للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَنَّ عُثْمَانَ وَطَلْحَةَ تَحَاكَمَا إلَى جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَلَمْ يُخَالِفْهُمْ أَحَدٌ (حَتَّى بِتَزْوِيجِ فَاقِدَةِ وَلِيٍّ) لَهَا خَاصٍ نَسِيبٍ أَوْ مُعْتَقٍ (لَا فِي حُدُودِ اللَّهِ) تَعَالَى إذْ لَيْسَ لَهَا طَالِبٌ مُعَيَّنٌ؛ وَلِأَنَّ نِيَاطَ الْحُكْمِ هُنَا رِضَا مُسْتَحِقِّهِ، وَهُوَ مَفْقُودٌ فِيهِ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ صُوَرًا أُخْرَى بَيَّنْتهَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ (وَإِنْ وَجَدَ الْقَاضِي) فِي الْبَلَدِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّحْكِيمُ (بِشَرْطِ تَأَهُّلِ الْمُحَكَّمِ لِلْقَضَاءِ) وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي (وَ) بِشَرْطِ (رِضَا الْخَصْمَيْنِ بِحُكْمِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ لَا بَعْدَهُ) ؛ لِأَنَّ رِضَاهُمَا هُوَ الْمُثْبِتُ لِلْوِلَايَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِهِ (فَلَوْ حَكَّمَاهُ فِي الدِّيَةِ) عَلَى الْعَاقِلَةِ (لَمْ يُلْزِمْ الْعَاقِلَةَ حَتَّى يَرْضَوْا) بِحُكْمِهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُؤَاخَذُونَ بِإِقْرَارِ الْجَانِي فَكَيْفَ يُؤَاخَذُونَ بِرِضَاهُ وَلَا يَكْفِي رِضَا الْقَاتِلِ وَلَوْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْحُكْمِ امْتَنَعَ الْحُكْمُ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدَيْنِ فَرَجَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ (وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ) بَلْ غَايَتُهُ الْإِثْبَاتُ وَالْحُكْمُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّرْسِيمُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: نَقْلًا عَنْ الْغَزَالِيِّ وَإِذَا حَكَمَ بِشَيْءٍ مِنْ الْعُقُوبَاتِ كَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ لَمْ يَسْتَوْفِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَخْرِمُ أُبَّهَةَ الْوُلَاةِ وَإِذَا ثَبَتَ الْحَقُّ عِنْدَهُ وَحَكَمَ بِهِ أَوْ لَمْ يَحْكُمْ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْمَجْلِسِ خَاصَّةً إذْ لَا يُقْبَلْ قَوْلُهُ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ كَالْقَاضِي بَعْدَ الْعَزْلِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَلَا يَحْكُمُ لِنَحْوِ وَلَدِهِ) مِمَّنْ يُتَّهَمُ فِي حَقِّهِ (وَلَا عَلَى عَدُوِّهِ) كَمَا فِي الْقَاضِي وَالتَّرْجِيحُ فِي هَاتَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى الْقَاضِي لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ جَوَازُ الْحُكْمِ لِرِضَا الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا عَلَى عَدُوِّهِ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ وَيُشْتَرَطُ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ كَوْنُ الْمُتَحَاكِمَيْنِ بِحَيْثُ يَجُوزُ لِلْمُحَكَّمِ أَنْ يَحْكُمَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَيْ عَلَى الْآخَرِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا خَصْمِ قَاضٍ اسْتَنَابَ) عَنْهُ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ تَوْلِيَةٌ وَرَدَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ ابْنَ الصَّبَّاغِ وَغَيْرَهُ قَالُوا لَيْسَ التَّحْكِيمُ تَوْلِيَةً لَا يَحْسُنُ الْبِنَاءُ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَحَلَّ هَذَا إذَا صَدَرَ التَّحْكِيمُ مِنْ غَيْرِ قَاضٍ فَيَحْسُنُ الْبِنَاءُ (وَيُمْضِي الْقَاضِي حُكْمَهُ) أَيْ الْمُحْكَمَ (كَالْقَاضِي) وَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ إلَّا بِمَا يُنْقَضُ بِهِ قَضَاءُ غَيْرِهِ. (فَرْعٌ) يَجُوزُ أَنْ يَتَحَاكَمَا إلَى اثْنَيْنِ فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُ أَحَدِهِمَا حَتَّى يَجْتَمِعَا وَيُفَارِقُ تَوْلِيَةُ قَاضِيَيْنِ عَلَى اجْتِمَاعِهِمَا عَلَى الْحُكْمِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ ذَكَرَهُ فِي الْمَطْلَبِ

(فَصْلٌ مَنْثُورٌ) مَسَائِلُهُ يَتَعَلَّقُ بِالتَّوْلِيَةِ (لِيَسْأَلْ الْإِمَامُ عَنْ حَالِ مَنْ يُوَلِّيهِ) مِنْ جِيرَانِهِ وَخُلَطَائِهِ (فَإِنْ وَلَّى مَجْهُولًا) أَيْ مَنْ لَا يَعْرِفُ (لَمْ تَنْفُذْ) تَوْلِيَتُهُ (وَإِنْ بَانَ أَهْلًا) لَهَا لِلشَّكِّ مَعَ شِدَّةِ أَمْرِ الْقَضَاءِ وَخَطَرِهِ؛ وَلِأَنَّ تَوْلِيَةَ الْحَاكِمِ حُكْمٌ بِأَهْلِيَّةِ الْمُوَلَّى وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ إلَّا بَعْدَ قِيَامِ الْمُسْتَنَدِ حَتَّى لَوْ حَكَمَ ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى وَفْقِ الْحُكْمِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْحُكْمُ نَافِذًا (فَلْيُجَدِّدْ) تَوْلِيَتَهُ بَانَ أَهْلًا أَوْ تَجَدَّدَتْ أَهْلِيَّتُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ نَصْبُ قَاضٍ فِي كُلِّ بَلَدٍ وَنَاحِيَةٍ خَالِيَةٍ عَنْ قَاضٍ أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهِمْ قَاضِيًا مِنْ عِنْدِهِ أَوْ يَخْتَارَ مِنْهُمْ مَنْ يَصْلُحُ لِذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ: بِحَيْثُ يَكُونُ بَيْنَ كُلِّ بَلَدَيْنِ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى.

(وَيَجُوزُ تَفْوِيضُ نَصْبِ قَاضٍ إلَى وَالٍ وَ) إلَى (غَيْرِهِ) مِنْ الْآحَادِ (وَلَوْ) كَانَ الْغَيْرُ (أَهْلَ الْبَلَدِ) أَوْ لَمْ يَكُنْ صَالِحًا لِلْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ مَحْضٌ (وَلَا يَخْتَارُ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ) ذَلِكَ (وَلَدًا وَلَا وَالِدًا) لَهُ كَمَا لَا يَخْتَارُ نَفْسَهُ (وَيُشْتَرَطُ فِي التَّوْلِيَةِ تَعْيِينُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَالَ شَيْخُنَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِي ثُبُوتِ هِلَالِ رَمَضَانَ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْفُذُ عَلَى مَنْ رَضِيَ بِحُكْمِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ صَوْمُهُ لَا عَلَى عُمُومِ النَّاسِ خِلَافًا لَهُ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ رِضَاهُمْ بِالْحُكْمِ مِنْهُ (قَوْلُهُ لَا فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى) مِثْلُهَا تَعْزِيرُهُ عَلَى أَنَّ هَذَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ حُدُودَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تُسْمَعُ فِيهَا الدَّعْوَى عِنْدَ الْقَاضِي فَكَيْفَ عِنْدَ الْمُحَكَّمِ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ صُوَرًا أُخْرَى إلَخْ) الْوَكِيلَيْنِ فَلَا يَكْفِي تَحْكُمُهُمَا، بَلْ الْمُعْتَبَرُ تَحْكِيمُ الْمُوَكِّلَيْنِ وَالْوَلِيَّيْنِ؛ فَلَا يَكْفِي تَحْكُمُهُمَا إذَا كَانَ مَذْهَبُ الْمُحَكَّمِ يَصُرُّ بِأَحَدِهِمَا، وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فَلَا يَكْفِي رِضَاهُ إذَا كَانَ مَذْهَبُ الْمُحَكَّمِ يَضُرُّ بِغُرَمَائِهِ وَالْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَعَامِلُ الْقِرَاضِ فَلَا يَكْفِي تَحْكِيمُهُمَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا الْمَالِكِ، وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ دُيُونٌ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَا الْغُرَمَاءِ وَالْمُكَاتَبِ إذَا كَانَ مَذْهَبُ الْمُحَكَّمِ يَضُرُّ بِهِ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا السَّيِّدِ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ لَا أَثَرَ لِتَحْكِيمِهِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ تَأَهُّلِ الْمُحَكَّمِ لِلْقَضَاءِ) قَالَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْحَاوِي وَيُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِتِلْكَ الْمَسْأَلَةِ فَقَطْ وَقَدْ عَثَرْت عَلَى نَصٍّ صَحِيحٍ مِنْ قِبَلِهِمْ وَكَتَبَ أَيْضًا وَخَرَجَ بِالْأَهْلِ غَيْرُهُ فَلَا يَجُوزُ تَحْكِيمُهُ أَيْ مَعَ وُجُودِ الْأَهْلِ ش (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ) أَيْ عِنْدَ فَقْدِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ وَالْحَاكِمِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي) فَلَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ قَطْعًا بِخِلَافِ مَنْ وَلَّاهُ ذُو الشَّوْكَةِ لِلضَّرُورَةِ قَالَ شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ وَإِذَا سَمِعَ الْمُحَكَّمُ الْبَيِّنَةَ ثُمَّ وَلِيَ الْحُكْمَ حَكَمَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ حَاكِمًا أَيْ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الشَّهَادَةِ وَهَلْ لِلْمُحَكَّمِ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ كَالْحَاكِمِ عَلَى الْمُرَجَّحِ أَمْ لَا لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَطَّرِدَ فِيهِ بِخِلَافِ مُرَتَّبٍ وَأَوْلَى بِالْمَنْعِ غ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْجَزْمُ بِالثَّانِي، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّرْسِيمُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ لَمْ يَسْتَوْفِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالتَّرْجِيحُ فِي هَاتَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ) وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ فِي الْأُولَى (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْقِيَاسُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ) لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ لِلْمُحَكَّمِ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الرَّاجِحَ خِلَافُهُ وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا أَيْ صَرِيحًا اهـ وَقَالَ الدَّمِيرِيِّ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُجَابُ إلَخْ) وَفِي الْحَاوِي قُبَيْلَ الشَّهَادَاتِ إذَا تَحَاكَمَ الْإِمَامُ وَخَصْمُهُ إلَى بَعْضِ الرَّعِيَّةِ لَمْ يُقَلِّدْهُ خُصُوصَ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا الْخَصْمِ

[فَصْلٌ مَنْثُور يَتَعَلَّقُ بِالتَّوْلِيَةِ]

(فَصْلٌ مَنْثُورٌ) (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ تَفْوِيضُ نَصْبِ قَاضٍ إلَى وَالٍ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ وَالِي الْإِقْلِيمِ لَيْسَ لَهُ نَصْبُ الْقَضَاءِ بِمُطْلَقِ وِلَايَةِ الْإِقْلِيمِ (قَوْلُهُ وَإِلَى غَيْرِهِ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحِلُّهُمَا مَا إذَا كَانَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلِاخْتِيَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>