للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَاقِي (وَالْبَاقِي لَغْوٌ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ فِي هَذَا وَلَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ فَعَلْت كَذَا فَأَنْكَرَ فَقَالَ الْحِلُّ عَلَيْك حَرَامٌ وَالنِّيَّةُ نِيَّتِي أَنَّك مَا فَعَلْت كَذَا فَقَالَ الْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ وَالنِّيَّةُ نِيَّتُك مَا فَعَلْته لَغَا قَوْلُهُ وَالنِّيَّةُ نِيَّتُك وَيَكُونُ كَمَا لَوْ تَلَفَّظَ بِهِ ابْتِدَاءً (وَإِنْ قِيلَ لِمَنْ أَنْكَرَ) شَيْئًا (امْرَأَتُك طَالِقٌ إنْ كُنْت كَاذِبًا فَقَالَ طَالِقٌ) طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ إنْ كَانَ كَاذِبًا لِتَرَتُّبِ كَلَامِهِ عَلَى كَلَامِ الْقَائِلِ (إلَّا إنْ أَرَادَ غَيْرَهَا) فَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إشَارَةٌ إلَيْهَا وَلَا تَسْمِيَةٌ (أَوْ قَالَ بِنْتِي أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ) وَأَنْت يَا زَوْجَتِي (أَوْ) قَالَ (نِسَاءُ الْمُسْلِمِينَ طَوَالِقُ وَأَنْت يَا زَوْجَتِي لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ عَطَفَهَا عَلَى نِسْوَةٍ لَمْ يَطْلُقْنَ.

(الطَّرَفُ الثَّانِي) فِي الْفِعْلِ الْقَائِمِ (مَقَامَ اللَّفْظِ فَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ) مِنْ عُقُودٍ وَحُلُولٍ كَإِقْرَارٍ وَدَعْوًى كَالنُّطْقِ (فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا) أَحْكَامُهُ (وَلَوْ) كَانَ (كَاتِبًا) لِعَجْزِهِ مَعَ دَلَالَتِهَا عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ النُّطْقُ (لَكِنْ) (لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ) بِإِشَارَتِهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ (وَلَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ) بِهَا وَلَا يَحْنَثُ بِهَا فِي الْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ الْكَلَامِ (فَإِنْ أَفْهَمَتْ الْفَطِنَ) أَيْ الذَّكِيَّ (وَغَيْرَهُ الطَّلَاقَ مَثَلًا فَصَرِيحٌ أَوْ) أَفْهَمَتْ الْفَطِنَ (وَحْدَهُ فَكِنَايَةٌ) تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ وَقِيلَ يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَا رَجَّحَهُ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ (وَتَفْسِيرُهُ صَرِيحُ إشَارَتِهِ) فِي الطَّلَاقِ (بِغَيْرِ طَلَاقٍ كَتَفْسِيرِ اللَّفْظِ الشَّائِعِ فِي الطَّلَاقِ بِغَيْرِهِ) فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرٌ إلَّا بِقَرِينَةٍ (وَلَوْ أَشَارَ نَاطِقٌ) بِالطَّلَاقِ (وَ) إنْ (نَوَى) كَأَنْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ اذْهَبِي (لَغَا) وَإِنْ أَفْهَمَ بِهَا كُلَّ أَحَدٍ لِأَنَّ عُدُولَهُ عَنْ الْعِبَارَةِ إلَى الْإِشَارَةِ يُفْهِمُ أَنَّهُ غَيْرُ قَاصِدٍ لِلطَّلَاقِ وَإِنْ قَصَدَهُ بِهَا فَهِيَ لَا تُقْصَدُ لِلْإِفْهَامِ إلَّا نَادِرًا وَلَا هِيَ مَوْضُوعَةٌ لَهُ بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ فَإِنَّهَا حُرُوفٌ مَوْضُوعَةٌ لِلْإِفْهَامِ كَالْعِبَارَةِ (فَلَوْ قَالَ) مَنْ لَهُ امْرَأَتَانِ (امْرَأَتِي طَالِقٌ مُشِيرًا لِإِحْدَى امْرَأَتَيْهِ وَقَالَ أَرَدْت الْأُخْرَى قُبِلَ) مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُهُ بِالْإِشَارَةِ شَيْءٌ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ بَلْ يُطَلَّقَانِ جَمِيعًا وَالتَّرْجِيحُ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ آخَرَ الْبَابِ الْخَامِسِ (وَإِنْ قَالَ) لِأَحَدِهِمَا (أَنْت طَالِقٌ وَهَذِهِ فَهَلْ) لَفْظُهُ (هَذِهِ كِنَايَةٌ أَوْ صَرِيحٌ وَجْهَانِ) عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي مَا لَمْ يَنْوِ خِلَافَهُ لِأَنَّهُ عَطَفَهَا عَلَى مَنْ طَلُقَتْ وَكَمَا لَوْ قَالَ مَنْ أَكْرَهَ عَلَى طَلَاقِ حَفْصَةَ حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ إلْحَاقًا لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ طَلَاقِ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا.

(فَصْلٌ كَتْبُ الطَّلَاقِ) وَلَوْ صَرِيحًا (كِنَايَةٌ وَلَوْ مِنْ الْأَخْرَسِ) فَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا سَيَأْتِي (وَإِنْ قَرَأَهُ) أَيْ مَا كَتَبَهُ حَالَ الْكِتَابَةِ أَوْ بَعْدَهَا (فَصَرِيحٌ فَلَوْ قَالَ قَرَأْته حَاكِيًا) مَا كَتَبْته (بِلَا نِيَّةً) لِلطَّلَاقِ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَهُوَ يَحُلُّ الْوَثَاقَ وَقَالَ نَوَيْت حَلَّهُ (وَفَائِدَتُهُ) أَيْ قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ (إذَا لَمْ يُقَارِنْ الْكَتْبَ النِّيَّةُ) فَإِنْ قَارَنَهَا طَلُقَتْ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ (وَمِثْلُهُ) فِيمَا ذُكِرَ (الْعِتْقُ وَالْإِبْرَاءُ وَالْعَفْوُ) عَنْ الْقِصَاصِ وَسَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ غَيْرَ النِّكَاحِ. .

[فَرْعٌ كَتَبَ أَنْتِ أَوْ زَوْجَتِي طَالِقٌ وَنَوَى الطَّلَاقَ]

(فَرْعٌ) لَوْ (كَتَبَ أَنْت) أَوْ زَوْجَتِي (طَالِقٌ وَنَوَى) الطَّلَاقَ (طَلُقَتْ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ كِتَابُهُ) إلَيْهَا لِأَنَّ الْكِتَابَةَ طَرِيقٌ فِي إفْهَامِ الْمُرَادِ كَالْعِبَارَةِ وَقَدْ اقْتَرَنَتْ بِالنِّيَّةِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَحْتَمِلُ النَّسْخَ وَالْحِكَايَةَ وَتَجْرِبَةَ الْقَلَمِ وَالْمِدَادِ وَغَيْرِهَا (وَإِنْ كَتَبَ إذَا قَرَأْت كِتَابِي فَأَنْت طَالِقٌ فَقَرَأْته أَوْ فَهِمَتْهُ مُطَالَعَةً) وَإِنْ لَمْ تَتَلَفَّظْ بِشَيْءٍ مِنْهُ (طَلُقَتْ) فَإِنْ قَرَأَتْ أَوْ فَهِمَتْ بَعْضَهُ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ (وَلَوْ قُرِئَ عَلَيْهَا لَمْ تَطْلُقْ) لِعَدَمِ الشَّرْطِ مَعَ الْإِمْكَانِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ بِعَزْلِ الْقَاضِي لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَبْنِيٌّ عَلَى اللَّفْظِ وَعَزْلُ الْقَاضِي عَلَى مَعْرِفَةِ الْمَقْصُودِ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي الْقُضَاةِ أَنْ تُقْرَأَ عَلَيْهِمْ الْكُتُبُ (إلَّا إذَا كَانَتْ أُمِّيَّةً وَعَلِمَ) الزَّوْجُ بِأَنَّهَا أُمِّيَّةٌ فَتَطْلُقُ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي حَقِّ الْأُمِّيِّ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاطِّلَاعِ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ وَقَدْ وُجِدَ (لَا إنْ جَهِلَ) أَنَّهَا أُمِّيَّةٌ فَلَا تَطْلُقُ نَظَرًا إلَى حَقِيقَةِ اللَّفْظِ.

(وَلَوْ كَتَبَ إذَا وَصَلَك) أَوْ بَلَغَك أَوْ أَتَاك (كِتَابِي) فَأَنْت طَالِقٌ (طَلُقَتْ بِوُصُولِهِ) إلَيْهَا رِعَايَةً لِلشَّرْطِ (لَا) إنْ وَصَلَ إلَيْهَا (مَمْحِيٌّ) مَا فِيهِ وَفِي

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ لَغَا قَوْلُهُ وَالنِّيَّةُ نِيَّتُك إلَخْ) لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ وَاللَّفْظُ مِنْ وَاحِدٍ فَأَمَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ وَاحِدٍ وَاللَّفْظُ مِنْ آخَرَ فَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ لِأَنَّ الْغَيْرَ لَا يَقُومُ مَقَامَ غَيْرِهِ فِي النِّيَّةِ.

[الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْفِعْلِ الْقَائِمِ مَقَامَ اللَّفْظِ فِيمَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ]

(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْفِعْلِ الْقَائِمِ مَقَامَ اللَّفْظِ) (قَوْلُهُ فَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ كَالنُّطْقِ) قَالَ الْإِمَامُ فِي الْأَسَالِيبِ وَكَانَ السَّبَبُ فِيهِ أَنَّ الْإِشَارَةَ فِيهَا بَيَانٌ وَلَكِنَّ الشَّارِعَ تَعَبَّدَ النَّاطِقِينَ بِالْعِبَارَةِ فَإِذَا عَجَزَ الْأَخْرَسُ لِخَرَسِهِ عَنْ الْعِبَارَةِ أَقَامَتْ الشَّرِيعَةُ إشَارَتَهُ مُقَامَ عِبَارَتِهِ (قَوْلُهُ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَحْكَامُهُ) يَشْمَلُ مَا لَوْ عَلَّقَ عَلَى مَشِيئَةِ زَيْدٍ وَكَانَ نَاطِقًا ثُمَّ خَرِسَ وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ مُنْشَؤُهُمَا أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالِ التَّعْلِيقِ أَوْ بِحَالِ وُجُودِ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَفْهَمَتْ الْفَطِنَ وَغَيْرَهُ الطَّلَاقَ فَصَرِيحٌ) كَمَا لَوْ قِيلَ لَهُ كَمْ طَلَّقْت امْرَأَتَك فَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ) وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي) أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا.

[فَصْلٌ كِتَابَةُ الطَّلَاقِ]

(قَوْلُهُ أَوْ فَهِمَتْهُ مُطَالَعَةً طَلُقَتْ) نَعَمْ لَوْ قَالَ الزَّوْجُ إنَّمَا أَرَدْت الْقِرَاءَةَ بِاللَّفْظِ قَبْلَ قَوْلِهِ فَلَا تَطْلُقُ إلَّا بِهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ إطْلَاقِ قِرَاءَتِهَا إيَّاهُ عَلَى مُطَالَعَتِهَا إيَّاهُ وَإِنْ لَمْ تَتَلَفَّظْ بِهِ وَبَيْنَ جَوَازِ إجْرَاءِ ذِي الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ الْقُرْآنَ عَلَى قَلْبِهِ وَنَظَرِهِ فِي الْمُصْحَفِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَتْ أُمِّيَّةً وَعَلِمَ الزَّوْجُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقْرَأَهُ عَلَيْهَا حَتَّى لَوْ طَالَعَهُ أَوْ فَهِمَهُ أَوْ قَرَأَهُ خَالِيًا ثُمَّ أَخْبَرَهَا بِذَلِكَ لَمْ تَطْلُقْ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُكْتَفَى بِذَلِكَ إذْ الْغَرَضُ الِاطِّلَاعُ عَلَى مَا فِيهِ بَقِيَ مَا لَوْ عَلَّقَ بِقِرَاءَتِهَا وَكَانَتْ قَارِئَةً وَهُوَ يَعْلَمُ ثُمَّ نَسِيَتْ الْقِرَاءَةَ أَوْ عَمِيَتْ ثُمَّ جَاءَ الْكِتَابُ أَهَلْ تَطْلُقُ بِقِرَاءَةِ غَيْرِهَا وَلَوْ عَلَّقَهُ بِقِرَاءَتِهَا عَالِمًا بِأَنَّهَا غَيْرُ قَارِئَةٍ ثُمَّ تَعَلَّمَتْ وَوَصَلَ كِتَابُهُ هَلْ تَكْفِي قِرَاءَةُ غَيْرِهَا الظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ فِي الثَّانِيَةِ نَظَرًا إلَى حَالَةِ التَّعْلِيقِ وَعَدَمُ الِاكْتِفَاءِ فِي الْأُولَى لِذَلِكَ وَلَا نَقْلَ عِنْدِي فِيهِمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>