للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَرَمَ وَقَدْ فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ (وَلَوْ ذَبَحَ الْأُضْحِيَّةَ) مَعَ وَلَدِهَا أَوْ دُونَهُ لِوُجُودِهِ بِبَطْنِهَا مَيِّتًا (فِي الْوَقْتِ وَتَصَدَّقَ بِقَدْرِ الْوَاجِبِ مِنْ الْأُمِّ وَأَكَلَ الْوَلَدَ كُلَّهُ جَازَ) كَاللَّبَنِ وَتَرْجِيحُ جَوَازِ أَكْلِ الْوَلَدِ فِيمَا إذَا ذَبَحَهُ مَعَ أُمِّهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَ الْأَصْلُ تَرْجِيحَهُ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَتَرْجِيحُ أَنَّهُ كَضَحِيَّةٍ أُجْرِيَ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَاخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَشَمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ وَلَدَ الْوَاجِبَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي وَلَدِ الْوَاجِبَةِ الْمُعَيَّنَةِ بِالنَّذْرِ ابْتِدَاءً عَلَى مَا جَرَيَا عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ مِنْ إطْلَاقِ جَوَازِ أَكْلِهِ أَمَّا وَلَدُ الْوَاجِبَةِ الْمُعَيَّنَةِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ أَوْ ابْتِدَاءً عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْمَجْمُوعِ فَالْمُتَّجَهُ فِيهِ مَنْعُ أَكْلِهِ كَأُمِّهِ وَبِهِ جَزَمَ الْبَارِزِيُّ تَبَعًا لِلطَّاوُسِيِّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ وَنَقَلَهُ الْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ.

(وَلَهُ) فِي الْوَاجِبَةِ (شُرْبُ لَبَنِهَا) وَسَقْيُهُ غَيْرَهُ بِلَا عِوَضٍ (لَوْ فَضَلَ عَنْ) رِيِّ (وَلَدِهَا) ؛ لِأَنَّهُ يَشُقُّ نَقْلُهُ؛ وَلِأَنَّهُ يُسْتَخْلَفُ بِخِلَافِ الْوَلَدِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ، وَلَوْ تَصَدَّقَ بِهِ كَانَ أَفْضَلَ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ وَلَدِهَا فَحَلَبَهُ فَنَقَصَ الْوَلَدُ بِسَبَبِهِ (ضَمِنَ نَقْصَ الْوَلَدِ، وَلَهُ رُكُوبُهَا) وَإِرْكَابُهَا (وَتَحْمِيلُهَا) لِلْحَاجَةِ (بِرِفْقٍ وَيَضْمَنُهَا) (إنْ تَلِفَ) بِالِاسْتِعْمَالِ وَالْأَوْلَى قَوْلُ الْأَصْلِ إنْ نَقَصَتْ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ جَوَازَ مَا ذُكِرَ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ (وَلَا يَجُوزُ رَدُّهَا) عَلَى الْبَائِعِ (بِالْعَيْبِ) لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهَا كَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ، ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا (بَلْ يَأْخُذُ الْأَرْشَ) مِنْ الْبَائِعِ كَمَا يَأْخُذُهُ فِيمَا إذَا أَعْتَقَهُ أَوْ وَقَفَهُ (لِنَفْسِهِ) فَلَا يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ لِلْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَ بِسَبَبٍ سَابِقٍ عَلَى التَّعْيِينِ؛ وَلِأَنَّ الْعَيْبَ قَدْ لَا يَكُونُ مُؤَثِّرًا فِي اللَّحْمِ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ.

(مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ، وَلَوْ أَكَلَ بَعْضَهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةِ وَتَصَدَّقَ بِبَعْضِهَا (فَلَهُ ثَوَابُ التَّضْحِيَةِ) بِالْكُلِّ كَمَنْ نَوَى صَوْمَ تَطَوُّعٍ ضَحْوَةً (وَ) ثَوَابُ (التَّصَدُّقِ بِالْبَعْضِ، وَلَوْ أَعْطَى الْمُكَاتَبَ مِنْهَا جَازَ) كَالْحُرِّ قِيَاسًا عَلَى الزَّكَاةِ وَخَصَّهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِمَا إذَا صَرَفَهُ إلَيْهِ غَيْرُ سَيِّدِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ كَمَا لَوْ صَرَفَ إلَيْهِ مِنْ زَكَاتِهِ (وَيَعْصَى بِتَأْخِيرِ الْمَنْذُورَةِ عَنْ الْعَامِّ الْمُعَيَّنِ) لِذَبْحِهَا (وَيَقْضِي) كَمَا لَوْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ عَنْ الْوَقْتِ (وَيُسْتَحَبُّ الذَّبْحُ فِي بَيْتِهِ بِمَشْهَدِ أَهْلِهِ) لِيَفْرَحُوا بِالذَّبْحِ وَيَتَمَتَّعُوا بِاللَّحْمِ (وَفِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ) أَيْ الْأُضْحِيَّةُ مُسَارَعَةً إلَى الْخَيْرَاتِ «؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحَرَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مِائَةَ بَدَنَةٍ أَهْدَاهَا» ، وَهَذَا أَنْكَرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى نَقْلِ الرَّافِعِيِّ عَنْ الرُّويَانِيِّ أَنَّ مَنْ ضَحَّى بِعَدَدٍ فَرَّقَهُ عَلَى أَيَّامِ الذَّبْحِ وَمَا أَنْكَرَ بِهِ عَلَيْهِ قَالَ جَمَاعَةٌ لَا يُرَدُّ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الرُّويَانِيِّ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْإِمَامِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ (وَنَقْلُهَا عَنْ بَلَدٍ) أَيْ بَلَدِ الْأُضْحِيَّةِ إلَى آخَرَ (كَنَقْلِ الزَّكَاةِ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهَذَا يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِ مَنْعِ نَقْلِهَا لَكِنَّ الصَّحِيحَ الْجَوَازُ فَقَدْ صَحَّحُوا فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ جَوَازَ نَقْلِ الْمَنْذُورَةِ، وَالْأُضْحِيَّةُ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهَا وَضَعَّفَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ يَمْتَدُّ إلَيْهَا أَطْمَاعُ الْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّهَا مُؤَقَّتَةٌ بِوَقْتٍ كَالزَّكَاةِ بِخِلَافِ النُّذُورِ وَالْكَفَّارَاتِ لَا شُعُورَ لِلْفُقَرَاءِ بِهَا حَتَّى تَمْتَدَّ أَطْمَاعُهُمْ إلَيْهَا (وَتُسْتَحَبُّ) التَّضْحِيَةُ (لِلْحَاجِّ كَغَيْرِهِ، وَإِنْ أَهْدَى) فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَحَّى فِي مِنًى عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ» كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ (وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يُضَحِّيَ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ بِبَدَنَةٍ فِي الْمُصَلَّى وَ) أَنْ يَنْحَرَهَا (بِنَفْسِهِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ) بَدَنَةٌ (فَشَاةٌ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (وَإِنْ ضَحَّى عَنْهُمْ مِنْ مَالِهِ فَحَيْثُ شَاءَ) يُضَحِّي قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَا يَجُوزُ لِوَلِيِّ الْمَحْجُورِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالِاحْتِيَاطِ لِمَالِهِ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّبَرُّعِ بِهِ وَالْأُضْحِيَّةُ تَبَرُّعٌ.

[بَابٌ فِي الْعَقِيقَةِ]

(بَابُ الْعَقِيقَةِ) مِنْ عَقَّ يَعِقُّ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَضَمِّهَا، وَهِيَ لُغَةً: الشَّعْرُ الَّذِي عَلَى رَأْسِ الْوَلَدِ حِينَ وِلَادَتِهِ وَشَرْعًا يُذْبَحُ عِنْدَ حَلْقِ شَعْرِهِ؛ لِأَنَّ مَذْبَحَهُ يُعَقُّ أَيْ يُشَقُّ وَيُقْطَعُ؛ وَلِأَنَّ الشَّعْرَ يُحْلَقُ إذْ ذَاكَ وَالْأَصْلُ فِيهَا أَخْبَارٌ كَخَبَرِ «الْغُلَامُ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُسَمَّى» وَكَخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِتَسْمِيَةِ الْمَوْلُودِ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَوَضْعِ الْأَذَى عَنْهُ وَالْعَقِّ» رَوَاهُمَا التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ فِي الْأَوَّلِ: حَسَنٌ صَحِيحٌ وَفِي الثَّانِي حَسَنٌ وَالْمَعْنَى فِيهِ إظْهَارُ الْبِشْرِ وَالنِّعْمَةِ وَنَشْرِ النَّسَبِ، وَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْ وَلَدِهِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَاخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) فَرَضَ فِيهِ هَذَا الْخِلَافَ فِي أُضْحِيَّةِ التَّطَوُّعِ وَقَالَ إنَّ الْمُخْتَارَ مَا صَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ، ثُمَّ قَالَ وَالْأَصَحُّ عَلَى الْجُمْلَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَكْلُ جَمِيعِهِ، ثُمَّ قَالَ، وَالْوَاجِبَةُ إنْ جَوَّزْنَا الْأَكْلَ مِنْهَا جَاءَ الْخِلَافُ أَيْضًا، وَإِلَّا لَمْ يَأْكُلْ مِنْ الْوَلَدِ وَحُكْمُهُ حُكْمُهَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ الْبَارِزِيُّ) قَالَ الْبَارِزِيُّ كَغَيْرِهِ فَأَمَّا وَلَدُ الْوَاجِبَةِ سَوَاءٌ كَانَ مُجْتَنًّا عِنْدَ الْوُجُوبِ أَوْ حَادِثًا بَعْدَهُ فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْأُمِّ، وَإِنْ مَاتَتْ الْأُمُّ حَتَّى يَجِبَ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِهِ بَعْدَ الذَّبْحِ. اهـ. وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَوَلَدُ الْوَاجِبَةِ كَالْأُمِّ يَذْبَحُهُ مَعَهَا وَيَتَصَدَّقُ بِهِ مُعَيَّنَةً كَانَتْ فِي الْأَصْلِ أَوْ عُيِّنَتْ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ لَكِنْ يَجُوزُ أَكْلُ كُلِّهِ كَأَكْلِ جَنِينِهَا بِخِلَافِ الْأُمِّ (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ) مُطْلَقًا وَيَجِبُ تَنْزِيلُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَشَرْحَيْ الرَّافِعِيِّ عَلَيْهِ. اهـ.

وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ وَلَدِ الْوَاجِبَةِ بِسَبَبِ جُبْرَانٍ، وَالْوَاجِبَةُ فِي النُّسُكِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَمَّا وَلَدُهُمَا فَلَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهُ قَطْعًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَحْرِيمِ الْأَكْلِ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ الْوَاجِبَةِ مَنْعُ أَكْلِ وَلَدِهَا؛ لِأَنَّ التَّصَدُّقَ إنَّمَا يَجِبُ بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْأُضْحِيَّةِ وَالْوَلَدُ لَا يُسَمَّى أُضْحِيَّةً لِنَقْصِ سِنِّهِ، وَإِنَّمَا لَزِمَ ذَبْحُهُ تَبَعًا كَمَا يَجُوزُ أَكْلُ الْجَنِينِ إذَا وُجِدَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً، وَإِنْ لَمْ يُذَكَّ وَأَيْضًا فَكَمَا يَجُوزُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَكْلُ الْوَلَدِ، وَلَا يَكُونُ وَقْفًا كَذَلِكَ هَذَا يَجُوزُ أَكْلُهُ، وَلَا تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْأُضْحِيَّةِ فَسُنَّ، وَقَوْلُهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً قَالَ شَيْخُنَا وَقَدْ تَشَكَّلَ.

[مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ فِي الْأُضْحِيَّةَ]

(بَابُ الْعَقِيقَةِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>