للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوْتِ الْعَبْدِ لِتَعَلُّقِ الْأَرْشِ بِرَقَبَتِهِ فَإِذَا مَاتَ بِلَا تَقْصِيرٍ فَلَا أَرْشَ، وَلَا فِدَاءَ (بِالْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْشِ وَ) مِنْ (قِيمَتِهَا يَوْمَ جِنَايَتِهَا) لَا يَوْمَ إحْبَالِهَا اعْتِبَارًا بِوَقْتِ لُزُومِ فِدَائِهَا وَوَقْتِ الْحَاجَةِ إلَى بَيْعِهَا الْمَمْنُوعِ بِالْإِحْبَالِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ الْأَمَةَ الَّتِي اسْتَوْلَدَهَا سَيِّدُهَا بَعْدَ الْجِنَايَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنَّ الظَّاهِرَ هُنَا أَنَّ الْعِبْرَةَ بِقِيمَةِ يَوْمِ الْإِحْبَالِ إلَّا أَنْ يَمْنَعَ بَيْعَهَا حَالَ الْجِنَايَةِ فَيُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا حِينَئِذٍ، وَكَالْمُسْتَوْلَدَةِ الْمَوْقُوفُ لِمَنْعِ الْوَاقِفِ بَيْعَهُ بِوَقْفِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَنْذُورَ عِتْقُهُ كَذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَسَكَتُوا هُنَا عَنْ التَّعَلُّقِ بِذِمَّتِهَا، وَيُشْبِهُ الْقَطْعَ بِهِ لِتَعَذُّرِ التَّعَلُّقِ بِرَقَبَتِهَا قُلْت إنَّمَا يُشْبِهُ الْقَطْعَ بِالتَّعَلُّقِ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ مَنَعَ بَيْعَهَا (فَإِذَا تَكَرَّرَتْ جِنَايَتُهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا فِدَاءٌ وَاحِدٌ) ، وَإِنْ فَدَى الْأُولَى قَبْلَ جِنَايَاتِهَا الْآخَرُ؛ لِأَنَّ إحْبَالَهُ إتْلَافٌ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً كَمَا لَوْ جَنَى عَبْدُهُ جِنَايَاتٍ ثُمَّ قَتَلَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ (فَإِنْ اسْتَغْرَقَ الْأَرْشُ) الْحَاصِلُ بِجِنَايَاتِهَا (الْقِيمَةَ شَارَكَ كُلُّ ذِي جِنَايَةٍ تَحْدُثُ مِنْهَا مَنْ) جَنَتْ عَلَيْهِ (قَبْلَهُ فِيهَا) أَيْ شَارَكَهُ فِي قِيمَتِهَا.

فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَلْفًا وَجَنَتْ جِنَايَتَيْنِ، وَأَرْشُ كُلٍّ مِنْهُمَا أَلْفٌ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسُمِائَةٍ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَبَضَ الْأَلْفَ اسْتَرَدَّ مِنْهُ الثَّانِي نِصْفَهُ أَوْ أَرْشُ الثَّانِيَةِ خَمْسُمِائَةٍ اسْتَرَدَّ مِنْهُ ثُلُثَهُ أَوْ أَرْشُ الثَّانِيَةِ أَلْفٌ وَالْأُولَى خَمْسُمِائَةٍ اسْتَرَدَّ مِنْهُ ثُلُثَهَا، وَمِنْ السَّيِّدِ خَمْسَمِائَةٍ تَمَامَ الْقِيمَةِ لِيَصِيرَ مَعَهُ ثُلُثَا الْأَلْفِ، وَمَعَ الْأَوَّلِ ثُلُثُهُ (كَدُيُونِ الْمَيِّتِ) إذَا قُسِمَتْ تَرِكَتُهُ عَلَيْهَا ثُمَّ حَدَثَ عَلَيْهِ دَيْنٌ آخَرُ كَأَنْ حَفَرَ بِئْرًا عُدْوَانًا فَهَلَكَ بِهَا شَيْءٌ فَيُزَاحِمُ الْمُسْتَحِقُّ الْغُرَمَاءَ، وَيَسْتَرِدُّ مِنْهُمْ حِصَّتَهُ.

(وَحَمْلُ الْجَانِيَةِ) غَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ (لِلسَّيِّدِ لَا) يَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَرْشُ سَوَاءٌ أَكَانَ مَوْجُودًا يَوْمَ الْجِنَايَةِ أَمْ حَدَثَ بَعْدَهَا (فَلَا تُبَاعُ حَتَّى تَضَعَ) إذْ لَا يُمْكِنُ إجْبَارُ السَّيِّدِ عَلَى بَيْعِ الْحَمْلِ، وَلَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ (فَإِنْ لَمْ يَفْدِهَا) بَعْدَ وَضْعِهَا (بِيعَا) مَعًا (وَأَخَذَ) السَّيِّدُ (ثَمَنَ الْوَلَدِ) أَيْ حِصَّتَهُ، وَأَخَذَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حِصَّتَهُ (وَإِنَّمَا يُبَاعُ الْجَانِي بِالْأَرْشِ النَّقْدِ لَا الْإِبِلِ، وَلَوْ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ لَوْ لَمْ يَفْدِ السَّيِّدُ الْجَانِيَ، وَلَا سَلَّمَهُ لِلْبَيْعِ بَاعَهُ الْقَاضِي وَصَرَفَ الثَّمَنَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَلَوْ بَاعَهُ بِالْأَرْشِ جَازَ إنْ كَانَ نَقْدًا، وَكَذَا بِلَا، وَقُلْنَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْهَا.

[الْبَابُ السَّادِسُ فِي دِيَةِ الْجَنِينِ]

[الطَّرَف الْأَوَّلُ الْمُوجِبُ لِدِيَةِ الْجَنِين]

(الْبَابُ السَّادِسُ فِي دِيَةِ الْجَنِينِ) وَالْأَصْلُ فِيهَا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ» بِتَرْكِ تَنْوِينِ غُرَّةٍ عَلَى الْإِضَافَةِ الْبَيَانِيَّةِ، وَتَنْوِينُهَا عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَهَا بَدَلٌ مِنْهَا (وَفِيهِ أَطْرَافٌ) أَرْبَعَةٌ (الْأَوَّلُ الْمُوجِبُ، وَهُوَ كُلُّ جِنَايَةٍ تُوجِبُ انْفِصَالَهُ مَيِّتًا) ، وَهِيَ مَا تُؤَثِّرُ فِيهِ (فَإِنْ مَاتَتْ الْأُمُّ) بِهَا (وَلَمْ يَنْفَصِلْ) مِنْهَا جَنِينٌ (فَلَا دِيَةَ) لَهُ وَإِنْ كَانَ بِهَا انْتِفَاخٌ أَوْ حَرَكَةٌ فِي بَطْنِهَا فَزَالَ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا لِلشَّكِّ فِي وُجُودِ الْجَنِينِ وَلِجَوَازِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ رِيحًا فَانْفَشَّتْ (وَلَا أَثَرَ لِنَحْوِ لَطْمَةٍ خَفِيفَةٍ) كَمَا لَا تُؤَثِّرُ فِي الدِّيَةِ (وَلَوْ عُلِمَ مَوْتُهُ بِخُرُوجِ رَأْسٍ وَنَحْوِهِ) كَرُؤْيَتِهِ فِي بَطْنِهَا بَعْدَ قَدِّهَا وَإِنْ لَمْ يَنْفَصِلْ مِنْهُ شَيْءٌ (فَكَالْمُنْفَصِلِ) سَوَاءٌ أَجَنَى عَلَيْهَا بَعْدَ خُرُوجِ رَأْسِهِ أَمْ قَبْلَهُ، وَسَوَاءٌ أَمَاتَتْ الْأُمُّ أَيْضًا أَمْ لَا لِتَحَقُّقِ وُجُودِهِ وَذِكْرُ الْأَصْلِ مَوْتَ الْأُمِّ تَصْوِيرٌ لَا تَقْيِيدٌ (وَإِنْ خَرَجَ حَيًّا فَإِنْ بَقِيَ زَمَانًا لَا يَتَأَلَّمُ) فِيهِ (ثُمَّ مَاتَ فَلَا شَيْءَ) عَلَى الْجَانِي سَوَاءٌ أَزَالَ أَلَمُ الْجِنَايَةِ عَنْ أُمِّهِ قَبْلَ إلْقَائِهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ (أَوْ) بَقِيَ زَمَانًا (يَتَأَلَّمُ) فِيهِ حَتَّى مَاتَ (أَوْ مَاتَ فِي الْحَالِ أَوْ تَحَرَّكَ) تَحَرُّكًا شَدِيدًا كَقَبْضِ يَدٍ وَبَسْطِهَا (وَلَوْ حَرَكَةَ مَذْبُوحٍ لَا اخْتِلَاجًا) فَمَاتَ (فَدِيَةٌ كَامِلَةٌ) عَلَى الْجَانِي (وَلَوْ) انْفَصَلَ الْجَنِينُ (لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا حَيَاتَهُ وَالظَّاهِرُ مَوْتُهُ بِالْجِنَايَةِ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ اخْتِلَاجِهِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ انْتِشَارًا بِسَبَبِ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَضِيقِ.

(وَإِنْ حَزَّهُ شَخْصٌ، وَقَدْ انْفَصَلَ بِلَا جِنَايَةٍ) ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَيَاتُهُ مُسْتَقِرَّةً (أَوْ بِجِنَايَةٍ وَحَيَاتُهُ مُسْتَقِرَّةٌ فَالْقِصَاصُ) عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَتَلَ مَرِيضًا مُشْرِفًا عَلَى الْمَوْتِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتْ حَيَاتُهُ غَيْرَ مُسْتَقِرَّةٍ (فَالْقَاتِلُ) لَهُ هُوَ (الْأَوَّلُ) أَيْ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ ذَلِكَ أُمَّ وَلَدِهِ الَّتِي تُبَاعُ كَأَنْ اسْتَوْلَدَهَا، وَهِيَ مَرْهُونَةٌ رَهْنًا لَازِمًا، وَهُوَ مُعْسِرٌ إذَا جَنَتْ جِنَايَةً تُوجِبُ مَالًا مُتَعَلِّقًا بِالرَّقَبَةِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَإِذَا، قَالَ الرَّاهِنُ أَنَا أَفْدِيهَا عَلَى صُورَةٍ لَا يَكُونُ فِيهَا مُوسِرًا يَسَارًا يَنْفُذُ بِهِ الِاسْتِيلَادُ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ اسْتَمَرَّتْ مَرْهُونَةً، وَإِنْ بِيعَتْ فِي الدَّيْنِ اسْتَمَرَّ الرِّقُّ فِي حَقِّ مُشْتَرِيهَا (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ الْأَمَةَ الَّتِي اسْتَوْلَدَهَا سَيِّدُهَا) أَيْ مُوسِرًا (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الظَّاهِرَ هُنَا إلَخْ) هَذَا جَارٍ عَلَى رَأْيِ الْقَفَّالِ أَمَّا عَلَى النَّصِّ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَالْعِبْرَةُ بِقِيمَةِ يَوْمِ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَنْذُورَ عِتْقُهُ كَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَسَكَتُوا هُنَا عَنْ التَّعَلُّقِ بِذِمَّتِهَا) أَيْ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ فِي جِنَايَتِهَا لَا حَيْثُ لَزِمَ الدَّيْنُ ذِمَّتَهَا بِمُعَامَلَةٍ أَوْ نَحْوِهَا إذْ كَلَامُهُ فِي الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: قُلْت بَلْ إنَّمَا يُشْبِهُ الْقَطْعَ بِالتَّعَلُّقِ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَغْرَقَ الْأَرْشُ الْقِيمَةَ شَارَكَ كُلُّ ذِي جِنَايَةٍ تَحْدُثُ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَنْفُذْ إيلَادُهَا لِإِعْسَارِهِ كَمَرْهُونَةٍ فَدَاهَا فِي كُلِّ جِنَايَةٍ بِالْأَقَلِّ.

(الْبَابُ السَّادِسُ فِي دِيَةِ الْجَنِينِ) (قَوْلُهُ وَبِتَنْوِينِهَا عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَهَا بَدَلٌ مِنْهَا) ، وَهُوَ أَجْوَدُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كُلُّ جِنَايَةٍ تُوجِبُ انْفِصَالَهُ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ فَاشْتَكَاهُ إلَى الْوَالِي، وَجَاءَ بِرَسُولٍ مِنْ عِنْدِهِ إلَى بَيْتِ أُخْتِ الْمُتْلِفِ فَأَخَذَاهَا لِتُرِيَهُمَا بَيْتَ أَخِيهَا فَأَجْهَضَتْ جَنِينًا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا إذْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يُوجِبُ الطَّرْحَ مِنْ إفْزَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مَا تُؤَثِّرُ فِيهِ) أَيْ انْفِصَالُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَرَجَ حَيًّا إلَخْ) أَمَّا لَوْ انْفَصَلَ بَعْضُهُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى أُمِّهِ وَصَاحَ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الِانْفِصَالِ فَالْأَرْجَحُ فِيهَا إيجَابُ الْغُرَّةِ، وَلَا أَرْشَ لَهُ فَتَفَطَّنْ لِذَلِكَ ر (قَوْلُهُ: أَوْ بَقِيَ زَمَنًا يَتَأَلَّمُ) لَمْ يَعْتَبِرُوا مَعَ الْأَلَمِ الْوَرَمَ، وَهُوَ يَشْهَدُ لِمَا تَقَدَّمَ تَصْحِيحُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِبْرَةِ عَنْ شَرْحِ الْوَسِيطِ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْقَاتِلُ لَهُ هُوَ الْأَوَّلُ) لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَلَامِهِمَا فِي الْفَرَائِضِ وَالْعَدَدِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الزَّرْكَشِيُّ بِقَوْلِهِ: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا تَنَاقُضَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>