للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِ بِأَنَّ الدَّارَ دَارُ حُرِّيَّةٍ، وَإِسْلَامٍ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ مَا هُنَا مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ يَدَّعِي الْكَفَاءَةَ وَإِلَّا فَهِيَ مَسْأَلَةُ اللَّقِيطِ (وَيُقْتَلُ فَرْعٌ بِأَصْلِهِ) كَغَيْرِهِ بَلْ أَوْلَى (وَيُقْتَلُ الْمَحَارِمُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ) لِذَلِكَ.

(وَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ) هَذَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا لَكِنَّهُ أَعَادَهُ لِيُشْرِكَهُ مَعَ مَا بَعْدَهُ فِي الْحُكْمِ الْآتِي (وَ) لَا (أَصْلٌ بِفَرْعٍ) ، وَإِنْ نَزَلَ لِخَبَرِ الْحَاكِمِ وَالْبَيْهَقِيِّ وَصَحَّحَاهُ «لَا يُقَادُ لِلِابْنِ مِنْ أَبِيهِ» وَلِرِعَايَةِ حُرْمَتِهِ؛ وَلِأَنَّهُ كَانَ سَبَبًا فِي وُجُودِهِ فَلَا يَكُونُ هُوَ سَبَبًا فِي عَدَمِهِ (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَلَوْ (حَكَمَ بِهِ) أَيْ بِالْقَتْلِ فِي الصُّورَتَيْنِ (حَاكِمٌ نُقِضَ) حُكْمُهُ (فِي) قَتْلِ (الْأَصْلِ) بِفَرْعِهِ (دُونَ الْعَبْدِ) الْأَنْسَبُ بِمَا قَبْلَهُ دُونَ الْحُرِّ أَيْ دُونَ قَتْلِ الْحُرِّ بِالْعَبْدِ (إلَّا إنْ أَضْجَعَ) الْأَصْلُ (الْفَرْعَ وَذَبَحَهُ) وَحَكَمَ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ حَاكِمٌ فَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ رِعَايَةً لِقَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ (، وَلَا يُقْتَلُ عَبْدٌ وَابْنٌ مُسْلِمَانِ بِحُرٍّ، وَأَبٍ كَافِرَيْنِ، وَلَا عَكْسُهُمَا) أَيْ لَا يُقْتَلُ حُرٌّ، وَأَبٌ كَافِرَانِ بِعَبْدٍ وَابْنٍ مُسْلِمَيْنِ (وَلَوْ حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ) وَذَلِكَ لِاخْتِصَاصِ الْقَاتِلِ بِمَا يَمْنَعُ الْقِصَاصَ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِقَتْلِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ بِهِ يُنْقَضُ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ كَجٍّ فِي قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ لَكِنَّهُ حُكِيَ عَنْهُ أَيْضًا احْتِمَالُ أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ، وَقَالَ: إنَّهُ الْوَجْهُ وَصَحَّحَهُ أَيْضًا فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ (وَيُقْتَلُ الْعَبْدُ بِعَبْدٍ لِوَلَدِهِ) كَمَا يُقْتَلُ بِوَالِدِهِ (لَا) بِعَبْدٍ (لِوَالِدِهِ) كَمَا لَا يُقْتَلُ بِوَلَدِهِ.

(فَرْعٌ: لَا قِصَاصَ) عَلَى الْقَاتِلِ (فِيمَنْ) أَيْ فِي قَتْلِ مَنْ (يَرِثُهُ وَلَدُهُ) وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ غَيْرِهِ (كَزَوْجَةِ وَلَدِهِ) ، أَوْ زَوْجَتِهِ، أَوْ أَبِيهَا ثُمَّ مَاتَتْ، وَلَهُ مِنْهَا وَلَدٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُقْتَصَّ مِنْ الْوَالِدِ بِجِنَايَتِهِ عَلَى وَلَدِهِ فَلَأَنْ لَا يُقْتَصَّ مِنْهُ بِجِنَايَتِهِ عَلَى مَنْ يَرِثُهُ أَوْلَى (، وَلَا) قِصَاصَ (عَلَى وَارِثِ الْقِصَاصِ) ، أَوْ بَعْضِهِ (كَمَنْ قَتَلَ أَبَاهُ، وَلَهُ أَخٌ مَاتَ) وَوَرِثَهُ هُوَ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يَقْتَصُّ مِنْ نَفْسِهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْوَلَدَ يَرِثُ الْقِصَاصَ ثُمَّ يَسْقُطُ، وَقَالَ الْإِمَامُ: إنَّهُ الْوَجْهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَرِثْهُ لَوَرِثَهُ غَيْرُهُ، وَلَمَا سَقَطَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَقْتَضِي عَدَمَ إرْثِهِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْقِطَ قَارَنَ سَبَبَ الْمِلْكِ، وَجَزَمَ بِذَلِكَ قَبْلَ صَدَقَةِ الْوَاشِي فَقَالَ إنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ أَصْلًا. انْتَهَى.

(فَرْعٌ:) لَوْ (قَتَلَا وَلَدًا) مَجْهُولًا (يَتَنَازَعَانِهِ) أَيْ يَتَدَاعَيَانِهِ (فَلَا قِصَاصَ فِي الْحَالِ) ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا أَبُوهُ، وَقَدْ اشْتَبَهَ الْأَمْرُ كَمَا لَوْ اشْتَبَهَ طَاهِرٌ بِنَجِسٍ لَا يُسْتَعْمَلُ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ (فَإِنْ أُلْحِقَ) الْوَلَدُ (بِثَالِثٍ اُقْتُصَّ مِنْهُمَا) لِانْتِفَاءِ نَسَبِهِ عَنْهُمَا (أَوْ) أُلْحِقَ (بِأَحَدِهِمَا اُقْتُصَّ مِنْ الْآخَرِ) لِانْتِفَاءِ نَسَبِهِ عَنْهُ؛ وَلِأَنَّهُ شَرِيكُ الْأَبِ (فَإِنْ رَجَعَا) عَنْ تَنَازُعِهِمَا (لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ ابْنًا لِأَحَدِهِمَا وَفِي قَبُولِ الرُّجُوعِ إبْطَالُ حَقِّهِ مِنْ النَّسَبِ (أَوْ) رَجَعَ (أَحَدُهُمَا) دُونَ الْآخَرِ (فَهُوَ ابْنُ الْآخَرِ فَيُقْتَصُّ مِنْ غَيْرِهِ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ مِنْ الرَّاجِعِ (إنْ قَتَلَهُ) مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمَا قَتَلَاهُ فَإِنْ قَتَلَهُ أَحَدُهُمَا فَأُلْحِقَ بِالْآخَرِ، أَوْ بِغَيْرِهِمَا اُقْتُصَّ مِنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ) لُحُوقُ الْوَلَدِ بِأَحَدِهِمَا (فِرَاشًا) أَيْ بِالْفِرَاشِ بَلْ بِالدَّعْوَى كَمَا هُوَ الْفَرْضُ (أَمَّا إذَا كَانَ) بِالْفِرَاشِ كَأَنْ (وُطِئَتْ) امْرَأَةٌ بِنِكَاحٍ، أَوْ شُبْهَةٍ (فِي عِدَّةٍ مِنْ نِكَاحٍ) ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ (وَأَمْكَنَ) كَوْنُهُ (مِنْ كُلٍّ) مِنْهُمَا (فَلَا يُجْزِئُ) أَيْ يَكْفِي (رُجُوعُ أَحَدِهِمَا) فِي لُحُوقِ الْوَلَدِ بِالْآخَرِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ النَّسَبَ ثَمَّ ثَبَتَ مِنْ أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ بِدَعْوَاهُمَا فَإِذَا رَجَعَ أَحَدُهُمَا لَحِقَ الْوَلَدُ بِالْآخَرِ، وَهُنَا ثَبَتَ بِالْفِرَاشِ فَلَا يَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ فَلَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ بِالْآخَرِ (وَإِنَّمَا يَلْحَقُ) بِهِ (بِالْقَائِفِ ثُمَّ بِانْتِسَابِهِ) إلَيْهِ (إذَا بَلَغَ) وَتَعْبِيرُهُ ثُمَّ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِأَوْ (فَإِنْ أَلْحَقَهُ) الْقَائِفُ (بِأَحَدِهِمَا) قَالَ فِي الْأَصْلِ، أَوْ انْتَسَبَ بَعْدَ بُلُوغِهِ إلَيْهِ (اُقْتُصَّ مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَنْ أُلْحِقَ بِهِ (لَا مِنْهُ) ؛ لِأَنَّهُ أَبُوهُ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ أَلْحَقَهُ إلَى آخِرِهِ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَفِي مَسْأَلَةِ التَّدَاعِي) السَّابِقَةِ (لَوْ أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِأَحَدِهِمَا ثُمَّ أَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً) بِنَسَبِهِ (سُمِعَتْ، وَلَحِقَهُ) بِهَا (وَاقْتُصَّ مِنْ الْأَوَّلِ) فَإِنْ تَعَذَّرَ الْإِلْحَاقُ لِعَدَمِ الْقَائِفِ، أَوْ تَحَيُّرِهِ، وَقُتِلَ الْوَلَدُ قَبْلَ الِانْتِسَابِ فَلَا قِصَاصَ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ أَحَدُهُمَا عَنْ نَفْسِهِ وَيَبْقَى الْآخَرُ عَلَى اسْتِلْحَاقِهِ فَيُقْتَصُّ مِنْ الْأَوَّلِ.

(فَرْعٌ:) لَوْ (قَتَلَ أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ) الشَّقِيقَيْنِ (أَبَاهُمَا، وَالْآخَرُ أُمَّهُمَا مَعًا وَالْعِبْرَةُ) فِي الْمَعِيَّةِ وَالتَّعَاقُبِ (بِالزُّهُوقِ) لِلرُّوحِ لَا بِالْجُرْحِ (فَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (الْقِصَاصُ عَلَى الْآخَرِ) ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ مُوَرِّثَهُ فَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمَا فَلِلْمَعْفُوِّ عَنْهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ الْعَافِي فَإِنْ لَمْ يَعْفُ قُدِّمَ أَحَدُهُمَا لِلْقِصَاصِ -

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ) أَيْ الْقَمُولِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ، وَأَجَابَ فِي الْخَادِمِ أَيْضًا بِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ فِي اللَّقِيطِ أَقْرَبُ مِنْهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ مَا لَمْ يَثْبُتْ رِقُّهُ فَلِهَذَا وَجَبَ فِيهِ الْقِصَاصُ بِخِلَافِ غَيْرِ اللَّقِيطِ إذَا جُهِلَتْ حُرِّيَّتُهُ وَلِهَذَا لَوْ شَهِدَ، وَقَالَ أَنَا حُرٌّ لَمْ تَثْبُتْ حُرِّيَّتُهُ بِقَوْلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهَا بِالْبَيِّنَةِ فَلِهَذَا لَمْ يَلْحَقْ بِالْحُرِّ فِي إيجَابِ الْقِصَاصِ مَا لَمْ تَنْهَضْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ صُورَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَخْصٍ لَا يُظَنُّ إسْلَامُهُ، وَلَا حُرِّيَّتُهُ وَاللَّقِيطُ ظُنَّ إسْلَامُهُ وَحُرِّيَّتُهُ لِلدَّارِ فَعَبَّرَ بِالْعِلْمِ هُنَا عَنْ الظَّنِّ.

(قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَرْعٌ لَا قِصَاصَ عَلَى الْقَاتِلِ فِيمَنْ قَتْلِ مَنْ يَرِثُهُ وَلَدُهُ]

(قَوْلُهُ: أَوْ زَوْجَتِهِ أَوْ أَبِيهَا إلَخْ) أَوْ قَتَلَتْ أُمُّ وَلَدٍ سَيِّدَهَا، وَلَهَا مِنْهُ وَلَدٌ وَتُعْتَقُ هِيَ وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي ذِمَّتِهَا أَيْ؛ لِأَنَّهَا حَالَ وُجُوبِهَا حُرَّةٌ.

(قَوْلُهُ: فَيَقْتَصُّ مِنْ غَيْرِهِ) إنْ قَتَلَهُ مُنْفَرِدًا أَوْ مُشَارِكًا لِلْآخَرِ (قَوْلُهُ: لَوْ أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِأَحَدِهِمَا) أَوْ انْتَسَبَ إلَيْهِ

[فَرْعٌ قَتَلَ أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ الشَّقِيقَيْنِ أَبَاهُمَا وَالْآخَرُ أُمَّهُمَا مَعًا]

(قَوْلُهُ: الشَّقِيقَيْنِ) أَيْ الْحَائِزَيْنِ (قَوْلُهُ: مَعًا) اسْتَعْمَلَ مَعًا لِلِاتِّحَادِ فِي الزَّمَانِ، وَسَبَقَ مَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَالْعِبْرَةُ بِالزُّهُوقِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هَكَذَا أَطْلَقُوهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي حُكْمِ الزُّهُوقِ مَا لَوْ صَارَ فِي حَيِّزِ الْمَوْتَى بِأَنْ أَبَانَ حَشْوَتَهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَجْعَلُ صَاحِبَهُ فِي حَيِّزِ الْأَمْوَاتِ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>