فَلِلْبَائِعِ حَبْسُهُ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَلَا يُبَاعُ قَبْلَ الْقَبْضِ) وَيَسْقُطُ مِنْ الثَّمَنِ بِحِصَّتِهِ إنْ هَلَكَ قَبْلَ الْقَبْضِ (كَأُمِّهِ) فِي الثَّلَاثِ بِنَاءً عَلَى مَا قُلْنَا أَمَّا إذَا بَانَتْ مَعِيبَةً وَلَمْ تَضَعْ بَعْدُ فَيَرُدُّهَا حَامِلًا كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ (وَإِذَا حَمَلَتْ) بَعْدَ الشِّرَاءِ (قَبْلَ الْقَبْضِ وَرُدَّتْ بِالْعَيْبِ حَامِلًا فَالْوَلَدُ لِلْمُشْتَرِي) لِحُدُوثِهِ فِي مِلْكِهِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْفَلَسِ فَإِنَّ الْوَلَدَ لِلْبَائِعِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ سَبَبَ الْفَسْخِ ثَمَّ نَشَأَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ تَرْكُهُ تَوْفِيَةَ الثَّمَنِ وَهُنَا مِنْ الْبَائِعِ وَهُوَ ظُهُورُ الْعَيْبِ الَّذِي كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَهُ ثُمَّ رَأَيْت مَنْ فَرَّقَ بِذَلِكَ وَبِمَا فِيهِ نَظَرٌ وَإِذَا قُلْنَا الْحَمْلُ هُنَا لِلْمُشْتَرِي قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ فَلَهُ حَبْسُ أُمِّهِ حَتَّى تَضَعَ (وَكَذَا) إذَا حَمَلَتْ بِهِ (بَعْدَ الْقَبْضِ) يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي لِمَا مَرَّ (لَكِنَّ حَمْلُ الْأَمَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ يَمْنَعُ الرَّدَّ كُرْهًا) لِمَا مَرَّ أَنَّ الْحَمْلَ فِيهَا عَيْبٌ (وَكَذَا) يَمْنَعُ الرَّدَّ (غَيْرُهَا) أَيْ حَمْلُ غَيْرِهَا بَعْدَ الْقَبْضِ (إنْ نَقَصَ بِهِ) كَسَائِرِ الْعُيُوبِ الْحَادِثَةِ
(وَإِنْ أَطْلَعَتْ النَّخْلَةُ فِي يَدِهِ فَرَدَّهَا) بِعَيْبٍ (فَلِمَنْ) يَكُونُ (الطَّلْعُ وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا لِلْبَائِعِ تَبَعًا لِلنَّخْلَةِ وَثَانِيهِمَا لِلْمُشْتَرِي وَصَحَّحَهُ الْخُوَارِزْمِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِأَنَّهُ كَالْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ وَالْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ كَالْحَمْلِ (وَالصُّوفُ الْمَوْجُودُ عِنْدَ الْعَقْدِ يُرَدُّ مَعَ الْأَصْلِ) وَإِنْ جُزَّ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَبِيعِ (وَكَذَا الْحَادِثُ) مِنْهُ (بَعْدَهُ) أَيْ الْعَقْدِ يُرَدُّ تَبَعًا (مَا لَمْ يُجَزَّ) فَإِنْ جُزَّ لَمْ يُرَدَّ كَالْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ بَلْ قِيَاسُ الْحَمْلِ أَنَّ مَا لَمْ يَجُزَّ لَا يُرَدُّ أَيْضًا وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ وَأَلْحَقَ بِهِ اللَّبَنَ الْحَادِثَ وَالْأَوَّلُ وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ هُوَ مَا فِي فَتَاوِيهِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْخُوَارِزْمِيُّ وَهُوَ وَإِنْ وُجِّهَ بِأَنَّهُ كَالسِّمَنِ فَالثَّانِي أَوْجَهُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي النَّقْلِ عَنْهُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ الْأَصْوَبُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْقِيَاسُ إلْحَاقُ الْبَيْضِ بِالْحَمْلِ قَالَ السُّبْكِيُّ تَفَقُّهًا وَلَوْ جَزَّ الصُّوفَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا بَعْدَ أَنْ طَالَ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبًا صَارَ بِالرَّدِّ بَيْنَهُمَا شَرِكَةً وَقَدْ يَقَعُ نِزَاعٌ فِي مِقْدَارِ مَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ عَيْبٌ مَانِعٌ مِنْ الرَّدِّ (بِخِلَافِ الْحَادِثِ مِنْ أُصُولِ الْكُرَّاثِ) وَنَحْوِهِ التَّابِعَةِ لِلْأَرْضِ فِي بَيْعِهَا (فَإِنَّهُ لِلْمُشْتَرِي) لِأَنَّهُ لَيْسَ تَبَعًا لِلْأَرْضِ أَلَا تَرَى أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْهَا فِي ابْتِدَاءِ الْبَيْعِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ
(فَصْلُ الْإِقَالَةِ) وَهِيَ مَا يَقْتَضِي رَفْعَ الْعَقْدِ الْمَالِيِّ بِوَجْهٍ مَخْصُوصٍ (جَائِزَةٌ وَتُسَنُّ لِنَادِمٍ) أَيْ لِأَجْلِهِ لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ نَادِمًا أَقَالَ اللَّهُ عَثْرَتَهُ» (وَهِيَ فَسْخٌ لَا بَيْعٌ) وَإِلَّا لَصَحَّتْ مَعَ غَيْرِ الْبَائِعِ وَبِغَيْرِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَفَرَّعَ عَلَى كَوْنِهَا فَسْخًا مَسَائِلَ فَقَالَ (فَيَجُوزُ تَفْرِيقُ الْمُتَقَايِلَيْنِ) أَيْ تَفَرُّقُهُمَا مِنْ مَجْلِسِ الْإِقَالَةِ (فِي الصَّرْفِ قَبْلَ التَّقَابُضِ وَلَا تَتَجَدَّدُ بِهَا شُفْعَةٌ وَتَصِحُّ فِي الْمَبِيعِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ سَبَبَ الْفَسْخِ ثَمَّ نَشَأَ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَخْ) الثَّانِي أَنَّ مِلْكَ الْمُفْلِسِ عَلَى الْعَيْنِ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي الَّذِي لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ الثَّالِثُ أَنَّ رُجُوعَ الْبَائِعِ فِي الْفَلَسِ قَهْرِيٌّ بِسَبَبِ زَوَالِ الْمُقَابِلِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ وَالرَّدِّ بِالِاخْتِيَارِ وَالْقَهْرِيُّ يُسْتَتْبَعُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ الرَّابِعُ أَنَّا لَوْ قُلْنَا يَرْجِعُ فِي الْأُمِّ دُونَ الْحَمْلِ لَكِنَّا قَدْ حَجَرْنَا عَلَى الْبَائِعِ فِي مِلْكِهِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ بَيْعُ الْأُمِّ حَتَّى تَضَعَ الْحَمْلَ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحَامِلِ بِحَمْلِ الْغَيْرِ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّوْزِيعِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ بِالرَّدِّ الْخَامِسُ أَنَّا لَوْ لَمْ نَقُلْ بِالرُّجُوعِ فِي الْفَلَسِ لَانْتَفَتْ فَائِدَةُ التَّقْدِيمِ وَعَدَمُ الْمُضَارَبَةِ لِأَنَّا لَوْ أَثْبَتْنَا الْحَمْلَ لِلْمُفْلِسِ فَقَدْ أَثْبَتْنَا لِلْغُرَمَاءِ الْمُزَاحَمَةَ مَعَ الْبَائِعِ فِيمَا بِيَدِهِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ لَا يُزَاحِمُهُ فَلِهَذَا قُلْنَا يَتْبَعُ الْوَلَدُ فِي الْفَلَسِ دُونَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ السَّادِسُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَرْجِعْ فِيهَا مَعَ حَمْلِهَا لَزِمَ تَأْخِيرُ رُجُوعِهِ حَتَّى رُجُوعِهِ فِي الْحَالِ وَتَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا وَيَلْزَمُ مِنْهُ النَّفَقَةُ عَلَى غَيْرِ مِلْكِهِ وَهُوَ الْحَمْلُ فَتَعَارَضَ ضَرَرَانِ فَلِذَا يَرْجِعُ فِيهَا مَعَ حَمْلِهَا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ السَّابِعُ أَنَّ مَنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ عَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى وَفَاءِ الثَّمَنِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِالْمَبِيعِ كَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَحِينَئِذٍ فَيُقَدِّرُ أَنَّ الْمَبِيعَ كَأَنَّهُ لَمْ يَزُلْ عَنْ مِلْكِ بَائِعِ الْمُفْلِسِ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظُهُورُ الْعَيْبِ الَّذِي كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَهُ) فَالتَّدْلِيسُ فِيهِ جَاءَ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ فَلَهُ حَبْسُ أَمَةٍ حَتَّى تَضَعَ) قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ حَالَ كَوْنِهِ وَلَدًا مُنْفَصِلًا فَلَا يَشْكُلُ بِمَا مَرَّ وَلَا بِمَا قِيلَ فِي مَسْأَلَةِ التَّفْرِيقِ بِالْوَصِيَّةِ
(قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ) هُوَ الْأَصَحُّ وَقَالَ فِي التَّوَسُّطِ الْأَصَحُّ الِانْدِرَاجُ وَقَالَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ الَّذِي يُتَّجَهُ أَنْ يَكُونَ الْأَصَحَّ (قَوْلُهُ وَأَلْحَقَ بِهِ اللَّبَنَ الْحَادِثَ) الرَّاجِحُ أَنَّ الصُّوفَ وَاللَّبَنَ كَالْحَمْلِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْأَصَحُّ وَقَدْ قَالَ الدَّارِمِيُّ وَإِنْ كَانَتْ زِيَادَةً مُتَمَيِّزَةً كَكَسْبِ عَبْدٍ وَوَلَدٍ وَلَبَنٍ وَصُوفٍ وَشَعْرِ حَيَوَانٍ وَنَحْوِهِ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي وَيَرُدُّ الْمَبِيعَ دُونَهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الثَّمَرَةِ وَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ فُصِلَتْ أَوْ لَا (قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ تَفَقُّهًا إلَخْ) وَجَزَمَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ
[فَصْلُ الْإِقَالَةِ]
(فَصْلٌ الْإِقَالَةُ جَائِزَةٌ) (قَوْلُهُ وَتَصِحُّ فِي الْمَبِيعِ) لَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ أَجَّرَهُ فَهَلْ تَجُوزُ الْإِقَالَةُ الْأَقْرَبُ الْمَنْعُ ع وَقَوْلُهُ فَهَلْ تَجُوزُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ أَجَّرَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ ثُمَّ تَقَايَلَا فَلَهُ الْأُجْرَةُ الْمُسَمَّاةُ وَعَلَيْهِ لِلْبَائِعِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ أَبُو زُرْعَةَ فِي مُخْتَصَرِ الْمُهِمَّاتِ قَالَ الشَّيْخُ سِرَاجُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ أَجَّرَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ تَقَايَلَا لَمْ أَقِفْ فِيهَا عَلَى نَقْلٍ وَسُئِلْت عَنْهَا وَتَرَدَّدْت فِيهَا ثُمَّ اسْتَقَرَّ جَوَابِي عَلَى إلْحَاقِهَا بِصُورَةِ الْإِجَارَةِ ثُمَّ يَحْصُلُ بَعْدَهَا تَحَالُفٌ وَانْفِسَاخٌ الْمَبِيعِ وَالْحُكْمُ فِي تِلْكَ أَنَّ الْأُجْرَةَ الْمُسَمَّاةَ لِلْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ لِلْبَائِعِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ خِلَافًا لِمَا فِي التَّتِمَّةِ وَالْبَحْرِ مِنْ إيجَابِ الْأَرْشِ هُنَاكَ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مُؤَجَّرًا وَقِيمَتِهِ غَيْرَ مُؤَجَّرٍ وَلَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ فِيمَا أَعْتَقِدُ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ الْبَائِعُ بِالْإِجَارَةِ وَبَيْنَ أَنْ لَا يَعْلَمَ لِأَنَّ صُورَةَ التَّلَفِ تَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِيهَا مَعَ الْعِلْمِ وَإِقَامَةِ الْبَدَلِ فِيهَا مَقَامَهُ وَفِي الْعَيْبِ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِأَصْلِهِ غَرَامَةَ الْأَرْشِ وَقَيَّدَ فِي التَّتِمَّةِ بِأَنْ لَا يَكُونَ الْبَائِعُ عَالِمًا وَمَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِأَصْلِهِ أَرْجَحُ كَمَا فِي تَلَفِ الْمَبِيعِ وَكَمَا فِي صُورَةِ التَّحَالُفِ وَلَكِنْ يَبْقَى فِي صُورَةِ الْجَهْلِ كَلَامٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا جَهِلَ الْبَائِعُ الْإِجَارَةَ وَحَصَلَتْ الْإِقَالَةُ مَعَ جَهْلِهِ بِالْإِجَارَةِ فَإِنَّهُ إذَا عَلِمَ بِالْإِجَارَةِ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِقَالَةَ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا فَسْخٌ فَهَذَا فَسْخٌ لِلْفَسْخِ اهـ.
قُلْت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute