بِخِلَافِ بَيْعِ لَبُونٍ بِلَبُونٍ انْتَهَى وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بِسُهُولَةٍ أَخْذُ اللَّبَنِ فَهُوَ كَالْمُنْفَصِلِ بِخِلَافِ الْبَيْضِ لَكِنَّ هَذَا الْفَرْقَ يَقْتَضِي صِحَّةَ بَيْعِ بَيْضِ دَجَاجَةٍ بِدَجَاجَةٍ فِيهَا بَيْضٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ خِلَافُهُ
(بَابُ الْبُيُوعِ الْمُنْهَى عَنْهَا) (وَمُقْتَضَى النَّهْيِ الْفَسَادُ وَقَدْ يُحْكَمُ مَعَهُ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ لِخُصُوصِيَّةِ الْبَيْعِ بَلْ لِأَمْرٍ آخَرَ فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ الْمُفْسِدُ كَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ) كَمَا مَرَّ وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّهُ قَسَّمَ النَّهْيَ قِسْمَيْنِ وَيُنَاسِبُهُ تَمْثِيلُهُ بِالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَا ذُكِرَ وَعَلَيْهِ فَيُقَدَّرُ النَّهْيُ فِي بَقِيَّةِ الْأَمْثِلَةِ وَحَاصِلُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّهُ قَسَّمَ الْمُنْهَى عَنْهُ قِسْمَيْنِ وَلِهَذَا مَثَّلَهُ بِبَيْعِ مَا ذَكَرَ لَا بِالنَّهْيِ عَنْهُ وَكُلٌّ صَحِيحٌ (وَكَبَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ وَ) بَيْعِ (الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ وَ) بَيْعِ (الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا (وَ) بَيْعِ (مَالِ الْغَيْرِ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ (وَبَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ (وَهُوَ بَيْعُ الْغَائِبِ أَوْ مَا سَيَمْلِكُهُ) أَيْ مَا لَا يَمْلِكُهُ لِيَشْتَرِيَهُ فَيُسَلِّمَهُ (وَبَيْعُ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ) لِمَا مَرَّ فِي شَرْطِ طَهَارَةِ الْمَبِيعِ (وَبَيْعُ عَسْبِ الْفَحْلِ وَاسْتِئْجَارُهُ لِلضِّرَابِ) لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَهُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَتَيْنِ ضِرَابُهُ وَيُقَالُ مَاؤُهُ وَيُقَالُ أُجْرَةُ ضِرَابِهِ وَعَلَى الْأَوَّلَيْنِ يُقَدَّرُ فِي الْخَبَرِ مُضَافٌ لِيَصِحَّ النَّهْيُ أَيْ نَهَى عَنْ بَدَلِ عَسْبِ الْفَحْلِ مِنْ أُجْرَةِ ضِرَابِهِ أَوْ ثَمَنِ مَائِهِ أَيْ بَدَلَ ذَلِكَ وَأَخْذَهُ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ مَاءَ الْفَحْلِ لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ وَلَا مَعْلُومٍ وَلَا مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَضِرَابُهُ لِتَعَلُّقِهِ بِاخْتِيَارِهِ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ لِلْمَالِكِ (فَإِنْ أَهْدَى لَهُ) أَيْ لِمَالِكِهِ (صَاحِبُ الْأُنْثَى) شَيْئًا (جَازَ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَإِعَارَةُ الْفَحْلِ لِلضِّرَابِ مَحْبُوبَةٌ
(وَبَيْعُ حَبَلِ الْحَبَلَةِ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَهُوَ الْبَيْعُ بِثَمَنٍ إلَى نِتَاجِ النِّتَاجِ) أَيْ إلَى أَنْ تَلِدَ هَذِهِ الدَّابَّةُ وَيَلِدَ وَلَدُهَا فَوَلَدَ وَلَدُهَا نِتَاجُ النِّتَاجِ وَهُوَ بِكَسْرِ النُّونِ مِنْ تَسْمِيَةِ الْمَفْعُولِ بِالْمَصْدَرِ يُقَالُ نُتِجَتْ النَّاقَةُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ نِتَاجًا أَيْ وَلَدَتْ (أَوْ بَيْعُ وَلَدِ مَا تَلِدُهُ) الدَّابَّةُ الْمَفْهُومَةُ مِنْ كَلَامِهِ وَبُطْلَانُ الْبَيْعِ عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ وَعَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ وَلَا مَعْلُومٍ وَلَا مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ (وَبَيْعُ الْمَلَاقِيحِ وَهُوَ) بَيْعُ (مَا فِي بُطُونِ الْأُمَّهَاتِ) مِنْ الْأَجِنَّةِ (وَبَيْعُ الْمَضَامِينِ وَهُوَ) بَيْعُ (مَا فِي الْأَصْلَابِ) لِلْفُحُولِ مِنْ الْمَاءِ لِلنَّهْيِ عَنْهُمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَالْبَزَّارُ وَالْمَلَاقِيحُ جَمْعُ مُلْقُوحَةٍ وَهِيَ الْجَنِينُ وَالنَّاقَةُ الْحَامِلُ لَاقِحٌ وَالْمَضَامِينُ جَمْعُ مَضْمُونٍ بِمَعْنَى مُتَضَمِّنٍ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ مَضْمُونُ الْكِتَابِ كَذَا وَكَذَا وَبُطْلَانُ الْبَيْعِ فِيهِمَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَبَيْعُ الْمُلَامَسَةِ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَهُوَ أَنْ يُكْتَفَى بِاللَّمْسِ عَنْ النَّظَرِ وَلَا خِيَارَ) بَعْدَهُ بِأَنْ يَلْمِسَ ثَوْبًا لَمْ يَرَهُ ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ عَلَى أَنْ لَا خِيَارَ لَهُ إذَا رَآهُ (أَوْ يَجْعَلَ اللَّمْسَ بَيْعًا) بِأَنْ يَقُولَ إذَا لَمَسْته فَقَدْ بِعْتُكَهُ بِكَذَا اكْتِفَاءً بِلَمْسِهِ عَنْ الصِّيغَةِ (أَوْ قَاطِعًا لِلْخِيَارِ) بِأَنْ يَبِيعَهُ شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ مَتَى لَمَسَهُ لَزِمَ الْبَيْعُ وَانْقَطَعَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَغَيْرُهُ (وَبَيْعُ الْمُنَابَذَةِ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ نَبْذَ الْمَبِيعِ بَيْعًا أَوْ قَاطِعًا لِلْخِيَارِ) بِأَنْ يَقُولَ أَنْبِذُ إلَيْك ثَوْبِي هَذَا بِمِائَةٍ فَيَأْخُذُهُ الْآخَرُ أَوْ يَقُولُ بِعْتُكَهُ بِكَذَا عَلَى أَنِّي إذَا نَبَذْته إلَيْك لَزِمَ الْبَيْعُ وَانْقَطَعَ الْخِيَارُ وَالْبُطْلَانُ فِي هَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ أَوْ الصِّيغَةِ أَوْ لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ
(وَبَيْعُ الْحَصَاةِ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَهُوَ بَيْعُ مَا تُصِيبُهُ الْحَصَاةُ) بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُك مِنْ هَذِهِ الْأَثْوَابِ مَا تَقَعُ هَذِهِ الْحَصَاةُ عَلَيْهِ (أَوْ بَيْعُ مُدًى) أَيْ غَايَةُ (رَمْيَةٍ مِنْ الْأَرْضِ) بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُك مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ مِنْ هُنَا إلَى مَا انْتَهَتْ إلَيْهِ هَذِهِ الْحَصَاةُ (أَوْ يَجْعَلَ الرَّمْيَ بَيْعًا أَوْ قَاطِعًا لِلْخِيَارِ) بِأَنْ يَقُولَ إذَا رَمَيْت هَذَا الثَّوْبَ فَقَدْ بِعْتُكَهُ بِكَذَا أَوْ يَقُولَ بِعْتُكَهُ عَلَى إنَّك بِالْخِيَارِ إلَى أَنْ أَرْمِيَ الْحَصَاةَ وَالْبُطْلَانُ فِي ذَلِكَ لِلْجَهْلِ بِالْمَبِيعِ أَوْ بِزَمَنِ الْخِيَارِ أَوْ لِعَدَمِ الصِّيغَةِ (وَبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ) لِلنَّهْيِ عَنْهُمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ (وَهُوَ أَنْ يَبِيعَهُ الْعَبْدَ) مَثَلًا (عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ) أَيْضًا الثَّوْبَ مَثَلًا (أَوْ) عَلَى أَنْ (يَبِيعَهُ الْآخَرُ الثَّوْبَ أَوْ) أَنْ (يَبِيعَهُ إيَّاهُ) أَيْ الْعَبْدَ (بِأَلْفٍ نَقْدًا أَوْ بِأَلْفَيْنِ نَسِيئَةً) لِيَأْخُذَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ هُوَ أَوْ الْبَائِعُ وَالْبُطْلَانُ فِي ذَلِكَ لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَلِلْجَهْلِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[بَابُ الْبُيُوعِ الْمُنْهَى عَنْهَا قسمان] [الْقَسْم الْأَوَّل الْمُفْسِد]
بَابُ الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا) (قَوْلُهُ وَقَدْ يَحْكُمُ بِالصِّحَّةِ مَعَهُ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي مَسْأَلَتَانِ يَبْطُلُ الْبَيْعُ فِيهِمَا مَعَ وُجُودِ النَّهْيِ لِأَمْرٍ آخَرَ وَهُمَا التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَبَيْعِ السِّلَاحِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ اهـ وَيُجَابُ بِأَنَّ بُطْلَانَهُ فِيهِمَا إنَّمَا هُوَ لِخُصُوصِيَّةٍ وَهُوَ عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ شَرْعًا (مِنْهُ) (قَوْلُهُ لِأَمْرٍ آخَرَ) أَيْ خَارِجٍ عَنْهُ غَيْرِ لَازِمٍ لَهُ (قَوْلُهُ لِيُصْبِحَ النَّهْيُ) إذْ الْعَسْبُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ النَّهْيُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ (قَوْلُهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ لِلْمَالِكِ) وَفَارَقَ جَوَازَ الِاسْتِئْجَارِ لِتَلْقِيحِ النَّخْلِ بِأَنَّ الْأَجِيرَ قَادِرٌ عَلَى تَسْلِيمِ نَفْسِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ عَيْنٌ حَتَّى لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ مَا يُلَقِّحُ بِهِ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ وَهَهُنَا الْمَقْصُودُ الْمَاءُ وَالْمُؤَجِّرُ عَاجِزٌ عَنْ تَسْلِيمِهِ
(قَوْلُهُ وَبَيْعُ حَبَلِ الْحَبَلَةِ) فِيهِ مَجَازٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا إطْلَاقِ الْحَبَلِ عَلَى الْبَهَائِمِ مَعَ أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْآدَمِيَّاتِ الثَّانِي أَنَّهُ مَصْدَرٌ أُرِيدَ بِهِ اسْمُ الْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ وَهُوَ بِكَسْرِ النُّونِ) كَذَا ضَبَطَهُ النَّوَوِيُّ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ بِفَتْحِ النُّونِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا فِي بُطُونِ الْأُمَّهَاتِ مِنْ الْأَجِنَّةِ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمَلَاقِيحَ اسْمٌ لِمَا فِي بُطُونِ الْإِبِلِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ مَا قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَصَاحِبُ الْمُجْمَلِ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ هُوَ مَا فِي بُطُونِ الْإِبِلِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ بِأَنْ يَلْمِسَ ثَوْبًا لَمْ يَرَهُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ وَمَا اُشْتُهِرَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ مِنْ الْفَتْحِ فَلَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّهَا فِي الْمَاضِي مَفْتُوحَةٌ وَلَا حَرْفُ حَلْقٍ ر (قَوْلُهُ بِأَنْ يَقُولَ أَنْبِذُ إلَيْك ثَوْبِي هَذَا إلَخْ) أَوْ أَيِّ ثَوْبٍ نَبَذْته إلَيْك فَهُوَ مَبِيعٌ مِنْك بِعَشَرَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute