للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ الْإِكْرَاهُ كَقَوْلِهِ لِأَضْرِبَنَّكَ غَدًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي النَّفْسِ مِنْهُ شَيْءٌ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إيقَاعُ مَا هَدَّدَهُ بِهِ لَوْ لَمْ يَفْعَلْ وَلَا سِيَّمَا إذَا عُرِفَ مِنْ عَادَةِ الظَّالِمِ إيقَاعُ ذَلِكَ انْتَهَى وَمَعَ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ عَاجِلًا لَا يُشْتَرَطُ تَنْجِيزُهُ بَلْ يَكْفِي التَّوَعُّدُ لَفْظًا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.

(وَيَخْتَلِفُ الْإِكْرَاهُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَسْبَابِ) الْمُكْرَهِ عَلَيْهَا فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ إكْرَاهًا فِي شَخْصٍ دُونَ آخَرَ وَفِي سَبَبٍ دُونَ آخَرَ (فَالتَّخْوِيفُ بِالْحَبْسِ الطَّوِيلِ وَالصَّفْعِ ظَاهِرًا) أَيْ فِي الْمَلَأِ وَتَسْوِيدِ الْوَجْهِ (وَالطَّوَافِ) فِي السُّوقِ أَيْ التَّخْوِيفِ بِكُلٍّ مِنْهَا (لِذِي مُرُوءَةٍ وَإِتْلَافِ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ) أَيْ أَحَدِهِمَا (لَا) إتْلَافِ الْمَالِ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (الَّذِي لَا يُضَيِّقُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُكْرَهِ كَخَمْسَةِ دَرَاهِمَ فِي حَقِّ الْمُوسِرِ (إكْرَاهٌ عَلَى الطَّلَاقِ) وَنَحْوِهِ (لَا عَلَى الْقَتْلِ) وَنَحْوِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ إتْلَافُ الْمَالِ الْمَذْكُورِ إكْرَاهًا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَتَحَمَّلُهُ وَلَا يُطَلِّقُ بِخِلَافِ الْمَالِ الَّذِي يُضَيِّقُ عَلَى الْمُكْرَهِ (وَ) الْإِكْرَاهُ (بِإِتْلَافِ الْمَالِ إكْرَاهٌ فِي إتْلَافِ الْمَالِ) وَحُصُولُ الْإِكْرَاهِ بِمَا ذُكِرَ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ لَكِنْ فِي بَعْضِ تَفْصِيلِهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي حُكِيَ عَنْ النَّصِّ وَصَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَقَالَ فِي الشَّرْحَيْنِ أَنَّهُ الْأَرْجَحُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِمَحْذُورٍ مِنْ نَحْوِ قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ أَخْذٍ مَالٍ أَوْ إتْلَافِهِ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ اسْتِخْفَافٍ وَتَخْتَلِفُ الثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ بِاخْتِلَافِ طَبَقَاتِ النَّاسِ وَأَحْوَالِهِمْ وَلَا يَخْتَلِفُ بِهِ مَا قَبْلَهَا وَقِيلَ يَخْتَلِفُ بِهِ أَخْذُ الْمَالِ أَيْضًا وَاخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ شُرَّاحِ الْمِنْهَاجِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِكْرَاهَ يَحْصُلُ بِمَا ذُكِرَ وَنَحْوُهُ (لَا بِطَلِّقْ زَوْجَتَك وَإِلَّا قَتَلْت نَفْسِي) أَوْ كَفَرْت أَوْ أَبْطَلْت صَوْمِي أَوْ صَلَاتِي فَلَيْسَ بِإِكْرَاهٍ (وَلَا بِتَخْوِيفٍ مِنْ قِصَاصٍ) بِأَنْ يَقُولَ لَهُ مُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ طَلِّقْ امْرَأَتَك وَإِلَّا اقْتَصَصْت مِنْك فَلَيْسَ بِإِكْرَاهٍ (وَإِنْ قَالَ لَهُ اللُّصُوصُ لَا نُخَلِّيك حَتَّى تَحْلِفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّك تَكْتُمُنَا) أَيْ لَا تُخْبِرُ بِنَا (فَحَلَفَ) بِذَلِكَ (فَهُوَ إكْرَاهٌ) مِنْهُمْ لَهُ عَلَى الْحَلِفِ (فَإِذَا أَخْبَرَ بِهِمْ لَمْ تَطْلُقْ) زَوْجَتُهُ (أَوْ أُكْرِهَ) بِأَنَّ حَمَلَهُ ظَالِمٌ (عَلَى الدَّلَالَةِ عَلَى زَيْدٍ أَوْ مَالِهِ) وَقَدْ أَنْكَرَ مَعْرِفَةَ مَحَلِّهِ فَلَمْ يُخَلِّهِ حَتَّى يَحْلِفَ بِالطَّلَاقِ (فَحَلَفَ بِهِ كَاذِبًا أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ طَلُقَتْ) لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ لَمْ يُكْرَهْ عَلَى الطَّلَاقِ بَلْ خُيِّرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّلَالَةِ.

(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ طَلَّقْت مُكْرَهًا) فَأَنْكَرَتْ زَوْجَتُهُ (وَهُنَاكَ قَرِينَةٌ كَالْحَبْسِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ (وَإِلَّا فَلَا كَدَعْوَى الْإِغْمَاءِ) بِأَنْ طَلَّقَ مَرِيضٌ ثُمَّ قَالَ كُنْت مُغْمًى عَلَيَّ فَإِنَّهُ إنْ عُهِدَ لَهُ إغْمَاءٌ قَبْلَ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا (فَإِنْ ادَّعَى الصِّبَا) بَعْدَ طَلَاقِهِ بِقَيْدٍ زَادَ بِقَوْلِهِ (وَأَمْكَنَ) صِدْقُهُ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ مَعَ تَصْدِيقِهِ فِي دَعْوَى النَّوْمِ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ قَالَ طَلَّقْت وَأَنَا صَبِيٌّ أَوْ نَائِمٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي النَّائِمِ فِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى وَوَجْهُ النَّظَرِ بِأَنَّهُ لَا أَمَارَةَ عَلَى النَّوْمِ بِخِلَافِ الصِّبَا وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَةَ النَّوْمِ لِهَذَا النَّظَرِ وَتَعَجَّبَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ الْأَصْلِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ جَزَمَ فِي الْأَيْمَانِ بِعَدَمِ تَصْدِيقِ مُدَّعِي عَدَمِ قَصْدِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ ظَاهِرًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِمَا وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ تِلْكَ لَا تُشْبِهُ هَذِهِ فَإِنَّ الزَّوْجَ تَلَفَّظَ ثَمَّ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ ثُمَّ ادَّعَى صَرْفَهُ بِعَدَمِ الْقَصْدِ وَالْمُدَّعَى هُنَا طَلَاقٌ مُقَيَّدٌ بِحَالَةٍ لَا يَصِحُّ فِيهَا الطَّلَاقُ فَقُبِلَ قَوْلُهُ لِعَدَمِ مُخَالَفَتِهِ الظَّاهِرَ.

(فَصْلٌ) فِي طَلَاقِ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ (يَنْفَدُ طَلَاقُ الْمُتَعَدِّي بِالسُّكْرِ) بِشُرْبِ خَمْرٍ (وَشُرْبِ دَوَاءٍ مُجَنِّنٍ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَإِتْلَافُ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ) وَذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ أَوْ إتْلَافُ عُضْوِ أَحَدِهِمْ (قَوْلُهُ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ إلَخْ) لِيَجْتَمِعَ مَا فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّ الْمَذْهَبَ خِلَافُ مَا فِي الزَّوَائِدِ لَكِنَّهُ يَخْتَلِفُ قَدْرُهُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا تَبَعًا لِلشَّاشِيِّ فِي الْمُعْتَمَدِ وَقَالَ فِي الْبَيَانِ إذَا تَوَعَّدَ بِأَخْذِ الْقَلِيلِ مِنْ مَالِ مَنْ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ إكْرَاهًا (قَوْلُهُ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَخْتَلِفُ بِهِ أَخْذُ الْمَالِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا قَتَلْت نَفْسِي إلَخْ) قَالَ الْحُسْبَانِيُّ وَتَبِعَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا قَتَلْت نَفْسِي كَذَا أَطْلَقُوهُ وَيَظْهَرُ عَدَمُ الْوُقُوعِ إذَا قَالَهُ مَنْ لَوْ هَدَّدَ بِقَتْلِهِ كَانَ مُكْرَهًا كَالْوَلَدِ وَقَوْلُهُ وَيَظْهَرُ عَدَمُ الْوُقُوعِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا بِتَخْوِيفٍ مِنْ قِصَاصٍ) أَيْ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ لَهُ اللُّصُوصُ لَا نُخَلِّيك إلَخْ) أَيْ وَقَدْ هَدَّدُوهُ بِمَا هُوَ إكْرَاهٌ (قَوْلُهُ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى الدَّلَالَةِ عَلَى زَيْدٍ أَوْ مَالِهِ فَحَلَفَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَيُسْأَلُ عَنْهُ كَثِيرًا أَنَّ الْمَكَسَةَ أَوْ أَعْوَانَهُمْ يُمْسِكُونَ التَّاجِرَ وَغَيْرَهُ وَيَقُولُونَ بِعْت بِضَاعَةً بِلَا مَكْسٍ أَوْ خُفْيَةً أَوْ حِدْت عَنْ الطَّرِيقِ فَيُنْكِرُ فَيَقُولُونَ احْلِفْ بِالطَّلَاقِ بِأَنَّك لَمْ تَصْنَعْ ذَلِكَ فَيَحْلِفُ خَوْفًا مِنْ شَرِّهِمْ إذْ لَوْ اعْتَرَفَ ضَرَبُوهُ وَأَخَذُوا مَالَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا إذْ لَا غَرَضَ لَهُمْ فِي حَلِفِهِ وَلَمْ يُكْرِهُوهُ عَلَيْهِ عَيْنًا وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَرْعٌ قَالَ طَلَّقْت مُكْرَهًا فَأَنْكَرَتْ زَوْجَتُهُ]

(قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي النَّائِمِ فِيهِ نَظَرٌ) وَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ كُنْت نَائِمًا وَقْتَ تَلَفَّظْت بِالطَّلَاقِ أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مَغْشِيًّا عَلَيَّ وَنَازَعَتْهُ الْمَرْأَةُ وَقَالَتْ تَنَاوَمْت أَوْ تَجَانَنْت أَوْ تَغَاشَيْتَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَلَوْ قَالَ كُنْت مَجْنُونًا فَقَالَتْ مَا جُنَّ قَطُّ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا وَلَزِمَهُ الطَّلَاقُ فَالنَّوْمُ لِمَا عُهِدَ مِنْهُ قَبْلَ قَوْلِهِ كَالْمَجْنُونِ لِمَا عُهِدَ مِنْهُ وَقِيَاسُهُ فِي الْمَرِيضِ إذَا عُهِدَ مِنْهُ الْغَشْيُ فَإِنْ لَمْ يُعْهَدْ فَتُصَدَّقُ هِيَ وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ (قَوْلُهُ وَتَعَجَّبَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ الْأَصْلِ فِي ذَلِكَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذَا إيرَادٌ عَجِيبٌ فَإِنَّهُ هَا هُنَا قَيَّدَ إقْرَارَهُ بِحَالَةٍ لَا يَصِحُّ فِيهَا الطَّلَاقُ فَقُبِلَ عِنْدَ الِاحْتِمَالِ وَعَدَمِ مُخَالَفَةِ الظَّاهِرِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْجِنَايَاتِ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ شَخْصًا وَقَالَ كُنْت يَوْمَ الْقَتْلِ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ عُرِفَ الصِّبَا وَعُهِدَ الْجُنُونُ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْيَمِينِ الَّتِي أَوْرَدَهَا فَصُورَتُهَا مَا إذَا أَتَى بِصَرِيحِ الْيَمِينِ ثُمَّ قَالَ لَمْ أُرِدْ بِهِ الْيَمِينَ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لِمُخَالَفَةِ الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِمَا) أَيْ فَكَانَ يَنْبَغِي رَدُّ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ بِهَذَا.

[فَصْلٌ فِي طَلَاقِ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ]

(قَوْلُهُ يَنْفُذُ طَلَاقُ الْمُتَعَدِّي بِالسُّكْرِ إلَخْ) لِأَنَّهُ كَالصَّاحِي فِي قَضَاءِ صَلَوَاتِ زَمَنِ سُكْرِهِ وَكَذَا فِي وُقُوعِ طَلَاقِهِ وَغَيْرِهِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ لِيَنْزَجِرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>