للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ لَهَا إنْ أَرَقْت مَاءَ هَذَا الْكُوزِ فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ شَرِبْته أَنْت أَوْ غَيْرُك فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ تَرَكْت فَأَنْت طَالِقٌ (فَبَلَّتْ بِهِ خِرْقَةً وَضَعَتْهَا فِيهِ لَمْ تَطْلُقْ) وَكَذَا لَوْ بَلَّتْهَا بِبَعْضِهِ أَوْ شَرِبَتْ هِيَ أَوْ غَيْرُهَا بَعْضَهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ وَإِنْ تَرَكْته كَمَا فِي مَسْأَلَةِ التَّمْرَةِ وَإِلَّا فَبِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ وَإِنْ شَرِبْته تَطْلُقُ لِأَنَّهَا تَرَكَتْهُ.

(فَرْعٌ الْأَصْحَابُ إلَّا الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ يَمِيلُونَ فِي التَّعْلِيقِ إلَى تَقْدِيمِ الْوَضْعِ) اللُّغَوِيِّ (عَلَى الْعُرْفِ) الْغَالِبِ لِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ كَمَا مَرَّ فِي إنْ لَمْ تُمَيِّزِي نَوَايَ مِنْ نَوَاك فَإِنَّ مَعْنَاهُ الْوَضْعِيَّ التَّفْرِيقُ وَمَعْنَاهُ الْعُرْفِيَّ التَّعْيِينُ هَذَا إنْ اضْطَرَبَ الْعُرْفُ فَإِنْ اضْطَرَدَ عُمِلَ بِهِ لِقُوَّةِ دَلَالَتِهِ حِينَئِذٍ وَعَلَى النَّاظِرِ التَّأَمُّلُ وَالِاجْتِهَادُ فِيمَا يُسْتَفْتَى فِيهِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ وَلَا يَخْتَصُّ بِقَوْلِ الْغَزَالِيِّ بَلْ يَأْتِي عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ وَمِنْهُ مَا يَأْتِي فِي الْخَسِيسِ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ وَيُشْبِهُ إلَى آخِرِهِ.

(فَرْعٌ) فِي بَيَانِ أَوْصَافٍ تَجْرِي فِي مُخَاصَمَةِ الزَّوْجَيْنِ وَيُعَلَّقُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ (الْخَسِيسُ مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَاهُ) بِأَنْ تَرَكَ دِينَهُ بِاشْتِغَالِهِ بِدُنْيَاهُ (وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ هُوَ مَنْ يَتَعَاطَى) فِي الْعُرْفِ (مَا لَا يَلِيقُ بِهِ بُخْلًا) بِمَا يَلِيقُ بِهِ خِلَافَ مَنْ يَتَعَاطَاهُ تَوَاضُعًا (وَأَخَسُّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْخَسِيسِ أَيْ وَأَخَسُّ الْأَخْسَاسِ (مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ وَالسَّفَهُ مَا يُوجِبُ الْحَجْرَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ سِيَاقٌ وَإِلَّا كَأَنْ كَانَ فِي مَعْرِضِ إسْرَافٍ أَوْ بَذَاءَةِ لِسَانٍ فَالْوَجْهُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ (وَالْقَوَّادُ مَنْ يَجْمَعُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ) جَمِيعًا (حَرَامًا) وَإِنْ كُنَّ غَيْرَ أَهْلِهِ وَكَذَا مَنْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُرْدِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ.

(وَالْقَرْطَبَانِ مَنْ يَسْكُتُ عَلَى الزَّانِي بِامْرَأَتِهِ) وَفِي مَعْنَاهُ مَحَارِمُهُ وَنَحْوُهُنَّ. (وَقَلِيلُ الْحَمِيَّةِ مَنْ لَا يَغَارُ عَلَى أَهْلِهِ وَمَحَارِمِهِ) وَنَحْوِهِنَّ (وَالْقَلَّاشُ الذَّوَّاقُ لِلطَّعَامِ كَالْمُشْتَرِي وَلَا يُرِيدُهُ) أَيْ يَرَى أَنَّهُ يَشْتَرِيهِ وَلَا يُرِيدُ الشِّرَاءَ (وَالدَّيُّوثُ) بِالْمُثَلَّثَةِ (مَنْ لَا يَمْنَعُ الدَّاخِلَ عَلَى زَوْجَتِهِ) مِنْ الدُّخُولِ وَيُشْبِهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مَحَارِمَهُ وَإِمَاءَهُ كَزَوْجَتِهِ لِلْعُرْفِ (وَالْبَخِيلُ مَانِعُ الزَّكَاةِ وَمَنْ لَا يُقْرِي الضَّيْفَ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا بَخِيلٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ قَوْلِ أَصْلِهِ الْبَخِيلُ مَنْ لَا يُؤَدِّي الزَّكَاةَ وَلَا يُقْرِي الضَّيْفَ (وَمَنْ قِيلَ لَهُ يَا زَوْجَ الْقَحْبَةِ فَقَالَ إنْ كَانَتْ) زَوْجَتِي (كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ طَلُقَتْ إنْ قَصَدَ التَّخَلُّصَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ عَارِهَا كَمَا لَوْ قَصَدَ الْمُكَافَأَةَ (وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ الصِّفَةُ) فَإِنْ وُجِدَتْ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا (وَالْقَحْبَةُ هِيَ الْبَغِيَّةُ وَإِنْ تَفَاخَرَا) فِي الْخُصُومَةِ كَأَنْ قَالَ لَهَا إيشِ تَكُونِينَ أَنْت فَقَالَتْ وإِيشْ تَكُونُ أَنْت (فَقَالَ إنْ لَمْ أَكُنْ مِنْك بِسَبِيلٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّهُ مِنْهَا بِسَبِيلٍ) لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ (أَوْ) قَصَدَ (الْمُكَافَأَةَ) لَهَا بِإِسْمَاعِ مَا تَكْرَهُ (طَلُقَتْ) إذْ الْمَقْصُودُ إيقَاعُ الْفُرْقَةِ وَقَطْعُ مَا بَيْنَهُمَا وَلَوْ

(قَالَتْ لِزَوْجِهَا الْمُسْلِمِ أَنْت مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَقَالَ) لَهَا (إنْ كُنْت مِنْ أَهْلِهَا فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ظَاهِرًا فَإِنْ ارْتَدَّ وَمَاتَ مُرْتَدًّا بَانَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ (أَوْ) قَالَتْهُ لِزَوْجِهَا (الْكَافِرِ) فَقَالَ لَهَا ذَلِكَ (طَلُقَتْ) لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ظَاهِرًا (فَإِنْ أَسْلَمَ بَانَ أَنْ لَا طَلَاقَ) نَعَمْ إنْ قَصَدَ الْمُكَافَأَةَ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا طَلُقَتْ فِي الْحَالِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَوْ قَالَ الْمُسْلِمُ إنْ لَمْ أَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَأَنْت طَالِقٌ وَكَانَ إذَا أَذْنَبَ ذَنْبًا يَخَافُ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْقَاضِي ثُمَّ قَالَ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ يَخَافُ اللَّهَ تَعَالَى إذَا أَذْنَبَ ذَنْبًا وَقَعَ طَلَاقُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَقَدْ أَطْلَقَ الْمُتَوَلِّي وَالْبَنْدَنِيجِيّ أَنَّهُ لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ انْتَهَى.

وَلَوْ (قَالَتْ لِزَوْجِهَا أَنَا أَسْتَنْكِفُ مِنْك فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ تَسْتَنْكِفُ مِنِّي فَهِيَ طَالِقٌ فَظَاهِرَهُ الْمُكَافَأَةِ) فَتَطْلُقُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْلِيقَ وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَالسَّفِلَةُ مَنْ يَعْتَادُ دَنِيءَ الْأَفْعَالِ لَا نَادِرًا) فَلَوْ قَالَتْ لَهُ يَا سَفِلَةُ فَقَالَ إنْ كُنْت كَذَا فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنْ قَصَدَا الْمُكَافَأَةَ طَلُقَتْ حَالًا وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ الصِّفَةُ بِمَا ذُكِرَ (وَالْكَوْسَجُ مَنْ قَلَّ شَعْرُ وَجْهِهِ وَعُدِمَ شَعْرُ عَارِضَيْهِ وَالْغَوْغَاءُ مَنْ يُخَالِطُ الْأَرَاذِلَ وَيُخَاصِمُ) النَّاسَ (بِلَا حَاجَةٍ وَالْأَحْمَقُ مَنْ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَرْعٌ قَالَ إنْ لَمْ أَقُلْ كَمَا تَقُولِينَ فَأَنْتِ طَالِقٌ]

قَوْلُهُ أَوْ شَرِبَتْ هِيَ أَوْ غَيْرُهَا بَعْضَهُ) أَوْ قَبِلَتْ بَعْضَهُ أَوْ ثَقَبَتْ أَسْفَلَ الْكُوزِ فَخَرَجَ الْمَاءُ أَوْ بَعْضَهُ أَوْ جَعَلَتْ طَرَفَ قَصَبَةٍ فِي فِيهَا وَطَرَفَهَا الْآخَرَ فِي الْكُوزِ فَصَعِدَ الْمَاءُ أَوْ بَعْضُهُ إلَى فِيهَا ثُمَّ مَجَّتْهُ.

(قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ وَإِنْ تَرَكَتْهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَرْعٌ تَّعْلِيقِ الطَّلَاق إلَى تَقْدِيمِ الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ]

(قَوْلُهُ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ) عِبَارَتُهُ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يَنْضَبِطُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَرْجِيحُ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَإِدَارَةُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَكِنْ يَخْتَلِفُ الْحَالُ فِيهِ بِاخْتِلَافِ الْعُرْفِ إطْرَادًا وَاضْطِرَابًا وَيَكْفِيهِ دَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَى الْمَعْنَى قُوَّةً وَضَعْفًا وَقَدْ يَقْوَى الْعُرْفُ فَيَقْتَضِي هِجْرَانَ الْوَضْعِ وَقَدْ يَضْطَرِبُ فَيُؤْخَذُ بِالْوَضْعِ وَعَلَى النَّاظِرِ التَّأَمُّلُ وَالِاجْتِهَادُ

[فَرْعٌ بَيَانِ أَوْصَافٍ تَجْرِي فِي مُخَاصَمَةِ الزَّوْجَيْنِ]

(قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ هُوَ مَنْ يَتَعَاطَى مَا لَا يَلِيقُ بِهِ بُخْلًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَكْثَرُ الْعَامَّةِ يُطْلِقُ لَفْظَ الْخَسِيسِ عَلَى الْبَخِيلِ سَوَاءٌ أَتَعَاطَى مَا لَا يَلِيقُ بِهِ أَمْ لَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ عُرْفُهُمْ فِي ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ وَالسَّفَهُ مَا يُوجِبُ الْحَجْرَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْعُرْفُ فِي وَقْتِنَا جَارٍ بِإِطْلَاقِ ذَلِكَ عَلَى بَذِيءِ اللِّسَانِ الْمُتَفَحِّشِ الْمُوَاجِهِ بِمَا يَسْتَحْيِي غَالِبُ النَّاسِ مِنْ الْمُوَاجَهَةِ بِهِ فَالْوَجْهُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ وَلَا سِيَّمَا مِنْ الْعَامِّيِّ لَا الَّذِي يَعْرِفُ السَّفَهَ مِنْ غَيْرِهِ وَقَدْ تَدُلُّ قَرِينَةُ الْحَالِ عَلَى إرَادَتِهِ ذَلِكَ بِأَنْ خَاطَبَهَا بِفُحْشٍ مِنْ الْقَوْلِ وَالْبَذَاءَةِ فَقَالَتْ لَهُ يَا سَفِيهُ مُشِيرَةً إلَى مَا صَدَرَ مِنْهُ (قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ وَكَذَا مَنْ يَجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُرَادِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ) وَكَذَا بَيْنَ النِّسَاءِ وَالنِّسَاءِ الْمُسَاحِقَاتِ (قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّ مَحَارِمَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا بَخِيلٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ وَالْقَحْبَةُ إلَخْ) كَلِمَةٌ مُوَلَّدَةٌ لَيْسَتْ عَرَبِيَّةً أَنْكَرَ فِي الْمُهِمَّاتِ كَوْنَهَا مُوَلَّدَةً قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهُوَ عَجِيبٌ فَقَدْ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ اللُّغَوِيِّينَ مِنْهُمْ الصَّاغَانِيُّ فِي الْعُبَابِ وَحَكَاهُ عَنْ ابْنِ دُرَيْدٍ فَقَالَ الْقَحْبَةُ كَلِمَةٌ مُوَلَّدَةٌ

(قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>