للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَهْرًا أَوْ صُلْحًا عَلَى أَنْ تَكُونَ لَنَا أَوْ غَنِمْنَا أَمْوَالَهُمْ وَانْصَرَفْنَا (حَرُمَ) إتْلَافُهَا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ غَنِيمَةً لَنَا وَكَذَا إنْ فَتَحْنَاهَا صُلْحًا عَلَى أَنْ تَكُونَ لَهُمْ (فَإِنْ خِفْنَا اسْتِرْدَادَهَا وَكَانَتْ غَيْرَ حَيَوَانٍ جَازَ إتْلَافُهُ) أَيْ غَيْرِ الْحَيَوَانِ لِئَلَّا يَأْخُذُوهَا فَيَتَقَوَّوْا بِهَا (أَوْ) كَانَتْ (حَيَوَانًا فَلَا) يَجُوزُ إتْلَافُهُ لِمَا مَرَّ (لَكِنْ يُذْبَحُ) الْمَأْكُولُ مِنْهُ (لِلْأَكْلِ) خَاصَّةً لِمَفْهُومِ خَبَرِ النَّهْيِ السَّابِقِ.

(وَيُعْقَرُ) الْحَيَوَانُ (لِلْحَاجَةِ) فِي الْقِتَالِ إلَى عَقْرِهِ لِدَفْعِهِمْ أَوْ لِلظَّفَرِ بِهِمْ (إنْ رَكِبُوهُ لِقِتَالِنَا أَوْ خِفْنَا أَنْ يَرْكَبُوهُ) لِلْعُذْرِ وَلِأَنَّهُ كَالْآلَةِ لِلْقِتَالِ.

(وَإِنْ خِفْنَا اسْتِرْدَادَ نِسَائِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ) وَنَحْوِهِمَا مِنَّا (لَمْ يُقْتَلُوا) لِتَأَكُّدِ احْتِرَامِهِمْ.

[فَرْعٌ مَا حَرُمَ الِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ كُتُبِ الْكُفَّار]

(فَرْعٌ مَا حَرُمَ الِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ كُتُبِهِمْ الْكُفْرِيَّةِ وَالْمُبَدَّلَةِ) وَالْهَجَوِيَّةِ وَالْفَاحِشِيَّةِ كَمَا ذَكَرَهُمَا الْأَصْلُ (لَا التَّوَارِيخِ وَنَحْوِهَا) مِمَّا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَكُتُبِ الطِّبِّ وَالشِّعْرِ وَاللُّغَةِ (يُمْحَى) بِالْغَسْلِ (إنْ أَمْكَنَ) مَعَ بَقَاءِ الْمَكْتُوبِ فِيهِ (وَإِلَّا مُزِّقَ) وَإِنَّمَا نُقِرُّهُ بِأَيْدِي أَهْلِ الذِّمَّةِ لِاعْتِقَادِهِمْ كَمَا فِي الْخَمْرِ وَخَرَجَ بِتَمْزِيقِهِ تَحْرِيقُهُ فَلَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَضْيِيعِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ لِلْمَزْقِ قِيمَةٌ وَإِنْ قَلَّتْ وَلَا يَشْكُلُ بِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ لَمَّا جَمَعَ الْقُرْآنَ جَمَعَ مَا بِأَيْدِي النَّاسِ وَأَحْرَقَهُ أَوْ أَمَرَ بِإِحْرَاقِهِ وَلَمْ يُخَالِفْهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْفِتْنَةَ الَّتِي تَحْصُلُ بِالِانْتِشَارِ هُنَاكَ أَشَدُّ مِنْهَا هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى أَمَّا مَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ فَهُوَ بَاقٍ بِحَالِهِ (وَأَدْخَلَ) مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَغْسُولِ وَالْمُمَزَّقِ (فِي الْغَنِيمَةِ) فَيُبَاعُ أَوْ يُقْسَمُ.

(وَتُتْلَفُ الْخَنَازِيرُ وَالْخُمُورُ لَا أَوَانِيهَا الثَّمِينَةُ) فَلَا تُتْلَفُ بَلْ تُحْمَلُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ ثَمِينَةً بِأَنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهَا عَلَى مُؤْنَةِ حَمْلِهَا أُتْلِفَتْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ إتْلَافِهَا إذَا لَمْ يَرْغَبْ أَحَدٌ مِنْ الْغَانِمِينَ فِيهَا وَيَتَكَلَّفُ حَمْلُهَا لِنَفْسِهِ فَحِينَئِذٍ تُدْفَعُ إلَيْهِ وَلَا تُتْلَفُ وَبَيَّنَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي الْبَيْعِ أَنَّ الْخِنْزِيرَ إنْ كَانَ يَعْدُو عَلَى النَّاسِ وَجَبَ إتْلَافُهُ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُتَخَيَّرُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَلْ ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ أَيْضًا وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ؛ لِأَنَّ الْخَمْرَ تُرَاقُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا عَدْوَى.

(وَكَلْبُ الصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةُ) وَالزَّرْعُ وَنَحْوُهَا يُعْطَى (لِمَنْ أَرَادَهُ) مِنْ الْغَانِمِينَ أَوْ أَهْلِ الْخُمُسِ إنْ لَمْ يَتَنَازَعُوا فِيهِ (فَإِنْ تَنَازَعُوا) فِيهِ (وَكَانَتْ) أَيْ الْكِلَابُ (كَثِيرَةً) وَأَمْكَنَ قِسْمَتُهَا عَدَدًا (قُسِمَتْ بِالْعَدَدِ) إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا حَتَّى تُقْسَمَ بِالْقِيمَةِ (وَإِلَّا فَالْقُرْعَةُ) وَهَذَا مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَوْجُودُ فِي كُتُبِ الْعِرَاقِيِّينَ لَكِنْ أَطْلَقَ الْغَزَالِيُّ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخُصَّ بِهَا مَنْ شَاءَ وَكَذَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَاعْتَرَضَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الرَّافِعِيُّ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُمْ وَقَالَ: إنَّ الْبَنْدَنِيجِيَّ وَابْنَ الصَّبَّاغِ وَالْمَاوَرْدِيَّ قَالُوا: إنْ كَانَ فِي الْغَانِمِينَ مَنْ يَحِلُّ لَهُ اقْتِنَاءُ الْكَلْبِ دُفِعَ إلَيْهِ وَإِلَّا دُفِعَ إلَى مَنْ هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْخُمُسِ وَنَقَلَ الْقَاضِي ذَلِكَ عَنْ النَّصِّ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَهْلِ الْخُمُسِ مَنْ يَحِلُّ لَهُ اقْتِنَاؤُهُ تُرِكَ قَالَ وَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ لَمْ أَجِدْهُ فِيمَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ كُتُبِ الْعِرَاقِيِّينَ بَلْ قَالَ فِي الشَّامِلِ بَعْدَ حِكَايَتِهِ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُمْ أَنَّ أَصْحَابَنَا لَمْ يَذْكُرُوا مَا إذَا تَنَازَعَ فِيهَا الْغَانِمُونَ وَأَبْدَى مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ احْتِمَالًا لِنَفْسِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَتَقَدَّمَ فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ قِيمَةَ الْكِلَابِ عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهَا قِيمَةً وَيَعْتَبِرُ مَنَافِعَهَا فَيُمْكِنُ مَجِيئُهُ هُنَا قُلْت: الظَّاهِرُ عَدَمُ مَجِيئِهِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِمْ: قُسِمَتْ عَدَدًا وَإِلَّا فَالْقُرْعَةُ وَيُفَارِقُ الْوَصِيَّةَ بِأَنَّ بَابَهَا أَوْسَعُ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ.

(الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الِاغْتِنَامِ لَوْ دَخَلَ) وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ (وَاحِدٌ أَوْ جَمَاعَةٌ) مِنَّا (دَارَهُمْ مُخْتَفِيًا فَسَرَقَ أَوْ اخْتَلَسَ أَوْ الْتَقَطَ مِنْ مَالِهِمْ فَهُوَ غَنِيمَةٌ مُخَمَّسَةٌ) لَا يَخْتَصُّ بِهِ الْآخِذُ تَنْزِيلًا لِدُخُولِهِ دَارَهُمْ وَتَغْرِيرِهِ بِنَفْسِهِ مَنْزِلَةَ الْقِتَالِ (وَإِنْ أَخَذَهُ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ) ثُمَّ جَحَدَهُ أَوْ هَرَبَ (فَهُوَ لَهُ) وَلَا يُخَمَّسُ وَقَوْلُهُمْ دَخَلَ دَارَهُمْ لَعَلَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَلَوْ أَخَذَ مِنْ مَالِهِمْ فِي دَارِنَا وَلَا أَمَانَ لَهُمْ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ.

(وَمَنْ قَهَرَ) مِنَّا (حَرْبِيًّا وَأَخَذَ مَالَهُ وَهَدَايَاهُ فَغَنِيمَةٌ) مُخَمَّسَةٌ لَا يَخْتَصُّ بِهِ الْآخِذُ وَقَوْلُهُ وَهَدَايَاهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَانَ الْمُرَادُ بِهِ هَدَايَاهُ الْمَحْمُولَةُ مَعَهُ لِغَيْرِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِيمَا قَبْلَهُ.

(وَلَوْ قَدَّمَ الْكَافِرُ الْهَدِيَّةَ إلَى الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ فَهِيَ غَنِيمَةٌ) لَا يَخْتَصُّ بِهَا الْمُهْدَى إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ خَوْفًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَدَّمَهَا إلَيْهِ وَالْحَرْبُ غَيْرُ قَائِمَةٍ.

(فَرْعٌ) لَوْ (احْتَمَلَ كَوْنُ اللُّقَطَةِ) الْمَوْجُودَةِ (بِدَارِهِمْ لِمُسْلِمٍ عَرَّفَهَا) الْآخِذُ وُجُوبًا (قِيلَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ) لِيَصِلَ إلَى الْأَجْنَادِ (وَقِيلَ سَنَةً) كَسَائِرِ اللُّقَطَاتِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ تَرْجِيحُهُ (ثُمَّ) بَعْدَ تَعْرِيفِهِ (يُخَمَّسُ غَنِيمَةً) .

(وَالصَّيْدُ) الْبَرِّيُّ وَالْبَحْرِيُّ (وَالْحَشِيشُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: لِأَنَّ لِلْمُمَزَّقِ قِيمَةً وَإِنْ قَلَّتْ) الْعِلَّةُ الْأُولَى ضَعِيفَةٌ وَالثَّانِيَةُ هِيَ الْمُعْتَمَدَةُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى الْمُعْتَبَرُ فِي التَّعْلِيلِ تَضْيِيعُ الْمَالِ، فَإِذَا انْتَفَى كُرِهَ التَّحْرِيقُ

(قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَلْ ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ أَيْضًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ احْتِمَالًا لِنَفْسِهِ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ إلَّا فِي الشَّامِلِ غَرِيبٌ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ فِي الْمُعْتَمَدِ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرُهُمْ ر (قَوْلُهُ: قُلْت الظَّاهِرُ عَدَمُ مَجِيئِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الِاغْتِنَامِ]

(قَوْلُهُ: لَعَلَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ) وَظَاهِرُ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ تَرْجِيحُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُشْبِهُ حَمْلَ الْأَوَّلِ عَلَى الْخَسِيسِ وَالثَّانِي عَلَى النَّفِيسِ وَحَاوَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَيْضًا وَاسْتَدَلَّ لَهُ ثُمَّ قَالَ وَبِالْجُمْلَةِ فَالظَّاهِرُ وَهُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ لُقَطَةِ دَارِ الْإِسْلَامِ فِي مُدَّةِ التَّعْرِيفِ، وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ وَهُوَ قَضِيَّةٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>