للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَدُّ الْوَارِثِ) الْبَيْعَ بَطَلَ فِي بَعْضِ الشِّقْصِ وَصَحَّ فِي بَعْضِهِ وَهُوَ مَجْهُولٌ؛ إذْ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الْمَبِيعِ إلَّا وَيَسْقُطُ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ فَتَدُورُ الْمَسْأَلَةُ وَحِسَابُهَا أَنْ يُقَالَ: يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي شَيْءٍ مِنْ الشِّقْصِ بِنِصْفِ شَيْءٍ يَبْقَى مَعَ الْوَرَثَةِ أَلْفَانِ إلَّا نِصْفَ شَيْءٍ وَذَلِكَ يَعْدِلُ مِثْلَيْ الْمُحَابَاةِ وَهِيَ نِصْفُ شَيْءٍ، فَمِثْلَاهَا شَيْءٌ فَتُجْبَرُ وَتُقَابَلُ فَتَعْدِلُ أَلْفَانِ شَيْئًا وَنِصْفًا، وَالشَّيْءُ مِنْ شَيْءٍ وَنِصْفٍ ثُلُثَاهُ، فَعَلِمْنَا أَنَّ الْبَيْعَ (صَحَّ فِي ثُلُثَيْ الشِّقْصِ) فَقَطْ (وَقِيمَتُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ وَهُوَ ثُلُثَا الشِّقْصِ (أَلْفٌ وَثَلَثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ وَهُوَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ ثُلُثَيْ الثَّمَنِ (نِصْفُ هَذَا) الْمَبْلَغِ فَتَكُونُ الْمُحَابَاةُ سِتَّمِائَةٍ وَسِتَّةً وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ (فَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ ثُلُثُ الشِّقْصِ وَثُلُثَا الثَّمَنِ) وَهُمَا أَلْفٌ وَثَلَثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ (وَذَلِكَ ضِعْفُ الْمُحَابَاةِ فَيَأْخُذُهُ) أَيْ مَا صَحَّ فِيهِ الْبَيْعُ وَهُوَ ثُلُثَا الشِّقْصِ (الشَّفِيعُ بِذَلِكَ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ ثُلُثَيْ الثَّمَنِ أَمَّا إذَا مَلَّكَ غَيْرَهُ وَاحْتَمَلَ الثُّلُثُ الْمُحَابَاةَ، أَوْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ الْبَيْعَ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الْجَمِيعِ وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بِكُلِّ الثَّمَنِ.

(وَلَوْ كَانَا) أَيْ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ (وَارِثَيْنِ أَوْ الْمُشْتَرِي وَارِثًا) دُونَ الشَّفِيعِ (فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ) فِي الْجَمِيعِ لِكَوْنِهِ مُحَابَاةً مَعَ الْوَارِثِ وَهِيَ مَرْدُودَةٌ (وَلَا شُفْعَةَ) لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُحَابَاةَ مَعَ الْوَارِثِ إنَّمَا تَبْطُلُ مَعَ الرَّدِّ دُونَ الْإِجَازَةِ فَمِنْ ثَمَّ قَالَ كَأَصْلِهِ: (وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ) كَمَا فِي الضَّرْبِ السَّابِقِ.

(وَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ وَارِثًا دُونَ الْمُشْتَرِي صَحَّ الْبَيْعُ) فِي ثُلُثَيْ الشِّقْصِ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ (وَأَخَذَ) هُمَا (الْوَارِثُ بِالشُّفْعَةِ) لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ مَعَ الْمُشْتَرِي وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ، وَالشَّفِيعُ يَتَمَلَّكُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَا مُحَابَاةَ مَعَهُ مِنْ الْمَرِيضِ وَلَوْ ذَكَرَ هَذَا مَعَ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُ الْأَصْلُ بِالذِّكْرِ لِبَيَانِ الْخِلَافِ فِيهِ.

[فَصْلٌ زَعَمَ كُلٌّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فِي دَارٍ اشْتَرَيَاهَا بِعَقْدَيْنِ أَنَّ شِرَاءَهُ سَابِقٌ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةَ]

(فَصْلٌ: وَإِنْ زَعَمَ كُلٌّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ) فِي دَارٍ اشْتَرَيَاهَا بِعَقْدَيْنِ (أَنَّ شِرَاءَهُ سَابِقٌ) وَأَنَّهُ (يَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةَ عَلَى الْآخَرِ وَادَّعَى أَحَدُهُمَا) ذَلِكَ ابْتِدَاءً أَوْ بِالْقُرْعَةِ بَعْدَ مَجِيئِهِمَا مَعًا وَتَنَازُعِهِمَا فِي الِابْتِدَاءِ (حَلَفَ النَّافِي كَمَا أَجَابَ مَنْ نَفَى السَّبْقَ) لِشِرَاءِ الْمُدَّعِي (أَوْ) نَفَى (الِاسْتِحْقَاقَ) أَيْ اسْتِحْقَاقَهُ لِلشُّفْعَةِ فَلَا يَكْفِيهِ فِي الْجَوَابِ أَنْ يَقُولَ: شِرَائِي سَابِقٌ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ دَعْوَى بَلْ إمَّا أَنْ يَنْفِيَ سَبْقَ شِرَاءِ الْمُدَّعِي، أَوْ اسْتِحْقَاقَهُ لِلشُّفْعَةِ أَوْ يَقُولَ: لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيْك كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ (وَلَا يَكْفِي الْمُدَّعِيَ أَنْ يَقُولَ: شِرَائِي سَابِقٌ بَلْ يَزِيدَ) عَلَيْهِ (وَأَنَا أَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ) لِأَنَّهُ قَدْ يَمْنَعُ مِنْ اسْتِحْقَاقِهِ لَهَا مَانِعٌ (وَفِي الْجَوَابِ يَكْفِيهِ) أَيْ الْمُجِيبَ أَنْ يَقُولَ (لَا يَلْزَمُنِي لَك شَيْءٌ) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ شِرَائِي سَابِقٌ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَلَا يَكْفِي إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ حَلَفَ) الْمُجِيبُ كَمَا أَجَابَ (اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ، ثُمَّ يَدَّعِي عَلَى الْأَوَّلِ) بِمَا ذَكَرَ (فَإِنْ حَلَفَ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ أَيْضًا) فَلَا شُفْعَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا (وَمَنْ نَكَلَ مِنْهُمَا) عَنْ الْيَمِينِ (فَحَلَفَ الْآخَرُ قَضَى) لَهُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى النَّاكِلِ فَلَوْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوَّلًا فَحَلَفَ الْمُدَّعِي أَخَذَ مَا فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلنَّاكِلِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ مِلْكٌ يَأْخُذُ بِهِ، وَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعِي عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ سَقَطَتْ دَعْوَاهُ وَلِخَصْمِهِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ (وَإِذَا أَقَامَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (بَيِّنَةً) بِسَبْقِهِ (تَعَارَضَتَا وَسَقَطَتَا فَإِنْ عَيَّنَا) أَيْ الْمُدَّعِيَانِ مَعَ الْبَيِّنَتَيْنِ (وَقْتًا وَاحِدًا حُكِمَ بِأَنْ لَا سَبْقَ) لِاحْتِمَالِ وُقُوعِ الْعَقْدَيْنِ مَعًا فَلَا شُفْعَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا.

[الْبَابُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ]

(الْبَابُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْأَخْذِ) بِالشُّفْعَةِ (وَالنَّظَرِ) فِيهَا (فِي أَطْرَافٍ) ثَلَاثَةٍ: (الْأَوَّلُ فِيمَا يَحْصُلُ بِهِ الْمِلْكُ) لِلشَّفِيعِ (فَيُشْتَرَطُ) فِي حُصُولِهِ لَهُ (بَعْدَ الرُّؤْيَةِ) مِنْهُ لِلشِّقْصِ (وَالْعِلْمِ) مِنْهُ (بِالثَّمَنِ) كَمَا فِي الْبَيْعِ (أَنْ يَقُولَ: تَمَلَّكْت بِالشُّفْعَةِ، أَوْ أَخَذْت بِهَا وَنَحْوَهُ) كَ اخْتَرْتُ الْأَخْذَ بِهَا وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ بَابِ الْمُوَاطَأَةِ (وَيَجِبُ) عَلَى الْمُشْتَرِي (تَمْكِينُهُ مِنْ الرُّؤْيَةِ) بِأَنْ لَا يَمْنَعَهُ مِنْهَا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمُشْتَرِي قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَسَبَبُهُ أَنَّهُ قَهْرِيٌّ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الشِّرَاءِ بِالْوَكَالَةِ، وَفِي الْأَخْذِ مِنْ الْوَارِثِ (وَلَا يَكْفِي) فِي حُصُولِ الْمِلْكِ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَقُولَ (أَنَا مُطَالِبٌ) بِالشُّفْعَةِ إذْ الْمِلْكُ لَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الرَّغْبَةِ فِيهِ (وَلَا يَمْلِكُهُ) بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ بَلْ (حَتَّى يَقْبِضَ الْمُشْتَرِي الْعِوَضَ) عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي بَذَلَهُ لِلْبَائِعِ (قَبْضًا كَقَبْضِ الْمَبِيعِ) حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ تَسَلُّمِهِ خَلَّى بَيْنَهُمَا.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَرْعٌ بَاعَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الشُّرَكَاءِ فِي عَقَارٍ نَصِيبَهُ مِنْ الثَّانِي فَهَلْ لَهُ الشُّفْعَةِ]

الْبَابُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْأَخْذِ) .

(قَوْلُهُ: فَيُشْتَرَطُ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ إلَخْ) لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّمَلُّكِ بِالشُّفْعَةِ حُكْمُ حَاكِمٍ وَلَا إحْضَارُ الثَّمَنِ وَلَا حُضُورُ الْمُشْتَرِي وَاسْتَشْكَلَ فِي الْمَطْلَبِ عَدَمَ اشْتِرَاطِ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ بِمَا سَيَذْكُرُ عَقِبَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ هَذِهِ الْأُمُورِ، أَوْ مَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَحَدُهَا، ثُمَّ قَالَ وَأَقْرَبُ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ أَنَّ مَجْمُوعَ الثَّلَاثَةِ لَا يُشْتَرَطُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهَذَا الْحَمْلُ لَا يَسْتَقِيمُ مَعَ تَكْرَارِ " لَا " النَّافِيَةِ بَلْ الْحَمْلُ الصَّحِيحُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بِخُصُوصِهِ لَا يُشْتَرَطُ. اهـ. وَهَذَا الْحَمْلُ الَّذِي ذَكَرَهُ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَجِيبٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ: أَخَذْت بِالشُّفْعَةِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِثُبُوتِهِ بِالنَّصِّ وَأَمَّا حُصُولُ الْمِلْكِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ مَا سَيَأْتِي. اهـ. وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي التَّمَلُّكِ بِالشُّفْعَةِ يَرُدُّ مَا ذَكَرَهُ فس وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: يُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُقَارَنَةُ أَحَدِ هَذِهِ الْأُمُورِ لِلتَّمَلُّكِ وَالثَّانِي عَلَى اشْتِرَاطِ أَحَدِهَا بَعْدَ ذَلِكَ. اهـ.، وَذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ قَالَ شَيْخُنَا: قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ مَعَ تَكْرَارِ " لَا " النَّافِيَةِ مَمْنُوعٌ بَلْ هُوَ مُسْتَقِيمٌ وَتَكُونُ لَا مُؤَكِّدَةً أَوْ زَائِدَةً.

(قَوْلُهُ: أَنْ يَقُولَ إلَخْ) الْكِتَابَةُ، وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ كَالنُّطْقِ.

(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمُشْتَرِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَمْلِكُهُ حَتَّى يَقْبِضَ الْمُشْتَرِي الْعِوَضَ) إبْرَاؤُهُ مِنْهُ كَقَبْضِهِ.

(قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ تَسْلِيمِهِ خَلَّى بَيْنَهُمَا الشَّفِيعُ) أَيْ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مَقْهُورٌ عَلَى قَبْضِ الثَّمَنِ فَكَفَتْ فِيهِ التَّخْلِيَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>