فِيمَا ذُكِرَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِاخْتِيَارِ مَنْ تُرَدُّ الْعَيْنُ إلَيْهِ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَةِ التَّحَالُفِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ عَرَفَ الْعَيْبَ بَعْدَ تَزْوِيجِ الرَّقِيقِ أَيْ مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ وَلَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِالْأَخْذِ فَلِلْمُشْتَرِي الْأَرْشُ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ يُرَادُ لِلدَّوَامِ فَالْيَأْسُ حَاصِلٌ إلَّا أَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ إنْ رَدَّك الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَهُ الرَّدُّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي (وَلَوْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ وَكَانَ الثَّمَنُ عَبْدًا رَجَعَ فِيهِ) الْمُشْتَرِي (وَلَوْ دَبَّرَهُ الْبَائِعُ) لِأَنَّ تَعَلُّقَ التَّدْبِيرِ بِهِ لَيْسَ بِلَازِمٍ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ
(فَصْلٌ وَخِيَارُ النَّقْصِ عَلَى الْفَوْرِ) بِأَنْ يَرُدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْمُعَيَّنَ حَالَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبٍ بِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَيْعِ اللُّزُومُ فَيَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ بِلَا عُذْرٍ كَمَا سَيَأْتِي (وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى) حُكْمِ (الْقَاضِي) بِهِ (وَ) لَا (حُضُورِ الْخَصْمِ) وَهُوَ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ كَمَا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ (فَلْيُبَادِرْ) مُرِيدُهُ إلَيْهِ عَلَى الْعَادَةِ (كَالشَّفِيعِ) فَلَا يُكَلَّفُ الْعَدْوَ فِي الْمَشْيِ وَالرَّكْضَ فِي الرُّكُوبِ لِيَرُدَّ وَلَوْ عَلِمَهُ وَهُوَ يُصَلِّي أَوْ يَأْكُلُ أَوْ يَقْضِي حَاجَتَهُ فَلَهُ تَأْخِيرُهُ حَتَّى يَفْرُغَ وَلَوْ عَلِمَهُ وَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ هَذِهِ الْأُمُورِ فَاشْتَغَلَ بِهَا فَلَا بَأْسَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا (وَسَيَأْتِي) بَيَانُهُ (فِي الشُّفْعَةِ وَلَهُ الرَّدُّ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْخَصْمِ (وَلَوْ بِوَكِيلٍ) لَهُ (إلَى وَكِيلٍ) لِلْخَصْمِ (وَ) لَهُ (الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي) لِيَفْسَخَ ثُمَّ يَسْتَحْضِرَ الْخَصْمَ وَيَرُدَّ عَلَيْهِ (وَهُوَ آكَدُ) فِي الرَّدِّ لِأَنَّ الْخَصْمَ رُبَّمَا أَحْوَجَهُ فِي آخِرِ الْأَمْرِ إلَى الْمُرَافَعَةِ إلَيْهِ فَيَكُونُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِ أَوَّلًا فَاصِلًا لِلْأَمْرِ جَزْمًا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَذَا مَا فَهِمْته مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَحَاصِلُهُ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ كَابْنِ الرِّفْعَةِ إذَا لَمْ يَلْقَ أَحَدَهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ.
وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْإِمَامِ الْمَذْهَبُ أَنَّ الْعُدُولَ إلَى الْقَاضِي مَعَ وُجُودِ الْخَصْمِ تَقْصِيرٌ هَذَا إذَا كَانَ الْخَصْمُ حَاضِرًا بِالْبَلَدِ (فَإِنْ كَانَ غَائِبًا) عَنْهَا وَلَا وَكِيلَ لَهُ حَاضِرٌ (وَأَثْبَتَ) الْمُشْتَرِي (الشِّرَاءَ) مِنْهُ (وَتَسْلِيمَ الثَّمَنِ) إلَيْهِ (وَالْعَيْبَ وَالْفَسْخَ) بِهِ (وَحَلَفَ) عَلَى ذَلِكَ (اسْتِظْهَارًا) لِكَوْنِهِ قَضَاءً عَلَى غَائِبٍ (قَضَى) لَهُ الثَّمَنَ (مِنْ مَالِهِ) غَيْرِ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَقْضِ مِنْ الْمَبِيعِ لِلِاعْتِنَاءِ عَنْهُ مَعَ طَلَبِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى بَقَائِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ لَهُ حُجَّةً بِيَدَيْهَا إذَا حَضَرَ (وَعُدِّلَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ أَيْ وَوُضِعَ (الْمَبِيعُ) عِنْدَ عَدْلٍ (إنْ كَانَ لَهُ) مَالٌ غَيْرُهُ فَهَذَا الشَّرْطُ مُتَعَلِّقٌ بِقَضَى وَعُدِّلَ وَفِي نُسْخَةٍ تَقْدِيمُهُ عَلَى عُدِّلَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ (بِيعَ الْمَعِيبُ) فِي الثَّمَنِ لِتَعَيُّنِهِ لِلْقَضَاءِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ الْفَسْخِ حَبْسَ الْمَبِيعِ إلَى اسْتِرْجَاعِ الثَّمَنِ مِنْ الْبَائِعِ لِلْفَرْقِ الظَّاهِرِ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْقَاضِي وَحَذَفَ مَا فِي الْأَصْلِ هُنَا عَنْ الْقَاضِي مِنْ أَنَّهُ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ ادَّعَاهُ فِي وَجْهٍ مُسَخَّرٍ يَنْصِبُهُ الْقَاضِي لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ كَمَا صَحَّحَهُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ الِاكْتِفَاءُ بِالْغَيْبَةِ عَنْ الْبَلَدِ وَإِنْ قَلَّتْ الْمَسَافَةُ لِأَنَّ فِي تَكْلِيفِهِ الْخُرُوجَ عَنْهَا مَشَقَّةً وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ الْمُرَادُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَهَلْ يَلْحَقُ بِهَا مَسَافَةَ الْعَدْوَى أَوْ لَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا الْخِلَافُ فِي الِاسْتِعْدَادِ وَقَبُولِ شَهَادَةِ الْفَرْعِ.
حَكَاهُ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرَّفْعَ إلَى الْحَاكِمِ لِيَفْسَخَ عِنْدَهُ تَكْفِي فِيهِ الْغَيْبَةُ عَنْ الْبَلَدِ وَإِنْ قَلَّتْ أَمَّا الْقَضَاءُ بِهِ وَفَصْلُ الْأَمْرِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ شُرُوطِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ فَلَا يَقْضِي عَلَيْهِ مَعَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ وَلَا يُبَاعُ مَا لَهُ إلَّا لِتَعَزُّزٍ أَوْ تَوَارٍ وَقَدْ أَلْحَقَ فِي الذَّخَائِرِ الْحَاضِرَ بِالْبَلَدِ إذَا خِيفَ هَرَبُهُ بِالْغَائِبِ عَنْهَا (وَلَوْ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
الْعَيْنِ فَلَمَّا رَجَعَا فِيهَا انْحَصَرَ حَقُّهُمَا فِيهَا مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ فِي التَّحَالُفِ مَنْدُوحَةٌ عَنْ الْعَيْنِ فَكَانَ لَهُ بَدَلُ الْمَنَافِعِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْفَسْخَ فِيمَا ذُكِرَ لَا يَحْصُلُ إلَخْ) اعْتَرَضَهُ فِي الْخَادِمِ بِأَنَّ هَذَا لَا يَرِدُ عَلَى مَسْأَلَتِنَا وَالْفَرْقُ أَنَّهُمَا لَمَّا تَحَالَفَا فَالْبَائِعُ بِزَعْمِهِ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ الْإِجَارَةَ فَإِنَّهُ ظَالِمٌ فِيهَا لِعَدَمِ وَفَائِهِ بِصِيغَةِ الْعَقْدِ الَّتِي وَقَعَ التَّحَالُفُ عَلَيْهَا وَمَا قَالَهُ هُنَاكَ مِنْ الرُّجُوعِ لَا يَأْتِي هُنَا لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُنَا أَوْقَعَ الْإِجَارَةَ عَلَى خَالِصِ مِلْكِهِ فَلَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ عَلَيْهِ رُجُوعٌ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ عَرَفَ الْعَيْبَ بَعْدَ تَزْوِيجِ الرَّقِيقِ إلَخْ) تَقَدَّمَتْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
[فَصْلٌ خِيَارُ النَّقْصِ عَلَى الْفَوْرِ]
(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ بِأَنْ يَرُدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْمُعَيَّنَ وَالْبَائِعُ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ) وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالرَّدِّ التَّصْوِيرُ بِالْمَقْبُوضِ لِأَنَّ الرَّدَّ يُعْتَمَدُ مَرْدُودًا بِهِ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ يَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ إلَى الْفَسْخِ عَلَى الْفَوْرِ فَلَيْسَ لَهُ التَّأْخِيرُ إلَى الْقَبْضِ رَقّ أَمَّا إذَا كَانَ الْعِوَضُ مَوْصُوفًا فَالْخِيَارُ فِي رَدِّهِ عَلَى التَّرَاخِي عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إلَّا بِالرِّضَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَيْعِ اللُّزُومُ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ خِيَارٌ ثَبَتَ بِالشَّرْعِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمَالِكِ فَكَانَ فَوْرِيًّا كَالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَلِمَهُ وَهُوَ يُصَلِّي أَوْ يَأْكُلُ إلَخْ) أَوْ لَيْلًا فَحَتَّى يُصْبِحَ أَفْهَمَ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ تَقْيِيدَهُ بِمَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْحَاكِمِ وَلَا الشُّهُودِ وَلَا الْبَائِعِ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَالَ إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْمَسِيرِ بِغَيْرِ كُلْفَةٍ فَكَالنَّهَارِ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَدُّهُ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَحْسَنُ إلَى ضَوْءِ النَّهَارِ وَبِهِ عَبَّرَ الْهَرَوِيُّ فِي الْإِشْرَافِ (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي فِي الشُّفْعَةِ) وَكُلٌّ مِنْ الْمَطَرِ الشَّدِيدِ وَالْوَحْلِ الشَّدِيدِ عُذْرٌ (قَوْلُهُ إلَى وَكِيلٍ لِلْخَصْمِ) أَوْ وَارِثِهِ أَوْ مُوَكِّلِهِ أَوْ وَلِيِّهِ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَنَحْوِهِ.
(قَوْلُهُ وَلَهُ الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ إلَخْ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِالرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ الدَّعْوَى لِأَنَّ غَرِيمَهُ غَائِبٌ عَنْ الْمَجْلِسِ وَهُوَ فِي الْبَلَدِ وَإِنَّمَا يَفْسَخُ بِحَضْرَتِهِ ثُمَّ يَطْلُبُ غَرِيمَهُ وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَخْلُو مِنْ الشُّهُودِ غَالِبًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ شَاهِدٌ فَيُتَّجَهُ أَنَّ الْفَسْخَ بِحَضْرَتِهِ تَفْرِيعٌ عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ يَقْضِي بِعَمَلِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ أَب (قَوْلُهُ وَحَاصِلُهُ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ اطَّلَعَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَخَرَجَ إلَى الْبَائِعِ وَلَمْ يَفْسَخْ بَطَلَ حَقُّهُ وَلَوْ اطَّلَعَ بِحَضْرَةِ الْبَائِعِ فَتَرَكَهُ وَرَفَعَ إلَى الْقَاضِي لَمْ يَبْطُلْ كَمَا فِي الشُّفْعَةِ وَإِنَّمَا يُخَيَّرُ بَيْنَ الْخَصْمِ وَالْحَاكِمِ إذَا كَانَا بِالْبَلَدِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَائِبًا تَعَيَّنَ الْحَاضِرُ اهـ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرَّفْعَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَمْكَنَهُ الْإِشْهَادُ فِي طَرِيقِهِ إلَخْ) لَك أَنْ تَسْأَلَ عَنْ الْفَرْقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute