للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَوْ (قَالَ) لِرَقِيقِهِ (أَنْت حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَ عَتَقَ فِي الْحَالِ وَلَزِمَ) الْأَلْفُ (ذِمَّتَهُ) كَقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَتْ (أَوْ) قَالَ (إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ لَغَا لِاشْتِرَاطِ الْفَوْرِيَّةِ وَلَا مِلْكَ لَهُ) فَلَا يُمْكِنُهُ الْإِعْطَاءُ فَوْرًا (وَلَا يَعْتِقُ بِمَالِ الْغَيْرِ) أَيْ بِإِعْطَائِهِ كَمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ أَعْطَيْتِينِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ أَلْفًا مَغْصُوبًا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْإِلْغَاءِ جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ أَيْضًا وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْإِعْطَاءُ فَوْرًا كَمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْأَمَةِ إنْ أَعْطَيْتِينِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ ثَمَّ.

(فَرْعٌ وَيَصِحُّ أَنْ يَبِيعَهُ) أَيْ رَقِيقَهُ (نَفْسَهُ وَيَثْبُتُ الْمَالُ فِي ذِمَّتِهِ وَيَعْتِقُ فِي الْحَالِ) وَيَثْبُتُ لِسَيِّدِهِ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ (وَإِنْ قَالَ) لَهُ (بِعْتُك نَفْسَك فَأَنْكَرَ حَلَفَ) أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَعَتَقَ بِالْإِقْرَارِ أَوْ) قَالَ (بِعْتُك نَفْسَك بِهَذِهِ الْعَيْنِ أَوْ بِخَمْرٍ) أَوْ نَحْوِهِ كَخِنْزِيرٍ فَقَبِلَ (عَتَقَ) وَثَبَتَ لِسَيِّدِهِ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ (وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَفْسِهِ) لِسَيِّدِهِ كَمَا لَوْ قَالَ أَعْتَقْتُك عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ

(وَلَوْ) (وَهَبَهُ نَفْسَهُ وَقَبِلَ) فَوْرًا (عَتَقَ، أَوَأَوْصَى لَهُ بِهَا فَقَبِلَ بَعْدَ الْمَوْتِ عَتَقَ) نَعَمْ إنْ نَوَى بِالْهِبَةِ الْعِتْقَ عَتَقَ بِلَا قَبُولٍ، وَلَوْ حَذَفَ عِتْقَ الْأَوَّلِ أَغْنَى عَنْهُ الثَّانِي.

(وَعِتْقُ الْعَبْدِ) أَيْ إعْتَاقُهُ (بِعِوَضٍ وَشِرَاؤُهُ) نَفْسَهُ (مُوَافِقَانِ) أَيْ يُشَارِكَانِ (الْكِتَابَةَ فِي التَّعَاوُضِ) أَيْ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَتَضَمَّنُ إعْتَاقًا بِعِوَضٍ (وَيُخَالِفَانِهَا فِي الشُّرُوطِ) وَالْأَحْكَامِ.

(الرُّكْنُ الثَّانِي الْعِوَضُ وَهُوَ مَالُ) عَيْنٍ (أَوْ مَنْفَعَةٍ) كَبِنَاءِ دَارٍ وَخِدْمَةِ شَهْرٍ (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَالِ) وَلَوْ عَرَضًا (دَيْنًا مُؤَجَّلًا مُنَجَّمًا) أَيْ مُؤَقَّتًا (وَلَوْ) كَانَتْ الْكِتَابَةُ (لِمُبَعَّضٍ) اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَلِأَنَّ الرَّقِيقَ لَا قُدْرَةَ لَهُ فِي الْحَالِ، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ مُنَجَّمًا يُغْنِي عَنْهُ مَا يَأْتِي (وَلَوْ أَسْلَمَ إلَى الْمُكَاتَبِ عَقِيبَ الْعَقْدِ) لِلْكِتَابَةِ (فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَوَجَّهْت الصِّحَّةَ بِقُدْرَتِهِ بِرَأْسِ الْمَالِ قَالَ وَالْخِلَافُ قَرِيبٌ مِنْ الْخِلَافِ فِي الْبَيْعِ مِنْ الْمُعْسِرِ وَالْبَيْعُ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ يَحْتَمِلُ مَا لَا يَحْتَمِلُهُ الْمُسْلَمُ فِيهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ وَفِي الِاعْتِيَاضِ عَنْ الثَّمَنِ خِلَافٌ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَحَلُّهُ فِي السَّلَمِ الْحَالِّ أَمَّا الْمُؤَجَّلُ فَيَصِحُّ فِيهِ جَزْمًا كَذَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَهُوَ وَاضِحٌ (وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُنَجِّمَ) الْمَالَ (بِنَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا) اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَلَوْ كَفَى نَجْمٌ لَفَعَلُوهُ مُبَادَرَةً لِلْقُرُبَاتِ وَلِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدُ إرْفَاقٍ وَمِنْ تَتِمَّةِ الْإِرْفَاقِ التَّنْجِيمُ وَلِذَلِكَ ضُرِبَتْ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ مُنَجَّمَةً لِيَتَيَسَّرَ عَلَيْهِمْ الْأَدَاءُ (وَلَا بَأْسَ بِكَوْنِ الْمَنْفَعَةِ) وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ (حَالَّةً لِقُدْرَتِهِ عَلَى الشُّرُوعِ فِيهَا) حَالًا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ عَلَى دِينَارَيْنِ أَحَدُهُمَا حَالٌّ وَالْآخَرُ مُؤَجَّلٌ (وَيَصِحُّ بِنَجْمَيْنِ قَصِيرَيْنِ) ، وَلَوْ (فِي مَالٍ كَثِيرٍ) لِإِمْكَانِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ (كَالسَّلَمِ إلَى مُعْسِرٍ فِي مَالٍ كَثِيرٍ) إلَى أَجَلٍ قَصِيرٍ.

(وَلَوْ كَاتَبَ) عَبْدَهُ (عَلَى خِدْمَةِ شَهْرَيْنِ وَجَعَلَ كُلَّ شَهْرٍ نَجْمًا لَمْ يَصِحَّ) قَالَ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الشَّهْرِ الثَّانِي مُتَعَيَّنَةٌ وَالْمَنَافِعُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْأَعْيَانِ لَا تُؤَجَّلُ كَمَا سَيَأْتِي (أَوْ) كَاتَبَهُ (عَلَى خِدْمَةِ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ فَأَوْلَى بِالْفَسَادِ) لِانْقِطَاعِ ابْتِدَاءِ الْمُدَّةِ الثَّانِيَةِ عَنْ آخِرِ الْأُولَى (وَيُشْتَرَطُ) فِي الصِّحَّةِ (أَنْ يَصِلَ الْخِدْمَةَ وَالْمَنَافِعَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْأَعْيَانِ بِالْعَقْدِ) فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا عَنْهُ كَمَا أَنَّ عَيْنَ التَّبِيعِ لَا تَقْبَلُ التَّأْجِيلَ فَلَوْ كَاتَبَهُ فِي رَمَضَانَ عَلَى خِدْمَةِ شَوَّالٍ لَمْ يَصِحَّ.

(أَوْ كَاتَبَهُ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ مِنْ الْآنِ وَعَلَى إلْزَامِ ذِمَّتِهِ خِيَاطَةَ ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ بَعْدَهُ جَازَ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ الْمُلْتَزَمَةَ) فِي الذِّمَّةِ (تَتَأَجَّلُ بِخِلَافِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَعْيَانِ) وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ أَيْ الْآنَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ بَعْدَ انْقِضَائِهِ بِيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ، وَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى بِنَاءِ دَارَيْنِ وَجَعَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَقْتًا مَعْلُومًا صَحَّ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَيَصِحُّ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ مُتَّصِلٍ بِالْعَقْدِ وَ) عَلَى (دِينَارٍ، وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ) لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مُسْتَحَقَّةٌ فِي الْحَالِ وَالْمُدَّةِ لِتَقْدِيرِهَا وَالتَّوْفِيَةُ فِيهَا وَالدِّينَارُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ بِهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ الَّتِي عَيَّنَهَا لِاسْتِحْقَاقِهِ، وَإِذَا اخْتَلَفَ الِاسْتِحْقَاقُ حَصَلَ التَّنْجِيمُ (لَا) الْكِتَابَةُ (عَلَى دِينَارٍ يُؤَدِّيهِ آخِرَ الشَّهْرِ وَ) عَلَى (خِدْمَةِ الشَّهْرِ الَّذِي بَعْدَهُ) لِعَدَمِ اتِّصَالِ الْخِدْمَةِ بِالْعَقْدِ (وَيَكْفِي إطْلَاقُ الْخِدْمَةِ) وَيَتْبَعُ فِيهَا الْعُرْفَ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الْإِجَازَةِ، وَقِيلَ لَا يَكْفِي بَلْ يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْعَمَلِ فِيهَا وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ.

(لَا) إطْلَاقُ (الْمَنْفَعَةِ) بِأَنْ قَالَ كَاتَبْتُك عَلَى مَنْفَعَةِ شَهْرٍ فَلَا يَكْفِي لِاخْتِلَافِ الْمَنَافِعِ (وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ وَدِينَارٍ فَمَرِضَ فِي الشَّهْرِ) وَفَاتَتْ الْخِدْمَةُ (انْفَسَخَتْ) أَيْ الْكِتَابَةُ (فِي قَدْرِ الْخِدْمَةِ وَفِي الْبَاقِي خِلَافٌ) فَقِيلَ يَبْطُلُ فِيهِ قَطْعًا؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ فِي بَعْضِ الْعَبْدِ، وَقِيلَ هُوَ كَمَنْ بَاعَ عَبْدَيْنِ فَتَلِفَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَرْعٌ قَالَ لِرَقِيقِهِ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَ]

قَوْلُهُ قَالَ أَنْت حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ) أَوْ بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَنَّ عَلَيْك أَلْفًا أَوْ أَنْتَ حُرٌّ غَدًا عَلَى أَلْفٍ، وَقَوْلُهُ فَقَبِلَ أَيْ فَوْرًا (قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ) ثُمَّ يُفَرَّقُ بِأَنَّ ذَاكَ عَقْدٌ وَارِدٌ عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَهَذَا وَارِدٌ عَلَى الرَّقَبَةِ وَيُغْتَفَرُ فِي الْأَوَّلِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الثَّانِي

(وَقَوْلُهُ وَلَوْ وَهَبَهُ نَفْسَهُ وَقَبِلَ فَوْرًا عَتَقَ) مُقْتَضَى تَقْيِيدِهِ بِالْقَبُولِ اشْتِرَاطُهُ وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْخَادِمِ بِأَنَّ الْإِسْقَاطَ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَقَدْ نَقَلَا فِي بَابِ الضَّمَانِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ لِعَبْدِهِ مَلَّكْتُك رَقَبَتَك وَلِزَوْجَتِهِ مَلَّكْتُك نَفْسَك يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ لِكَوْنِهِ إسْقَاطًا لَا تَمْلِيكًا وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْوَصَايَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَهَبْت مِنْك نَفْسَك أَوْ مَلَّكْتُك نَفْسَك احْتَاجَ إلَى الْقَبُولِ فِي الْمَجْلِسِ اهـ وَظَاهِرٌ أَنَّ فِيهِ شَائِبَتَيْ التَّمْلِيكِ وَالْإِسْقَاطِ، وَقَوْلُهُ مُقْتَضَى تَقْيِيدِهِ بِالْقَبُولِ اشْتِرَاطُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَوَجَّهْت الصِّحَّةَ إلَخْ) وَهِيَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ كَذَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَهُوَ وَاضِحٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ مُرَادَ الْإِسْنَوِيِّ أَجَلٌ يُمْكِنُ فِيهِ التَّسْلِيمُ وَإِلَّا فَهُوَ كَالْحَالِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي مَالٍ كَثِيرٍ) أَوْ فِيمَا يَنْدُرُ وُجُودُهُ

(قَوْلُهُ وَالصَّحِيحُ عَلَى مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ الصِّحَّةُ) هِيَ الْمَذْهَبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>