للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْقَاتِلُ قَطَعَهَا (عَمْدًا كَانَ الْقَتْلُ أَوْ خَطَأً بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ) صَدَرَ مِنْ مُكَلَّفٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ كَالْمَقْتُولِ بِحَقٍّ) كَقِصَاصٍ أَوْ صِيَالٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ إيجَارِ دَوَاءٍ أَوْ شَهَادَةٍ بِمَا يُوجِبُ حَدًّا أَوْ قِصَاصًا وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا بِدَارِهِ فَوَقَعَ فِيهَا مُوَرِّثُهُ فَمَاتَ فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَرِثُهُ خِلَافًا لِابْنِ سُرَيْجٍ وَالْإِصْطَخْرِيِّ كَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشَّقَّاقُ مِنْ شُيُوخِ الْجَبْرِيِّ نَقَلَهُ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَالَ: وَالصَّوَابُ خِلَافُهُ

(فَرْعٌ: قَدْ يَرِثُ الْمَقْتُولُ مِنْ الْقَاتِلِ بِأَنْ يَجْرَحَهُ) أَوْ يَضْرِبَهُ (وَيَمُوتُ هُوَ قَبْلَهُ) .

(الْمَانِعُ الرَّابِعُ: إبْهَامُ وَقْتِ الْمَوْتِ فَإِنْ مَاتَا) أَيْ مُتَوَارِثَانِ (بِغَرَقٍ أَوْ هَدْمٍ) أَوْ نَحْوِهِ (وَلَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ) مِنْهُمَا مَوْتًا (أَوْ عُلِمَ السَّبْقُ وَجُهِلَ) السَّابِقُ مِنْهُمَا (أَوْ مَاتَا مَعًا لَمْ يَتَوَارَثَا) بَلْ مَالُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِبَاقِي وَرَثَتِهِ لِمَا رَوَى الْحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ «أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - تُوُفِّيَتْ هِيَ وَابْنُهَا زَيْدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي يَوْمٍ فَلَمْ يُدْرَ أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلُ فَلَمْ تَرِثْهُ وَلَمْ يَرِثْهَا» وَلِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْإِرْثِ تَحَقُّقَ حَيَاةِ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَهُوَ هُنَا مُنْتَفٍ وَلِأَنَّا إنْ وَرَّثْنَا أَحَدَهُمَا فَقَطْ فَهُوَ تَحَكُّمٌ وَإِنْ وَرَّثْنَا كُلًّا مِنْ الْآخَرِ تَيَقَّنَّا الْخَطَأَ (فَلَوْ عُلِمَ) السَّابِقُ (وَنَسِيَ وَقَفَ) الْمِيرَاثُ (إلَى الْبَيَانِ أَوْ الصُّلْحِ) لِأَنَّ التَّذَكُّرَ غَيْرُ مَيْئُوسٍ مِنْهُ، أَمَّا إذَا عُلِمَ السَّابِقُ وَلَمْ يُنْسَ فَحُكْمُهُ بَيِّنٌ.

(الْمَانِعُ الْخَامِسُ الدَّوْرُ) الْحُكْمِيُّ وَهُوَ أَنْ يَلْزَم مِنْ ثُبُوتِ الشَّيْءِ نَفْيُهُ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ وَالْمُرَادُ هُنَا أَنْ يَلْزَمَ مِنْ ثُبُوتِ الْإِرْثِ نَفْيُهُ كَأَخٍ حَائِزٍ (أَقَرَّ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ أَوْ أَنْكَرَ) بُنُوَّةَ مَنْ ادَّعَاهَا وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ (فَحَلَفَ مُدَّعِي الْبُنُوَّةِ) فَلَا يَرِثُ الِابْنُ وَإِنْ ثَبَتَ نَسَبُهُ (وَقَدْ سَبَقَ) بَيَانُ ذَلِكَ (فِي الْإِقْرَارِ وَكَمَرِيضٍ اشْتَرَى أَبَاهُ) فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَا يَرِثُ (وَسَيَأْتِي) بَيَانُهُ (فِي الْوَصَايَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ مَلَكَ أَخَاهُ فَأَقَرَّ فِي الْمَرَضِ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ فِي الصِّحَّةِ وَرِثَ) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ الْهَائِمِ فِي شَرْحِ كِفَايَتِهِ: الْمَوَانِعُ الْحَقِيقِيَّةُ أَرْبَعَةٌ: الْقَتْلُ، وَالرِّقُّ، وَاخْتِلَافُ الدِّينِ وَالدَّوْرُ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا فَتَسْمِيَتُهُ مَانِعًا مَجَازٌ وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ فِي غَيْرِهِ أَنَّهَا سِتَّةٌ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ وَالرِّدَّةُ وَاخْتِلَافُ الْعَهْدِ، وَإِنَّ مَا زَادَ عَلَيْهَا فَمَجَازٌ؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ الْإِرْثِ مَعَهُ لَا لِأَنَّهُ مَانِعٌ بَلْ لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ كَمَا فِي جَهْلِ التَّارِيخِ أَوْ السَّبَبِ كَمَا فِي انْتِفَاءِ النَّسَبِ وَعَدَّ بَعْضُهُمْ مِنْ الْمَوَانِعِ النُّبُوَّةَ؛ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «نَحْنُ مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنْ لَا يَتَمَنَّى أَحَدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ مَوْتَهُمْ لِذَلِكَ فَيَهْلِكَ، وَأَنْ لَا يَظُنَّ بِهِمْ الرَّغْبَةَ فِي الدُّنْيَا وَأَنْ يَكُونَ مَالُهُمْ صَدَقَةً بَعْدَ وَفَاتِهِمْ تَوْفِيرًا لِأُجُورِهِمْ، وَتَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ مِنْ كَوْنَهَا مَانِعَةً أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا يَرِثُونَ كَمَا لَا يُورَثُونَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

(الْبَابُ السَّادِسُ: فِي مُوجِبَاتِ التَّوَقُّفِ) عَنْ الصَّرْفِ فِي الْحَالِ (وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: الْأَوَّلُ فِي الشَّكِّ فِي الْحَيَاةِ فَمَنْ فُقِدَ بَعْدَ غَيْبَةٍ أَوْ حُضُورِ قِتَالٍ أَوْ انْكِسَارِ سَفِينَةٍ أَوْ أَسْرِ عَدُوٍّ) أَوْ نَحْوِهَا (وَجُهِلَ حَالُهُ وُقِفَ مَالُهُ) إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِمَوْتِهِ (مُدَّةً) مُنْضَمَّةً إلَى قَبْلِهَا مِنْ حِينِ وِلَادَتِهِ (يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ إلَيْهَا وَلَوْ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ) فَلَا يَشْتَرِطُ الْقَطْعَ بِأَنَّهُ لَا يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْهَا وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ الْعِلْمُ فِيمَا يَشْمَلُ الظَّنَّ وَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ (فَيَحْكُمُ بِمَوْتِهِ) أَيْ يَحْكُمُ بِهِ الْحَاكِمُ تَنْزِيلًا لِلْمُدَّةِ الَّتِي اسْتَنَدَ إلَيْهَا مَنْزِلَةَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ (وَيُقَسَّمُ مَالُهُ) عَلَى مَنْ كَانَ وَارِثًا لَهُ عِنْدَ الْحُكْمِ وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ فِي بَسِيطِهِ: يَرِثُهُ مَنْ كَانَ حَيًّا قُبَيْلَ الْحُكْمِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ اسْتَمَرَّ حَيًّا إلَى فَرَاغِ الْحُكْمِ، وَقَدْ بَسَطْتُ الْكَلَامَ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

(قَوْلُهُ: وَالْقَاتِلُ قَطَعَهَا) سَوَاءٌ اُتُّهِمَ فِي اسْتِعْجَالِهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى إذَا لَمْ يَنْضَبِطْ أُنِيطَ الْحُكْمُ بِوَصْفٍ أَعَمَّ مِنْ الْمَعْنَى مُشْتَمِلٍ عَلَيْهِ فِي الْغَالِبِ يَكُونُ مَضْبُوطًا كَالسَّفَرِ حَيْثُ لَمْ يَنْضَبِطْ الْمَعْنَى فِي التَّرْخِيصِ وَهُوَ الْمَشَقَّةُ، وَكَالْقَتْلِ هُنَا حَيْثُ لَمْ يَنْضَبِطْ فِيهِ قَصْدُ الِاسْتِعْجَالِ وَلَوْ وَقَعَ عَلَى ابْنِهِ مِنْ عُلُوٍّ فَمَاتَ التَّحْتَانِيُّ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَرِثُهُ وَإِنْ مَاتَ الْأَعْلَى وَرِثَهُ التَّحْتَانِيُّ قَوْلًا وَاحِدًا.

وَلَوْ وَصَفَ وَهُوَ طَبِيبٌ دَوَاءً لِابْنِهِ فَاسْتَعْمَلَهُ فَمَاتَ لَمْ يَرِثْهُ إنْ كَانَ جَاهِلًا بِالطِّبِّ لِأَنَّهُ يُعَدُّ قَاتِلًا لَهُ وَإِنْ كَانَ عَارِفًا فَلَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغُشَّهُ (قَوْلُهُ: فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَرِثُهُ) أَشَارَ إلَيَّ تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ: الْخَامِسُ الدُّورُ الْحُكْمِيُّ) احْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِالدَّوْرِ الْحُكْمِيِّ عَنْ الدَّوْرِ اللَّفْظِيِّ وَعَنْ الدَّوْرِ الْحِسَابِيِّ فَلَا يَمْنَعَانِ الْإِرْثَ وَهُمَا مُقَرَّرَانِ فِي مَوْضِعِهِمَا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ فِي غَيْرِهِ) كَالْفُصُولِ وَشَرْحِ الْأَشْنِيهِيَّةِ.

[الْبَابُ السَّادِسُ فِي مُوجِبَاتِ التَّوَقُّفِ فِي الْمِيرَاث]

(الْبَابُ السَّادِسُ: فِي مُوجِبَاتِ التَّوَقُّفِ)

(قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ الشَّكُّ فِي الْحَيَاةِ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَرِثُ مِنْ الْآخَرِ دُونَ عَكْسِهِ كَالْعَمَّةِ وَابْنِ أَخِيهَا (قَوْلُهُ: وُقِفَ مَالُهُ مُدَّةً) الصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَتَقَدَّرُ وَقِيلَ مُقَدَّرَةٌ بِسَبْعِينَ سَنَةً، وَقِيلَ بِثَمَانِينَ وَقِيلَ: بِتِسْعِينَ، وَقِيلَ: بِمِائَةٍ، وَقِيلَ: بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً؛ لِأَنَّهَا الْعُمْرُ الطَّبِيعِيُّ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ بَسَطْتُ الْكَلَامَ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ) عِبَارَتُهُ: وَفِي الْبَسِيطِ يَرِثُهُ مَنْ كَانَ حَيًّا قُبَيْلَ الْحُكْمِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي لِتَقَدُّمِ الْمَوْتِ الْمُسْتَعْقِبِ لِلْإِرْثِ عَلَى الْحُكْمِ بِهِ كَمَا أَنَّ الْمِلْكَ الْمَحْكُومَ بِهِ لِأَحَدٍ يَقْضِي لَهُ بِحُصُولِهِ قُبَيْلَ الْحُكْمِ لَا عِنْدُهُ.

قَالَ السُّبْكِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ لَا اخْتِلَافَ إذْ الْحُكْمُ لَيْسَ بِإِنْشَاءٍ بَلْ إظْهَارٍ وَلَا يَنْعَطِفُ عَلَى مَا مَضَى وَإِنَّمَا يُقَدَّرُ الْمَوْتُ قُبَيْلَهُ، وَلَا يُنَافِي هَذَا تَصْرِيحُ الْأَصْحَابِ بِأَنَّ الْمَيِّتَ قُبَيْلَ الْحُكْمِ بِلَحْظَةٍ لَا يَرِثُ؛ لِأَنَّهُ إنْ فَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُكْمِ زَمَنٌ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَرِثُ لِلِاحْتِمَالِ وَإِلَّا فَيَكُونُ مُقَارِنًا لَهُ فَلَا يَرِثُهُ كَمَا لَوْ مَاتَا مَعًا، وَحَاصِلُ كَلَامِهِ حَمْلُ كَلَامِ الْبَسِيطِ عَلَى مَنْ اسْتَمَرَّ حَيًّا إلَى فَرَاغِ الْحُكْمِ حَتَّى لَوْ مَاتَ مَعَ الْحُكْمِ لَا يَرِثُ فَقَوْلُ الْأَصْحَابِ الْمَوْجُودِينَ وَقْتَ الْحُكْمِ أَيْ وَقْتَ الْفَرَاغِ مِنْهُ، وَقَوْلُهُمْ لَا الَّذِينَ مَاتُوا قَبْلَهُ إيضَاحٌ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الْمُدَّةَ لَا تَتَقَدَّرُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ تَتَقَدَّرُ بِسَبْعِينَ سَنَةً وَقِيلَ: بِثَمَانِينَ وَقِيلَ بِتِسْعِينَ، وَقِيلَ: بِمِائَةٍ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ تَقْدِيرُهَا بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ.

، وَأَغْرَبَ فِي الْبَيَانِ فَقَالَ: وَحُكِيَ أَنَّ ذَلِكَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>