للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ صَرِيحٌ فِي الْكَفَّارَةِ مَجَازٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَعْنَى لُزُومِ الْكَفَّارَةِ) أَيْ لَيْسَ لُزُومُهَا مَعْنًى لِلَّفْظِ حَتَّى يُقَالَ إنَّهُ صَرِيحٌ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ حُكْمٌ رَتَّبَهُ الشَّرْعُ عَلَى التَّلَفُّظِ بِهِ (فَإِنْ) (ادَّعَتْ) فِي تَلَفُّظِهِ بِكِنَايَةِ (نِيَّتِهِ) لِلطَّلَاقِ (فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (فَحَلَفَتْ) يَمِينَ الرَّدِّ (حُكِمَ بِالطَّلَاقِ) فَرُبَّمَا كَانَ قَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ ثُمَّ جَحَدَ أَوْ اُعْتُمِدَتْ قَرَائِنُ يَجُوزُ الْحَلِفُ بِمِثْلِهَا.

[فَصْلٌ مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ فِي الطَّلَاق مُتَعَلِّقَةٍ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ]

(فَصْلٌ) فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ (وَقَوْلُهُ) لَهَا (لَمْ يَبْقَ بَيْنِي وَبَيْنَك شَيْءٌ وَبَيْعٌ) (الطَّلَاقُ) لَهَا (بِصِيغَتِهِ) أَيْ الْبَيْعُ مِنْ إيجَابٍ وَقَبُولٍ (بِلَا عِوَضٍ) أَوْ بِعِوَضٍ كَمَا مَرَّ أَوَائِلَ الْخُلْعِ (أَوْ) قَوْلُهُ (أَبْرَأْتُك أَوْ عَفَوْت عَنْك أَوْ بَرِئْت مِنْ نِكَاحِك أَوْ بَرِئْت إلَيْك مِنْ طَلَاقِك) (كِنَايَةٌ) وَمَعْنَاهُ فِي الْآخِرَةِ تَبَرَّأْت مِنْك بِوَاسِطَةِ إيقَاعِ الطَّلَاقِ عَلَيْك (لَا) قَوْلُهُ (بَرِئْت مِنْ طَلَاقِك) فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَإِنْ نَوَاهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَبْعُدُ إيقَاعُهُ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ بِهِ بَرِئْت مِنْ عُهْدَتِهِ أَوْ مِنْ سَبَبِ إيقَاعِهِ فَإِنَّ سَبَبَهُ مِنْك.

(وَقَوْلُهُ الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي أَوْ وَاجِبٌ عَلَيَّ لَا فَرْضٌ) عَلَيَّ (صَرِيحٌ) لِلْعُرْفِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَعَدَمُهُ فِي الثَّالِثِ قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُزَنِيّ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ فَهُوَ كِنَايَةٌ وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ إنَّهُ صَرِيحٌ وَهُوَ الْأَوْجَهُ بَلْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ الْحَقُّ فِي هَذَا الزَّمَنِ لِاشْتِهَارِهِ فِي مَعْنَى التَّطْلِيقِ فَقَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَشْتَهِرْ فِي زَمَنِهِ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ.

(وَ) قَوْلُهُ (طَلَّقَك اللَّهُ وَأَعْتَقَك اللَّهُ وَأَبْرَأَك اللَّهُ لِزَوْجَتِهِ) فِي الْأُولَى (وَأَمَتِهِ) فِي الثَّانِيَةِ وَغَرِيمِهِ فِي الثَّالِثَةِ (صَرِيحٌ) فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْإِبْرَاءِ إذْ لَا يُطَلِّقُ اللَّهُ وَلَا يُعْتِقُ وَلَا يُبْرِئُ إلَّا وَالزَّوْجَةُ طَالِقٌ وَالْأَمَةُ مُعْتَقَةٌ وَالْغَرِيمُ بَرِيءٌ وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّ بَاعَك اللَّهُ وَأَقَالَك كِنَايَةٌ فِي الْبَيْعِ وَالْإِقَالَةِ وَيُعْرَفُ بِأَنَّ الصِّيَغَ هُنَا قَوِيَّةٌ لِاسْتِقْلَالِهَا بِالْمَقْصُودِ بِخِلَافِ صِيغَتَيْ الْبَيْعِ وَالْإِقَالَةِ.

(وَ) قَوْلُهُ (طَلَاقُك عَلَيَّ وَلَسْت زَوْجَتِي) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (كِنَايَةٌ) وَفَارَقَ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا عَلَيَّ الطَّلَاقُ عَلَى قَوْلِ الصَّيْمَرِيِّ بِاحْتِمَالِهِ طَلَاقُك فَرْضٌ عَلَيَّ مَعَ عَدَمِ اشْتِهَارِهِ بِخِلَافِ عَلَيَّ الطَّلَاقُ (وَيَقَعُ بِأَنْتِ طَالِقَانِ وَطَوَالِقُ طَلْقَةٌ) فَقَطْ (وَكَذَا) يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِقَوْلِهِ (أَنْت طَالِقٌ بِالتَّرْخِيمِ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ (وَقِيلَ لَا يَقَعُ بِهِ وَإِنْ نَوَى وَإِنْ قَالَ ذُو زَوْجَةٍ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ إلَّا أَنْت طَلُقَتْ لِلِاسْتِغْرَاقِ) لِأَنَّهُ يَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ (بِخِلَافِ) قَوْلِهِ (كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَك وَسِوَاك) أَيْ أَوْ سِوَاك (طَالِقٌ) فَلَا تَطْلُقُ هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَصَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ وَوَجْهُهُ أَنَّ إلَّا أَصْلُهَا الِاسْتِثْنَاءُ فَلَزِمَ الِاسْتِغْرَاقُ إذْ هُوَ إخْرَاجٌ بَعْدَ إدْخَالٍ، وَغَيْرُ وَنَحْوُهَا أَصْلُهُمَا الصِّفَةُ فَيَكُونُ مَدْلُولُ اللَّفْظِ إيقَاعَ الطَّلَاقِ عَلَى الْمُغَايَرَةِ لِلْمُخَاطَبَةِ فَقَطْ وَسَوَّى السُّبْكِيّ بَيْنَ إلَّا وَغَيْرِهِ فَقَالَ الَّذِي اسْتَقَرَّ رَأْيِي عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ قَدَّمَ غَيْرَ فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَك طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ أَخَّرَهَا طَلُقَتْ وَكَذَا الْقَوْلُ فِي إلَّا فَإِنْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي إلَّا أَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ إلَّا أَنْتِ طَلُقَتْ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَالْعَجَبُ مِنْ صَاحِبِ الْمُهِمَّاتِ حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَ إلَّا وَغَيْرِهَا مُسْتَنِدًا إلَى كَلَامِ الْخُوَارِزْمِيَّ، وَكَلَامُ الْخُوَارِزْمِيَّ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ إلَّا وَغَيْرِهَا وَأَطَالَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ (وَبِخِلَافِ قَوْلِهِ لِنِسْوَةٍ هِيَ) أَيْ زَوْجَتُهُ (فِيهِنَّ أَنْتُنَّ طَوَالِقُ إلَّا هَذِهِ) وَأَشَارَ إلَيْهَا أَوْ إلَّا زَوْجَتِي فَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّهُ عَيَّنَهُنَّ وَاسْتَثْنَى زَوْجَتَهُ.

(وَقَوْلُهُ بِطَلَاقِك لَأَفْعَلَنَّ) كَذَا

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ أَوْ الدَّمِ أَوْ الْخَمْرِ أَوْ الْخِنْزِيرِ]

قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي) أَيْ أَوْ يَلْزَمُنِي وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِغُلَامِهِ اعْمَلْ الشُّغْلَ الْفُلَانِيَّ فَقَالَ لَا أُحْسِنُهُ فَقَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي أَنَّك تَعْرِفُ أَيْنَ يَسْكُنُ إبْلِيسُ فَإِنْ قَصَدَ أَنَّ ذَلِكَ الْغُلَامَ حَاذِقٌ فَطِنٌ نَبِيهٌ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ الْأُمُورُ الْعُرْفِيَّةُ غَالِبًا يَقَعُ طَلَاقُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ إلَخْ) قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا إلَّا أَنْ يَسْبِقَنِي الْقَضَاءُ وَالْقَدْرُ ثُمَّ فَعَلَهُ وَقَالَ أَرَدْت إخْرَاجَ مَا يُقَدَّرُ مِنْهُ عَنْ الْيَمِينِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا تَطْلُقُ وَقَوْلُهُ أَوْقَعْت عَلَيْك طَلَاقِي صَرِيحٌ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ لَوْ قَالَ أَلْزَمْتُك أَوْ أَوْقَعْت عَلَيْك فِرَاقِي أَوْ طَلَاقِي كَانَ صَرِيحًا (قَوْلُهُ وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ إنَّهُ صَرِيحٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِاشْتِهَارِهِ فِي مَعْنَى التَّطْلِيقِ) وَلِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ النَّقْلِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ فس.

(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ زَوْجَتِي طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ سَائِرُ زَوْجَاتِهِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ وَإِنْ كَانَ وَضْعُ اللُّغَةِ يَقْتَضِي الطَّلَاقَ لِأَنَّ اسْمَ الْجِنْسِ إذَا أُضِيفَ عَمَّ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَمْ يُحْمَلْ عَلَى الثَّلَاثِ وَإِنْ كَانَ فِي اللُّغَةِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ لِلْعُمُومِ قَالَ شَيْخُنَا سُئِلَ وَالِدِي عَمَّنْ قَالَ وَالطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ فَعَلَهُ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ طَلَاقٌ أَمْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ إذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ التَّعْلِيقَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يُحْلَفُ بِهِ إلَّا عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيقِ فَإِنْ نَوَاهُ بِهِ وَقَعَ وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ بَيْنَ جَرِّ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَعَلَى الْحَالَةِ الْأُولَى يُحْمَلُ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ فِي تَمْهِيدِهِ مَا يَعْتَادُهُ النَّاسُ فِي الْعِتْقِ حَيْثُ يَقُولُونَ الْعِتْقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا وَكَثِيرًا مَا يَنْطِقُونَ بِهِ مَجْرُورًا مَقْسَمًا بِهِ فَيَقُولُونَ وَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ بِزِيَادَةِ وَاوِ الْقَسَمِ وَذَلِكَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَإِنَّ مَدْلُولَ ذَلِكَ هُوَ الْقَسَمُ بِهِمَا فِي حَالِ لُزُومِهَا فَتَأَمَّلْهُ وَهُمَا لَا يَصْلُحَانِ لِلْقَسَمِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَضْلًا عَنْ التَّقْيِيدِ ثُمَّ تَكَرُّرِ السُّؤَالِ لَهُ عَنْ قَوْلِك مَثَلًا الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا مِنْ غَيْرِ وَاوِ الْقَسَمِ بَلْ وَعَنْ قَوْلِهِ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي فَقَطْ هَلْ هُوَ صَرِيحٌ مُطْلَقًا أَوْ كِنَايَةٌ مُطْلَقًا فَأَجَابَ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ ثُمَّ أَلْحَقَ بِخَطِّهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ جَمْعٍ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ صَرِيحٌ وَيُوَجَّهُ بِأَنْ يَلْزَمُنِي مُسْتَعْمَلٌ فِي الْحَالِ لِلْعُرْفِ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ صَرِيحٌ.

(قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يَقَعُ بِهِ وَإِنْ نَوَى) أَيْ لِأَنَّ التَّرْخِيمَ لَا يَقَعُ فِي غَيْرِ النِّدَاءِ إلَّا نَادِرًا فِي الشِّعْرِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَصَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ) لَمْ يَتَوَارَدْ كَلَامُ الْقَفَّالِ وَالْخُوَارِزْمِيّ عَلَى تَصْوِيرٍ وَاحِدٍ ع (قَوْلُهُ فَقَالَ وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ رَأْيِي عَلَيْهِ أَنَّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ بِطَلَاقِك لَأَفْعَلَنَّ كَذَا) إذَا قَالَ وَالطَّلَاقِ لَا أَفْعَلُ كَذَا بِالْجَرِّ لَمْ يَنْعَقِدْ يَمِينُهُ وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ إنْ فَعَلَهُ ر

<<  <  ج: ص:  >  >>