تَامَّةٌ فِي نَفْسِهَا (فَإِنْ قَطَعَهُمَا) مَعًا (عُزِّرَ) لِلتَّعَدِّي (وَلَزِمَهُ حُكُومَةٌ) ، وَقَوْلُهُ: وَلَا يُعْطَى إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ قَطَعَ مُعْتَدِلٌ أَحَدَهُمَا) أَيْ أَحَدَ الطَّرَفَيْنِ (لَمْ تُقْطَعْ) أُنْمُلَتُهُ (أَوْ) قَطَعَ (كِلَيْهِمَا قُطِعَتْ أُنْمُلَتُهُ مَعَ) أَخْذِ (زِيَادَةِ شَيْءٍ) لِزِيَادَةِ الْخِلْقَةِ، وَقَوْلُهُ زِيَادَةِ زَائِدٌ (هَذَا كُلُّهُ إنْ نَبَتَا عَلَى رَأْسِ الْأُنْمُلَةِ الْوُسْطَى) فَلَوْ تَشَعَّبَا مِنْ عَظْمٍ عَلَيْهَا، وَلَا مَفْصِلَ بَيْنَ الْعَظْمِ وَبَيْنَهُمَا فَلَا قِصَاصَ، وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ طَرَفٍ مَفْصِلٌ فَالْعَظْمُ الْحَائِلُ أُنْمُلَةٌ مِنْ أَرْبَعِ أَنَامِلَ وَالْعُلْيَا مِنْهُمَا ذَاتُ طَرَفَيْنِ (وَالْكَفَّانِ فِي السَّاعِدِ) وَالْقَدَمَانِ فِي السَّاقِ (كَالْأُنْمُلَتَيْنِ عَلَى رَأْسِ الْأُصْبُعِ) فِيمَا ذُكِرَ (وَلَوْ خُلِقَتْ أُصْبُعٌ تَامَّةً) أَيْ تُنَاسِبُ سَائِرَ الْأَصَابِعِ فِي الطُّولِ (بِأُنْمُلَتَيْنِ فَتَامَّةٌ) هِيَ لَكِنَّهَا (ذَاتُ قِسْمَيْنِ) كَمَا لَوْ كَانَ لَهَا أَرْبَعُ أَنَامِلَ كَانَتْ أُصْبُعًا ذَاتَ أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ، وَقِيلَ لَيْسَتْ أُصْبُعًا تَامَّةً، وَإِنَّمَا هِيَ أُنْمُلَتَانِ؛ لِأَنَّ طُولَ الْأَنَامِلِ لَا يَقْتَضِي مَزِيدًا بِدَلِيلِ أَنَّ ذَاتَ الْأَنَامِلِ لَوْ طَالَتْ أَنَامِلُهَا لَمْ تَزِدْ لَهَا حُكُومَةٌ بِالطُّولِ، وَلَمْ يَكُنْ الطُّولُ كَأُنْمُلَةٍ زَائِدَةٍ (أَوْ) خُلِقَتْ (بِلَا مَفْصِلٍ فَنَاقِصَةٌ فِيهَا دِيَةٌ تُنْقِصُ شَيْئًا) ؛ لِأَنَّ الِانْثِنَاءَ إذَا زَالَ سَقَطَ مُعْظَمُ مَنَافِعِ الْأُصْبُعِ، وَقَدْ يَنْجَرُّ هَذَا إلَى أَنْ لَا تُقْطَعَ أُصْبُعُ السَّلِيمِ بِهَا.
(وَإِنْ قَطَعَ السَّلِيمُ) أَيْ سَلِيمُ الْيَدِ (وُسْطَى فَاقِدِ الْأُنْمُلَةِ الْعُلْيَا فَلَا قِصَاصَ مَا لَمْ يَفْقِدْ الْعُلْيَا) فَإِذَا فَقَدَهَا بِآفَةٍ، أَوْ جِنَايَةٍ اُقْتُصَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ كَانَ لِاتِّصَالِ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ بِغَيْرِهِ فَإِذَا زَالَ اقْتَصَّ كَالْحَامِلِ إذَا وَضَعَتْ الْحَمْلَ، وَمِثْلُهُ لَوْ قَطَعَ السَّلِيمُ كَفًّا لَا أُصْبُعَ لَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَا أَرْشَ) أَيْ، وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ الْأَرْشِ لِلْحَيْلُولَةِ (مَا لَمْ يَعْفُ) عَنْ الْقِصَاصِ، وَلَوْ كَانَتْ الْعُلْيَا مُسْتَحَقَّةَ الْقَطْعِ قِصَاصًا أَمَّا طَلَبُهُ لِلْفَيْصُولَةِ فَجَائِزٌ، وَلَهُ أَخْذُهُ حِينَئِذٍ بَعْدَ الْعَفْوِ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ الرَّافِعِيُّ قَالَ الْأَئِمَّةُ: إنَّ أَخْذَ الدِّيَةِ عَفْوٌ (فَإِنْ قَطَعَ) السَّلِيمُ مَعَ قَطْعِهِ وُسْطَى مَنْ ذُكِرَ (عُلْيَا آخَرَ اقْتَصَّ) مِنْهُ (أَوَّلًا) صَاحِبُ الْعُلْيَا، وَإِنْ كَانَ قَطْعُهُ مُتَأَخِّرًا (ثُمَّ صَاحِبُ الْوُسْطَى، وَلَهُمَا أَنْ يَقْتَصَّا مَعًا) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَهُمَا أَنْ يَكْتَفِيَا بِقَطْعِ الْوُسْطَى مَعًا) بِأَنْ يَضَعَا الْحَدِيدَةَ عَلَى مَفْصِلِهَا وَيَسْتَوْفِيَا الْأُنْمُلَتَيْنِ بِقِطْعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَدْ هَوَّنَّا الْأَمْرَ عَلَيْهِ.
(فَإِنْ بَادَرَ الْأَوَّلُ) فِي الذِّكْرِ، وَهُوَ مَقْطُوعُ الْوُسْطَى (وَقَطَعَهُمَا أَثِمَ) لِتَعَدِّيهِ (وَعَلَيْهِ أَرْشُ الْعُلْيَا، وَإِنْ قَطَعَ أُنْمُلَتَيْ رَجُلٍ) مِنْ أُصْبُعٍ (ثُمَّ أُنْمُلَةَ آخَرَ) مِنْ مِثْلِهَا (سَلِيمَيْنِ) أَيْ الرَّجُلُ وَالْآخَرُ (اقْتَصَّ) مِنْهُ (ذُو الْأُنْمُلَتَيْنِ) لِسَبْقِ حَقِّهِ (وَلِلْآخَرِ الْأَرْشُ، أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ قَطَعَ أُنْمُلَةَ رَجُلٍ ثُمَّ أُنْمُلَةَ آخَرَ سَلِيمَيْنِ (فَبِالْعَكْسِ) أَيْ يَقْتَصُّ مِنْهُ ذُو الْأُنْمُلَةِ وَلِلْآخَرِ الْأَرْشُ أَيْ أَرْشُ أُنْمُلَتَيْهِ بَعْدَ الْعَفْوِ (أَوْ يَأْخُذُ الْآخَرُ الْوُسْطَى، وَأَرْشَ الْعُلْيَا فَإِنْ بَادَرَ) الْآخَرُ، وَهُوَ ذُو الْأُنْمُلَتَيْنِ (وَقَطَعَهُمَا) فَقَدْ (اسْتَوْفَى) حَقَّهُ (وَلِلْآخَرِ) ، وَهُوَ ذُو الْأُنْمُلَةِ (الْأَرْشُ) لَهَا (عَلَى الْجَانِي) .
[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي وَقْتِ الْقِصَاصِ بِالْجُرُوحِ]
(الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي وَقْتِ الْقِصَاصِ بِالْجُرُوحِ) أَيْ فِيهَا (وَيُسْتَحَبُّ) الْقِصَاصُ فِيهَا (بَعْدَ الِانْدِمَالِ) لِاحْتِمَالِ الْعَفْوِ (وَيَجُوزُ قَبْلَهُ) ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ فِيهَا ثَابِتٌ، وَإِنْ سَرَى إلَى النَّفْسِ، أَوْ شَارَكَهُ غَيْرُهُ فِي الْجُرْحِ (لَا الْمُطَالَبَةُ بِالْأَرْشِ) فَلَا تَجُوزُ قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ فَقَدْ تَعُودُ الدِّيَاتُ فِي ذَلِكَ إلَى وَاحِدٍ بِالسِّرَايَةِ إلَى النَّفْسِ، وَقَدْ يُشَارِكُهُ جَمَاعَةٌ فَيَقِلُّ وَاجِبُهُ.
[بَابُ اخْتِلَافِ الْجَانِي وَمُسْتَحِقِّ الدَّمِ]
(بَابُ اخْتِلَافِ الْجَانِي وَمُسْتَحِقِّ الدَّمِ) (إذَا قَدَّ مَلْفُوفًا) فِي ثَوْبٍ (أَوْ هَدَمَ عَلَيْهِ بَيْتًا وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ) حِينَ الْقَدِّ، أَوْ الْهَدْمِ (مَيِّتًا) وَادَّعَى الْوَلِيُّ أَنَّهُ كَانَ حَيًّا (حَلَفَ الْوَلِيُّ) ، وَإِنْ كَانَ مَلْفُوفًا عَلَى هَيْئَةِ التَّكْفِينِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَتَلَ مَنْ عَهِدَهُ مُسْلِمًا وَادَّعَى رِدَّتَهُ نَعَمْ إنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ حَيَاتَهُ كَسِقْطٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ بِتَصْدِيقِ الْجَانِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَلَمْ يُعَارِضْهُ أَصْلٌ آخَرُ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَإِذَا حَلَفَ الْوَلِيُّ فَيَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْقَسَامَةِ يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا؛ لِأَنَّ الْحَلِفَ ثَمَّ عَلَى الْقَتْلِ، وَهُنَا عَلَى حَيَاةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. وَخَالَفَ الْبُلْقِينِيُّ فَرَجَّحَ أَنَّهُ يَحْلِفُ هُنَا خَمْسِينَ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى تَرْجِيحِ تَصْدِيقِ الْوَلِيِّ لَكِنَّهُ نَازَعَ فِيهِ، وَقَالَ إنَّهُ مُخَالِفٌ لِنُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَجَمْعٍ. وَرَجَّحَ تَصْدِيقَ الْجَانِي وَمَالَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ (وَاسْتَحَقَّ الدِّيَةَ) لَا الْقِصَاصَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّهُ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ وَلِلْوَلِيِّ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِحَيَاتِهِ أَيْضًا (وَلِمَنْ رَآهُ يَلْتَفُّ) فِي الثَّوْبِ، أَوْ يَدْخُلُ الْبَيْتَ (الشَّهَادَةُ بِحَيَاتِهِ) ، وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْهَا حَالَةَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
بَابُ اخْتِلَافِ الْجَانِي وَمُسْتَحِقِّ الدَّمِ) . (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ) ، وَهُوَ وَاضِحٌ مَأْخُوذٌ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ (قَوْلُهُ: وَإِذَا حَلَفَ الْوَلِيُّ فَلْيَحْلِفْ يَمِينًا وَاحِدَةً) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَحَقَّ الدِّيَةَ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْقِصَاصِ قَوْلٌ آخَرُ كَمَا قُلْنَا فِي الْقَسَامَةِ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَيُمْكِنُ عِنْدِي أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ فِي الْقَسَامَةِ تَتَكَرَّرُ الْأَيْمَانُ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا الْيَمِينُ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ: لَا الْقِصَاصَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ) لَكِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا فِي بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الدَّمِ تَرْجِيحُ وُجُوبِهِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: وَلِمَنْ رَآهُ يَلْتَفُّ الشَّهَادَةُ بِحَيَاتِهِ) ، وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute