَةِ الْعَدْلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ إنَّمَا تَثْبُتُ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ لِكَوْنِهَا وِلَايَةً

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الِاخْتِلَافِ) (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ) صُورَةٌ لِمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ الْإِخْلَافُ بَعْدَ التَّصَرُّفِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَوْ بَاعَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ فَيُخَاصِمُهُ وَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمَّا قَبْلَ التَّصَرُّفِ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْخُصُومَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ الْوَكَالَةَ فَأَنْكَرَ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِنَا الْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْإِنْكَارِ انْعَزَلَ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْفَارِقِيِّ، وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ؛ وَلِأَنَّ الْمُوَكِّلَ أَعْرَفُ بِحَالِ الْإِذْنِ الصَّادِرِ) ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ مَنْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي شَيْءٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي صِفَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّهَا بِجُعْلٍ أَمْ لَا فَفِي الْمُصَدَّقِ مِنْهُمَا قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ.

[فَرْعٌ اشْتَرَى الْوَكِيلُ جَارِيَةً بِعِشْرِينَ فَقَالَ الْمُوَكِّلُ إنَّمَا أَذِنْت بِعَشَرَةٍ]

(قَوْلُهُ: فَرْعٌ اشْتَرَى الْوَكِيلُ جَارِيَةً بِعِشْرِينَ) أَيْ، وَهِيَ تُسَاوِي عِشْرِينَ فَأَكْثَرَ (قَوْلُهُ: وَكَانَ الشِّرَاءُ لَهُ بِعَيْنِ مَالِهِ) مِثْلَ الشِّرَاءِ بِعَيْنِ مَالِهِ مَا لَوْ قَالَ اشْتَرَيْته لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ) ، وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَذَّبَهُ الْبَائِعُ وَحَلَفَ إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>