لَحِقَهُ (بِسُكُوتٍ) عَنْ نَفْيِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنَاقِضْ قَوْلَهُ الْأَوَّلَ وَاللُّحُوقُ حُكْمُ الشَّرْعِ (إلَّا إنْ كَانَ الْقَذْفُ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ) فَإِنَّهُ يُحَدُّ لِقَذْفِهَا، وَإِنْ لَحِقَهُ الثَّانِي بِالسُّكُوتِ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ لَا يَكُونُ إلَّا لِنَفْيِ النَّسَبِ فَإِذَا لَحِقَ النَّسَبُ لَمْ يَبْقَ لِلِّعَانِ حُكْمٌ فَحُدَّ وَفِي صُلْبِ النِّكَاحِ لَهُ أَحْكَامٌ أُخَرُ فَإِذَا لَحِقَ النَّسَبُ لَا يَرْتَفِعُ فَلَمْ يُحَدَّ (وَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) فَأَكْثَرَ مِنْ وِلَادَةِ الْأَوَّلِ (لَحِقَهُ) سَوَاءٌ اسْتَلْحَقَهُ أَمْ سَكَتَ وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ كَوْنُهَا بَانَتْ بِاللِّعَانِ (لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَاعَنَ وَقَدْ حَمَلَتْ) بِهِ بَعْدَ وَضْعِ الْأَوَّلِ (وَفِي الْمُهَذَّبِ خِلَافُهُ) لِحُدُوثِ الْوَلَدِ بَعْدَ زَوَالِ الْفِرَاشِ (وَهُوَ سَهْوٌ) نَقْلًا وَرَدَّهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْقَاضِيَ أَبَا الطَّيِّبَ وَغَيْرَهُ جَزَمُوا بِهِ فَهُوَ مَنْقُولٌ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا (وَلَهُ نَفْيُهُ) أَيْ الثَّانِي (بِاللِّعَانِ) فَيَنْتَفِي بِهِ كَالْأَوَّلِ.
(وَمَنْ لَاعَنَ لِنَفْيِ حَمْلٍ) فِي نِكَاحٍ أَوْ بِعَدَدِ الْبَيْنُونَةِ (انْتَفَى كُلُّ مَنْسُوبٍ إلَى ذَلِكَ الْحَمْلِ بِلِعَانِهِ) وَذَلِكَ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ وِلَادَةِ الْأَوَّلِ وَمَا عَدَاهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ اسْمٌ لِجَمِيعِ مَا فِي الْبَطْنِ وَالْإِشَارَةُ إلَيْهِ إشَارَةٌ إلَيْهِمَا جَمِيعًا (وَمَا عَدَاهُ) أَيْ الْمَنْسُوبُ إلَى ذَلِكَ الْحَمْلِ بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ (يَنْتَفِي بِلَا لِعَانٍ) لِأَنَّ النِّكَاحَ ارْتَفَعَ بِاللِّعَانِ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِوَضْعِ الْأَوَّلِ وَتَحَقَّقْنَا بَرَاءَةَ الرَّحِمِ قَطْعًا فَيَكُونُ الثَّانِي حَادِثًا بَعْدَ زَوَالِ الْفِرَاشِ. وَبِهَذَا فَارَقَ ذَلِكَ مَنْ أَبَانَهَا بِلِعَانٍ أَوْ غَيْرِهِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْأَقْرَاءِ، ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ حَيْثُ لَا يَنْتَفِي عَنْهُ إلَّا بِلِعَانٍ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ ثَمَّ بَرَاءَةَ الرَّحِمِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا حَاضَتْ عَلَى الْحَمْلِ وَكَانَتْ حَامِلًا يَوْمَ الْإِبَانَةِ (كَمَنْ طَلُقَتْ) أَوْ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا حَامِلًا (فَوَضَعَتْ وَلَدًا، ثُمَّ) وَضَعَتْ (آخَرَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) فَأَكْثَرَ مِنْ وَضْعِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَنْتَفِي عَنْ الزَّوْجِ لِتَحَقُّقِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَلَا نَظَرَ إلَى احْتِمَالِ حُدُوثِهِ مِنْ وَطْئِهِ بِشُبْهَةٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَكْفِي لِلُّحُوقِ، وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ كَسَائِرِ الْأَجَانِبِ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِرَافِهِ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ (وَلَهُ نَفْيُ) الْوَلَدِ (الْمَيِّتِ) سَوَاءٌ أَخْلَفَ الْوَلَدُ وَلَدًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ نَسَبَهُ لَا تَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ بَلْ يُقَالُ هَذَا الْمَيِّتُ وَلَدُ فُلَانٍ وَهَذَا قَبْرُ وَلَدِ فُلَانٍ وَفِيهِ فَائِدَةُ إسْقَاطِ مُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ عَنْهُ (وَ) لَهُ (اسْتِلْحَاقُهُ بَعْدَ نَفْيِهِ حَيًّا، وَكَذَا مَيِّتًا) سَوَاءٌ أَخْلَفَ الْوَلَدُ وَلَدًا أَمْ لَا احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُلْزِمُ نَفْسَهُ الْحَدَّ وَلَا يُلْحِقُ بِهِ غَيْرَ وَلَدِهِ طَمَعًا فِي الْمَالِ (فَيَرِثُهُ) لِثُبُوتِ نَسَبِهِ (وَتُنْقَضُ) لَهُ (الْقِسْمَةُ) كَمَا مَرَّ فِي الْفَرَائِضِ
(فَصْلٌ: لَهُ نَفْيُ وَلَدٍ لَحِقَهُ وَلَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ عَلَى الْفَوْرِ) كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَخِيَارِ الشُّفْعَةِ بِجَامِعِ الضَّرَرِ بِالْإِمْسَاكِ (فَإِنْ أَخَّرَ) بِلَا عُذْرٍ أَوْ اعْتَرَفَ بِهِ (لَحِقَهُ) وَتَعَذَّرَ نَفْيُهُ؛ لِأَنَّ لِلْوَلَدِ حَقًّا فِي النَّسَبِ وَقَدْ ثَبَتَ بِمَا ذَكَرَ فَلَا يَتَمَكَّنُ الْمُلْحَقُ بِهِ مِنْ نَفْيِهِ (وَيُعْذَرُ فِي التَّأْخِيرِ لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَى الْقَاضِي) لِغَيْبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (وَانْتِظَارِ الصَّبَاحِ) فِيمَا إذَا بَلَغَهُ الْخَبَرُ لَيْلًا (وَحُضُورِ الصَّلَاةِ) حَتَّى يُصَلِّيَ (وَ) يُعْذَرُ فِيهِ (جَائِعٌ لِلْأَكْلِ وَعَارٍ لِلُّبْسِ) وَنَحْوُ ذَلِكَ (فَإِنْ كَانَ مَحْبُوسًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ مُمَرِّضًا أَوْ خَائِفًا ضَيْعَةَ مَالٍ) أَيْ ضَيَاعَهُ يُقَالُ ضَاعَ الشَّيْءُ ضَيْعَةً وَضَيَاعًا بِالْفَتْحِ أَيْ هَلَكَ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (أَرْسَلَ إلَى الْقَاضِي لِيَبْعَثَ إلَيْهِ نَائِبًا يُلَاعِنُ عِنْدَهُ أَوْ لِيُعْلِمَهُ أَنَّهُ) مُقِيمٌ (عَلَى النَّفْيِ) كَالْمُولِي إذَا عَجَزَ عَنْ الْوَطْءِ فَاءَ بِلِسَانِهِ فَيْءَ الْمَعْذُورِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ يَبْعَثُ إلَى الْقَاضِي وَيُطْلِعُهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ لِيَبْعَثَ إلَيْهِ نَائِبًا أَوْ لِيَكُونَ عَالِمًا بِالْحَالِ إنْ أَخَّرَ بَعَثَ النَّائِبَ (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بَطَلَ حَقُّهُ، وَإِنْ تَعَذَّرَ) عَلَيْهِ الْإِرْسَالُ (أَشْهَدَ) أَنَّهُ عَلَى النَّفْيِ إنْ أَمْكَنَهُ، فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ حِينَئِذٍ بَطَلَ حَقُّهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلِلْغَائِبِ النَّفْيُ عِنْدَ الْقَاضِي) إنْ وَجَدَهُ فِي مَوْضِعِهِ (وَهَلْ لَهُ التَّأْخِيرُ إلَى رُجُوعِ) مِنْ غَيْبَتِهِ إنْ (بَادَرَ إلَيْهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ مَعَ الْإِشْهَادِ) بِأَنَّهُ عَلَى النَّفْيِ كَمَا لَوْ لَمْ يَجِدْ ثَمَّ قَاضِيًا؛ لِأَنَّ لَهُ عُذْرًا ظَاهِرًا فِيهِ وَهُوَ الِانْتِقَامُ مِنْهَا بِإِشْهَارِ أَمْرِهَا فِي قَوْمِهَا وَبَلَدِهَا أَوْ لَا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ النَّفْيِ فِي غَيْبَتِهِ فِيهِ؟ (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْأَوَّلُ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَيْهِ، فَإِنْ أَخَّرَ لِمُبَادَرَةٍ مَعَ الْإِمْكَانِ، وَإِنْ أَشْهَدَ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ، وَإِنْ بَادَرَ بَطَلَ حَقُّهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْمُبَادَرَةُ لِخَوْفِ الطَّرِيقِ أَوْ غَيْرِهِ فَلْيُشْهِدْ
(فَرْعٌ لَهُ تَأْخِيرُ اللِّعَانِ فِي) نَفْيِ (الْحَمْلِ إلَى الْوِلَادَةِ لِيَتَحَقَّقَ كَوْنُهُ وَلَدًا) إذْ مَا يُتَوَهَّمُ حَمَلَا قَدْ يَكُونُ رِيحًا (فَلَوْ قَالَ تَحَقَّقْته وَلَكِنْ رَجَوْت مَوْتَهُ) فَأَكْفَى اللِّعَانَ (سَقَطَ حَقُّهُ) فَلَا يُلَاعِنُ وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ لِتَفْرِيطِهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ سَكَتَ عَنْ نَفْيِ الْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ طَعْمًا فِي مَوْتِهِ (وَإِنْ قَالَ لَمْ أَعْلَمْ بِالْوِلَادَةِ صُدِّقَ بِيُمْنِهِ إنْ احْتَمَلَ) مَا قَالَهُ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يُوَافِقُهُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي (أَوْ) قَالَ (لَمْ أُصَدِّقْ) بِهَا مَنْ أَخْبَرَنِي
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَفِيهِ فَائِدَةُ إسْقَاطِ مُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ عَنْهُ) وَعَدَمُ انْتِسَابِ أَوْلَادِ الْمَنْفِيِّ عَلَى تَقْدِيرِ الْغَيْبَةِ إلَى النَّافِي.
[فَصْلٌ نَفْيُ وَلَدٍ لَحِقَهُ وَلَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ عَلَى الْفَوْرِ]
(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ لَهُ نَفْيُ وَلَدٍ لَحِقَهُ وَلَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ عَلَى الْفَوْرِ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ النَّفْيِ عَلَى الْفَوْرِ أَنْ يُوجِدَهُ عَقِبَ الْعِلْمِ بَلْ أَنْ يَحْضُرَ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَيَذْكُرَ أَنَّ هَذَا الْوَلَدَ لَيْسَ مِنِّي مَعَ مَا يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُلَاعِنُ إذَا أَمَرَهُ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ وَحُضُورُ الصَّلَاةِ حَتَّى يُصَلِّيَ) فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَضِيقَ وَقْتُهَا أَوْ لَا وَعِبَارَةُ الْمُتَوَلِّي إنْ كَانَ قَدْ ضَاقَ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَلَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ حَتَّى يُصَلِّيَ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَضِقْ لَا يَكُونُ عُذْرًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَيَّدَ فِي الذَّخَائِرِ الصَّلَاةَ بِالْفَرِيضَةِ (قَوْلُهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْأَعْذَارِ الَّتِي يَجُوزُ بِهَا تَرْكُ الْجُمُعَةِ وَمَحَلُّ اعْتِبَارِ الْفَوْرِ فِي نَفْيِ الْوَلَدِ، أَمَّا اللِّعَانُ فَلَهُ تَأْخِيرُهُ قَطْعًا نَبَّهَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُعِينِ وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْمُذَاكَرَةِ عَنْ ابْنِ عُجَيْلٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ مَحْبُوسًا إلَخْ) هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْخَلَاصِ كَمَنْ لَزِمَهُ قِصَاصٌ لِصَبِيٍّ أَوْ مَعْتُوهٍ فَحُبِسَ لِيَبْلُغَ أَوْ يُفِيقَ أَمَّا إذَا أَمْكَنَهُ الْخَلَاصُ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ مُقَصِّرٌ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ وَمُلَازَمَةُ الْغَرِيمِ كَالْحَبْسِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ حِينَئِذٍ بَطَلَ حَقُّهُ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يُشْغَلْ بِشَيْءٍ أَصْلًا وَشَرَعَ عِنْدَ عِلْمِهِ فِي الْمُضِيِّ إلَى النَّفْيِ وَلَمْ يَشْهَدْ فِي طَرِيقِهِ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ هُنَا وَالنَّصُّ يُشِيرُ إلَيْهِ وَالرَّاجِحُ بُطْلَانُ حَقِّهِ (قَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا فِي الصَّغِيرِ الْأَوَّلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute