للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخِرُ النَّزْعِ ابْتِدَاءَ الطُّلُوعِ.

(فَإِنْ اسْتَدَامَ) الْجِمَاعَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالطُّلُوعِ (أَفْطَرَ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ) كَالْمُجَامِعِ بَعْدَ الطُّلُوعِ بِجَامِعِ مَنْعِ الصِّحَّةِ بِجِمَاعٍ آثِمَ بِهِ بِسَبَبِ الصَّوْمِ بِخِلَافِ اسْتِمْرَارِ مُعَلِّقِ الطَّلَاقِ بِالْوَطْءِ لَا يَجِبُ بِهِ الْمَهْرُ وَالْفَرْقُ أَنَّ ابْتِدَاءَ فِعْلِهِ هُنَا لَا كَفَّارَةَ فِيهِ فَتَعَلَّقَ بِآخَرَ لِئَلَّا يَخْلُوَ جِمَاعُ نَهَارِ رَمَضَانَ عَنْهَا وَالْوَطْءُ ثَمَّ غَيْرُ خَالٍ عَنْ مُقَابَلَةِ الْمَهْرِ إذْ الْمَهْرُ فِي النِّكَاحِ يُقَابِلُ جَمِيعَ الْوَطْآتِ نَعَمْ إنْ اسْتَدَامَ لِظَنِّ أَنَّ صَوْمَهُ بَطَلَ وَإِنْ نَزَعَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ هَتْكَ الْحُرْمَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ (وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) بِطُلُوعِهِ (حَتَّى طَلَعَ أَفْطَرَ) لِأَنَّ بَعْضَ النَّهَارِ مَضَى وَهُوَ مُجَامِعٌ فَأَشْبَهَ الْغَالِطَ بِالْأَكْلِ (وَلَا كَفَّارَةَ) عَلَيْهِ (وَإِنْ اسْتَدَامَ عَالِمًا) بِطُلُوعِ الْفَجْرِ لِأَنَّ اسْتِدَامَتَهُ مَسْبُوقَةٌ بِالْإِفْطَارِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ صَوْمَهُ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا انْعَقَدَ ثُمَّ بَطَلَ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلًا وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ أَحْرَمَ مُجَامِعًا وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ لَكِنْ لَمْ يُنْزِلُوا مَنْعَ الِانْعِقَادِ مَنْزِلَةَ الْإِفْسَادِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ النِّيَّةَ هُنَا مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ فَكَأَنَّ الصَّوْمَ انْعَقَدَ ثُمَّ أُفْسِدَ بِخِلَافِهَا ثَمَّ (بِخِلَافِ مَنْ جَامَعَ نَاسِيًا ثُمَّ تَذَكَّرَ فَاسْتَدَامَ فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ) لِبُطْلَانِ صَوْمِهِ بِجِمَاعٍ أَثِمَ بِهِ بِسَبَبِ الصَّوْمِ (وَلَا مُعَوِّلَ عَلَى مَا يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ بَلْ بِالرُّؤْيَةِ) نَظَرًا لِلظَّاهِرِ أَشَارَ إلَى جَوَابِ سُؤَالٍ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ مَعَ السُّؤَالِ وَمَعَ جَوَابٍ آخَرَ بِقَوْلِهِ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يُعْلَمُ الْفَجْرُ بِمُجَرَّدِ طُلُوعِهِ وَطُلُوعُهُ الْحَقِيقِيُّ يَتَقَدَّمُ عَلَى عِلْمِنَا بِهِ فَأَجَابَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ بِجَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا مَسْأَلَةٌ وُضِعَتْ عَلَى التَّقْدِيرِ وَلَا يَلْزَمُ وُقُوعُهَا وَالثَّانِي أَنَّا تُعُبِّدْنَا بِمَا نَطَّلِعُ عَلَيْهِ وَلَا مَعْنَى لِلصُّبْحِ إلَّا ظُهُورُ الضَّوْءِ لِلنَّاظِرِ وَمَا قَبْلَهُ لَا حُكْمَ لَهُ فَالْعَارِفُ بِالْأَوْقَاتِ وَمَنَازِلِ الْقَمَرِ يُدْرِكُ أَوَّلَ الصُّبْحِ الْمُعْتَبَرِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قُلْت هَذَا الثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ

(فَصْلٌ وَشُرُوطُهُ) أَيْ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ وَالْوَقْتُ (أَرْبَعَةٌ الْإِسْلَامُ) فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْكَافِرِ أَصْلِيًّا كَانَ أَوْ مُرْتَدًّا وَلَوْ نَاسِيًا لِلصَّوْمِ (وَالطُّهْرُ مِنْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ) فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ (وَالْعَقْلُ) أَيْ التَّمْيِيزُ فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ وَلَوْ بِشُرْبِ دَوَاءٍ لَيْلًا كَالصَّلَاةِ فِي الثَّلَاثَةِ (وَالْوَقْتُ الْقَابِلُ) لِلصَّوْمِ لِمَا سَيَأْتِي وَعَدُّهُ كَأَصْلِهِ لِهَذَا شَرْطًا أَوْلَى مِنْ عَدِّ بَعْضِهِمْ لَهُ رُكْنًا وَإِنْ كُنْت تَبِعْته فِي مَوْضِعٍ (فَالْأَوَّلَانِ) مِنْ الْأَرْبَعَةِ (يُشْتَرَطَانِ فِي جَمِيعِ النَّهَارِ) فَلَوْ ارْتَدَّ أَوْ حَاضَتْ أَوْ نَفِسَتْ فِي بَعْضِهِ بَطَلَ صَوْمُهُ وَكَذَا لَوْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَأَمَّا الثَّالِثُ) فَيُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ زَوَالِهِ بِجُنُونٍ وَغَيْرِهِ (فَتُشْتَرَطُ السَّلَامَةُ مِنْ الْجُنُونِ فِي جَمِيعِ النَّهَارِ) فَلَوْ جُنَّ فِي بَعْضِهِ بَطَلَ صَوْمُهُ وَمِثْلُهُ عَدَمُ التَّمْيِيزِ لِلصَّغِيرِ (وَ) تُشْتَرَطُ السَّلَامَةُ (مِنْ الْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ فِي جُزْءٍ مِنْهُ) فَيَكْفِي انْتِفَاؤُهُمَا لَحْظَةً مِنْهُ لِأَنَّهُمَا مَا فِي الِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْعَقْلِ فَوْقَ النَّوْمِ وَدُونَ الْجُنُونِ فَلَوْ قُلْنَا إنَّ الْمُسْتَغْرِقَ مِنْهُمَا لَا يَضُرُّ كَالنَّوْمِ لَأَلْحَقْنَا الْأَقْوَى بِالْأَضْعَفِ وَلَوْ قُلْنَا إنَّ اللَّحْظَةَ مِنْهُمَا تَضُرُّ كَالْجُنُونِ لَأَلْحَقْنَا الْأَضْعَفَ بِالْأَقْوَى فَتَوَسَّطْنَا وَقُلْنَا إنَّ الْإِفَاقَةَ فِي اللَّحْظَةِ كَافِيَةٌ.

(وَلَا يَضُرُّ اسْتِغْرَاقُ النَّهَارِ بِالنَّوْمِ) لِبَقَاءِ أَهْلِيَّةِ الْخِطَابِ مَعَهُ إذْ النَّائِمُ يَتَنَبَّهُ إذَا نُبِّهَ وَلِهَذَا يَجِبُ قَضَاءُ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ بِالنَّوْمِ دُونَ الْفَائِتَةِ بِالْإِغْمَاءِ (وَالرَّابِعُ لِوَقْتٍ فَيَصِحُّ) الصَّوْمُ فِي أَيَّامِ السَّنَةِ كُلِّهَا (إلَّا فِي) يَوْمَيْ (الْعِيدَيْنِ فَحَرَامٌ) فَلَا يَصِحُّ صَوْمُهُمَا وَلَوْ عَنْ وَاجِبٍ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ (وَكَذَا أَيَّامُ التَّشْرِيقِ) وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ يَوْمِ الْأَضْحَى لِلنَّهْيِ عَنْ صِيَامِهَا فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَفِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» (وَلَوْ) كَانَ صَوْمُهَا (لِلْمُتَمَتِّعِ) الْعَادِمِ لِلْهَدْيِ لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْهُ هَذَا هُوَ الْجَدِيدُ وَفِي الْقَدِيمِ يَجُوزُ لَهُ صَوْمُهَا عَنْ الثَّلَاثَةِ الْوَاجِبَةِ فِي الْحَجِّ لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ قَالَا لَمْ يُرَخِّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ إلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ دَلِيلًا أَيْ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ لَمْ يُرَخِّصْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

(وَكَذَا يَوْمُ الشَّكِّ) صَوْمُهُ حَرَامٌ فَلَا يَصِحُّ «لِقَوْلِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ قِيلَ وَالْمَعْنَى فِيهِ الْقُوَّةُ عَلَى صَوْمِ رَمَضَانَ وَضَعَّفَهُ السُّبْكِيُّ بِعَدَمِ كَرَاهَةِ صَوْمِ شَعْبَانَ عَلَى أَنَّ الْإِسْنَوِيَّ قَالَ إنَّ الْمَعْرُوفَ الْمَنْصُوصَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ الْكَرَاهَةُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ صَوَابُهُ اسْتَدَامَ) مَا عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ صَوَابٌ بَلْ لَوْ عَبَّرَ بِاسْتَدَامَ لَصَارَ قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَدَامَ عَالِمًا كَالْمُكَرَّرِ (قَوْلُهُ وَإِنْ نَزَعَ فَلَا كَفَّارَةَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا لَوْ بَقِيَ لِلْفَجْرِ مَا يَسَعُ الْإِيلَاجَ دُونَ النَّزْعِ حَرُمَ الْإِيلَاجُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ خَيْرَانَ وَإِنْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ الْإِيلَاجَ سَبَبٌ لِلْمُحَرَّمِ وَالْوَسَائِلُ تُعْطَى حُكْمَ الْمَقَاصِدِ.

[فَصْلٌ شُرُوطُ الصَّوْمِ]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ وَشُرُوطُهُ أَرْبَعَةٌ الْإِسْلَامُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ تَضَمَّنَتْ عِبَارَةُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ بِقَلْبِهِ نَاسِيًا لِلصَّوْمِ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي يَوْمِهِ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ وَلَا أَحْسِبُ الْأَصْحَابَ يَسْمَحُونَ بِهِ وَلَا أَنَّهُ أَرَادَهُ وَإِنْ شَمِلَهُ لَفْظُهُ انْتَهَى قَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْإِسْلَامُ جَمِيعَ النَّهَارِ أَنَّهُ يُفْطِرُ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ اعْتَقَدَ صَبِيٌّ أَبَوَاهُ مُسْلِمَانِ كُفْرًا فِي صَوْمِهِ أَوْ وُضُوئِهِ لَمْ يَضُرَّ وَفِي صَلَاتِهِ بَطَلَتْ (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْكَافِرِ أَصْلِيًّا إلَخْ) لَا تَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ إعَانَةٌ لِكَافِرٍ عَلَى مَا لَا يَحِلُّ عِنْدَنَا كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ بِضِيَافَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ نَاسِيًا لِلصَّوْمِ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ ارْتَدَّ وَهُوَ نَاسٍ لِلصَّوْمِ فَيَبْطُلُ بِهَا (قَوْلُهُ وَنِفَاسٍ) لَوْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ بَلَلًا أَفْطَرَتْ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ وَمِنْ الْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ فِي جُزْءٍ مِنْهُ) فَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ سَكِرَ جَمِيعَ النَّهَارِ وَقَدْ نَوَى لَيْلًا لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ لِأَنَّ الصَّوْمَ تَرْكٌ وَنِيَّةٌ وَلَوْ انْفَرَدَ التَّرْكُ لَمْ يَصِحَّ فَكَذَا إذَا انْفَرَدَتْ النِّيَّةُ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَيْلًا فَأَوْلَى أَنْ لَا يَصِحَّ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا فِي الِاسْتِيلَاءِ إلَى آخِرِهِ) وَقَدْ قَصَدَ أَوْ اسْتِدَامَةَ الْقَصْدِ لَا تُشْتَرَطُ كَمَا لَوْ نَامَ أَوْ عَزَبَتْ نِيَّتُهُ (قَوْله وَكَذَا أَيَّامُ التَّشْرِيقِ) سُمِّيَتْ هَذِهِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ لِإِشْرَاقِ نَهَارِهَا بِالشَّمْسِ وَلَيْلِهَا بِالْقَمَرِ وَقِيلَ لِأَنَّ النَّاسَ يَشْرَقُونَ اللَّحْمَ فِيهَا فِي الشَّمْسِ هَكَذَا هُوَ بِالنُّسَخِ وَلَكِنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَيْسَ بِنُسَخِ الشَّرْحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>