اللَّيْلِ) لِمَا ذُكِرَ وَقِيلَ عَكْسُهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، وَهُوَ قَوِيٌّ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ» وَفِي رِوَايَةٍ «الصَّلَاةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ» ، وَالْأَوَّلُ حَمَلَ هَذَا عَلَى النَّفْلِ الْمُطْلَقِ كَمَا مَرَّ (ثُمَّ بَاقِي رَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ) الْآتِي بَيَانُهَا لِتَأَكُّدِهَا بِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهَا (ثُمَّ الضُّحَى) ؛ لِأَنَّهَا مُؤَقَّتَةٌ بِزَمَانٍ (ثُمَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِفِعْلٍ كَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، وَالْإِحْرَامِ، وَالتَّحِيَّةِ) لِاسْتِنَادِهَا إلَى أَسْبَابٍ فَفُضِّلَتْ عَلَى النَّفْلِ الْمُطْلَقِ وَلَا تَرْتِيبَ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ كَمَا أَفْهَمَهُ الْعَطْفُ بِالْوَاوِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَالْمُتَّجَهُ تَقْدِيمُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ لِلْخِلَافِ فِي وُجُوبِهِمَا عِنْدَنَا، ثُمَّ رَكْعَتَيْ التَّحِيَّةِ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُمَا وَقَعَ، ثُمَّ رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَقَعَ سَبَبُهُمَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَا فِي الْأَصْلِ وَخَالَفَ فِي التَّحْقِيقِ فَقَالَ وَبَعْدَ الرَّوَاتِبِ رَكْعَتَا الطَّوَافِ، وَالضُّحَى، وَالتَّرَاوِيحُ، وَالتَّحِيَّةُ وَسُنَّةُ الْوُضُوءِ وَسَائِرُ مَا لَهَا سَبَبٌ، ثُمَّ غَيْرُهَا.
(وَرَوَاتِبُ الْفَرَائِضِ) الْمُؤَكَّدَةِ (عَشْرٌ) ، وَالْحِكْمَةُ فِيهَا تَكْمِيلُ مَا نَقَصَ مِنْ الْفَرَائِضِ فَضْلًا مِنْ اللَّه وَنِعْمَةً، وَهِيَ (رَكْعَتَانِ قَبْلَ الصُّبْحِ وَ) رَكْعَتَانِ قَبْلَ (الظُّهْرِ وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الظُّهْرِ وَ) رَكْعَتَانِ بَعْدَ (الْمَغْرِبِ وَ) رَكْعَتَانِ بَعْدَ (الْعِشَاءِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَتُسَنُّ زِيَادَةُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِمَا سَيَأْتِي (وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا) لِخَبَرِ «مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ (وَ) تُسَنُّ (أَرْبَعٌ قَبْلَ الْعَصْرِ) لِلِاتِّبَاعِ وَلِخَبَرِ «رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا» رَوَاهُمَا التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُمَا (وَرَكْعَتَانِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ» ، وَالْمُرَادُ الْأَذَانُ، وَالْإِقَامَةُ وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «صَلُّوا قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ» أَيْ رَكْعَتَيْنِ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَيُسَنُّ تَخْفِيفُهُمَا كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَتُسَنُّ رَكْعَتَانِ قَبْلَ الْعِشَاءِ لِخَبَرِ «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ» وَنَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْبُوَيْطِيِّ (وَالْجُمُعَةُ كَالظُّهْرِ) فِي الرَّوَاتِبِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا مِنْ الْمُؤَكَّدِ وَغَيْرِهِ قِيَاسًا عَلَى الظُّهْرِ وَلِلْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ» وَخَبَرِ «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ» وَخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعًا» وَفِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِتَوْقِيفٍ (وَلَا تُقَدَّمُ الرَّوَاتِبُ اللَّاحِقَةُ) لِلْفَرَائِضِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ وَقْتَهَا إنَّمَا يَدْخُلُ بِفِعْلِهَا (وَتُؤَخَّرُ) عَنْهَا (السَّابِقَةُ) عَلَيْهَا (جَوَازًا لَا اخْتِيَارًا) لِامْتِدَادِ وَقْتِهَا بِامْتِدَادِ وَقْتِ الْفَرَائِضِ، وَقَدْ يَخْتَارُ تَأْخِيرَهَا كَمَنْ حَضَرَ، وَالصَّلَاةُ تُقَامُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ.
(فَصْلٌ يَحْصُلُ الْوِتْرُ بِرَكْعَةٍ وَبِالْأَوْتَارِ إلَى إحْدَى عَشْرَةَ) لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ فَأَقَلُّهُ وَاحِدَةٌ وَأَدْنَى الْكَمَالِ ثَلَاثٌ وَأَكْمَلُ مِنْهُ خَمْسٌ، ثُمَّ سَبْعٌ، ثُمَّ تِسْعٌ ثُمَّ إحْدَى عَشْرَةَ، وَهِيَ أَكْثَرُهُ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ كَخَبَرِ عَائِشَةَ «مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً» (وَلَا تَصِحُّ زِيَادَةٌ) عَلَيْهَا كَسَائِرِ الرَّوَاتِبِ فَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا لَمْ يَجُزْ وَلَمْ يَصِحَّ وِتْرُهُ بِأَنْ أَحْرَمَ بِالْجَمِيعِ دَفْعَةً وَاحِدَةً، فَإِنْ سَلَّمَ مِنْ كُلِّ ثِنْتَيْنِ صَحَّ إلَّا الْإِحْرَامَ السَّادِسَ فَلَا يَصِحُّ وِتْرًا، ثُمَّ إنْ عَلِمَ الْمَنْعَ وَتَعَمَّدَ، فَالْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ وَإِلَّا وَقَعَ نَفْلًا كَإِحْرَامِهِ بِالظُّهْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ غَالِطًا وَقِيلَ أَكْثَرُ الْوِتْرِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَفِيهِ أَخْبَارٌ صَحِيحَةٌ تَأَوَّلَهَا الْأَكْثَرُونَ بِأَنَّ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَيْنِ سُنَّةَ الْعِشَاءِ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ تَأْوِيلٌ ضَعِيفٌ مُبَاعِدٌ لِلْأَخْبَارِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَأَنَا أَقْطَعُ بِحِلِّ الْإِيتَارِ بِذَلِكَ وَصِحَّتِهِ، لَكِنِّي أُحِبُّ الِاقْتِصَارَ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ فَأَقَلَّ؛ لِأَنَّهُ غَالِبُ أَحْوَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَلَوْ أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ مَوْصُولَةٍ فَأَكْثَرَ وَتَشَهَّدَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ، أَوْ) فِي (الْأَخِيرَةِ جَازَ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (لَا) إنْ تَشَهَّدَ (فِي غَيْرِهِمَا) فَقَطْ أَوْ مَعَهُمَا، أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَنْقُولِ بِخِلَافِ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَصْرَ لِرَكَعَاتِهِ وَتَشَهُّدَاتِهِ (وَالْفَصْلُ) وَلَوْ (بِوَاحِدَةٍ) أَفْضَلُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
وَلِأَنَّهُمَا تَبَعٌ لِلصُّبْحِ، وَالْوِتْرَ تَبَعٌ لِلْعِشَاءِ. وَالصُّبْحُ آكَدُ مِنْ الْعِشَاءِ.
(قَوْلُهُ: رَكْعَتَانِ قَبْلَ الصُّبْحِ) لَهُ فِي نِيَّتِهِمَا عَشْرُ كَيْفِيَّاتٍ: سُنَّةَ الصُّبْحِ، سُنَّةَ الْفَجْرِ، سُنَّةَ الْبَرْدِ، سُنَّةَ الْوُسْطَى، سُنَّةَ الْغَدَاةِ، وَلَهُ أَنْ يَحْذِفَ لَفْظَ السُّنَّةِ وَيُضِيفَهُ؛ فَيَقُولَ: رَكْعَتَيْ الصُّبْحِ، رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، رَكْعَتَيْ الْبَرْدِ، رَكْعَتَيْ الْوُسْطَى، رَكْعَتَيْ الْغَدَاةِ (قَوْلُهُ وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «صَلُّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ» إلَخْ) فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ أَنَّ كِبَارَ الصَّحَابَةِ كَانُوا يَبْتَدِرُونَ السَّوَارِيَ لَهُمَا إذَا أُذِّنَ لِلْمَغْرِبِ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ حَتَّى إنَّ الرَّجُلَ الْغَرِيبَ لَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَيَحْسِبُ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ صُلِّيَتْ لِكَثْرَةِ مَنْ يُصَلِّيهِمَا. نَعَمْ إنْ أَدَّى الِاشْتِغَالُ بِهِمَا إلَى عَدَمِ إدْرَاكِ فَضِيلَةِ التَّحَرُّمِ، فَالْقِيَاسُ تَأْخِيرُهُمَا إلَى مَا بَعْدَ الْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ: وَالْجُمُعَةُ كَالظُّهْرِ) وَيَنْوِي بِمَا قَبْلَ الْجُمُعَةِ وَمَا بَعْدَهَا سُنَّةَ الْجُمُعَةِ، وَعَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ أَنَّهُ يَنْوِي بِاَلَّتِي قَبْلَهَا سُنَّةَ الظُّهْرِ وَبِاَلَّتِي بَعْدَهَا سُنَّةَ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ عَلَى غَيْرِ ثِقَةٍ مِنْ اسْتِكْمَالِ شُرُوطِهَا (قَوْلُهُ: وَخَبَرُ «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ» ) وَخَبَرُ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «مَا مِنْ صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ إلَّا وَبَيْنَ يَدَيْهَا رَكْعَتَانِ» (قَوْلُهُ: وَلَا تُقَدَّمُ الرَّوَاتِبُ اللَّاحِقَةُ مِنْ فَائِتَةِ الْعِشَاءِ) هَلْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْوِتْرَ قَبْلَ قَضَائِهَا؟ حَكَى الْقَمُولِيِّ فِيهِ وَجْهَيْنِ وَهُمَا غَرِيبَانِ د هَلْ يُشْتَرَطُ التَّرْتِيبُ فِي الْفَرَائِضِ، وَالسُّنَنِ الَّتِي تُؤَخَّرُ عَنْهَا فِي الْقَضَاءِ كَمَا فِي الْأَدَاءِ، أَوْ لَا؟ قَالَ ابْنُ عُجَيْلٍ: الْقِيَاسُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّرْتِيبِ فِي الْقَضَاءِ كَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْأَدَاءِ. اهـ.
وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ حَكَى الْقَمُولِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ قَالَ شَيْخُنَا: أَصَحُّهُمَا لَا.
[فَصْلٌ صَلَاة الْوِتْرُ]
(قَوْلُهُ وَبِالْأَوْتَارِ إلَى إحْدَى عَشْرَةَ) شَمِلَ مَا لَوْ أَتَى بِبَعْضِ الْوِتْرِ، ثُمَّ تَنَفَّلَ، ثُمَّ أَتَى بِبَاقِيهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ أَتَى بِبَعْضِ الْوِتْرِ، ثُمَّ تَنَفَّلَ، ثُمَّ أَكْمَلَهُ أَجْزَأَهُ (قَوْلُهُ، فَالْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْفَصْلُ وَلَوْ بِوَاحِدَةٍ أَفْضَلُ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ وَهُوَ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَكَتَبَ أَيْضًا بِالسَّلَامِ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي مَا بَيْنَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إلَى الْفَجْرِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِذَا أَوْتَرَ بِإِحْدَى عَشْرَةَ فَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute