للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا يُحْضِرُهُ إلَّا إذَا كَانَ بِمَسَافَةِ الْعَدْوَى فَأَقَلَّ (وَلَكِنْ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْ جِهَةِ دَعْوَاهُ لِئَلَّا يُتْعِبَهُ فِيمَا لَا يَلْزَمُهُ) كَذِمِّيٍّ أَرَادَ مُطَالَبَةَ مُسْلِمٍ بِضَمَانِ خَمْرٍ بِخِلَافِ الْحَاضِرِ بِالْبَلَدِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْبَحْثِ فِي إحْضَارِهِ إذْ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي الْحُضُورِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ وَلَا مُؤْنَةٌ أَمَّا إذَا كَانَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْضِرَهُ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ.

(وَكَذَا الْمَرْأَةُ) غَيْرُ الْمُخَدَّرَةِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي يُحْضِرُهَا الْقَاضِي (وَعَلَيْهِ أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهَا مَحْرَمًا) لَهَا (أَوْ نِسْوَةً ثِقَاتٍ لِتَخْرُجَ مَعَهُمْ بِشَرْطِ أَمْنِ الطَّرِيقِ) كَمَا فِي الْحَجِّ وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِالْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ وَتَرْجِيحُ اشْتِرَاطِ أَمْنِ الطَّرِيقِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ

(فَصْلٌ وَيَسْتَوْفِي) أَيْ الْقَاضِي (لِمَنْ أَثْبَتَ دَيْنًا عَلَى غَائِبٍ مِنْ مَالِهِ) الْحَاضِرِ أَوْ الْغَائِبِ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ إذَا طَلَبَهُ الْمُدَّعِي (وَلَا يُطَالِبُهُ) الْقَاضِي (بِكَفِيلٍ) وَإِنْ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ لِلْغَائِبِ دَافِعٌ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ تَمَّ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الدَّافِعِ (وَلَا يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ) فِي عُقُوبَةٍ (لِلَّهِ) تَعَالَى (وَيَحْكُمُ بِهَا لِلْآدَمِيِّ) كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ أَيْضًا فَكَتَبَ الْقَاضِي بَعْدَ حُكْمِهِ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ لِيَأْخُذَهُ بِالْعُقُوبَةِ

(فَصْلٌ يَلْغُو الْحُكْمُ بِبَيِّنَةٍ) إذَا (تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا عَزْلٌ) لِلْحَاكِمِ بِأَنْ سَمِعَ الْبَيِّنَةَ فَعُزِلَ ثُمَّ وُلِّيَ ثَانِيًا لِبُطْلَانِ السَّمَاعِ بِالْعَزْلِ بَلْ تَجِبُ الِاسْتِعَادَةُ (لَا خُرُوجَ) لَهُ (عَنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ) قَبْلَ الْحُكْمِ فَلَا يَلْغُو حُكْمُهُ بِالسَّمَاعِ الْأَوَّلِ بَعْدَ عَوْدِهِ إلَى مَحَلِّهَا لِبَقَاءِ وِلَايَتِهِ وَإِنَّمَا فُقِدَ شَرْطُ نُفُوذِ الْحُكْمِ وَلِهَذَا لَا يَحْتَاجُ إلَى تَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ (وَإِنْ سُمِعَتْ) بَيِّنَةٌ (عَلَى غَائِبٍ فَقَدِمَ أَوْ) عَلَى (صَبِيٍّ فَبَلَغَ) عَاقِلًا وَلَمْ يَحْكُمْ بِهَا (لَمْ تُعَدْ) أَيْ لَمْ يَجِبْ اسْتِعَادَتُهَا بِخِلَافِ شُهُودِ الْأَصْلِ إذَا حَضَرُوا بَعْدَ مَا شَهِدَ شُهُودُ الْفَرْعِ قَبْلَ الْحُكْمِ لَا يُقْضَى بِشَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ بَدَلٌ وَلَا حُكْمَ لِلْبَدَلِ مَعَ وُجُودِ الْأَصْلِ (وَمُكِّنَ) الْغَائِبُ بَعْدَ قُدُومِهِ وَالصَّبِيُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ عَاقِلًا (مِنْ الْجَرْحِ) لِلْبَيِّنَةِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَمْنَعُ شَهَادَتَهَا عَلَيْهِ كَعَدَاوَةٍ (فَإِنْ قَدِمَ) الْغَائِبُ (أَوْ بَلَغَ) الصَّبِيُّ عَاقِلًا (وَقَدْ حَكَمَ) بِالْبَيِّنَةِ (فَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ) فِي إقَامَتِهَا بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ وَجَرْحِ الشُّهُودِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِبُلُوغِ الصَّبِيِّ سَفِيهًا لِدَوَامِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ بَلَغَ مَجْنُونًا (فَإِنْ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِفِسْقِ الشَّاهِدِ أَرَّخَ) فِسْقَهُ بِيَوْمِ الشَّهَادَةِ أَوْ بِمَا قَبْلَهُ وَلَمْ يَمْضِ زَمَنُ الِاسْتِبْرَاءِ (لِأَنَّ الْفِسْقَ يَحْدُثُ) فَلَوْ أُطْلِقَ احْتَمَلَ حُدُوثَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ وَتَعْبِيرُهُ بَأَرَّخَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بَأَرَّخَ بِيَوْمِ الشَّهَادَةِ

(فَصْلُ الْمُخَدَّرَةِ، وَهِيَ مَنْ لَا تَصِيرُ مُتَبَذِّلَةً فِي الْخُرُوجِ لِلْحَاجَاتِ) الْمُتَكَرِّرَةِ كَشِرَاءِ خُبْزٍ وَقُطْنٍ وَبَيْعِ غَزْلٍ بِأَنْ لَمْ تَخْرُجْ أَصْلًا لَا لِضَرُورَةٍ أَوْ لَمْ تَخْرُجْ إلَّا قَلِيلًا لِحَاجَةٍ كَعَزَاءٍ وَزِيَارَةٍ وَحَمَّامٍ (لَا تُكَلَّفُ الْحُضُورَ) إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ (كَالْمَرِيضِ) قَالُوا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فِي قِصَّةِ الْعَسِيفِ وَاغْدُ يَا أُنَيْسٌ إلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا فَتَوَكَّلْ» أَوْ (يَبْعَثُ) الْقَاضِي (إلَيْهَا) نَائِبَهُ (فَتُجِيبُ مِنْ وَرَاءِ السَّتْرِ إنْ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ دُونَ حُضُورِ الْخَصْمِ اسْتَحْضَرَهُ بَعْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ، وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ وَبَلَغَتْ مَسَافَةَ الْقَصْرِ وَالْغَرَضُ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الْقَاضِيَ يُعَدَّى فِي مَسَافَةِ الْعَدْوَى مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ، وَإِنْ زَادَتْ الْمَسَافَةُ فَلَا إعْدَاءَ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ. اهـ. (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْضِرَهُ) إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَلِلْمُدَّعِي الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِغَيْبَتِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهَا مَحْرَمًا إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ عِنْدِي لَا يَتَعَيَّنُ الْبَعْث بَلْ يَأْمُرُ بِإِحْضَارِهَا مَعَ مَحْرَمٍ أَوْ نِسْوَةٍ ثِقَاتٍ وَكَذَا وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَصْلٌ يَسْتَوْفِي الْقَاضِي لِمَنْ أَثْبَتَ دَيْنًا عَلَى غَائِبٍ]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ وَيَسْتَوْفِي لِمَنْ أَثْبَتَ دَيْنًا عَلَى غَائِبٍ إلَخْ) حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ وَحَكَمَ بِهِ فَإِنَّ الثُّبُوتَ لَيْسَ بِحُكْمٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يُجْبَرْ الْحَاضِرُ عَلَى دَفْعِ مُقَابِلِهِ لِلْغَائِبِ فَإِنْ أُجْبِرَ كَالزَّوْجَةِ تَدَّعِي بِصَدَاقِهَا الْحَالَ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى الْغَائِبِ فَلَا يُوفِيهَا الْقَاضِي مِنْ مَالِهِ الْحَاضِرِ وَمِثْلُهُ دَعْوَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَمَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْمَالِ الْحَاضِرِ حَقٌّ فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ كَمَالٍ وُجِدَ لِلْغَائِبِ وَهُنَاكَ بَائِعٌ لَهُ لَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ وَطَلَبَ مِنْ الْحَاكِمِ الْحَجْرَ عَلَى الْمُشْتَرِي الْغَائِبِ حَيْثُ اسْتَحَقَّ الْبَائِعُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُوفِي مُدَّعِي الدَّيْنِ مِنْ الْمَالِ الْحَاضِرِ وَيُجِيبُ طَالِبُ الْحَجْرِ إلَى مُدَّعَاهُ وَلَوْ كَانَ لِلْغَائِبِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ قَرِيبٍ قُدِّمَتْ نَفَقَتُهُمَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ إذَا قُدِّمَ ذَلِكَ فِي الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فَغَيْرُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ أَوْلَى فَإِنْ كَانَ مَرْهُونًا أَوْ عَبْدًا جَانِيًا وَهُنَاكَ فَضْلَةٌ فَهَلْ لِلْقَاضِي بِطَلَبِ صَاحِبِ الدَّيْنِ أَنْ يُلْزِمَ الْمُرْتَهِنَ وَالْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ بِأَخْذِ مُسْتَحِقِّهِمَا بِطَرِيقِهِ لِيُوفِيَ مَا بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ لِمُدَّعِي الدَّيْنِ عَلَى الْغَائِبِ أَمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ هَذَا مَوْضِعُ نَظَرٍ وَالْأَرْجَحُ إجَابَتُهُ لِذَلِكَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: مَحَلُّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَالْأَرْجَحُ إجَابَتُهُ لِذَلِكَ

[فَصْلٌ يَلْغُو الْحُكْمُ بِبَيِّنَةٍ إذَا تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا عَزْلٌ لِلْحَاكِمِ]

(قَوْلُهُ بَلْ تَجِبُ الِاسْتِعَادَةُ) ، وَإِنْ قُلْنَا لَهُ الْقَضَاءُ بِعِلْمِهِ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى صَبِيٍّ فَبَلَغَ أَوْ مَجْنُونٍ فَأَفَاقَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَانَ الْمُرَادُ بُلُوغَهُ رَشِيدًا أَمَّا لَوْ بَلَغَ سَفِيهًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ كَمَا لَوْ لَمْ يَبْلُغْ إذْ الْعِبْرَةُ بِالْوَلِيِّ كَمَا قَبْلَ الْبُلُوغِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَحْكُمْ بِهَا لَمْ تُعَدْ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ إنَّ حُكْمَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى إعْلَامِهِ بِالشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُدِّمَ الْغَائِبُ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ تَبَيَّنَ كَوْنَهُ حَاضِرًا عِنْدَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ أَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ) أَوْ رَشَدَ السَّفِيهُ (قَوْلُهُ فَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ) ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ الْحَاكِمُ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَصْلُ حُضُور الْمُخَدَّرَة مَجْلِس الْقَضَاء]

(فَصْلٌ قَوْلُهُ الْمُخَدَّرَةُ إلَخْ) لَوْ كَانَتْ بَرْزَةً ثُمَّ لَزِمَتْ التَّخْدِيرَ قَالَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ لَا تَصِيرُ مُخَدَّرَةً حَتَّى تَمْضِيَ لَهَا سَنَةٌ كَمَا فِي الْفَاسِقِ وَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَا تُكَلَّفُ الْحُضُورَ) أَيْ لَا يَلْزَمُهَا الْحُضُورُ (قَوْلُهُ فَتُوَكِّلُ أَوْ يَبْعَثُ الْقَاضِي إلَيْهَا) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ فَإِنْ كَانَ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ فِي الْمَطْلَبِ سَمَاعُ الْمُدَّعِي عَلَى الْمُخَدَّرَةِ وَالشَّهَادَةِ وَالْحُكْمِ وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْمَرِيضِ لِأَنَّ الْمَرَضَ وَالتَّخْدِيرَ كَالْغَيْبَةِ فِي سَمَاعِ شَهَادَةِ الْفَرْعِ فَكَذَا فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِمَا وَبِهِمَا صَرَّحَ فِي التَّهْذِيبِ وَالْكَافِي أَوَّلَ الْبَابِ فِي الْمَرِيضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>